رسائل خاصة جدا
قلوب تحت العشرين
علاقات افتراضية
02/03/2012 07:42:57 م
تقدمها : نــــــوال مصطفى
هل أبحث عن شيء لا وجود له؟! أم أنني كأي إنسانة طبيعية من حقي أن أحلم بالحب والسعادة؟ هذه هي قصتي التي تؤرقني الآن، والتي أتمني أن أجد لديك حلا لها أو علي الأقل كيف يمكنني التعامل معها. أنا فتاة أبلغ من العمر ٩١ عاما، أدرس في احدي كليات القمة، من أسرة محترمة والحمد لله، أحاول دائما أن أكون فتاة ملتزمة، مستعينة بنشأتي في أسرة يسودها الحب والتفاهم، لا ينقصني أي شيء؟! ألبس أفضل الملابس وأخرج وأزور أجمل الأماكن، لكنني في الحقيقة لست جميلة بالقدر الكافي الذي يرغبه الشباب، وبدينة إلي حد كبير وقصيرة، لكنني في الوقت ذاته رومانسية إلي أبعد الحدود، أرسم في مخيلتي دائما صورة لفارس أحلامي، وأفكر فيه دون أن أراه أنتظره علي أحر من الجمر لكنه لم يأت بعد. ورغم كل ذلك -سيدتي- أعاني من الفراغ العاطفي في حياتي، لم تكن لي أي تجارب عاطفية مع أي شاب من قبل، ربما يكون أثنان أو ثلاثة هم من حاولوا الاقتراب مني.. لكن محاولاتهم غير جادة وباءت بالفشل، كنت أري في نظراتهم الاعجاب الممزوج بالاحترام، لكن قلبي كان يرفض كل تلك المحاولات لأنني كنت بانتظار فارس الأحلام المرتقب. حتي أصدقائي في الجامعة كنت أتعامل معهم بكل حذر، لأن مستوانا المادي مرتفع ونعيش حياة رغدة، كنت أنا وصديقاتي نرفض أن نقيم أي علاقات مع هؤلاء الشباب، كنت أعتقد أنها ميزة لكن مردودها السلبي بعد ذلك ترك أثرا علي فيما بعد، حتي أصبحت حياتي خالية تماما من الحب، اسهر طوال الليل أمام الشات للحديث مع الشباب وأنام طوال النهار. مشكلتي -سيدتي- منذ حوالي سنة ونصف تقريبا، تعرفت علي شاب عن طريق »الانترنت« لا يعرف عني أي شيء، أوهمته بأنني فتاة جميلة جدا رشيقة القوام جذابة إلي أبعد الحدود شخصية مختلفة بكل المقاييس، فعلت كل ذلك لأعيش الحياة التي حرمت منها حياة »الحب والعاطفة«، كنا نتحدث عن كل شيء، كان يقول لي إنه يحبني كثيرا ويمطر علي وابلا من كلمات الحب التي لا استطيع أن أقاومها، ثم وجدته يطلب مني أن يراني، لأنه صنع لي صورة في عالم خياله مختلفة تماما، عن الواقع لكن عندما بدأت أعرف مشاكل »الانترنت« من خلال بابك الجميل، أنتابني شعور غريب وحيرة شديدة، لأنني كذبت علي هذا الشاب، وتمنيت لو كنت قد أخبرته بالحقيقة منذ البداية لكن عواطفي المكبوتة كانت السبب لما أنا فيه الآن. ووقفت حاجزا بيني وبين صراحتي، وها أنا الآن أدفع الثمن. ولا أعرف هل استمر في الكذب علي هذا الشاب لأعيش الحياة التي حرمت منها؟ أم أقول له الحقيقة أرجوك ألا تهملي رسالتي وأخبريني ماذا أفعل؟
المعذبة (م.ص)
>> الكاتبة:
هذه - صديقتي- هي مشكلة الشات، ومأساة تحليقنا اللا نهائي في ذلك العالم الافتراضي. وهذا ما حذرت منه مرارا وتكرارا. اننا نطلق لخيالنا حق الجنوح، ونندفع بصورة غير منطقية في رسم صورة غير واقعية لنا خاصة إذا دردشنا مع أشخاص لا نعرفهم. وهنا تكمن المشكلة، وتتجسد -أحيانا- المأساة! فالموضوع يبدأ بلعبة -في معظم الأحوال- ثم يتطور مع الأيام، ويصبح مشكلة مؤرقة. مثل مشكلتك. أنت بدأت »الشات« بحثا عن صديق، أو أملا في ان تجدي الحب الذي تحلمين به. ولأن هذه الوسيلة مفتوحة للجميع، ولا ضابط أو رابط لها، فإنها تصبح بكل أسف فخا رهيبا تقع فيه الكثير من الفتيات، وأيضا الشباب قليلو الخبرة، خاصة هؤلاء الذين لا يرجعون إلي من هم أكبر منهم سنا وخبرة، ولا يقيمون جسورا مبنية علي التفاهم والثقة بينهم وبين آبائهم.
المهم -الآن- أنت في موقف صعب فقد رسمت صورة من الخيال، بعيدة جدا عن حقيقتك. ورحت تبالغين في كل شيء، من أول جمال الشكل -وهذا بالمناسبة لا اراه شيئا جوهريا- إلي موضوع الطول، وهذا -أيضا- لا أراه يستحق منك كل هذا التركيز. الإنسان ليس بشكله أو طوله فحسب، فهناك شخصيات غيره وسيمة علي الإطلاق لكننا نراها جميلة، ورائعة، وناجحة وذلك بقوة شخصيتها، وقدرتها علي التأثير في الآخرين بصورة ايجابية، ونجاحها في تغيير الواقع الذي تعيشه إلي الأفضل، والأجمل. اذن فأنت في حاجة -أولا- إلي ان تحبي نفسك أولا قبل ان تبحثي عن حب إنسان اخر. حبي نفسك -كما هي- تصالحي معها وثقي بها، وعندها ستجدين ان الملامح الباهرة الجمال ليست هي المهمة، بل الشخصية المضيئة التي تضفي اشعاعها ووهجها علي الآخرين.
أما الموقف الحرج الذي تواجهينه -الآن- فاعتقد ان أقصر الطرق هو الطريق المستقيم. قولي بصراحة لهذا الشاب أنك لم تذكري كل شيء عن نفسك بوضوح في البداية لأنك لم تكوني تعرفينه جيدا، أما الآن وقد توطدت علاقتكما، فقد رأيت أن تذكري له بعض الأمور عن نفسك بصورة أكثر دقة وصراحة. أري أن هذا ما يجب أن تواجهي به هذا الموقف -الآن- أما الأهم فهو أن تملأي حياتك بالأصدقاء الحقيقيين.. وألا تقيمي علاقاتك الحقيقية علي هذا العالم الافتراضي.. وإلا تحولت تلك العلاقات إلي علاقات افتراضية! مارسي هوايات تحبينها.. ولا تتكاسلي عن ذلك، فمن خلال تلك الهوايات سوف تلتقين بأصدقاء من الجنسين، وسوف تقيمين علاقات متوازنة اجتماعيا ونفسيا وروحيا وفكريا.
ابدئي الآن.. ولا تنظري خلفك!
[b]