الأخ الكريم.. قرأت باهتمام رسالة الأسبوع الماضي المعنونة شجر الليمون, والتي حوت رسالة الأخ الكريم الذي ابتلاه الله بالميول المثلية والتي لا يجد لها مخرجا,
ولذلك وددت أن أوضح بعض النقاط من منبرالتخصص والخبرة المتواضعة في هذا المجال, فاسمح لي أن أوجزها فيما يلي:
1 ـ إن فطرة الله سليمة في خلقه, ولو كانت الميول المثلية خلقة أو تركيبا جينيا كما يدعي البعض ما كان الله توعد قوم لوط بجم الغضب وشدة العقاب.
قال الله تعالي:( ذلك بما قدمت أيديكم وأن الله ليس بظلام للعبيد) آل عمران.281
2 ـ إذا أردنا تقريب الصورة لأذهان الناس فلنقل إن الشذوذ الجنسي يبدأ بالانحراف عن الطريق الطبيعي الذي يسري بطبيعة الحال إلي الميل نحو الجنس الآخر, ولكن يحدث شيء أو أشياء مثل العائق في الطريق يسبب تغيير المسار, ولن أبالغ إذا قلت إن مثل ذلك العائق يحدث للغالبية العظمي من الناس, ولكن هنا يبزغ عاملان يفصلان الموقف, إما لمصلحة أو ضد الشخص.
العامل الأول: نمط الشخصية, فالمصاب هو دائما شخصية استسلامية, في حين أن الشخصيات التي تتجاوز الأزمة هي شخصيات قوية مناضلة, ويكون ذلك واضحا علي مختلف جوانب الحياة وعلي طريقة التصرف حيال مختلف الظروف.
العامل الثاني: طريقة التربية, وهنا لابد أن نهمس في أذن الآباء والأمهات الذين أصبحوا يتراخون في تنشئة أبنائهم, فلا يكلفونهم بأي من المسئوليات ويحلون لهم كل مشكلاتهم, بل يصلحون أخطاءهم بدلا منهم, أضف إلي ذلك نموذج الأب القاسي الذي ينأي الابن بنفسه أن يصبح مثله حال نضوجه, فيبدأ في الانجذاب نحو الأم والأخوات الإناث بما فيها تركيبتهن النفسية وحركاتهن وميلهن نحو الرجال.. كل ذلك مما يؤخذ ببساطة, ولكنه يضع اللبنة الأولي في ذلك المشوار المظلم.
3 ـ يزيد من شدة الحالة ما يقوم به الشخص نفسه من تعميق هذه الآفة وتمكينها منه, وذلك علي مستويين:
المستوي الأول: الذهني, وذلك بتصديق أنه خلق هكذا, وأن ليس لديه مخرج من هذه الحالة.
المستوي الثاني: الجسدي, وذلك بالزلل في بئر الممارسات الشاذة, مما يؤكد الاعتقاد نفسيا, ويتكون القالب الجنسي علي الأساس المنحرف, فيصبح هذا هو النموذج الراسخ في النفس, فيقارن أي ممارسة به, فيذهب ويجيء إليه لعدم وجود غيره, وهكذا يدخل الإنسان في الدائرة المغلقة, ليس لأنه لا يوجد غيرها, ولكن لأنه لا يري غيرها.
4 ـ يتطور الانحراف ويملأ ما يسمي بحاوية الرغبة الجنسية في داخل هذا الشخص, تلك الحاوية غير القابلة للتفريغ بأي عقار أو دواء, ولكنها قابلة جدا لتغيير المحتوي بإحلاله بالمحتوي الصحيح, والذي هو الميل الجنسي نحو الجنس الآخر, وذلك بعلاج ذهني وسلوكي وجنسي يستغرق شهورا من المتابعة والإصرار والانتظام, ويختلف باختلاف الشخص وسنه وظروفه المحيطة وعمق حالته ومداها ونوعيتها ومسبباتها.
5 ـ يستوجب العلاج استنكار الشخص لحالته بل تقززه منها, وبالتالي يتولد ويتحقق لديه الإصرار الشديد علي مواصلة العلاج الذي سيستوجب صبره وجهاد نفسه وتخطيه لإلحاح شهوته وغلبة رغبته, فإذا كان كل ذلك فليستبشر مثله ـ مثل من سبقوه إلي العلاج وشفوا تماما بفضل الله ثم إصرارهم, وأصبحوا يرغبون الإناث تدريجيا حتي الوصول إلي رغبتهن علي مستوي الأحلام الشهوية, مما يدل علي تطويع العقل الباطن, وهي أصعب المراحل.
6 ـ ليس من المنطقي أن يعتقد المصاب أنه لن يجول بخاطره ما كان به أبد الدهر طالما تم علاجه, ولكن الحقيقة هي أنه سيتخلص من هذه الأفكار بسهولة شديدة وقتذاك, وسيكون مرورها هينا لا يستوقف التفكير ولو للحظة.
7 ـ كلمة أخيرة أقولها للمصابين ـ عافاهم الله ـ هي أنكم الآن تابعون للشيطان والعياذ بالله, بالرغم مما يصوره لكم شيطان النفس من أن ذلك رغما عنكم ولا يد لكم فيه!! وكلمة أخري أقولها للساعين للعلاج هي أن الشيطان اللعين سيتربص بكم ويفتر حماسكم للعلاج وللاستمرار فيه, وسيزين لكم التكاسل عن جهاد النفس ومقاومة الباطل, مما يقود إلي فوهة عذاب الدنيا والآخرة التي وعد بها العصاة والعياذ بالله.
فلا تشمتوا بكم الشيطان يا إخوتنا واعلموا أن لكل داء دواء, كما قال رسول الله ـ صلي الله عليه وسلم ـ خاصة أن الأماني لا تنال بالتمني, ولكن تؤخذ الدنيا غلابا وجهادا.
د. هبة قطب
استشاري الطب الجنسي والعلاقات الزوجية
Share/Bookmark
[i][quote]