سيدي لم أكن أتصور يوما سيأتي علي لكي أكتب إليك وأنا تقريبا فاقد كل شيء كنت ومازلت مقتنعا أن لغة التفاهم
هي أسمي معاني مواجهة الاختلاف بين البشر, لكني لم أكن أتصور يوما وأنا أقرأ رسائل بريد الجمعة منذ أيام الراحل أ.عبد الوهاب مطاوع الذي أشهد الله أني أحبه في الله وأسأل الله له ما أسأله لأمي بالرحمة والمغفرة ـ برغم إني لم أتقابل مع هذا الرجل ولا أعرفه ولكني أحبه كما لو كان أبي ـ لم أكن أتصور أن أكون يوما ضيفا علي صفحتكم..
لن أطيل عليكم بداية أبلغ من العمر31 عاما ومتزوج منذ أربعة أشهر وهنا تكمن المشكلة, أعمل بوظيفة جيدة أحمد الله مقارنة بكثير من أبناء جيلي, تعبت منذ زمن حتي أصل لما أنا فيه كنت في تلك الفترة أخطط لحياتي بما أعطاني الله من نعم أميزها وأهمها العقل.
حلمت بتكوين بيت وأسرة أساسها الحب والتضحية والتفاهم والوفاق النفسي والروحي ولا أخفي سرا اني أعاني من مرض الشبح أحد سمات العصر الاكتئاب والاكتئاب ليس من يدعيه البعض بأنه أوت أوف مود لكنه بمعناه الأشمل كمرض يتغلغل في دماغ الانسان ويغير في مؤثرات الشعور والتغيرات الكيميائية الطبيعية لأمزجة البشر, حتي يصبح كل شيء بحكم المرض عاديا, هذا بالاضافة إلي عدم الشعور بأي طعم في الحياة ويصبح كيانك الشخصي عبئا عليك هذا التعبير اقتبسته من رسالة السر المقدس ولم أجد أبلغ منه لتوصيف ما قد يصل إليه الإنسان بفقد حقيقي للرغبة في أي شيء حتي الأشياء التي يحبها وتعود عليها.
مرت بي الدنيا بحلوها ومرها حتي فارقت أمي الحياة منذ ثلاث سنوات ونصف السنة, والتي كانت بمثابة الغطاء العاطفي والمعنوي الذي أستعين به لمواجهة مصاعب الحياة من بعدها أحسست أن الدنيا توقفت عند فقد أجمل وأهم واقع في حياة الانسان حتي أكثر من وجوده شخصيا.
وكم تمنيت وتوهمت أنه يمكن أن تأتي زوجة تعوض حنان وإيثار الأم لكنها كما قلت أوهام, المهم شاء لي الله أن أتعرف علي زميلة لي في العمل بعد مرحلة علاقة مع أخري لم يكتب لها النجاح فتعرفت علي هذه الفتاة في أول أيام دخولي للشركة كنت أري في عينها اللهفة والاهتمام بي حتي طلبت من كثرة إحساسي برغبتها في التقرب لي بأن تنتقل للعمل في نفس القسم الذي أعمل به كمساعدة إدارية لي وتم.
وتوطدت علاقتنا إلي أقصي درجة حيث أطلعتها علي كامل تفاصيل حياتي وعلاقاتي السابقة كنوع من الرغبة في إخراج ودفن هذه الفترة من حياتي, كنت أعتبرها صديقة الحياة أو الرحلة التي ستكون, فتقربت هي إلي بذكاء ودهاء الأنثي حتي تعرفت علي من عرفتها من قبل وأخذت تعرف ما واجهت معها من مشاكل حتي تتمكن من تجنبها معي وعمل عكسها حيث أحب, ولا أخفي سرا توغلت علاقتنا كثيرا ولاحظت رغبة شديدة بداخلها تجاهي كنوع من المغامرة أو حب التجربة أو تحت مسمي الحب المهم في خلال أقل من6 أشهر من الخلوة المرتبة وغير المرتبة وقع بيننا ما لم يدع لنا فرصة لتدارس بعضنا البعض, وفضحني الله في ذلك أمام والدتها وأخيها دون علم والدها ويشهد الله علي نيتي الجدية خلال علاقتنا حيث وقع ذلك أثناء الخطوبة مما جعلنا نعجل وبصورة غير مسبوقة بالزواج في نحو شهر, تخيل سيدي رحلة البحث عن شقة وتجهيزها وتدبير أثاث وشبكة وزواج والتزامات في شهر مما جعل مستوي أدائي في عملي يهتز مما اضطرني للتضحية به رغم دخلي المميز به, المهم أكرمني الله بوظيفة أخري والحمد الله وافقت الإدارة علي اتمام زواجي أولا ثم الالتحاق بالعمل بعد فترة ما يسمي بشهر العسل, ولا أدري لماذا ومن سماه بهذا المسمي, لكنه احد مظاهر التناقض والمسخ الأعمي الذي أصبحنا نعيشه رغما عنا شئنا أم أبينا, وأنا أقول لكل من يحلم بالهني مون بالهنا والشفا عذرا من سخريتي ولكنها أصبحت أبسط صور تعبيري برفض الواقع المفروض علينا, قد تتخيل أو يتخيل بعض القراء الأفاضل بأني شخص محدود الأفق أو غير مطلع علي التغيرات الثقافية والاجتماعية في بلدنا لكني لست هكذا ولكن العكس تماما إنما أعتقد أننا أخذنا فقط الصبغة وليس المضمون, المهم ليس هنا المقام لأتحدث عن نفسي ولكني فقط أريد أن أطرح مشكلتي وأريد أن أنفض ما بداخلي من هموم, أشعر أني تائه وللمرات النادرة التي أشعر فيها باحتياجي إلي سند حقيقي ينور مالم أستطع رؤيته حيث علمتني تجربتي هذه بأن العمل والجهد والصبر هو وحده ما ينفع وليس أي شيء آخر, ولا أري نفسي ممن ينزلق في مستنقع المخدرات لتدارك أو للهروب من الواقع حيث ما أكثر من يخدم في هذه الحالة من الأصحاب!
أعترف بغبائي المتناهي بإخبار زوجتي تفاصيل وإيقاع حياتي قبلها حيث كانت هذه أشبه بتحضير قنبلة موقوتة تنتظر أمر التدمير, حيث بدأت مسيرة الشكوك والحصار والاستقصاء المبالغ فيه حتي أصبحت أشبه زوجتي بالمفتش كرومبو وأصبحت أعيش حياة اسميها بوليسية,أعلم تماما بأن رسالتي قد لاتكون مهمة قدر آلاف الرسائل الأكثر أهمية والأكثر حاجة, ولكني لدي يقين بالله رب الحاجات ومجيبها وهو وحده أعلم بما أنا فيه من ألم داخلي ووحدة لا يستطيع تخيلها إلا من عايشها ويشهد الله علي ما بداخلي أثناء اتمام الزواج بأنه ليس من واجب الانسانية أو رغبة في ستر الأمر لكنه كان عن حب عميق لزوجتي حيث ذللت لي عقبات كثيرة حتي نغلق علينا بابنا الذي لم يدم طويلا مغلقا إذ أدركت فيما بعد أن فكرتها لبناء البيت والأحلام وتذليل العقبات ماكانت إلا للزواج في ذاته ليس لمضمونه فقد قاربت28 عاما منذ معرفتنا التي لم تدم طويلا حيث تزوجنا سريعا ولطبيعة عملي أتعامل مع اناس كثيرين رجالا وسيدات وهنا تكمن المشكلة بأن أي تأخر بالعمل أو عدم الرد علي رسائلها النصية التي لا تنقطع علي مدار اليوم رغم أنها تعمل أيضا بمجال آخر تعتبر خيانة وعلاقات في الخفاء بدون أي دليل واضح, والأهم بدون تفهم حقيقي من جانبها بأن هذه الاخفاقات المتتالية في مساحة التفاهم التي اتقنتها وتوهمتها من قبل ما هي إلا كما يطلق عليه في مجال العمل فترة الاختبار ـ أول ثلاثة أشهر ـ وحدث بالفعل ما كنت أخشاه أن تغيرت عاداتي سريعا لطبيعة اختلاف الطباع والميول حتي أصبحت وبسرعة متناهية فاقد الشعور حتي للقراءة التي كنت أعشقها, لم تعد لها وجود في حياتي إلا يوم الجمعة أو علي شواطئ البحر أو خلال رحلات السفر, ولك ان تتخيل سيدي كيف استعوضت عن القراءة والموسيقي بالشوبنج والخروج والفسح في كافيهات أطراف القاهرة حيث الوجاهة الاجتماعية والمكان الكول, حيث هذه هي مساحات اهتمام أهل زوجتي الي جانب عشق جنوني للأكل والتسوق, مما أثر في تكوين شخصية زوجتي وأيضا من عوامل السرعة في الزواج وعدم الدراسة الكافية, وتبين الأمور وتفهم طبيعة من سيكونون أجداد أولادي الذي أحمد الله وأشكره أنه لم يشأ لذلك أن يحدث كنت أتمني أن يسألني حمايا ولو لمرة قبل الزواج هل تصلي؟ ما علاقتك بالله؟
ليس المقصود هنا أنني المؤمن التقي الورع ولكنه الفرق بين عائلتي وبينهم, المهم شكلك حلو وبتعرف تفكر وبتتكلم كويس وشكلك يشرف!
أصبح الحال الآن عبارة عن تقارير يومية عن تفاصيل حياتي وتحركاتي التي أصبح يعلم بها الكبير والصغير برغم أني شخص كتوم ولا أحب أن يتدخل أحد في تفاصيل حياتي, نهاية الحال هو ما أصبحت عليه الآن وهو قرار الطلاق الذي أتمني من الله أن تنشر رسالتي قبل أن أتخذه, برغم ما سوف يعصف به هذا القرار بهدم البيت وتعطيل أحلام المستقبل إلي أجل غير مسمي قد تسألني ما المشكلة إذن وما هو هدف الرسالة, فأقول ولست أعتبر نفسي ناصحا ولكنها التجربة الي كل شاب أو آنسة خاض أو علي وشك الارتباط انظر الي شريكك من منظور المستقبل هل هذه من ترضاها أم أولادك وهل تختارها لرؤيتها وبصيرتها ورجاحة عقلها أم لمظهرها اللائق وشكلها الحلو والوجاهة الاجتماعية أو من الوضع المادي إذا جاءكم من ترضون دينه ـ فزوجوه فأظفر بذات الدين تربت يداك, كنت أتمني لنفسي هذا الكلام ولكن أحمد الله أني تعلمت برغم أني سأخسر كثيرا إذا أخذت طريق الفراق ولكن لدي قناعة بأن أخسر مالا ولا أنجب أشقياء في هذه الحياة, انها خلفية الاكتئاب التي أصورها لنفسي ولكني فقدت صوابي فعلا وترددت كثيرا بأن أذهب لطبيب نفسي مما سمعته من أصدقاء من أنها ما هي إلا سلامتك وبرشامتين ومن واقع أليم إلي تغييب عنه لفترة أو هدنة مؤقتة مع النفس ثم تعاد الكرة حسب الحاجة وحسب فيزيتا الطبيب وحجم ارتباطاته وانشغاله, فأيقنت ان التقرب الي الله هو خير السبل وهو مفرج الكربات ومذهب الهموم والغموم والأحزان.
كم أتمني ان تصل رسالتي للنور ـ وتقرأها زوجتي وتشعر وتفهم كم حافظت علي سرنا ولم أفكر للحظة فيه أو حتي علي مناقشتها فيه..
رغم ما حدث من أهلها من إهانات والدها التي طالت الكبير والصغير وجعلتني أشعر بأنها النهاية لذلك قررت الكتابة لأطلب المشورة؟
> سيدي.. نجحت في تشخيص الداء, ومعرفة أسباب معاناتك وما أنت فيه ومدي مسئوليتك عنه, ولكنك تتعامل مع مشكلتك بنفس أسلوبك ومنهجك المتسرع في الزواج, فتستسلم بسرعة شديدة للنهاية بدون تفكير في البحث عن الدواء, كل بدائلك ـ وأنت ترفضها ولكن تشير إليها ـ خارجية, مخدرات أو طبيب نفسي, وكأنك تريح نفسك وتذهب بي الي حل واحد لا بديل له وهو الطلاق.
كلامي معك لا يعني إعفاء زوجتك عن أسلوبها الخاطئ, فالزوج يستطيع أن يفعل أي وكل شيء حتي لو اجتمع كل المفتشين وليس كرومبو وحده, والسبيل الوحيد للحفاظ علي الزواج والحياة المستقرة السعيدة هو منحه مزيدا من الثقة, وبذل الكثير من الجهد لاجتذابه وتوفير ما يغريه بالبقاء أطول وقت بصحبتها, فالزوجة عندما تغرق في الشراء والتنزه والاستسلام لكل رغباتها وفوق ذلك تفتش في حياة زوجها وعلاقاته وتلاحقه بالاتهامات فإنها تدفعه دفعا للخيانة وللكذب وللفرار.
سيدي.. لن أعيد عليك ما قلته عما يجب أن يفعله أي شاب أو فتاة مقبلين علي الزواج, فنحن دائما نعرف ما هو صحيح ولكن في الغالب لا نطبقه علي أنفسنا أو نحاول أن نوجد المبررات لنهرب منه ونفعل ما يرضي ذواتنا ورغباتها.
ولكن ما أريد لفت انتباهك اليه انك بدأت وزوجتك حياتكما بمعصية كبيرة وكان عليكما ان تعترفا بالخطيئة أولا وتتوبا عنها وتتعاهدا علي أن تفعلا بعد ذلك كل ما يرضي الله ويجعله سبحانه وتعالي يغفر لكما ويبارك في زيجتكما, ولكنه البناء الخاطئ الذي لا نبذل الجهد الكافي كي نرممه حتي تستمر الحياة, وقد سبق ذلك خطأ كبير يقع فيه الكثيرون من الطرفين, رجل وأنثي.
وذلك عندما أطلعتها علي علاقاتك السابقة, لأنك بذلك تهتك سترك وتكشف معاصيك التي سترها الله فكيف لا يعاقبك أمام من تعريت أمامه, أليس هو العادل, ألم تفرط فيما منحه لك من ستر وما اختص نفسه به سبحانه وتعالي في العفو والمغفرة.
ومن ناحية أخري أفقدت شريكة حياتك الثقة بك, فمهما فعلت معها لتثق بك لن تستطيع أن تفعل, فأنت لم تخش الله فكيف تخشاها ولماذا؟!
سيدي.. اجلس مع زوجتك, تصارحا, قل لها كل ما يدور في نفسك واسمع منها, وحاولا ان تبدآ من جديد, فالطلاق أبغض الحلال, وفرص الحياة والاستقرار مازالت سانحة, تجاوزا عما فات, وتوبا عن أخطاء الماضي, وليكن الله شاهدا عليكما, وثق بأن زوجتك ستغير كثيرا من سلوكياتها عندما تصبح أما, أمنحا نفسيكما فرصة جديدة, فربما تجمع بينكما أشياء ولا ترونها, فاستثمرا كل الفرص الممكنة قبل الوصول إلي القرار الأصعب, وفقك الله وهداك إلي ما فيه الصواب.. وإلي لقاء قريب بإذن الله.