بريد الجمعة-يكتبه خيرى رمضان
ألعـــــاب الحـــــــب!
سيدي, أنا لا أجيد الكتابة, ولا أجيد التعبير, ولكني سأتكلم عن قصة صعبة عشتها, بحلوها ومرها, وتكمن صعوبة هذه القصة في أن الانسانة التي أحببتها تربطني بها صلة قرابة قوية, وهو ما يجعلني الآن في موقف محير, وأحتاج إلي نصيحتكم.
ترجع بداية قصتي لأكثر من ثلاث سنوات, عندما كنت في السنة الأخيرة بالجامعة, وكانت هي طالبة في كلية أخري, وبدأت أذهب لمنزلهم, المجاور لمنزلنا بصفة مستمرة, لكي أسهر معها وأخواتها, فمعظمنا متقارب السن والأفكار, كنا نتسلي بلعب الدومينو أو ألعاب الكمبيوتر, وساعتها شعرت بأنني أنجذب إليها شيئا فشيئا, وأتعلق بها يوما بعد يوم, علي الرغم من أن هذه العلاقة كانت بمثابة أول تعامل رسمي بيني وبينها, مع أنها ـ كما سبق وقلت لكم ـ قريبة جدا لي, وجارة أيضا.
المهم, بعد فترة, لاحظت أنها هي الأخري تبادلني نفس المشاعر, ويوما بعد يوم تزايدت زياراتي لمنزلهم, ووجدت أن هناك ترحيبا كبيرا بي من أهلها, وأصبحت شخصا مرغوبا لديهم, تفتح أمامي الأبواب علي مصاريعها, وبدأت علاقتنا ـ بل حبنا ـ يزداد, حتي إنني لم أعد أكتفي بزياراتي لهم شبه اليومية, فبمجرد انصرافي من منزلهم, كنت أتبادل أنا وهي الحديث علي الانترنت بالساعات, حتي الصباح تقريبا, إلي أن وصلت إلي درجة الحب الأعمي لهذه الفتاة, ونسيت حياتي كلها, وصارح كل منا الآخر بحبه, وتوطدت علاقتنا كثيرا, وأصبحت في انتظار الخطوة الرسمية.
في هذه الأثناء, كنت قد أنهيت دراستي, والتحقت للعمل بشركة يتمني الكثيرون العمل بها, ولكن كانت المشكلة أن هناك أطرافا في عائلتي يرفضون هذا الارتباط, ولا يباركونه, علي الرغم من تمسكي بفتاتي لأبعد الحدود, حيث كنت أنا وهي نغرق يوميا في عسل الحب دون أي منغصات, أو موانع, نتبادل الحب في التليفون طوال الليل, ونجلس معا ـ في بيتها ـ لساعات طويلة, بمفردنا, بل كان الجميع حين أذهب اليهم يخلون لنا الجولنكون علي راحتنا, فكنت أجلس معها في حجرة الكمبيوتر, وكان الشيطان ـ دائما ـ هو ثالثنا, حيث حققت حلمي ـ لأول مرة ـ وأمسكت يدها, ثم قبلتها, بل إنها في بعض حواراتنا علي الإنترنت كانت تقوم بتشغيل الكاميرا وهي تغير ملابسها, حتي وصل حبي لها إلي درجة الجنون, وأصبحت هي بالنسبة لي أقرب من نفسي, كنت أحكي لها كل أسراري الشخصية, وكنا في حواراتنا نتطرق لما سنفعله في حياتنا الزوجية, وكيف نرسم مستقبلنا معا.
استمررنا في هذه العلاقة لفترة طويلة, فكنت أخرج معها باستمرار, وكان كل زملائها ومن يسكنون معنا في المنطقة يعلمون بحبنا, وفي هذه الأثناء تقدم لخطبتها شخص من بلد بجوارنا, وعند هذه اللحظة انتابني القلق, وعلي العكس, وجدت منها لا مبالاة غريبة, فبدأت أضغط بكل قوتي علي أهلي للموافقة علي الارتباط بها, وفي الوقت نفسه كانت إجراءات خطبتها تسبقني بأقصي سرعة, لأن المتقدم لها كان يريد السفر للخارج, وأخيرا, وافق أهلي علي الارتباط بها, وكانت لحظة حاسمة بالنسبة لي, ولم تسعني الفرحة ساعتها, واتصلت بها لأبلغها بأننا سوف نأتي لخطبتها, فصدمتني بقولها إن والدها اتفق مع خطيبها علي كل شئ, فسألتها: وما الحل؟.. فقالت: انت لسه فاكر, كل شيء نصيب, فأخبرتها بأنني فعلت المستحيل لإقناع أهلي, ولكنني وجدتها وكأن الأمر لا يعنيها, وهنا أحسست بطعنة كبيرة في قلبي, تأكدت بعدما جاء والدها لأهلي, وأخبرهم أنه كان يتمني زواجنا, فلماذا تأخرنا, وبعد ضغط علي والدها من والدتي وافق الرجل, ولكن علق موافقته برأي ابنته, وكانت الصدمة الكبري أن جاء الرفض منها هي, علي الرغم من تعهدها مسبقا لي بأنها لن تكون لأحد سواي, وأصبحت في حالة ذهول, ودهشة, أسأل نفسي: ماذا حدث؟!
أيام قليلة يا سيدي, وتمت قراءة فاتحتها, وحضر أهلي, ثم جاءوا ليحكوا لي عن فرحتها بعريسها, وأنها لم تكن تحبني مطلقا, فأكل الغيظ قلبي, وشعرت بأنها كانت تستغلني, بل إن والدها زاد الطين بلة, عندما حكي لوالدتي ضغطه عليها لتقبل بخطبتي, وتترك العريس الآخر, ولكنها رفضت, لأن العريس المتقدم هو حلم حياتها, فلديه شقة معقولة, ويمتلك سيارة, بل وأبلغت والدها أنها لم تكن تحبني, وكانت تعاملني كأحد أقاربها فقط, وأنني صعبان عليها, وساعتها انفجر رأسي غيظا, كيف لم تكن تحبني, ولماذا سمحت بهذه العلاقة بيننا لفترة طويلة, إن لم تكن تحبني؟!..
وحدثتني نفسي بالانتقام منها, وهو ما حدث بالفعل, فكتبت رسالة ووضعتها علي سيارة خطيبها, حكيت له فيها كل ما كان بيني وبين خطيبته, بل وأخبرته إن كان يريد معرفة المزيد ان يحادثني علي إيميل خاص وضعته بالرسالة, وفعل, وأخبرته بكل شئ بالتفصيل, دون أن أفصح عن هويتي, بل وأرسلت له صورا لها في أوضاع لا تليق, ثم نصحته بأنها ليست الزوجة المناسبة له, وعليه أن يتركها, وعلي الفور ذهب خطيبها إلي والدها, وأخبره بكل شئ, وعلمت الفتاة أنني من أخبرته بكل هذا, وكذبت كل شئ حكيته له, وكبر الموضوع, وجاء والدها إلي والدتي, وضغطت عائلتي علي حتي اعترفت لخطيبها بكذب ما حكيته له, وأنا أبكي, حتي لا تحدث خصومة بين العائلات.
كنت آمل سيدي أن يتفهم خطيبها حبي لها, وارتباطنا ببعضنا البعض, ويتركها لمن أحبها, ولكنه ـ للأسف ـ صدقها, ووقع تحت تأثير جمالها, وأسلوبها الرقيق, وجاذبيتها التي لا يستطيع أحد مقاومتها, وتم بالفعل شبكتها, ومن يومها وأنا حزين في غرفتي علي ما ضاع!.
سافر خطيبها إلي عمله بالخارج, وانتهت الفرحة, وبدأ والدها في التفكير مرة أخري, هل ما فعله صواب؟.. وبدأ يجري مقارنة بيني وبين خطيب ابنته, فعلي الرغم من وضعه الذي يبدو أفضل مني, فإن كفتي ترجح في كل شئ, فأنا مؤهل عال, وهو مؤهل متوسط, وبالنسبة للوضع الاجتماعي أنا أفضل منه بمراحل, ولكن طلب العريس إجراء الخطبة بسرعة, لم يجعل هناك فرصة للتفكير, وبدأ الندم يظهر علي الرجل, بل ـ وكما علمت ـ علي ابنته أيضا, التي شعرت ـ متأخرا ـ أنها تحبني, وأنها تسرعت في هذه الخطبة, نظرا لأنها وجدت كل زميلاتها تمت خطبتهن, وهي لم تكن خطبت بعد, ثم بدأت المناوشات لكي ترجع المياه إلي مجاريها, ويصفو ما تعكر بيننا, ولكني ـ حتي الآن ـ أرفض ذلك تماما, عملا أولا بقول رسول الله( ص) لا يخطب أحدكم علي خطبة أخيه, ولأنني لا أريد أن أخطئ في حق نفسي ثانية, بعد الدرس الذي تعلمته, وكل ما يدور في ذهني حاليا هو وضع خطيبها وهو يتعرض لما يشبه الخيانة, مثلما تعرضت له سابقا, فهل أستمر سيدي في موقفي هذا, أم أنه القدر أراد أن يصلح ما انكسر؟!
> سيدي.. عندما تتراكم أخطاؤنا ونقرر البحث عن نافذة للهروب حتي نستريح, نلقي بالمسئولية علي القدر, وكأننا لم نختر ونقرر ونعصي ونحوم حول الحمي, ثم نقول إننا مسيرون والقدر هو الذي دفعنا إلي ذلك وحدد خطانا.
ما بني علي خطأ سيدي لن يقود إلا إلي خطأ أكبر, ولحظات السعادة المسروقة حتما ستفضي إلي لحظات أطول من الحزن والألم.
دخلت بيت أقربائك, رحبوا بك وائتمنوك علي شرفهم, فخنتهم.. فإذا كنت صغيرا وهي الأخري كذلك, فلا أعرف كيف كانت تفكر أسرتها, يخلون لكما الجو بالساعات, ويفتحون للشيطان كل الأبواب كي يكون ثالثكما, فهل كانوا يعتقدون أن هذا هو أفضل أسلوب للزواج؟.. وكيف يكون البحث عن الحلال علي يد الشيطان, وبألعاب الحب والدومينو؟ أين مروءة الأب أو حرص الأم؟ وهل يمكن أن يمنحا الثقة لشابين جاهلين يتحسسان الرغبة والاحتياج والغموض في مهدهما؟!.
لم تكتف أنت وحبيبتك بذلك, بل واصلتما معصيتكما عبر النت, تجردتما من الأخلاق مع الملابس أيضا, ولأن الشيطان تمكن منكما, ارتكبت جرما أكبر وسجلت لها, والأهل غافلون, لم يلتفتوا إلي كل التحذيرات من ترك جهاز الكمبيوتر آمنا في أحضان الصغار, ولا إلي كل الجرائم التي ترتكب باسمه ثم يفيقون متأخرا علي فضيحة أو جريمة يصعب درؤها.
والخطأ يجلب خطأ, فها أنت تستغل لحظات الحب لتصبح وسيلة لإرهاب حبيبتك وابتزازها بعد أن اختارت غيرك عندما تباطأت أسرتك في التقدم إليها. حتما لم تكن مشاعرها تجاهك حبا صادقا, كانت نزوة وخطيئة وعندما وجدت العريس الجاهز ذهبت إليه وطوت صفحتك, وما فعلته أنت لم يكن حبا لها, بل ثأرا لكرامتك وإنتقاما منها. لم تكن رجلا ولا أمينا ولا شريفا معها, مثلما هي لم تكن كذلك مع أسرتها ومعك أو حتي مع خطيبها الحالي.
سيدي.. تسألني رأيي الذي أعتقد أنه يوافق هواك, ابتعد عن تلك الفتاة, اتركها لخطيبها, حتي لو لم تكن له, فهي لن تكون لك, وستظل جراح الماضي تطارد مستقبلكما وستسئ حتما إلي صلة القرابة بين العائلتين.. فما حدث بينكما من الصعب أن يلتئم.. عليك أن تتخلص من كل ما بين يديك من رسائل وتسجيلات, وتب إلي الله واطلب عفوه ومغفرته حتي يرزقك بزوجة صالحة طيبة, ودع هذه الفتاة لاختيارها لعل الله يهديها به. أقصد كن رجلا بمعني الكلمة, وكن طيبا حتي تكون جديرا بفتاة ط[b]