هل تخبر زوجتك أم تصمت؟
بقلم: عزت السعدنى
<="" p="" border="0">
Bookmark and Share
طيب.. ها هو حسن أفندي عبدالدايم الموظف بالشركة الاستثمارية قد فقد وظيفته دون سابق إنذار وأصبح الآن خارج الخدمة بلا عمل.. وكل ما يملكه في محفظته من حال الدنيا راتب خمسة شهور هو كل ما منحته له الشركة
وهي تخبره بأنه لا مكان له عندها بعد اليوم.. هل يخبر زوجته بما جري؟ أم يخفي عليها الخبر المحزن حتي يأذن الله وتبتسم الدنيا مرة أخري بعمل آخر.. أو حتي يتدخل أولاد الحلال ليعيدوه إلي عمله؟
وماذا لو لم يتدخل أولاد الحلال بعمل جديد أو بعودته إلي عمله؟
هل يخبرها في حينه.. أم يخبرها الآن وفورا.. حتي يتدبرا أمورهما معا.. كعادتهما دائما في السراء والضراء؟
مازال حسن أفندي جالسا علي المقهي القريب من منزله ها هو فنجان القهوة رقم ثلاثة أمامه لم يمسسه بعد.. وماذا تفيد فناجين القهوة في الكارثة التي يعيشها الآن.. ولا ذنب له فيها ولا جريرة.. سوي أنها الأزمة الاقتصادية العالمية اللعينة ـ كما أخبروه في الشركة ـ هي السبب؟
نحن لا نعرف ونحن نراقب حسن أفندي وهو جالس علي المقهي من بعيد.. ماذا سيفعل بالضبط.. وأي سيناريو سوف يختار.. يذهب الآن وفورا ويطرق الحديد وهو ساخن.. واللي يحصل يحصل أم يؤجل إلي حين ميسرة.. ربما تبتسم له الأيام ويعود إلي عمله ولا من شاف ولا من دري؟
نحن لا نعرف ماذا يدور الآن في رأس حسن أفندي عبدالدايم.. وأي سيناريو سيقبل؟
وما علينا الآن إلا أن نتبع خطاه في كل سيناريو علي حدة.. ولنبدأ بالسيناريو الأول.. عندما يقرر بملء إرادته ويحزم أمره ويذهب إلي منزله ويطرق الباب ثم يخبر زوجته بما جري دون زيادة أو نقصان واللي يحصل يحصل .
-------------------------------
السيناريو الأول:
ليس هذا بالطبع هو موعد عودته إلي المنزل.. فالساعة الآن هي الواحدة ظهرا.. وموعده المعتاد هو الثالثة بعد الظهر أو ما بعد الثالثة بقليل.. يقدم رجلا ويؤخر أخري قبل أن يطرق الباب.. هو يعرف أن زوجته في الداخل.. فهي في إجازة حمل من عملها لاستقبال مولودهما الثاني.. بعد ابتسام ابنتهما الكبري التي لم تتعد عمر التاسعة من عمرها.. وهي في الصف الرابع الابتدائي في مدرستها وأتوبيس المدرسة.. موعده بعد الثالثة بعد الظهر.. يعني هو وابنته يأتيان غالبا في موعد واحد.. ولكنه اليوم جاء علي غير عادته قبلها بنحو ساعتين كاملتين..
فتحت له زوجته الباب وقالت له بدهشة: خيرا.. إيه هو في عندكم كمان إضرابات واحتجاجات فئوية؟
قال لها وهو يحاول ألا تلتقي عيناها بعينيه: أبدا مافيش حاجة!
قالت له: لا.. فيه حاجة.. أوعي تكون اتخانقت في الشغل ما أنا عارفاك حمقي وخلقك علي قدك!
قال لها وهو يخلع الجاكت ويعلقها علي الشماعة: ياستي مافيش حاجة.. أنا حاخش ارتاح شوية لحد أما تعملي الأكل..
لعب الفار في عب الزوجة كما يقولون.. أطفأت نار البوتاجاز من تحت حلة الطبيخ.. وخلعت مريلة المطبخ ومسحت يديها المبلولتين في فوطة صغيرة.. ثم ذهبت إلي زوجها حيث كان قد استقر فوق كنبة الصالون مستلقيا علي ظهره وقالت له بانزعاج: فيه إيه يا حسن خوفتني؟
قال لها وهو مازال في رقدته: مافيش حاجة تخوف.. بس هما في الشغل استغنوا عن خدماتي.
ضربت علي صدرها شاهقة: بتقول إيه.. سمعني كده تاني يا حسن.. إيه رفدوك يعني؟
قال لها وهو يتحرر من رقدته ويجلس قبالتها علي الكنبة: أيوه يا ستي.. النهاردة المدير العام ندهلي أول مارحت الشغل وأنا بقول يا فتاح يا عليم يا رزاق يا كريم.. ولسه باشرب فنجان القهوة بتاع الصبح وقاللي: يا حسن أفندي انت من النهاردة موش معانا في الشغل..
ولما سألته: ليه يا سعادة الباشا!.. قال لي: انت عارف بقي الأزمة الاقتصادية العالمية..
وماحدش لا بيشتري ولا يبيع.. والشركة دلوقتي خسرانة.. فلازم نوفر في عدد الموظفين .
قالت له مقاطعة: ومالقوش إلا أنت عشان يوفروه ويستغنوا عنه من دون كل موظفي الشركة؟
قال لها بصوت منخفض فيه كثير من الأسي: لا.. فيه موظفين تانين طبعا.. لكن أنا ما اعرفهومش.
بحدة أكثر قالت زوجته: ليه مازعقتش ولميت عليهم الدنيا كلها.. يا راجل لم زمايلك اللي زيك وروحوا اعملوا وقفة احتجاج عند مجلس الوزراء.. واللا روحوا ميدان التحرير يوم الجمعة
واعملوا مظاهرة كده واللا حتي مليونية.. للناس اللي زيك اللي اتخرب بيتها!
قال لها وهو يحاول أن يخلع من فوق كتفيه حجرا في حجم جبل المقطم: مظاهرة إيه ومليونية إيه.. احنا مانزيدش عن عشرين واحد ويمكن أقل.. خلينا نتغدي كده الأول.. أي حاجة وبعدين نقعد ندبر حالنا؟
قالت له بامتعاض وهي تغادر الغرفة: وانت كمان لسه ليك نفس للأكل يا جبايرك يا راجل .
يصعب عليها حال زوجها.. ترجع إليه مواسية: معلهش يا حسن.. أنا حاعملك لقمة كده بسرعة لأن الأكل لسه فاضل عليه شوية عشان أنزله من علي النار.. وبعدين يحلها الحلال.
تلتفت إليه فجأة وتسأله بمكر الحريم: هما ماادوكش حاجة كده واللا كده وانت ماشي؟
قال لها: آه قصدك مكافأة يعني.. ادوني يا ستي مكافأة خمس شهور من ماهيتي.
صرخت في وجهه بتهكم: بس كده.. والله طلعوا ولاد أصول بصحيح.
سيناريو ما يحدث بعد آن عرفت الزوجة حقيقة الكارثة تكتبه الزوجة هذه المرة.. إما أن ترضي وتشارك زوجها همه وألمه.. وإما أن تنسحب وتقول له: معلهش يا حسن.. أنا هاقعد بالبنت عند بيت بابا.. لحد أما ربنا يفتحها عليك.
ولكن ذلك حديث آخر.[b]