عزيزي الرجل: ما هو مكانك الآن في بيت الزوجية.. الديك أم الفرخة؟ هل أنت السيد الآمر الناهي لا مرد لكلمتك.. نافش ريشك وعرفك الأحمر تاج فوق رأسك.. لك الأمر والطاعة.. حافظ مركزك بوصفك رجل البيت وحاميه من كلاب السكك وذئاب الطريق؟
هل أنت صاحب الكلمة العليا الأولي والأخيرة في كل أمور البيت.. لا رأي بعد رأيك ولا قول بعد قولك؟ أم أنت يا عزيزي الرجل قد أصبحت بعد التعديل الاضطراري الذي حدث في المجتمع المصري وفي كل المجتمعات في كل دول العالم.. بعد أن نزلت المرأة سوق العمل وأصبحت تزاحم الرجل بل وتتفوق عليه في كثير من الأحيان.. وأصبح لها مال وسلطان وحساب في البنك وفيزا كارت.. والفلوس تعلي المقام وتطول اللسان ـ كما قالت لي و تنول المراد مديرة كبيرة المقام في البنك الأصلي ـ بل وتجعل صوت المرأة في البيت مسموعا ومطاعا مثله مثل صوت الرجل تماما.. إن لم يكن أعلي في بعض الأحيان.. حتي يصبح في النهاية هو الصوت الأعلي.. إن لم يكن هو الصوت الوحيد!
أم أنت في نهاية الأمر قد سلمت كل أمور البيت والغيط والبنين والبنات ومصير الأسرة كلها لزوجتك المصونة والجوهرة المكنونة.. تفعل ما تريد ولو حتي جابت عاليها سافلها.. وأنت جالس علي كنبة اسطامبولي في وسط الصالة سامع وشايف.. ولكنك ودن من طين وودن من عجين.. تقرأ صفحات الوفيات في الأهرام لكي تقوم بواجب العزاء فيمن رحل من رفاقك الذين سبقوك إلي عالم أكثر عدلا وأكثر صدقا وأكثر إنصافا لجنس الرجال.. وتشرب فنجانا من القهوة السادة صنعتها لك أم خليل جارتكم العجوز..
لأن الست هانم حرمك المصون.. إما مشغولة في شغلها وحسابات رصيدها.. أو جالسة في ركن هادئ من الصالون تدبر أمور بيتك وتدير شئون قلعتك كما يصف الإنجليز بيت الرجل بقلعته قبل أن يقتحمها جنس النساء ويستولين عليها ويرفعن أعلامهن الملونة المزوقة وينزلن أعلام الرجال الذين ارتضوا في آخر الزمان.. أن يتراجعوا ويتنازلوا ويحلقوا الشنبات ويحملوا في آخر الزمان لقب رجل بركة.. ورحمة ونور تنزل عليك ياسي السيد آخر الرجال الحقيقيين في ملحمة نجيب محفوظ: بين القصرين!
---------------------------------------------
قال لي معلم ـ بكسر الميم وفتح العين ـ في سوق الخضار أيام كان في روض الفرج: الراجل يبان ويظهر ويهل هلاله من أول يوم جواز.. في ليلة الدخلة لازم يكون غضنفر تعرف يعني ايه غضنفر.. يعني راجل يسد ويمد..
ولما سألته: يعني إيه يسد ويمد..
قال: يعني يكفي بيته من مجاميعه.. جيبه عمران دايما.. مايجيش في يوم يقول للست بتاعته: مافيش.. أو بكرة.. أو لما يفرجها ربنا.. الست ماتستناش لبكرة.. طيب وتعمل إيه في النهاردة.. تجوع أو تتعري أو تمد إيدها للي يسوي واللي مايسواش!
وكمان الراجل ساعة الحظ والفرفشة والسهر مايكونش غلس كده ومدب ـ بكسر الميم وفتح الدال وسكون الباء ـ يعني يختار الكلام اللي يقوله لمراته بظرف ولطف.. واوعي يضربها في يوم من الأيام.. لأن ضرب الست إهانة لها ومهانة لكرامتها.. خصوصا لو كانت ست بنت ناس وبتسمع الكلام وتحفظ المقام!
وقال لي ظريف أفندي وهو موظف حكومة يعمل في السكة الحديد: مافيش حاجة في البيت اسمها ديك وفرخة.. ومين هو الديك ومين هي الفرخة.. لأنه لا يمكن أبدا أن تأخذ الدجاجة مكان الديك أو يتنازل الديك عن اسمه وشرفه ونوعه للدجاجة بتاعته اللي هي مراته التي تحمل اسمه بوصفها حرم ظريف أفندي علي سن ورمح!
طيب لو الديك تنازل عن دوره.. مين يحمي داره.. مين يدافع عن صغاره.. مين يحمي شرفه وعرضه؟
أنا والست وداد مراتي وهي مدرسة في مدرسة الراهبات. أول الشهر نحط مرتباتنا علي بعض في الدولاب اللي في حجرة النوم.. وكل واحد ياخذ اللي يحتاجه موش اللي هو عاوزه.. واهي ماشية.. ولما نقف عند مشكلة أو أزمة.. نتشاور في هدوء والرأي الصواب هو اللي يمشي!
قلت لأخونا ظريف: تعرف أنا سألت أمي.. إزاي بتتفاهمي مع الراجل الكشر ده أبو صوت عالي دائما.. وإزاي عاشرتيه علي الحال ده أكثر من خمسة وأربعين سنة؟
قالت: حاجة بسيطة جدا.. لما يسألني عن رأيي في حاجة أقوله.. يسكت وثاني يوم يقولي اعملي كذا وهو نفس رأيي اللي قلتهوله لسة امبارح.. لكن علي لسانه هو.. الراجل يابني مهما كبر وشاخ برضه لسه زي الطفل الصغير عاوز كلامه هو اللي يمشي.. أبوك يابني زي براد الشاي يغلي ويفور وفي الآخر ينزل علي مافيش!
---------------------------------
وقالت لي زوجة تسكن في الجوار: يا عم قول يا باسط.. فرخة إيه وديك إيه وهو بسلامته إسماعيل جوزي مجرش في البيت بقاله تسع شهور لا شغلة ولا مشغلة بعد ماخرجوه ولاد الأبالسة في شركة قطاع عام باعها الحرامية.. علي معاش مبكر.. وأنا اللي بصرف علي البيت كله وعليه كمان.. تقولي فرخة وديك.. بذمتك أنا قدامك ديك واللا فرخة؟
أنظر إلي امرأة مازالت تحتفظ بآخر أوراق شجرة شبابها وجمالها وأقول لها: فرخة ونص وبلدي كمان!
وقال لي زوجان شابان يعملان في أحد البنوك الأجنبية: احنا الاثنين زي بعض تمام.. اللي بيفرق بيننا هو بطاقة الرقم القومي ده راجل ودي ست.. مافيش حد صوته يعلي علي التاني.. ومافيش ديك وفرخة.. فيه حاجة نساها الناس الأيام دي اسمها الحب والتفاهم.. والاحترام.. لو فيه الثلاثة دول.. يبقي مافيش لا فرخة ولا ديك.. فيه اثنين بني آدمين بيحبوا بعض وبس!
صفقت للحب والتفاهم ويحيا الشباب!