كتب نادية عابد
العدد 2857 - الثلاثاء الموافق - 5 اكتوبر 2010
ليست الحياة داخل صدفة أو محارة معناها الانسحاب من المجتمع ولكنها محاولة الابتعاد عن كل ألوان وفنون التلوث. وليس بالضرورة أن يكون التلوث صوتياً أو بيئياً. فالتلوث طال القيم والأخلاق وتاهت فى الطريق كلمات مثل: عيب وأختشى. وقد كنت فى وقت من الأوقات مندهشة عندما أسمع كلمة «بيتوتى» كنت واثقة أن لها علاقة بالبيت ولكن تركيبة الكلمة جعلتنى أدرك أن معناها اللوذ بالبيت والاحتماء به. ولكنى مياله إلى استخدام كلمة المحارة أكثر من البيت.
ففى البيت يلاحقنى الموبايل وتلاحقنى أصوات الباعة الذين صاروا يعلنون عن الخضار وأنابيب البوتاجاز بمكبر صوت!! وفى البيت يلاحقنى «الدق على الشقة الغلط» من عمال السوبر ماركت وفى البيت يسأل المكوجى عن «المكوه» المهم أن البيت بهذه الصورة لا يحقق الهدوء الذى أرجوه وأحلم به رغم أنى بيتوتية وقليلة الخروج إلا للحاجة القصوى وقد أختار يوم السبت لقضاء ما أحتاج إليه لأنه أقل أيام الأسبوع زحاماً.
أما داخل المحارة فأبدأ بإغلاق الموبايل ونزع فيش التليفون الأرضى الثابت. وداخل غرفة نومى أشعل ضوءاً خافتاً يسمح لى بالقراءة ومن ركن آخر تنبعث موسيقى هادئة. وأتجاهل كل الأصوات من حولى، نعم، داخل محارتى لا أتعرض لصنوف الجحود البشرى، فهذا الجحود يسبب لى نزيفاً روحياً لا ينضب. وداخل محارتى لا أسمع أصواتاً قبيحة تنطق بما هو أبشع من الغناء الرخيص، وداخل محارتى لا أرى وجوهاً تقطر انتهازية ونفعية وسادية.
وداخل محارتى لا أضطر لهذا الجدل الذى يطلق عليه جارى فى صباح الخير مفيد فوزى «جدل بطعم العلقم» وداخل محارتى لا ابتسم لأعدائى ولا أضع أقنعة على وجهى لزوم الذكاء الاجتماعى، وداخل محارتى لا أجهد ذهنى فى اكتشاف الكذب أو اللؤم. وداخل محارتى لا يتصيد لى أحد كلمة أو يسجل لى رأياً قلته. داخل محارتى أنا آمنة. داخل محارتى صلاة أتمتم بها من قلبى ولا أضعها بسذاجة على الفيس بوك! صلاة إن الله يرعانى ويحمينى من الأشرار ويبصرنى دائماً
[b]