وانا استمع في كل مرة لاغنية(في وسط الطريق) للمطربة الرائعة نجاة الصغيرة يأخذني الحنين الجارف لسنوات الستينيات حيث انتشرت الاغاني العاطفية باحلى وارق الاصوات وخاصة النسائية فكانت هناك نجاة وفائزة احمد ووردة الجزائرية وطبعاً في القمة والمقدمة كوكب الشرق ام كلثوم ..واعود الى اغنية(وفي وسط الطريق) التي وضع الحانها بليغ حمدي وصاغ كلماتها مرسي جميل عزيز فاقول انها ليست مجرد اغنية عادية عن العشق والهوى بين حبيبين بل انها تروي حكاية حب في اطار ونسق درامي عن لقاء وداعي بين عاشقين عصفت الخلافات بينهما بالعلاقة العاطفية التي تربطهما وفي لقائهما الاخير اتفقا على الفراق وكان اللقاء وسط الطريق الذي شهد ولادة حبهما وهو نفسه شهد افتراقهما ..
هكذا كانت الاغاني في ذلك الزمن الجميل ..كلمات نابضة بالحب والعواطف النبيلة والصادقة ترددها احلى واجمل الاصوات..كل اغنية كانت تحكي قصة حب في اطار رومانسي مناسب بعيد عن اثارة الغرائز الرخيصة او التلاعب بالمشاعر بطريقة غير لائقة ...الاغاني كانت تحاكي الوجدان وتلامس اصدق المشاعر الانسانية وتساهم في خلق علاقات تتسم بالمودة والصدق والوفاء والالتزام بالعهد وتنبذ الخيانة والاستخفاف بالاحاسيس الانسانية الراقية... لقد عاش العشاق في العصر الذهبي للاغنية العاطفية ايامهم الحلوة وتعلموا حكايات وكلمات الغزل والهوى والعشق في ابهى وارقى صورها ومعانيها ومناسباتها...
كلمات الاغاني كان يصوغها شعراء لن يجود بمثلهم الزمان مرة اخرى...من يعوضنا عن بيرم التونسي وحسين السيد ومأمون الشناوي وفتحي قورة وعبد العزيز سلام ومرسي جميل عزيز واحمد شفيق كامل وعبد الوهاب محمد ومحمد حمزة الذي رحل عن عالمنا قبل ايام قليلة...كل هؤلاء الكبار كانوا الاعمدة الرئيسة في حشد راق امتعنا وما يزال بمجموعة هائلة من الاغاني التي تسمو بالعواطف والمشاعر الى الذرى وتقدس وتدعو الى الالتزام بالقيم الاخلاقية والتضحية والفداء في العلاقة بين العشاق لان الحب الحقيقي هو علاقة مقدسة لابد من المحافظة عليها وصيانتها من كل اشكال الابتذال والتلاعب الرخيص والاستغلال البشع... وبعد كل هذا عن ذلك الزمن الجميل والعصر الذهبي للاغنية العاطفية اتساءل ما الذي يتعلمه العشاق من اغاني اليوم؟..سؤال غريب ووجيه في الوقت نفسه...أليس كذلك ؟
[b]