ابراهيم موسي علي
عدد المساهمات : 5 نقاط : 11 تاريخ التسجيل : 03/11/2011
| موضوع: الاقطاعيون..قصه قصيره من كتابي العزاء الاخير السبت 5 نوفمبر 2011 - 12:46 | |
| الإقطـاعيين علت الأصوات الغليظة من داخل منزل البريشى المعروف ، وباتت صرخات الساهرين عنده تضج المكان , وتثير الخوف فى قلوب الفلاحين . فدائما وكل أربعاء يحدث هذا التجمع الكبير للإقطاعيين مثلما يقول الفلاحين . وقالوا أنهم عهدوا هذا التجمهر ، ولم يجرؤ أى من الفلاحين الاقتراب من المنزل المؤمن نسبة إلى أن خفير بالقرية يسهر معهم ، كان الرعب يتملك الفلاحين حينما يأتى هذا اليوم . لم يكن بوسع أحدا التمرد على هذا الوضع وإلا زج به فى سجن القرية المتهالك . فى هذا الشتاء علت المياه فى القناة الرئيسية للقرية , وذادت عن حدها . كان موقع خيمة عثمان المزارع منخفض عن باقى المواقع , بل كان الجمع من الفلاحين يرددون أحيانا : - إن بوسع عثمان عمل مخزن كبير فى الخور الذى يبيت فيه . فى تلك الأثناء وحينما ذادت المياه فى القناة وأرعدت السماء وأبرقت , لم يمضى الكثير إلا وانهمرت الأمطار تزاحم بعضها البعض فى السماء , لتتساقط حول خيمة عثمان , والذى رفع يده للغوث , وطفق يرفع زكائب الأرز والدقيق , أحس بعدها بأنها ثقيلة للغاية , وحسبه أن لا يقوى على زعزعتها من مطرحها ، وأدرك أن قدماه تغوص فى الطين وقد اختفت تماما فى الماء , ولم يكن بوسعه حينها إلا أن يحمل ولداه اللذين يتصايحون حينا , وحينا يضحكون . بالطبع يتصايحون حينما تصرخ فيهم الأم بالخروج من الخيمة التى بدأت ترشح بطريقة قاسية ، حيث أن الماء الذى يتساقط من السقف غير نظيف ، إذ أنه يختلط مع القش والقصب البلدى ويتساقط بلون أصفر مثل الذى بال فوقهم . ولم تكن لتفوت الإقطاعيين مثل هذا الحدث , وأخذوا يتصايحون ويضحكون ويرددون بصوت عال : - إن مثل عثمان بعد مأساته هذه لن يردد قوله " إن الإقطاعيين هم شر خلق الله". ويعاودون الضحك بطريقة هستيرية . ولأن خيمة عثمان تختفى فى منزل الإقطاعى الكبير البريشى , لم يكن ليساعده أحد أو يهب لنجدته . كذلك توقع الكثير أن خيمة عثمان المنخفضة لن تغرق لأن البريشى أغلق الهويس منذ فتره , لم يغث عثمان من محنته هذه إلا صديقة رمضان والذى انتهى لتوه من رى زرعته . كان عثمان يعمل على حمار له , يوصل أحمال الناس من مكان لأخر , مما جعله شديد الجلد والتقشف ، حيث رحلاته فى قيظ الشمس وزمهرير البرد جعلته أكثر صلابة وخبرة .اعتلى هو وعياله الجرف الذى يستقر فى واجهة قصر البريشى , والذى يملك هذا الجرف ، ولم يكن ليراه الإقطاعيين بعد , نسبة إلى غزارة الأمطار المتساقطة , والتى صنعت ضبابه كبيرة أمام أعينهم . إن الإقطاعيين كثيرو الضحك والثرثرة . قالوا : - إن بوسعهم التمتع بالحياة فى الريف أكثر من تمتعهم بالحياة فى المدن . وحينا بعد حين كانوا يتحدثون عن ابنة البدال , وكذلك ابنة الحداد الناصعة البياض ذات الأعين الخضراء والقوام الممشوق والدعابة الغجرية ، وكثيرا ما كان يحلو لهم التحدث عن زوجة سعيد الفلاح ذات الطلة البهيجة والنظرة القاتلة . بل أنهم لم ينسوا حوارهم الأولى حيث قال أحدهم : - ألا تعرفوا أن عثمان غرق هو وعياله منذ قليل . رد أخر وقد طغى علية الترنح من شدة السكر والضحك : - إن عثمان لن يجد من يوارى ترائبه البارزة ، وربما لن يستدلوا على ولدية ، إلا أننى أرجح هروب زوجته ومع الأيام سوف أجدها .. إنها بارعة الجمال . كذلك كانوا يرددون : - إن جمال نساء الريف هو ما جعل رجال الحضر يجنون .. النساء فى الريف يتسمن بالبساطة والمسالمة التى لا نظير لها فى الحضر . إن ما جعل هؤلاء الإقطاعيين كذلك , هو الخوف الذى يملأ قلوب الفلاحين من الاغتراب بعيدا عن قراهم , والنفى من الوجود فى غياب العدالة مثلما ردد السيد سمير ابن حميد المزارع من قبل , وقال أنهم ما أصبحوا هكذا إلا لحياتهم البئيسة التى يعيشونها ، حيث سئل ذات يوم المرابى الكبير الكاشف عن سبب ثرائه فقال : - إن العالم كله يريدني أن أجيب على هذا السؤال , ولكن .. سيبقى سرا معى إلى الأبد . وأخذ يردد بعدها بدهاء : - ما بال الناس بى ، أيرضى أن أقول إننى ورثت من زوجتى القديمة أم يرضى أن أحكى لهم قصة كفاحى فى البلاد ، أم يرضى أن أقول لهم أن أبى من كبار التجار .. لن يسلم المرء منا إذا ما ذهب يردد هكذا كل يوم وحينما يسأل . الحق أنه حينما يردد الكاشف هذا الحديث تحمر أصداغه من فرط تورمها وأحيانا ما كان يغضب ، لكن الفلاحين لن ينسوا أن أباه هو الشحاذ الذى جاءه ذات يوم ليؤويه , نظرا إلى المعيشة القاسية التى يعانيها . لكنه لم يشفع لأبيه , بل أخذ يوبخه وينكل بـه وقال له على الملأ وهم يجهلـوه : - إن مثلكم أيها الشحاذين تملكون الأمـوال قناطير مقنطـرة , ولن يكفيكم ذلك , إنكم تسيئون إلى أنفسكم والى هذا المجتمع المحترم . لكن الأب الحزين لم يتفوه بكلمة , وانسحب يجر أذيال الخيبة , وإن يكن أبنه تمرد عليه وتخلى عن حمل اسمه , فهو كذلك أبى أن يقول للناس أن هذا هو ابنه العاق , قرة عينه والذى تربى بين أحضانه ، لم يعبأ بذلك . فى صباح اليوم التالى , استيقظ البريشى من منامه , وأخذ يوقظ معه أصدقاءه بعدما ملأ الدخان منزله ، ولم يكن ليرى أمامه شئ . هم إلى النافذة ليفتحها بعد أن علت أصوات سعالهم المزعج فى المكان ، وحينما حدث ذلك , هاله منظر واجهة منزلة الأنيق . وجد أن الجرف أمامه استحال إلى مأوى للمغتربين , حيث كان عثمان يرقد عليه وبجواره زوجته وعياله , وقد علت نيران موقدهم فى الأمام . سمع عثمان صوت غليظ أجش يقترب منه . نظر إليه بفتور وكأنه دمية كبيرة تدق بأقدامها المكان , نظر كثيرا إلىالرجل الذى يقترب منه بغضب . أرخى عثمان رأسه إلى الأرض وعلق بتنهيده قائلا :- الإقطاعيين هم حقا شر خلق الله . | |
|
???? زائر
| موضوع: رد: الاقطاعيون..قصه قصيره من كتابي العزاء الاخير الأربعاء 9 نوفمبر 2011 - 13:54 | |
| قصه رائعه جدا وسلمت يداك ياقاص دمياط المبدع يدبو ان محدش خد باله من منشورك الجديد لكن فعلا ادب اوربي رائع
|
|
???? زائر
| موضوع: رد: الاقطاعيون..قصه قصيره من كتابي العزاء الاخير الخميس 8 ديسمبر 2011 - 9:01 | |
| قصه جميله ياابو خليل ومعلش حقك عليا اما انتي ياضوء فحقك عليااااااااا كمان لان استاذنا اعتقد ان عضويتك تابعه لي وهذا غير صحيح فهذه صديقه عزيزه قاطعت المنتدي حين تم ايقافها غيرتا عليا وان كنت انا تواصلت معكم وكنت اتابعهكم فهي الي الان اقسمت الا تعود فماذا لو علمت ان عضويتها حذفت؟...............!!!!!
|
|
أم حازم مشرف منتدى بانوراما المعلومات
عدد المساهمات : 2426 نقاط : 3190 تاريخ التسجيل : 13/10/2009 العمر : 62 الموقع : abc4.ahlamontada.net
| موضوع: رد: الاقطاعيون..قصه قصيره من كتابي العزاء الاخير الخميس 8 ديسمبر 2011 - 9:36 | |
| سلام الله عليك: شكرا مقدما: قبل القراءة لانك كتبت وتعبت ولم تخزلنا وتبعد عنا اكيد كل قصها وراءها عبرة وحكمه والطمع يا اخى ثم الطمع ولا غير الطمع وراء الاقطاعيون | |
|
???? زائر
| موضوع: رد: الاقطاعيون..قصه قصيره من كتابي العزاء الاخير الخميس 8 ديسمبر 2011 - 9:39 | |
| من غير مجامله عنده كتاب روعه ومش عشان صديقي او قريبي بجد من اشطر القاصين وملحوظه دي من شهر اصلا بس للاسف محدش شافها وانا حاولت اظهرها تاني
|
|