منفى بأوطاني
هَبَّتْ رياحُ الطغاةِ على ذُرَا وطني
مروا جراداً على قمحي بِغِيْطَانِي
وأشعلوا فتنةً فى الدين والدنيا
وجردوا الأرضَ من حَيٍّ وبُنْيَانِ
لا حُرْمَةً لشيوخٍ أو لسيدةٍ
ولا شفيعَ لأطفالٍ وصِبْيَانِ
وتحت دبابةِ التحريرِ كاسِحَةً
أُحِلَّ سَفْكُ دمى بالمِشْرَطِ (الحَانِي)
**
مِنْ مَنْبِتِي أرْتَوِي مِنْ غُسْلِ حِيْتَانِ
وأكْتَوِي بِسِيَاطِ الظالمِ الجَانِي
جاروا على مُهْجَتِي واستعبدوا بَدَنِي
وكَبَّلونِي بأغلالٍ وسَجَّانِ
مَنْ كانَ مِثْلِي أَحَلَّ البَغْيُ سُخْرَتَهُ
وصِرْتُ بالبَغْيِ مَنْفِيَّاً بأوطاني
هاجرتُ مِنْ مَوْطِنِي وَلَجَأْتُ فى وطني
لا رَأْىَ لي في تدابيرٍ وبنيان
أخْلَصْتُ فى الحُبِّ حتى صِرْت أُضْحِيَةً
لا أمرَ دينٍ ولا مَرْضَاةَ دَيَّانِ
**
جاءوا على موطنى سَحْقَاً بِفِرْيَتِهِمْ
وروجوا أننى خِصْمٌ لجيرانى
وأنَّ عِنْدِى دَمَارُ الكونِ أجْمَعه
ودبروا لى إداناتى وأكْفانى
وخَلََّقوا من بُطُونِ الزَّيْفِ شاهِدَهُمْ
وقدمونى كَمُتَّهَمٍ لِمِيْزَانِى
ودبروا مَنْ يُسَايِرُهُمْ ليَلْعَنَنِى
وجَمَّعُوا لِىَ مَنْ شَهَدُوا بِبُهْتَانِ
وحرضوا أخوتى حتى رَمُوا صَنَمِى
ليَرْجُمُونِى كأنِّى شرَّ شيطانِ
وحين لم يفلحوا فى دعم مقصلتى
فى مجلس الفِسْقِ دَاهَمَنِى الكبيران
دَكُّوا مناراتِ أمجادى وحاضِرَتِى
وروعوا كُلَّ أطفالى ونِسْوَانِى
تناثرَ العَظْمُ ذابَ اللحْمُ فى حِمَمٍ
ترمى اللظى من سماواتى وخلجانى
سَوُوا بيوتى بأرضى أحرقوا زرعى
وأشعلوا النار فى بئرٍ وخَزَّانِ
وفرقوا أمتى صَفَّيْنِ : تابِعَهُم
ومُسْتَجِيرَاً يُصَفِّى الأوَّلُ الثانى
وأسلمونى لِسَحْقِ الذاتِ فى حربٍ
ما بين أهلٍ وأنسابٍ وأخوانِ
أنا الذى قد أحَلَّ البَغْيُ سُخْرَتَهُ
وصِرْتُ بالبَغْيِ مَنْفِيَّاً بأوطاني
**
لَهْفِى على موطنى ، لهفى على كبدى
لهفى على فتيتى شِيْبِى وشُبَّانِى
لهفى على كنزِ تاريخى وذاكرتى
ودورِ علمى وإنجازاتِ إنسانى
لهفى على مسجدى وعلى حسينيتى
ودفعِ دينى ليَنْصُرَ فِكْرَ شيطانِ
وخيرِ من علموا الدنيا بكاملها
كُلَّ العلومِ بثالثِ عَصْرِى والثانى
لهفى على قِبْلَةِ الدنيا وثروتِها
أضْحَتْ خراباً على أقدامِ صُلْبَانِ
وصَالَ فى جسمها سرطانُ فُرْقَتِهَا
ودَبَّ فيه تداعى كُلِّ بُنْيَانِ
مُرُّوا على موطنى واسْتَشْهِدُوا حَجَرِى
وحدثوا الطيرَ عن أهوالِ سرطانى
وكم من العمر يبقى ساكناً جسدى
يبقى مُشِعَّاً كأفغانٍ ويابانِ
ما ذَنْبُ مثلي يُحِلّ البغيُ سُخْرَتَهُ
وصرتُ بالبَغْيِ منفياً بأوطاني
**
د. محمد عبد المطلب جاد
أستاذ سيكولوجيا الإبداع – جامعة طنطا
--------------------------------------------------------------------------------
محمد عبد المطلب جاد29-09-2008, 09:19 AM
منْ أنْتِ ؟
إذا ما قُلْتُ أنتِ النورُ ، أنتِ الكوكبُ المَسْحُورْ
وأنتِ الشَّطُّ والمَرْسَىْ وقلبى زَوْرَقٌ مكسورْ
أنتِ الفَجْرُ بَعْدَ الليلِ إذْ أقْصَىْ شُهُودَ الزُّورْ
أنتِ الحَقُّ يا سمراءُ أفْنَىْ الظَّالمَ المَأجُورْ
أنتِ الخيرُ أغْرَقَنِىْ وَضَمَّدَ قلبىَ المَقْهُورْ
أبْرَأَنِىْ وأَحْيَانِىْ
فنادِينِي إلى عينيكِ أبْقِهِمَا تَضُمَّانِي
أنا الحيرانُ أكَلَ الدَّهْرُ قافلتي وأبْقَانِي
أنا المَنْسِيُّ فى الدنيا بلا أهْلٍ وجِيْرَانِ
أنا المقطوعُ مِنْ شَجَرِيْ وَمَنْفِىُّ بأوطاني
أنا المذبوحُ أُضْحِيَةً بلا عِيْدٍ وَدَيَّانِ
أنا الباكى طُوَالَ العُمْرِ فى سِرْدَابِ أحْزَانِى
**
هُنًا ساءَلْتُ ما أبْقَيْتُ عَرَّافَاً وَعَرَّافَهْ
تُلازِمُنِي خَيَالاتِي وتُبْقِى الرُّوحَ طّوَّافَهْ
وتَخْلُو بِمُخَيِّلَتِي رُؤَى النَّسْمَاتِ هَفْهَافَهْ
أنا البَحَّارُ لا أَرْسُو ، أَحَبَّ البحرُ مِجْدَافَهْ
أُعَانِى الحُبَّ مَظْلَمَةً ، وأشْكُو عُزْلَتِى آفَهْ
ولولا أنتِ تَنْسَدِلِيْنَ مثلَ النورِ شّفَّافَهْ
لَمَا أفْلَتُّ مِنْ قَبْرِي ولا صَادَفْتُ صَفْصَافَهْ
ولا حَلَّقْتُ مثلَ الطيرِ غَنَّى العُجْبُ أوْصَافَهْ
وما أصْبَحْتُ مثلَ الرَّوْضِ تَهْوَى العَيْنُ أعْطَافَهْ
كَدِيْنَارٍ شَدِيْدِ الطَّمْسِ كانتْ أنتِ صَرَّافَهْ
**
شعاعَ النُّورِ، هل تدرينَ أنِّى كُنْتُ مَقْبُوْرَا ؟
وكانَ البَرْدُ يَلْفَحُنِى بِجَوْفِ القبرِ مَزْجُوْرَا؟
وكانَ الشِّعْرُ والإبداعُ فى جَنْبَىَّ مَهْجُوْرَا؟
كأهلِ الكهفِ مَرَّ العُمْرُ ما حاولتُ تَقْدِيْرَا؟
وما أعْلَنْتُ مَظْلَمَتِى وما شَهَدُوْا بِهِ زُوْرَا؟
وما اسْتَصْرَخْتُ مِنْ أَحَدٍ لِأَطْلُبَ مِنْهُ تَحْرِيْرَا؟
وكانَ اليأسُ يقتُلُنِى وكان القلبُ مكسورا؟
ونارُ السُّخْطِ تَغْلِى بى تُزِيْدُ النَّارَ تَسْعِيْرَا؟
وكُنْتُ أُنَاشِدُ الأيامَ أنْ تَنْفَضَّ مَسْعُوْرَا؟
وألْعَنُ كُلَّ ما قَدَّمْتُ تَعْلِيْمَاً وَتنَْوِيِْرْاَ ؟
وأمْشِى فى ذُيُولِ الناسِ قَيْدَ الصَّمْتِ مَقْهُوْرَا ؟
وتَبْدُو لى بِقَاعُ الأرضِ رَغْمَ جَمَالِهَا بُوْرَا؟
وحينَ عَرَفْتُ سيدتي تَجَلَّى النُّورُ مَنْشُورَا
ولاحَ البدرُ فى قَبْرِي ونَالَ العَقْلُ تَحْرِيرَا
وحَلَّ السِحْرُ فى نفسي يُزِيْدُ البَهْوَ تَنويرا
وقامَ الشِّعْرُ والإبداعُ فَجَّرْتِيْهِ تفجيرا
وزالَ الصَّمْتُ يا سمراءُ واسْتَغْرَقْتُ تصويرا
ولا أدْرِى لِكَمْ أبْقَى لِسَانِي يَشْرَحُ النورا
وكَمْ مازالَ مِنْ عمري لأجْعَلَهُ قواريرا
تَضُمُّ العِطْرَ مِنْ عَبَقٍ تَسَاقَطَ مِنْكِ منشورا
وكَمْ مازالَ فى عمري لأجْعَلَهَا مزاميرا
تُعِيْدُ النَّشْرَ سيدتى بِنَبْضِ القلبِ تعبيرا
وما أنْهَيْتُ تعبيرا .
**
د. محمد عبد المطلب جاد
أستاذ سيكولوجيا الإبداع المساعد – جامعة طنطا
--------------------------------------------------------------------------------
محمد عبد المطلب جاد29-09-2008, 09:22 AM
قبل إفطاري
كلَّ يومٍ قبلَ إفطاري بساعاتٍ قليله
أفْتَحُ( الإيميلَ) تَخْفِقُ مُهْجَتِي خَفْقَ الطُّفُولَه
إنَّهُ مَوعِدُ أُمِّي ، إنَّهُ مَوْعِدُ أُخْتِى
إنَّهُ لُقْيَا فؤادي بانْفِعَالاتٍ نَبِيْلَه
بينَ أطْيَافٍ رِقَاقٍ بِخَمَائِلِها الظَّلِيلَه
بينَ أنْسَامٍ وزَهْرٍ وفَرَاشَاتٍ جميله
وشُجَيْرَاتٍ تُغَنِّى بابْتِسَامَاتٍ خَجُولَه
ونَدَىً يَرْمِى عليها بعضَ زَخَّاتٍ ضَئِيلَه
قائلاً هذا هَوَايَ فَاقْبَلِي دَمْعِي دَلِيلَه
حاملاً دَقَّاتِ قلبي وهى أشواقٌ بَتُولَه
تَرْقُصُ الأشجارُ نَشْوَى وهى بالدَّمْعِ بَلِيلَه
فَتَغَارُ الأرضُ مِنْهَا وَتُوَاسِيهَا النَّجِيْلَه
**
أفْتَحُ ( الإيميلَ ) أنْظُرُ كُلَّ أشجارِ الخَمِيْلَه
كُلُّ ما فيها خَلِيْلٌ هائِمَاً يَرْنُو خَلِيْلَه
كُلُّ غُصْنٍ مَالَ شَوْقَاً حَاضِنَاً فيها حَلِيْلَه
كُلُّ زَهْرٍ رَاحَ يَلْمِسُ فى مُلاطَفَةٍ زَمِيْلَه
رَاشِفَاً مِنْهُ حَنَانَاً قَطْرَ أَشْوَاقٍ عَسُوْلَه
وعلى البُعْدِ تَشَكَّى المُهْرُ إذْ أبْدَى صَهِيْلَه
واشْتَكَى الرِّيحُ وأبْدَى مِنْ لَظَى القلبِ طُبُولَه
واشْتَكَى الغَيْمُ وَغَارَ فَرَمَى غَيْظَاً غَسِيلَه
**
أفْتَحُ ( الإيميلَ ) أبْحَثُ عَنْ فَرَاشَتِيَ الجميله
عَنْ غَزَالِي عَنْ نَعَامِي ، أيْنَ قِطَّتِيَ النَّحِيلَه؟
سائلاً وَرْدَاتِ رَوْضِي ، وَرُبَاهُ وَنَخِيْلَه
أين يا رَوْضُ تَوَارَتْ ها هُنا أَغْلَى فَسِيْلَه؟
أنْتَ تَعْرِفُهَا كَقَلْبِي ذاتَ آياتٍ أصِيْلَه
كُنْتَ تَدْعُوهَا مِرَارَاً : أنْتِ سيدتي الجَلِيْلَه
كُنْتَ فى فَيْضٍ سَخِيٍّ مِنْ عَطَايَاهَا الجَزِيلَه
قُلْتَ إنَّ المِسْكَ أبْدَعَ صَانِعَاً مِنْهَا سَلِيْلَه
وهى إنْ هَلَّتْ تَرَاءَتْ فَوْحَ نَسْمَاتٍ عَلِيلَه
وهى نُورٌ عِشْتَ عُمْرَاً لَمْ تَجِدْ يوماً مَثِيلَه
وهى وُجْدَانٌ تَسَامَى فى عَوَاطِفِهِ المَهُولَه
قُلْتَ حُوْرَيَّةَ كَوْنِي مِنْ شَذَي العِطْرِ كَحِيلَه
وهى نَهْرٌ مِنْ تَدَفُّقِ عَطْفِهَا تَبْدُو هَزِيْلَه
مَطَرٌ مِنْ فَيْضِ حُبٍّ يَعْشَقُ الناسُ هُطُولَه
وهى بدرٌ إنْ تَوَارَى تَرْتَجِى الرُّوحُ مُثُولَه
يَتَهَادَى الناسُ شوقاً جَارِفَاً حينَ هُلُولَه
وإذا ودَّعَ يوما تَنْزَوِيْ تَبْكِىْ رَحِيلَه
إنَّها يا رَوْضُ رُوحِي، واخْتَزِنْ تلكَ المَقُولَه
**
أفتحُ ( الإيميلَ ) رُوحِى تَرْتَجِى شوقاً وُصُولَه
مَرَّةَ مِنْ بعدِ أُخْرَى حَامِلاً قلبي فُضُولَه
كُلَّمَا أغْلَقْتُ أفْتَحُ بارْتِجَافَاتٍ عَجُولَه
يُلْهِبُ الوقتُ اشتياقي بِثَوَانِيْهِ الطَّوِيلَه
فإذا الأوقاتُ مَرَّتْ فوقَ أنْفَاسِي ثَقِيلَه
وسَرَى اليأسُ بِجِسْمِي نازعاً رُوحِي العَليلَه
وتَحَرَّقَ بِي اشتياقي دُوْنَ أنْ يَشْفِى غَلِيلَه
وانتهى يومٌ بِعُمْرِي إثْرَ أيَّامِي القَتِيلَه
دونَ أنْ يَطْلُعَ بَدْرِي أو تَرَى عَيْنِي حُلُولَه
دون أنْ يَبْعَثَ رُوحِي حِينَ يَمْنَحُنِي نُزُولَه
رَقَدَتْ رُوحِي بِحُزْنِي وانْزَوَتْ نَفْسِي ذَلِيْلَه
وَجَثَا لَيْلِى طَوِيْلاً فيهِ نَوْبَاتٌ وَبِيْلَه
وإذا بالنَّفْسِ حَيْرَى تَدْفَعُ الوَقْتَ مَلُولَه
تُغْلِقُ البابَ عليها طِيْلَةَ اللَّيْلِ كَسُولَه
ودَبِيبُ الحُزْنِ يَسْرِى عَبْرَ أوْصَالٍ عَلِيلَه
فَأُمَنِّى النَّفْسَ : يا نّفْسُ غداً لُقْيَاً طَوِيلَه
وغداً يَطْلُعُ يا نّفْسِىْ ولنْ أَرْضَى أُفُولَه
سوف أُبْقِيْهِ طّوِيْلاً بأناشيدَ جميلَه
وحكاياتٍ وأُبْدِعُ فى حِكَايَاتٍ مَخِيْلَه
سوف يبقى ، أنْتِ أدْرَى ، نَفْسُهُ ليستْ بَخِيلَه
**
كيفَ يا سمراءُ لا يُحْرَمُ طِفْلٌ مِنْ طُفُولَه؟
كيفَ لا يُحْرَمُ عُصْفُورٌ على الأيْكِ هَدِيْلَه ؟
كيفَ لا يُمْنَعُ طّيْرٌ عَاشِقٌ حُضْنَ الخَمِيلَه؟
كيفَ لا يُصْبِحُ ذَبْحُ القلبِ فى صَمْتٍ بُطُولَه؟
كيفَ لا يُصْبِحُ ذَبْحُ القلبِ فى صَمْتٍ بُطُولَه؟
كيفَ نَحْيَا دونَ كَبْتٍ ، دونَ غَيْظٍ ، دونَ غِيْلَه ؟
دونَ أنْ يُغْتَالَ عُمْرٌ فِيْمَ أَسْمُوهُ رَزِيْلَه ؟
كيف تَبقينَ بِقُرْبِى بَلْ بأحشائى نَزِيْلَه؟
كيفَ يا سمراءُ ؟، كَمْ كيفَ، ولَكِنْ ما الوسيله؟
إنَّهُ عَجْزِى أنْ أرْقَى إلى بَدْرِى بِحِيْلَه
إنَّهُ عَجْزِى أنْ أُوفِيكِ حَقَّكِ يا نَبِيْلَه
فامنحيني كُلَّ يّوْمٍ ليلةً من ألفِ ليله
واهبطي صَوْبَ بريدي تَنْتَشِى حَوْلِى الخَميلَه
كُلَّ يومٍ قبلَ إفطاري بساعاتٍ قليله
أفتحُ ( الإيميلَ ) ألقاكِ فَتِرْتَدُّ الطُفُولَه
أَلْتَقِىْ أُمِّىْ فَأَرْقُدُ فى حَنَايَاهَا الظَّلِيلَه
**
آهِ يا حَبَّةَ عَيْنِى لو أتانى كُلَّ يومِ
مانِحَاً قلبى حَيَاةً تَسْرِى فى صَحْوِى ونَوْمِى
وشَفَا قلبى مِرَارَاً طَارِحَاً حُزْنِى وَهَمِّى
كُلَّمَا نَادَيْتُ : "ماما" تَسْمَعُ الصَّيْحَةَ أُمِّى
ثُمَّ تَرْوِيْنِى حَنَانَاً دَافِقَاً يَسْرِى بِدَمِّى
كُنْتُ أَهْدِيْهَا صَلاتِى وابْتِهَالاتِى وَصَوْمِى
كُنْتُ أُعْطِيهَا حياتى مُهْدِيَاً لَحْمِى وَعَظْمِى
وّأَظَلُّ العُمْرَ أشْكُرُهاَ ولا يَسْكُتُ فَمِّى
أفْتَحُ ( الإيميلَ ) أَلْقِاكِ هُنَا يا أَجْمَلَ اسْمِ
ألْتَقِى أُمِّى حَنَانَاً غَامِرَاً رُوْحِى وَجِسْمِى
آهِ يا حَبَّةَ عَيْنِى، آهِ لو حَقَّقْتِ حُلْمِى
**
د. محمد عبد المطلب جاد
أستاذ سيكولوجيا الإبداع المساعد – جامعة طنطا
--------------------------------------------------------------------------------
محمد علي محيي الدين29-09-2008, 09:23 AM
الزميل العزيز محمد عبد المطلب جاد
أهلا بمقدمك الكريم ومرحبا فقد آنستنا بفيض قلمك الشيال بهذه القصيدة الرائعة ذات النغم الشجي والمعاني العصم مودتي وتحياتي
--------------------------------------------------------------------------------
محمد عبد المطلب جاد29-09-2008, 09:26 AM
قبل إفطاري 3
كُلَّ يومٍ قبل إفطاري بساعاتٍ قليله
أفتح (الإيميلَ )ترقصُ مهجتي رقْصَ الطفوله
إنَّهُ موعدُ أمي عَبْرَ أميالٍ طويله
يتهادى فى سطورٍ صوتُها أُصْغِى هديلَه
دفؤها يسرى بروحي شافيا نفسي العليله
وجهها يضفى حنانا مُنْسِيَاً قلبي ذُبُوْلَه
تذهبُ الغربةُ عنى فى عذاباتي المَهُولَه
أرتوى منها أماناً مانِحَاً قلبي دليلَه
**
كلَّ يومٍ قبل إفطاري بساعات قليله
أمتطى ظَهْرَ جوادٍ مارقٍ يُعْلِى صَهِيْلَه
أقطعُ الأميالَ بحثاً عنكِ فى صَحْرِا الكُهُولَه
أقطعُ الأميالَ بحثاً عنك فى كُلِّ قبيله
أقطعُ الأميالَ بحثاً عنكِ فى كُلِّ خميله
أين غابَتْ ؟ أين راغَتْ ؟ أين سمرائى الجميله
أين تاركتى وحيداً فى خيالاتى شريداً
فى عذابٍ منذُ غابَتْ يملأُ النفسَ العليله
كيف طاوَعَهَا فؤادٌ كالشُّجَيْرَاتِ الظليله
كالنسائمِ إنْ تهادتْ فى روابيها عليله
كيف طاوعها فتمضى لمسافت طويله
يا هوانى كيف أحيا ؟ دون طيف دون لُقْيَا
دون أنْ أحظى برؤيا وجهِ أمى كلَّ ليله
**
كُلَّ يومً قبل إفطارى يعاودنى الحنينْ
أفتح ( الإيميلَ ) أبحثُ فى سِجِلّ الزائرين
لا أرى وجهاً لأمى ، يتهاوى كُلُّ حلمى
يرقدُ القلبُ يناغى صوتَهُ الباكى الحزين
وينادى أين يا أُمَّاهُ نُورُ رِضَاكِ عنى
لِمَ غِبْتِ وتَرِكْتِ مهجتى نَهْبَ الظنون
لم غِبْتِ وتَرَكْتِ روحى الحَيْرَى بِوَادٍ
لا هُدَىً فيه ولا مأوى إلى قلب حنون
يَدْهَمُ الليلُ فؤادى وأنا رَهْن السُّهَادِ
لا يُعَاوِدُنِى رُقَادِى ساهمَ الفكرِ سجين
ويُطِلُّ الفجرُ أقْسَى شاحِبَ الطَّلْعَةِ نَحْسَا
وأنينُ القلبِ هَمْسِاً يَتَرَاءَى فى الجفون
ويُقَلِّبُنِى نهارى فى غَيَابَاتِ حِوَارِى
لِمَ غابَتْ ؟ وأُدَارِى خَوْفَ عَيْنِ النَّاظِريْن
ويَتُوهُ الفِكْرُ مِنِّى ، ويَغِيْبُ الوَعْىُ عَنِّى
وأنا فى بَحْرِ ظّنِّى كّغّرِيْقٍ مُسْتَكِيْن
فَأَطِلِّى كُلَّ يومٍ فى سمائى وأَنِيْرِى
ذلك الصَّدْرَ المُخَيَّمّ بِظَلامِ الحائرين
**
كلَّ يومٍ قَبْلَ إفطارى يُرَاوِدُنِى الرُّجُوع
أفْتَحُ ( الإيميلَ ) أبحثُ وَبِعَيْنَىَّ الدموع
لأرى طَلَّةَ أمى فتُزِيْلَ الهَمَّ عنى
ويَفِرُّ الصبرُ منى حينَ لا تَبْدُو الشُّمُوع
أين يا أُمَّاهُ غِبْتِ؟ ، أين بالروح ذَهَبْتِ ؟
وهنا فِىَّ تَرَكْتِ الحُزْنَ يجتاحُ الضلوع
كيفَ يا سمراءُ يا وَجْهَ الحنانِ أعيشُ يوما
وأنا ما بين آلامٍ وأوهامٍ وجوع ؟
كيف أحيا دون قلبٍ أرتوى منهُ حنانا
يَعِدُ النَّفْسَ إذا حَلَّ فِرَاقٌ بالرُّجُوع ؟
كيف أحيا دُوْنَمَا أمَلٍ مِنَ اليَوْمِ لِيَوْمٍ
يَمْنَحُ العُمْرَ حياةً بَعْضَ حِيْنٍ فى الربيع؟
كل يوم قبل إفطارى بساعاتٍ أرانى
بِىْ حَنِيْنٌ لأُطِلَّ على بريدى فى خُشُوْعْ
سائلا رَبِّى بِصَبْرِى وصِيَامِى وَصَلاتِى
أنْ أرى وَجْهَكِ يا سمراءُ مِنْ دُوْنِ الجميع
أنْ أرى وجهَكِ ساعَهْ ، أنْ أرى وجهَكِ لحْظَهْ
أنْ أرى وجْهَكِ بُرْهَهْ وَهْوَ لِدُعَائِى سَمِيْعْ
كيفَ يا سمراءُ يَهْدَأُ أو يَقَرُّ على فِرَاشٍ
دون أنْ يُبْصِرَ عَيْنَىْ أُمِّهِ الطِّفْلُ الرَّضِيْعْ ؟
**
د. محمد عبد المطلب جاد
أستاذ سيكولوجيا الإبداع المساعد – جامعة طنطا
--------------------------------------------------------------------------------
محمد علي محيي الدين29-09-2008, 09:28 AM
الزميل الشاعر المبدع د. محمد عبد المطلب جاد
أجدت وأحسنت في وصف مشاعرك وأحاسيسك وقد أستفدت من موروثك اللغوي الرائع أهلا بك مرة أخرى
--------------------------------------------------------------------------------
محمد عبد المطلب جاد29-09-2008, 09:29 AM
إذا الفَجْرُ قَطََّرَ
إذا الفَجْرُ قَطَّرَ لى من نَدَاهُ
وصَبَّ عواطِفَهُ فى فمى
وكُنْتُ الوحيدَ من المَشْرِقَيْنِ
يُعَانَِقُهُ الفجْرُ كالبُرْعُمِ
ويَقْطُرُ فى جوفِ قلبى حناناً
ويروى شَفَاْ الغابراتِ الظَّمِى ْ
وينسابُ عبرَ ضلوعى دبيباً
لتحيا بِرَقْرَاقِهِ الأنْعَمِ
فيُسْكِرُ جِسْمِى ربيعُ الرُّوَاءِ
ويُذْهِبُ من قبْضِهِ المؤلمِ
ويَجْرِى النَّدى عابراً فى نسيجى
المُعَنَّى من السَّحْقِ مَجْرَى الدمِ
ويَنْشُرُ عَبْرَ نسيجى الحياة َ
أُعَلِّقُ فى خَيْطِهِ مِعْصَمِى
**
إذا الفجر رقَّ على ضامرٍ
تمرَّغَ فى القَيْظِ عَبْرَ الدّهُور
وبَلَّلَ من قَطْرِهِ حَرَّ نفس
توالى عليها لهيبُ العُصُور
وداوى حريقى وبلَّلَ ريقى
ورَوَّى عُرُوقِى بِشَهْدِ القُطُور
وضَمَّدَ جُرْحِى وأشْرَقَ صُبْحِى
وأنْبَتَ فَرْحِى وداوَى الصّدُور
ولَمْلَمَنِى من شُتَاتِى وتِيْهِى
ولَفْلَفَنِى فى ثنايا الحرير
وضَمَّ رُكَامِى لِحُضْنٍ حنون
وأطْفَأَ ما فى دمى من سعيرٍ
وهدَّأَ رَوْعِى وطَمْأَنَ نفسي
بأنِّى سأبقى لديه الأثير
أُقَدِّمُ رُوْحِى ولا تَكْفِى روحي
لآخرِ عمري وجَفْنِى قَرِيْر
**
إذا الفجرُ أغرقنى بالندى
وأذْهَبَ عن حَرِّ نفسى الصَّدَى
وأطلقنى سابحاً فى مَدَاهُ
وصرَّحَ لى بانطلاقِ المَدَى
وأخْرَجَنِى من كُهُوفِ الهلاك
وفى راحَتَيْهِ كفانى الرَّدَى
وأهْدَى إلىَّ بصيصَ الصباحِ
وكانَ لعينى وقلبى هُدى
وأخْرَجَنِى من ليالى الحَيَارَى
بِقَوْلِ غدٍ ثم ينسى الغَدَا
ووثَّقَ لي فى خُيُوطِ هُدَاهُ
بوعدٍ ويستوثقُ المَوْعِدَا
لَعَلَّقْتُ روحي بنورِ ضِيَاهُ
ولا تَكْفِى روحي لفَجْرِى فِدَا
فما نَفْعُ عُمْرٍ قَضَيْتُ شَرِيْدَاً
وما نَفْعُ عُمْرٍ يَضِيْعُ سُدَى
**
إذا الفجر حَنَّ إذا الفجر مَنَّ
إذا الفجر لانَ إذا الفجر رَانْ
تَنَفَّسَ فى داخلي طِفْلُ قلبي
وأَطْلَقَ للعَدْوِ فيهِ العَنَانْ
وجَالَ شَجِيَّاً وصَالَ شَهِيَّا
وعاشَ نَدِيَّا كما الأُقْحُوَانْ
وطَارَ يُحَلِّقُ في كل أُفْقٍ
يُغَنِّى سعيدا بكلِّ لسانْ
يُغَرِّدُ أحْلَى ترانيمَ عِشْقٍ
ويشدو أرقَّ معاني الحَنَانْ
ويرمى الجَنَاحَ بِرِيْحِ هَوَاهُ
ويَنْعَمُ فى حاضِنَاتِ الأمانْ
فهل يَغْمُرُ الفَجْرُ هذا الشَّرِيْدَ
ليُحْيِِيهِ قبلَ فَوَاتِ الأوانْ ؟!
د. محمد عبد المطلب جاد
أستاذ سيكولوجيا الإبداع المساعد – جامعة طنطا
--------------------------------------------------------------------------------
[b]