محمد فوزى البلقينى المشرف العام لمنتدى عالم بلا حدود
عدد المساهمات : 17662 نقاط : 34130 تاريخ التسجيل : 03/10/2009 العمر : 73
| موضوع: الاسطوره ((( رجل بمليون رجل )))))) الأربعاء 21 سبتمبر 2011 - 20:04 | |
| سأحدثكم عن الرجل الأسطورة «مهاتير محمد» ذلك الطبيب الجراح الذى استطاع بمشرطه أن ينقذ بلده ماليزيا من مصير الفقر وينقلها إلى مستقبل واعد تصبح فيه رابع قوة اقتصادية فى آسيا بعد الصين، واليابان، والهند.
كانت حياته نموذجاً للكفاح وتحدى الفقر.. فقد كان الابن الأصغر لتسعة أشقاء.. ولأب يعمل كمدرس ابتدائى لا يكفى راتبه لتحقيق حلم ابنه «مهاتير» بشراء عجلة يذهب بها إلى المدرسة الثانوية..
يعمل «مهاتير» كبائع «موز» بالشارع حتى يحقق حلمه، ويلتحق بكلية الطب فى سنغافورة المجاورة.. ويجتهد فى دراسته وأيضاً يصبح رئيساً لاتحاد الطلاب المسلمين بالجامعة قبل تخرجه عام 53,. ويعمل طبيبا فى الحكومة الإنجليزية المحتلة لبلاده حتى استقلت «ماليزيا» فى 1957، ويفتح عيادته الخاصة كـ«جراح» ويخصص نصف وقته للكشف المجانى على الفقراء.. مما يؤهله للفوز بعضوية مجلس الشعب عام 64، ولكنه يخسر مقعده بعد 5 سنوات، فيتفرغ لتأليف كتاب عن «مستقبل ماليزيا الاقتصادى» فى عام70,. ومرة أخرى يعاد انتخابه «سيناتور» عام 74,. ثم يتم اختياره وزيراً للتعليم فى عام75، ثم مساعداً لرئيس الوزراء فى 78، ثم رئيساً للوزراء عام 81 (نفس العام الذى بدأ فيه الرئيس السابق حسنى مبارك حكم مصر ولكن شتان بين هذا وذاك) ليبدأ عهداً من النهضة الشاملة التى قال عنها فى كلمته بمكتبة الإسكندرية عندما دعى لها إنه استوحاها من أفكار النهضة المصرية على يد محمد على! ويسجل التاريخ أن هذا «المسلم العلمانى» الذى لم ترهبه إسرائيل التى لم تعترف بها بلاده حتى اليوم، والذى ظل ينتقد نظام العولمة الغربى بشكله الحالى ويصفه بالظالم للدول النامية، ولم ينتظر معونات أمريكية أو مساعدات أوروبية، قد اعتمد فقط على الله، وعلى إرادته، وعزيمته، وصدقه، وراهن على سواعد شعبه وعقول أبنائه ليضع بلده على «الخريطة العالمية» فيحترمه الناس، ويذكره التاريخ بين عظماء العالم.
ففى «بلد» مساحته لاتزيد على مساحة محافظة مصرية كالوادى الجديد «320 ألف كم2».. وعدد سكانه 27 مليون نسمة، أى 1/3 عدد سكان مصر.. كانوا حتى عام 1981يعيشون فى الغابات، ويعملون فى زراعة المطاط، والموز، والأناناس، وصيد الأسماك.. فقط ولا شىء غير ذلك وكان متوسط دخل الفرد أقل من ألف دولار سنوياً.. بلد تملؤه الصراعات الدينية «18 ديانة» ويتحكم فيه الجهل والخرافة بدأ «مهاتير» مشروعه التنموى النهضوى.. ليس معه سوى فكره المستنير وعشقه الشديد لبلده وإخلاصه لها.. كيف إذن تحققت المعجزة الماليزية؟
بدأ أولاً برسم خريطة لمستقبل «ماليزيا» حدد فيها الأولويات والأهداف والنتائج، التى يجب الوصول إليها خلال 10 سنوات.. وخلال 20 سنة.. حتى 2020!!
ثانياً: حرص على أن يكون للتعليم والبحث العلمى الأولوية الأولى على رأس أچندة المهام، وبالتالى خصص أكبر قسم فى ميزانية الدولة ليضخ فى التدريب والتأهيل للحرفيين.. والتربية والتعليم.. ومحو الأمية.. وتعليم الإنجليزية.. والبحوث العلمية.. كما أرسل عشرات الآلاف كبعثات للدراسة فى أفضل الجامعات الأجنبية.. منع الإسراف فى القصور ودواوين الحكومة والفشخرة والتهانى والتعازى والمجاملات والهدايا.. ترشيداً للنفقات وصرفها فيما هو أهم وأولى.
ثالثاً: أعلن للشعب بكل شفافية خطته واستراتيجيته، وأطلعهم على النظام المحاسبى، الذى يحكمه مبدأ الثواب والعقاب للوصول إلى «النهضة الشاملة» فصدقه الناس وساروا خلفه ليبدأوا «بقطاع الزراعة».. فغرسوا مليون شتلة «نخيل زيت» فى أول عامين لتصبح ماليزيا أولى دول العالم فى إنتاج وتصدير «زيت النخيل»!..وفى السياحة: قرر أن يكون المستهدف فى عشر سنوات هو 20 مليار دولار بدلاً من 900 مليون دولار عام 81، لتصل الآن إلى 33 مليار دولار سنوياً.. ولكى يحقق ذلك: حول المعسكرات اليابانية التى كانت موجودة من أيام الحرب العالمية الثانية إلى مناطق سياحية تشمل جميع أنواع الأنشطة الترفيهية، والمدن الرياضية،
والمراكز الثقافية والفنية.. لتصبح ماليزيا «مركزاً عالمياً» للسباقات الدولية فى السيارات، والخيول، والألعاب المائية، والعلاج الطبيعى، و... و... و.... وفى «قطاع الصناعة»: حققوا فى عام 96 طفرة تجاوزت 46% عن العام السابق بفضل المنظومة الشاملة والقفزة الهائلة فى الأجهزة الكهربائية، والحاسبات الإلكترونية. وفى النشاط المالى: فتح الباب على مصراعيه بضوابط شفافة أمام الاستثمارات المحلية والأجنبية لبناء أعلى برجين توأم فى العالم و65 مركزاً تجارياً فى العاصمة «كوالالمبور» وحدها.. وأنشأ البورصة التى وصل حجم تعاملها اليومى إلى ألفى مليون دولار يومياً، (فى مصر وصلت قبل أحداث الثورة إلى 400 مليون). وأنشأ أكبر جامعة إسلامية على وجه الأرض، أصبحت ضمن أهم خمسمائة جامعة فى العالم يقف أمامها شباب الخليج بالطوابير، كما أنشأ عاصمة إدارية جديدة بجانب العاصمة التجارية «كوالالمبور» التى يقطنها الآن أقل من 2 مليون نسمة، ولكنهم خططوا أن تستوعب 7 ملايين عام 2020، ولهذا بنوا مطارين وعشرات الطرق السريعة تسهيلاً للسائحين، والمقيمين، والمستثمرين، الذين أتوا من الصين، والهند والخليج ومن كل بقاع الأرض، يبنون آلاف الفنادق بدءًا من الخمس نجوم حتى الأوتيلات بعشرين دولارا فى الليلة!
وهكذا استطاع «مهاتيرمحمد» فى أقل من 22 عاما من 81 إلى 2003 أن يحلق ببلده من أسفل سافلين لتتربع على قمة الدول الناهضة، التى يشار إليها بالبنان اليوم، بعد أن زاد دخل الفرد من 100 دولار سنوياً فى 81 عندما تسلم الحكم إلى 16 ألف دولار سنوياً.. وأن يصل الاحتياطى النقدى من 3 مليارات إلى 98 ملياراً، وأن يصل حجم الصادرات إلى 200 مليار دولار.
لم يتعلل بأنه تسلم الحكم فى بلد به 18 ديانة، ولم يسمم بدن شعبه ويمن عليهم بأنه عندما تسلم الحكم فى 81 كان عددهم 14 مليوناً والآن أصبحوا 28 مليوناً، والأهم لم يتشبث بالكرسى حتى آخر نفس أو يطمع فى توريثه لابنه ففى عام 2003 وبعد 21 سنة، قرر بإرادته المنفردة أن يترك الجمل بما حمل، رغم كل المناشدات بالاستمرار، ليستريح تاركاً لمن يخلفه «خريطة» و«خطة عمل» أسماها «عشرين.. عشرين».. أى شكل ماليزيا عام 2020، والتى ستصبح فيه رابع قوة اقتصادية فى آسيا بعد الصين، واليابان، والهند. ولتصبح «نمراً» آسيوياً يعمل لها ألف حساب! ادعوا معى أن يكرمنا الله برجل مثل مهاتير محمد يخرج إلينا من بين الصفوف لينقل مصر إلى المكانة التى تنتظرها وتستحقها.. يارب!!
| |
|