زوجة لا تنـام
بقلم: محمود مراد
كان الطلب الذي ذكره لها شرطا للزواج غريبا عجيبا .. لم يسبق أن سمعته أو قرأته ولا في أفلام السينما! ضحكت وقالت له إنها تحت أمره .. فنظر إليها بثقة وكرر عليها الطلب بجدية .. لم يكن أمامها ..
ربما للتحدي وربما لأنها ستعمل فيما بعد علي ترويضه لينسي هذا الطلب الغريب .. وربما لأنها تحبه بعد أن تعرفا ببعضهما منذ نحو ستة أشهر ولظروفهما .. فكل منهما يقيم بمفرده فهو لم يتزوج وهي مطلقة و.. لهذا فقد وافقت وتمسكت بموافقتها رغم أن كلا من شقيقتها الأصغر منها وهي متزوجة وصديقتها المقربة.. عندما علمت بالمطلب الغريب دقت علي صدرها وصرخت رافضة مستنكرة!
ولقد كان طلبه باختصار أن تظل مستيقظة .. فلا تنام عندما يغمض هو عينيه وينام, وعليها أن تظل ساهرة في نفس غرفة النوم, ويمكن أن تفعل أي شيء مثل القراءة أو مشاهدة التليفزيون أو غير ذلك في غرفة أخري علي أن تجيء لتطمئن عليه بين وقت وآخر.. وحذرها بأنه ـ حسب حلم جاءه في المنام ــ سيلفظ أنفاسه وتفارقه الروح إذا لم يوجد أحد سهران بجواره, ولهذا فإن لديه الآن خادما يقوم بالمهمة, وبالطبع فإنه بعد الزواج سيستغني عنه.. هل يمكنها ذلك؟
وافقت .. وتزوجا .. وعاشا الإثنان أسابيع وشهورا سعيدة .. وساعدها في ذلك حصولها علي إجازة سنة بدون راتب من عملها, وكانت تشعر أحيانا بسعادة وهو ينام بين يديها وتقبله كما لو كانت تهدهد طفلها .. ورتبت الأمر بحيث تشغل نفسها في مشاهدة الفضائيات.. وأحيانا في أعمال البيت مثل الطهو, وعندما يرن جرس منبه الموبايل ليستيقظ صباحا, تكون هي أول من يراها عندما يفتح عينيه .. وتعد له إفطارا سريعا .. وبعد خروجه تدخل إلي الفراش وتستغرق في نوم عميق.
ولكنها في محاولة للاستكشاف والترويض .. كانت وهي منفردة بنفسها في الحجرة الأخري تغمض عينيها فتروح في إغفاءة نوم لدقائق ثم تهب بسرعة وتذهب للاطمئنان عليه .. إلي أن جاءت ليلة وكانت قد قضت وقتا ممتعا معه أثناء تناول العشاء وبعده.. ولما نام.. أنهت أعمال المطبخ.. وإذا بها وهي أمام التليفزيون تغفو.. وتنام.. وتفرد جسدها علي أريكة في الغرفة.. و.. ولما فتحت عينيها شعرت بارتياح وبأنها قد أخذت قسطا من النوم ونظرت إلي الساعة في لهفة,
فقد كانت التاسعة صباحا .. فهل نهض زوجها وانصرف إلي عمله دون إزعاجها؟.. هل تحققت المعجزة؟.. وهرولت إلي غرفة النوم لتجده لا يزال راقدا.. فاتجهت تداعبه لكي يستيقظ.. وتفكر كيف ستبرر له هذا التأخير؟.. و.. نادت برفق ودلال.. لكنه.. ظل ساكنا لا يتحرك.. وصرخت.. واستغاثت.. وجاء بعض أهله وأهلها.. وأدي الطبيب مهمته.. يا هانم.. البقاء لله.
[b]