يقول الحق سبحانه وتعالي «وفي أنفسكم أفلا تبصرون» فهل تأملت جسمك يوما ما وتساءلت ما الحكمة من وجود كل هذه المعادن في جسمي مثل «الكالسيوم ــ الحديد ــ الفوسفور ــ الماغنسيوم ــ الصوديوم ــ البوتاسيوم ــ اليود ــ وغيرها» والتي تصل إلي نحو «20 عنصرا» موزعة بتوازن ونسب لا تخطئ وأي زيادة أو نقص يصاب الإنسان بالأمراض؟! فلا صحة ولا قوة ولا بهجة لحياة الإنسان بدون المعادن فهل قلت في نفسك الحمد لله لهذا «التوازن المعدني الإلهي» نحن أمام معجزة وصدق الله العظيم إذ يقول «وخلق كل شيء فقدره تقديرا»
«والله خلقكم من تراب» خلق الله الإنسان من طينة هذه الأرض والمواد التي يتكون منها جسم الإنسان هي نفسها الموجودة في التراب والعجيب أن الجسم الإنساني أشبه بمنجم صغير للمعادن وأمام هذه المعجزة يصاب الإنسان بالحيرة أمام البساطة والتعقيد في نفس الوقت لبناء الجسم، فهذه المعادن الموجودة فيه لا تشكل أكثر من علبة طباشير وعلبة كبريت ومسمار صغير من الحديد وحفنة من ملح الطعام ومعادن أخري بنسب متفاوتة ولكن هذا التنويع بشكل دقيق وموزون «فتبارك الله أحسن الخالقين».
المثير للخشوع والإعجاب أمام هذا «التوازن الإلهي» للمعادن في جسم الإنسان أنها لها نسب ومقادير محددة، فالكالسيوم يزيد قليلا علي كيلو جرام واحد، الفوسفور «700 جرام» الحديد «5 جرامات» اليود «50 ملليجراما» النحاس «150 ملليجراما» الماغنسيوم «250 جراما» وهكذا، وسبحان الله لهذا التوازن المعدني الرائع فلا زيادة ولا نقص ليس هذا فقط بل إن هذه المعادن تكون فيما بينها «سبائك» تعطي مزيدا من الصلابة والمتانة بإبداع إلهي منقطع النظير، وهو ما يدعونا للإعجاب والتأمل والتفكير كثيرا في دقة إتقان خلق الله، فمثلا متانة الأسنان رهيبة وتبقي في الفم تطحن وتمضغ الأطعمة لسبعين عاما أو أكثر فهل هناك سبيكة أو معدن له نفس هذه المتانة؟ السبب يعود إلي هذا البناء المحكم والسبيكة الرائعة بين «الكالسيوم والفوسفور والماغنسيوم والفلور» وأيضا القدرة الهائلة لتحمل العظام يعود إلي السبيكة الإلهية المعجزة بين الكالسيوم والفوسفور والماغنسيوم لدرجة أن «عظمة الساق من الأمام تتحمل ضغطا يصل إلي «5,1 طن» قبل أن تنكسر وأمام هذا التوازن المعدني الإلهي المعجز لابد أن نذكر الآية الكريمة «وكل شيء عنده بمقدار عالم الغيب والشهادة الكبير المتعال».
«إنا كل شيء خلقناه بقدر» تعالوا نتأمل معا الإبداع الإلهي في أهمية معدن «الكالسيوم» لجسم الإنسان فالرجل الذي يزن «70 كيلو جراما» يوجد في جسمه «كيلو جرام ونصف من الكالسيوم» وأكثر من «90%» منها في العظام والأسنان وسبحان الله يحتوي جسم الإنسان علي جهاز عجيب لضبط كمية الكالسيوم التي يحتاجها وتكييفها حسب ما هو متوافر وهو أهم معدن لبناء العظام كما يعمل علي تجلط الدم لوقف النزف، وضروري جدا لمنع تقلص عضلات القلب ويساعد الأعصاب للقيام بوظائفها وإذا نقص «الكالسيوم» في جسم الإنسان فإنه يسبب ضعفا في العظام فتصبح سريعة الكسر وهشة كما يصاب الجسم بعصبية مزعجة وإذا حدث النقص في سن الطفولة توقفت عملية النمو وظهرت تشوهات دائمة في العظام والأسنان، وباختصار لو خلا الدم من الكالسيوم فإن حبل الحياة ينقطع في بضع دقائق فسبحان الله «الذي أحسن كل شيء خلقه».
الفوسفور.. من أهم المعادن في جسم الإنسان وهو معجزة إلهية في حد ذاته فهو يوجد في كل خلية بشرية ويلعب دورا هاما في زيادة النشاط وإطلاق الطاقة من الجسم وهو حيوي جدا في العمليات التي تقوم بها فيتامينات «ب» المركبة ولا تعمل بدونه، فضلا عن أنه من أهم المعادن لبناء العظام بالاشتراك مع الكالسيوم ويساعد في جميع إفرازات غدد الجسم المهمة وغير ذلك الكثير من الوظائف الحيوية لحياة الإنسان ويكفي أن نعلم أن الحيوان يموت من نقص الفوسفور بسرعة أكبر من نقص أي معدن آخر في جسمه فسبحان مقدر الأمور.
معجزة.. الحديد والبوتاسيوم واليود عندما تقرأ الآية العظيمة «إنه عليم قدير» لابد أن تخشع وتسجد للخالق العظيم، فمعدن «الحديد» في جسم الإنسان بنسبة محسوبة ودقيقة دون زيادة أو نقص لكي لا يصاب الإنسان بالأمراض فالحديد في جسمنا كاف لصنع بضعة مسامير صغيرة تزن نحو 5,4 جرام وثلاثة أرباع هذه الكمية الصغيرة هي في «الهيموجلوبين» الموجود في الدم والذي يحمل الأكسجين من الرئتين إلي جميع خلايا وأنسجة الجسم.
إن الرجل الذي يزن «70 كيلو جراما» يحتوي جسمه علي نحو «5 ليترات دم» وكل نقطة من هذا الدم تحتوي علي نحو «250 مليون خلية دم حمراء» بها نسبة صغيرة من الحديد والذي إذا نقص فإن الجسم يعجز عن بناء «الهيموجلوبين» الضروري والكافي لخلايا الدم الحمراء وعندئذ يصاب الإنسان «بفقر الدم» ولو الحالة شديدة ونقص الحديد بكمية كبيرة في الدم يصاب الإنسان بالوهن والضعف وسرعة التعب والصداع والدوخة وعدم التركيز والإعياء وضيق التنفس والإغماء وإذا نظرت إلي وجهك في المرآة ورأيت وجنتيك وشفتيك لا تصبغها الحمرة بكفاية ولا تعطيها بريق الصحة فاعلم أنك تعاني من نقص الحديد، وسبحان العلي العظيم القائل: «وخلق كل شيء فقدره تقديرا».
تأملوا قول الله تعالي «وفي أنفسكم أفلا تبصرون» فكل ما في جسم الإنسان من خلايا وأنسجة وأعضاء هو معجزة إلهية، فمعدن «البوتاسيوم» مهم جدا لحياة الإنسان ونقصه يؤدي إلي إعاقة النمو،الأرق، الهياج العصبي، اضطرابات في دقات القلب مما يسبب ضعف عضلة القلب والبوتاسيوم ضروري لبقاء انقباضات جميع العضلات عادية ونقصه قد يؤدي إلي الإصابة بمرض «الشلل العائلي» ومع إضافته للغذاء يشفي المريض في وقت قصير.. ومعدن «اليود جوهري للصحة، فهو العنصر الفعال الذي تفرزه «الغدة الدرقية» ويسمي «الثيروكسين» ونقص اليود يؤدي إلي نقص الثيروكسين وهو ما يسبب ضعف القوة وقلة الاحتمال وفقدان الحيوية وتضخم الغدة الدرقية وجحوظ العينين وزيادة ضربات القلب، وزيادة إفراز الغدة الدرقية يسبب أيضا الكثير من الأعراض المرضية.
معدن «الصوديوم» أي «ملح الطعام» تعالوا نري كيف تتجلي عظمة الخالق في احتياج الجسم له بقدر محسوب.. فالإنسان الذي يشتغل في أماكن شديدة الحرارة ويصاب بضربة الحرارة يتصبب عرقا كثيرا ويخسر مع الماء نسبة كبيرة من الملح «الصوديوم» فيصاب بالغثيان والقيء وتشنجات في عضلات الساق والظهر والمعدة وهبوط عام، ونفس الكلام بالنسبة لنقص معدن «الكلور» ونقص الصوديوم والكلور في الجو شديد الحرارة إذا لم تعوض هذه العناصر في الوقت المناسب وبسرعة تحدث الوفاة خلال ساعات قليلة.
« صنع الله الذي أتقن كل شيء» بالله عليكم ماذا نقول أمام هذا التوازن الإلهي الأكثر من رائع للمعادن في جسم الإنسان «يزيد في الخلق ما يشاء إن الله علي كل شيء قدير» إذن نحن لم نخلق عبثا بل خلقنا بإحكام وتدبير إنما أمره إذا أراد شيئا أن يقول له كن فيكون.. هذه بعض الأمثلة القليلة جدا من كثير جدا عن معجزة المعادن في جسم الإنسان وكيف جعلها سبحانه وتعالي بنسب دقيقة مقدرة لا زيادة ولا نقص وأترككم لتتأملوا وتتفكروا في هذه الآية المعجزة..
«وأنبتنا فيها من كل شيء موزون» صدق الله العظيم.
[b]