شرح لنظرية الإنسانية العظمى التي جاءت في سورة الإنسان
الدكتور شبر بن شرف الموسوي
"هَلْ أَتَى عَلَى الإِنسَانِ حِينٌ مِّنَ الدَّهْرِ لَمْ يَكُن شَيْئًا مَّذْكُورًا * إِنَّا خَلَقْنَا الإِنسَانَ مِن نُّطْفَةٍ أَمْشَاجٍ نَّبْتَلِيهِ فَجَعَلْنَاهُ سَمِيعًا بَصِيرًا * إِنَّا هَدَيْنَاهُ السَّبِيلَ إِمَّا شَاكِرًا وَإِمَّا كَفُورًا * إِنَّا أَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ سَلاسِلا وَأَغْلالا وَسَعِيرًا * إِنَّ الأَبْرَارَ يَشْرَبُونَ مِن كَأْسٍ كَانَ مِزَاجُهَا كَافُورًا عَيْنًا يَشْرَبُ بِهَا عِبَادُ اللَّهِ يُفَجِّرُونَهَا تَفْجِيرًا يُوفُونَ بِالنَّذْرِ وَيَخَافُونَ يَوْمًا كَانَ شَرُّهُ مُسْتَطِيرًا وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ مِسْكِينًا وَيَتِيمًا وَأَسِيرًا إِنَّمَا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللَّهِ لا نُرِيدُ مِنكُمْ جَزَاء وَلا شُكُورًا إِنَّا نَخَافُ مِن رَّبِّنَا يَوْمًا عَبُوسًا قَمْطَرِيرًا فَوَقَاهُمُ اللَّهُ شَرَّ ذَلِكَ الْيَوْمِ وَلَقَّاهُمْ نَضْرَةً وَسُرُورًا وَجَزَاهُم بِمَا صَبَرُوا جَنَّةً وَحَرِيرًا "
لن نتحدث هذه الليلة عن شخصية الإمام علي الدينية أو الرسالية أو الإيمانية أو القيادية ولكننا سنتحدث عن شخصيته الإنسانية كما جاء في سورة الإنسان ، وتمثل مبادئ الإنسانية العظمى في أهل البيت عليهم السلام وهم "محمد وعلي وفاطمة والحسن والحسين" كم سيأتي في شرح هذه السورة ونظرية الانسانية المتعلقة بها.
توضح هذه السورة أن هناك ثلاث مستويات من درجات التعامل يعيشها الإنسان المسلم في واقعه وفي تعامله مع الآخرين صورة الإنسان الإنساني وصورة الإنسان المؤمن وصورة الإنسان الرباني
وتقدم الآية صورة للإنسان المؤمن الإنسانية: الوفاء بالنذر – الخوف من يوم القيامة – إطعام الطعام على حب الله مسكينا ويتيما وأسيرا - والطعام لوجه الله دون انتظار جزاءا دنيويا وإنما الخوف من يوم القيامة فوقاهم الله شر أي آن إطعام الطعام يكون خالصا لوجه الله، وهي صفات إنسانية لا تنطبق إلا على هذا البيت من المسلمين وهي صفات إنسانية خص الله بها كما تدل آيات النزول لدينا صفات إنسانية – ولدينا صفات إيمانية واله سبحانه وتعالى يؤكد في هذه السورة على صفات الإنسان الإنسانية من قبيل إنكار الذات وإطعام الطعام وحب الخير للآخرين
ما نريد أن نصل إليه أن الأمام علي وبينه يمثلون صورة الإنسان المتكامل ولقد أثبت الله سبحان وتعالى أن الإمام علي هو صورة للإنسان المتكامل والشخصية الإنسانية التي تعكس قيم الإنسان المسلم
ما نريد مناقشته هنا هو العلاقة بين اسم السورة هو الإنسان والشخصيات الذين نزلت فيهم هذه السورة هم علي وزوجته فاطمة وأبنائه البررة وما علاقة السورة والإنسان بآل البيت وسورة الدهر وما يمثله الدهر بالنسبة للإنسان وعلاقته بالدهر
أولا لماذا سميت سورة الإنسان بهذا الاسم
سُميت هذه السورة بهذا الاسم لغالبية أحوال الإنسان فيها ، سواء منذ النَشْأَةِ والتَدَرُّجِ معه سواء في النعيم أو العذاب وسُميت أيضا "هل أتى على الإنسان " " والإنسان " " والأمشاج " " والأبرار " وسورة " الدهر ".
6) بدأت بأسلوب استفهام " هل أتى على الإنسان " و تسمى سورة الدهر.
محور مواضيع السورة:
تعالجُ السورةُ أمورًا تتعلقُ بالآخرة، وبوجهٍ خاصٍّ تتحدثُ عن نعيمِ المُتَّقينَ الأبرارَ في دارِ الخُلدِ والإقامة في جنَّاتِ النعيمِ، ويكادُ يكونُ جوُّ السورةِ هو جوُّ السور المكيةِ لإيحاءاتها وأسلوبها ومواضيعها المتنوعةِ.
وهذه السورة رغم قصرها فإن لها محتويات عميقة ومتنوعة وجامعة أو بالأخرى هي على أقسام خمسة:
الأول: يتحدث عن إيجاد الإنسان وخلقه من نطفة أمشاج (مختلطة) وكذلك عن هدايته وحرية إرادته.
الثاني: يتمحور حول جزاء الأبرار والصالحين، وسبب النزول الخاص بأهل البيت عليهم السلام.
الثالث: تكرار الحديث عن دلائل استحقاق الصالحين لذلك الثواب في عبارات قصيرة ومؤثرة.
الرابع: يشير إلى أهمية القرآن وسبيل إجراء أحكامه ومنهج تربية النفس الشاق.
الخامس: الحديث عن حاكمية المشيئة الإلهية مع حاكمية الإنسان.
وهذه السورة ترسم لنا منهجاً منظِماً لحياتنا وتذكرنا به
وقد بدأت به سورة "الدهر وخَتمت ،
فهي حين استهلت تبين للإنسان كيف يختط "السبيل" بدأت بتعداد جوانب "الضعف" و "القوة" لديه ،
والله سبحانه وتعالى يبين مستويات قوة الإنسان ومستويات ضعفه وأنه قوة الانسان بالايمان بالله وضعفه بالكفر
أولا عدم وجوده في بداية الخليقة فهو لم يكن شيئاً مذكورا ثم يبين عظمة الخلق والخالق في إيجاده عبر خليط من الامشاج في (إنا خلقنا
من نطفة) (أمشاج) خليط من ماء الزوجين مع الدم
نبتليه) هناك ابتلاء وبلوى تنتظره لم يُخير في وقوعها ولا في زمانها ومكانها وحالها
أما القوة فجعنها سميعاً بصيرا) ، (وإنا هديناه السبيل إما شاكرا وإما كفورا ) وضحنا له الطريق ورزقناه ما يستعين به على سلوكه
بقي هل يستثمر جوانب قوته وينكسر لخالقه اعترافاً بضعفه ، أم يعمى فيتكبر ؟
إما شاكرا وإما كفورا
وهنا كان الشكر والإيمان المطلق من آل البيت وهم محمد وعلي وفاطمة والحسن والحسين والكفر من بقية قريش ولم يكن إيمان آل البيت فقط إيمان كلامي وإنما كان تطبيق فعلي أي أن الإيمان أقترن مع العمل الفعلي
وفي السورة تأكيد على اجتماع الضعف والقوة في الإنسان، لكنّ قوته طارئةٌ موهوبةٌ،
للعبد مشيئة (إِنَّ هَذِهِ تَذْكِرَةٌ فَمَنْ شَاءَ اتَّخَذَ إِلَى رَبِّهِ سَبِيلًا
لكنها تابعة لا مستقلة (وَمَا تَشَاءُونَ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا حَكِيمًا
سبب نزول هذه السورة
وفي سبب النزول البرهان العظيم على فضيلة أهل بيت النبي عليهم السلام ومكانتهم العظيمة في الإسلام وفي الحضارة البشرية والإنسانية:
قال ابن عباس: إنّ الحسن والحسين مرضا فعادهما الرسول صلى الله عليه وآله في ناس معه، فقالوا: يا أبا الحسن لو نذرت على ولديك، فنذر علي وفاطمة وفضة جارية لهما إن برئا ممّا بهما أن يصوموا ثلاثة أيّام (طبقاً لبعض الروايات أنّ الحسن والحسين أيضاً قالا نحن كذلك ننذر أن نصوم) فشفيا وما كن معهم شيء، فاستقرض علي عليه السلام ثلاث أصواع من شعير فطحنت فاطمة صاعاً واختبزته، فوضعوا الأرغفة بين أيديهم ليفطروا فوقف عليهم سائل: وقال: السلام عليكم، أهل بيت محمد، مسكين من مساكين المسلمين، أطعموني أطعمكم الله من موائد الجنّة، فآثروه وباتوا لم يذوقوا إلاّ الماء وأصبحوا صياماً.
فلما أمسوا ووضعوا الطعام بين أيديهم وقف عليهم يتيم فآثروه (وباتوا مرة أخرى لم يذوقوا إلاّ الماء وأصبحوا صياماً) ووقف عليم أسير في الثّالثة عند الغروب، ففعلوا مثل ذلك.
فلما أصبحوا أخذ علي بيد الحسن والحسين وأقبلوا إلى رسول الله صلى الله عليه وآله، فلما أبصرهم وهم يرتعشون كالفراخ من شدّة الجوع، قال: «ما أشدّ ما يسوؤني ما أرى بكم» فانطلق معهم، فرأى فاطمة في محرابها قد التصق بطنها بظهرها، وغارت عيناها، فساءه ذلك، فنزل جبرائيل عليه السلام وقال: خذها يا محمد هنّأك الله في أهل بيتك فأقرأه السورة.
إشباع الجياع من أفضل الحسنات:
ليست هذه الآيات مورد البحث هي الآيات الوحيدة التي عدّت إطعام الطعام من الأعمال الصالحة للأبرار وعباد الله، بل إنّ كثيراً من آيات القرآن اعتمدت هذا المعنى وأكّدت عليه، وأشارت إلى أنّ لهذا العمل مكانة خاصّة عند الله،
والجدير بالذكر أنّ الروايات لم تؤكد على إطعام المحتاجين والجياع فحسب، بل صرّحت بعض الروايات أنّ إطعام المؤمنين وإن لم يكونوا محتاجين هو كعتق رقبة العبد، وهذا يدلّ على أنّ الهدف لا يقتصر على رفع الاحتياج، بل جلب المحبّة وتحكيم وشائج المودة
وورد في بعض الروايات أنّ إطعام الجياع بصورة عامة من أفضل الأعمال (وإن لم يكونوا مسلمين ومؤمنين) كما جاء في الحديث عن النبي صلى الله عليه وآله إذ قال: «من أفضل الأعمال عند الله إبراد الكباد الحارة وإشباع الكباد الجائعة والذي نفس محمد بيده لا يؤمن بي عبد يبيت شبعان وأخوه ـ أو قال جاره ـ المسلم جائع» ـ بحار الأنوار: ج74
فلما كان في اليوم الثاني، قامت فاطمة إلى صاع فطحنته واختبزته وصلى علي مع النبي (صلى الله عليه وآله) المغرب، ثم أتى المنزل فوضع الطعام بين يديه، فأتاهم سائل يتيم فوقف بالباب وقال: (السلام عليكم يا أهل بيت محمد أنا يتيم من أولاد المهاجرين استشهد والدي يوم العقبة، أطعموني أطعمكم الله على موائد الجنة) (قال): فأعطوه الطعام ومكثوا يومين وليلتين لم يذوقوا شيئاً إلا الماء القراح.
فلما كان في اليوم الثالث قامت فاطمة إلى الصاع الباقي فطحنته واختبزته وصلى علي مع النبي (صلى الله عليه وآله) المغرب، ثم أتى المنزل فوضع الطعام بين يديه، فأتاهم أسير فوقف بالباب وقال: (السلام عليكم يا أهل بيت محمد، تأسرونا وتسددونا ولا تطعمونا؟ أطعموني فإني أسير محمد أطعمكم الله على موائد الجنة) (قال): فأعطوه ومكثوا ثلاثة أيام بلياليها لم يذوقوا شيئاً إلا الماء القراح.
فلما أن كان في اليوم الرابع وقد قضوا نذرهم أخذ علي بيده اليمنى الحسن وبيده اليسرى الحسين وأقبل نحو رسول الله (صلى الله عليه وآله) وهم يرتعشون كالفراخ من شدة الجوع فلما بصر به النبي (صلى الله عليه وآله) قال: يا أبا الحسن ما أشد ما يسوؤني ما أدى بكم. ننطلق إلى بنتي فاطمة. فانطلقوا إليها وهي في محرابها تصلي، وقد لصق بطنها بظهرها من شدة الجوع وغارت عيناها فلما رآها رسول الله (صلى الله عليه وآله) قال: واغوثاه، يا الله، أهل بيت محمد يموتون جوعاً، فهبط جبرائيل فأقرأه: (هل أتى على الإنسان حين من الدهر لم يكن شيئاً مذكوراً) إلى قوله تعالى (إنما نطعمكم لوجه الله لا نريد منكم جزاءً ولا شكوراً..)(8).
وأخرج (القرطبي) في تفسيره (الجامع لأحكام القرآن) ما يشبه هذا الحديث، بل أكثر تفصيلاً
صورة أو صفات الإنسان الموجود في هذه السورة
من هو الإنسان أو الناس المقصودين في هذه السورة:
أيها الأخوة يجب أن ندرس ارتباط نزول هذه السورة وهي سورة الإنسان بآل البيت هذه خصوصية وعلاقة روحية وإنسانية وارتباط بروح ونفسية الرسول علاقة وشيجة لا يوجد بعدها أي علاقة إنسانية بالرسالة يمكن أن تقوم بين النبي محمد صلى الله وعليه وبين أي من البشر، وفي هذا السياق أيضا يمكن أن نذكر بع الرسول بسورة التوبة لكي يقرأها الإمام علي أثنا الحج الأكبر وتنحيته لأبى بكر وقد قال الرسول صلى وآله أن هذه السورة لا يقرأها إلا رجل منا، وآية التطهير " إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا" طهارة مطلقة، من حيث أن هذه الآيات نزلت لكي تؤكد أهمية أهل البيت في الدين الإسلامي.
وفي هذا الإطار أيضا ليس فقط الإنساني وإنما الإيماني والديني، نلاحظ أن الإمام علي يمثل الصورة الإيمانية الحقيقية وذلك في قول الله تعالى" إنما وليكم الله ورسوله والذين أمنوا الذين يقيمون الصلاة ويأتون الزكاة وهم راكعون"
فنحن أمام تطبيق نظري وعملي من القرآن في إثبات صورة الإنسان المطلقة وصورة المؤمن المطلق. فالإنسانية بهذا الشكل لا تتحقق إلا في أهل البيت عليهم السلام ومن خلال الآيات القرآنية. ففي سورة الإنسان تتضح لنا القيم والصفات والمبادئ التي ينبغي أن تبنى عليها صورة الإنسان الحقيقي والمثالي، فمن خلال آيات هذه السورة نتوصل لصفات الإنسان الإنسانية وصفات الإنسان المؤمن، وتقوم هذه الصورة الإنسانية العظمى على عدة عناصر منها،
1- صورة خلق الإنسان إنا خلقنا الإنسان من نطفة أمشاج ولقد أثبت العلم الحديث أن الصفات البيولوجية للإنسان إنما تتكون في مراحل خلقه الأولى.
2- أما شاكرا وأما كفورا فالشكر والكفر بالنعمة هي ركائز أساسية في خلق الإنسان يعني الإنسان يختار بين أما أن يكون شاكرا لأنعم الله أو يكون كافرا بها والعياذ بالله، في مقابل هذا فإن الكفر بالله بكون جزاءه سلاسل وأغلالا وسعيرا. وبطبيعة الحال فالشكر
لاحظ المقارنة في الشكر والكفر بالنعمة فالإنسان المسلم يكون شاكرا لربه بينما الإنسان والكافر كافرا بأنعم الله.
3- أن الأبرار يشربون من كاس كان مزاجها كافورا، فالله سبحانه وتعالى يمهد لصورة الإنسان المؤمن وترسيخها في أهل البيت عليهم السلام فهم الأبرار الذين يشربون من كاس كان مزاجها كافورا.
4- ومن صفات الإنسان المؤمن الوفاء بالنذر والخوف من يوم القيامة، والإطعام على حب الله ولوجهه دون الانتظار للجزاء أو الشكر من المخلوقين، والوفاء بالنذر مرتبة عظيمة في حياة الإنسان لأنه ليس كل من ينذر يوفي بالنذر وهنا ليست الأهمية مقرونة بالنذر وإنما قيمة النذر ذاته، والخوف من يوم القيامة مرتبة عليا
5- ثم يأتي جزاء العمل الدنيوي بعدد من البشائر الأخروية، وهي أولا الوقاية من شر يوم القيامة، بل وإلقاء النظرة من قبل الله سبحانه وتعالى وإدخال البهجة والسرور عليهم ثم الجزاء الأكبر وهو الجنة ولباس الحرير
6- وبعد تعديد المكانة وأنواع الجزاء الأخرى يختم الله سبحانه وتعالى هذه المناقب الأخروية بقوله"أن هذا كان لكم جزاء وكان سعيكم مشكورا" فالله سبحانه وتعالي يشكر من يقوم بكل هذه الأعمال في الدنيا في سبيل الله ويكون جزاءه الجنة والشكر لسعيه في الدنيا.
7- ثم يحول الله سبحانه وتعالى الخطاب إلى رسوله الكريم طالبا منه الصبر والاستقامة وعدم إطاعة مخلوق في مواجهة أوامر الخالق، وذلك تميزا وتفريقا بين مكانة و ووضعية أهل البيت وبين الرسول صلى الله عليه وآله فهو الرسول والبشير والمنذر وهو صاحب الرسالة والمعني بتبليغها وإيصالها للعالم كافة.
8- وفي هذه الآية بشارة مباشرة لآل البيت بالجنة فهم الوحيدون الذين بشر الله بالجنة علانية وفي القرآن الكريم بشر الله أهل البيت في هذه الآية بالجنة ( أول البشر الذين بشرهم بالجنة هم آهل البيت)
وأهل البيت يستحقون ذلك لأنه لم لمكانتهم في تاريخ البشرية والإنسانية أحد ولا في خلال الدعوة الإسلامية، فالمرتبة التي وصل إليها هؤلاء ألائمة مرتبة لا يصل إليها إلا العظماء من البشر ووصف الله سبحانه وتعالى لأهل البيت بهذه الصفات الإنسانية والإيمانية لا يحصل عليها إلا أصحاب المقامات الرفيعة من البشر وآهل البيت يستحقون هذه المكانة بأعمالهم الجليلة. وهل هم في مرتبة أولي العزم من الرسل ، والإجابة نعم بناء على الأدلة التالية:
أن الله لا يذكر في القرآن بالتصريح إلا الأنبياء والمرسلين وأولو العلم والمكانة الرفيعة في الأمم السابقة للإسلام، وكذلك فعل مع أهل البيت
ثانيا أن الله بشر الأنبياء والمرسلين والصديقين بالجنة ومن هؤلاء أهل البيت عليهم السلام
هذه السورة تحدد أن الإنسان المسلم لديه ثلاث مستويات من التعامل الإنساني: 1- مع
أخوانه مع المؤمنين وثانيا مع عامة البشر من الديانات الأخرى وثالثا مع أهله وأخواته من عائلته وأسرته وخاصته
وكذلك كان الإمام علي لديه هذه المستويات الثلاث فهو كان يتعامل مع إخوانه من المسلمين ومع غيرهم من البشر من اليهود والنصارى كان أنسانا قبل إن يكون مسلما كان يمثل الإنسانية في معاملاته قبل إن يكون مسلما ولذلك اختاره الله ليكون ممثلا للإنسانية في سورة الإنسان وكان صورة للإنسان المسلم الذي يمثل قيم الإسلام وقيم الإنسانية الكبرى
كان يعترف ويقول إنا إنسان قبل إن أكون مسلما وكان يطبق كل المعايير الإسلامية والإنسانية مع كل الطبقات الاجتماعية والمحرومة والثرية ولهذا كان يسهر الليالي على راحة الفقراء ويتصدق بقوت يومه في سبيل إن يجعل الآخرين سعداء ويسد جوعهم ويقضي حوائجهم
أيها الأخوة عندما يقدم لنا الأمام علي وآل البيت الكرام عليهم السلام مثل هذه الصفات الإنسانية ويسجلها لنا القرآن فأنه يقدم لنا نحن المسلمين والشيعة على وجه الخصوص النموذج الأمثل لخلق الإسلام ولخلق آل البيت الممتد من أخلاقيات الرسول لكي نقتدي به ونحافظ عليه ولكم حفظت لنا كتب التاريخ من سيرتهم العطرة وأخلاقياتهم الكريمة لكي نكون مثلهم ونقتدي بأخلاقهم كنموذج للإنسانية الكبرى وللصورة الإنسان المسلم الذي يضحي بقوته وبأمواله في سبيل سعادة البشر
قال الله تعالى: وانك لعلى خلق عظيم.
وقال الرسول/ محمد صلى الله عليه وسلم: إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق..
نعم انه الأمام /علي بن أبي طالب. هو البحر الزاخر والمحيط الواسع والجبل الأشم والسماء العالية..بالأخلاق الإسلامية العظيمة.. وكل حياته كانت مواقف أخلاقية عالية..سيبقى ذكرها عطرا فواحا على مر الزمن
ومعروف انه كان يأخذ نفسه بالزهد الشديد في متاع الدنيا الزائلة..فكان يرضي بالقليل القليل من الملبس والمشرب والمأكل.مع إن الدنيا كلها كانت تحت تصرفه ..
- نعم أن حبكم يا أل بيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم – هو إيمان وتقوى وان بغضكم نفاق...ولقد اجمع المسلمون قاطبة على أن حب الإمام علي بن أبي طالب...وحب أل بيت رسول الله جميعا واجب إسلامي...تماما مثل حب الرسول...لأنهم جميعا تربوا معا وهم جميعا تخرجوا من مدرسة سيدنا محمد ابن عبد الله صلى الله عليه وسلم..
أن الأمم التي تحب أن ترقى وتسموا تنظر إلى الأمام وتر كز اهتمامها على الايجابيات وتتجاوز عن الهفوات والهنات والخلافات القديمة..ويكفي أن نعرف أن عظمة أخلاق الأمام /علي بن أبي طالب وتقواه وورعه وزهده بالدنيا..من الأمور المسلمة المتفق عليها لدى جميع المسلمين وعلى مر العصور..وان التوسل بآل بيت رسول الله أثناء الدعاء..والتوسل بمكانتهم والطلب باسمهم من الله تعالى من الأمور التي تجعل الدعاء اقرب للإجابة بأذن الله تعالى..وهذه من العقيدة لدي المسلمين
أيها الأخوة كم نحن محظوظون بأئمة آلا البيت هؤلاء هم هداة الأمة وقادتها البررة وكل منهم مشعل من مشاعل الحضارة الإسلامية فيجب المحافظة على علومهم وآثارهم وذاكراهم والسير على نهجهم ونشر علومهم وصفاتهم وسيرهم وهؤلاء أئمتنا فاقتد بهم ولو حاولنا ندرس شخصياتهم وعلومهم فكل واحد منجم بحر من العلوم والكرامات والنظريات والمكارم
وما أقول في رجل أقرّ له أعداؤه وخصومه بالفضل؟ ولم يمكنهم جحد مناقبه ولا كتمان فضائله؟ وقد اجتهد أعدائه بكل حيلة في إطفاء نوره، والتحريف عليه، ولعنوه على جميع المنابر وتوعدوا مادحيه، بل حبسوهم وقتلوهم ومنعوا من راوية حديث يتضمن له فضيلة أو يرفع له ذكراً، حتى حضروا أن يسمى أحد باسمه، فما زاده ذلك إلا رفعة وسمواً، وكان كالمسك كلما ستر انتشر عرفه وكلما كتم تضوع نشره، وكالشمس لا تستر بالراح، وكضوء النهار إن حجبت عنه عين واحدة أدركته عيون كثيرة.
وما أقول في رجل تُعزى إليه كل فضيلة؟ وتنتمي إليه كل فرقة، وتتجاذبه كل طائفة، فهو رئيس الفضائل وينبوعها وأبو عذرها وسابق مضمارها، ومجلي حلبتها.
وكل من بزغ فيها بعده فمنه أخذ، وله اقتفى، وعلى مثاله احتذى...
وإن رجعت إلى الخصائص الخلقية والفضائل النفسية والدينية وجدته ابن جلاها، وطلاّع ثناياها.
إن أولى الناس برسول الله (صلى الله عليه وآله) من يحكم نفسه ويسمو بها فوق الأحقاد إيثاراً لمكارم الأخلاق، وكذلك كان أمير المؤمنين (كرّم الله وجهه)، فما يعرف التاريخ أنه خضع لنزوة أو استسلم لشهوة، شأن أحرار النفوس الذين نشأهم بيت النبوة في ظلال وارفة من كرم المروءة وأدب الإسلام.
فسلام عليك يا أبا الحسن حين ولدت وحين مت وحين تبعث حيا
[b]