في أحد الأحياء الشعبية بالقاهرة تقطن السيدة أم أيمن التي جاوزت عامها الخمسين وهي تخرج في الصباح الباكر لتحجز لها مكانا في المخبز القريب الذي يبيع الخبز المدعم.
لعلها تحصل علي عشرة أرغفة ومثل أم أيمن ملايين في مصر ظنوا أن ثورة يناير قامت لرفع المعاناة عنهم.. ولكنهم لم يجدوا إلا الكلام.. ثم مزيدا من الكلام فلا مرتبات تعدلت ولا مشاريع لعمل الشباب العاطل.. لكن اختفي نجوم المسرح والغناء والسينما واحتل نجوم الكلام الصحف وبرامج التوك شو.. واحتل البلطجية الشوارع وروعوا الناس وتوارت المطواه قرن الغزال التي كانت في الماضي من اسلحة الدمار الشامل في مصر خجلا وحلت محلها السيوف والمولوتوف والبنادق الآلية.. ومازالت أم أيمن أمام المخبز بل تراجعت إلي الخلف بفعل الزحام الشديد.
المخدرات تباع علي الأرصفة وفي الاكشاك.. والتجار يتباهون بأن الاحتياطي الاستراتيجي منها يكفي أصحاب الكيف في مصر لعشر سنوات أما احتياطي القمح لهو لستة أشهر فقط.. مظاهرات.. وقفات.. صراخ.. مائة جمعة وجمعة ولم يأت السبت بعد.. مائة وقفة ووقفة ومازال العيد بعيدا.
وأم أيمن دفعتها الشابات والفتيات إلي الخلف ولم تستطيع الحصول علي رغيف واحد بعد أن أغلق المخبز أبوابه. وليست الدمعة التي تسيل علي خدمها الآن لهذا السبب فقط.. فأبو أيمن عاطل كان يعمل في شركة تمت خصخصتها وأيمن استغنوا عنه في شركة السياحة التي توقف نشاطها بعد الأحداث الأخيرة. وأسرة ابنتها المتزوجة طردها صاحب العقار لانتهاء مدة العقد ورغبته في زيادة الايجار طبقا للقانون الجديد.. والطامة الكبري أن ابنها الصغير يريد أن ينضم إلي مجموعة البلطجية بالحي ومازال القوم مختلفين.. الدستور أولا.. الانتخابات أولا.. الرئاسة أولا..
وياحضرات المعتصمين المتكلمين.. المؤتلفين.. المختلفين..من فضلكم (أم أيمن أولا).
[b]