فاروق جويدة .. علي » باب المصطفي «
29/04/2011 09:55:19 م
فاروق جويدة هو أحد الشعراء القلائل الذين حملوا هموم الوطن في تجربتهم الشعرية فأصبح صوتا صادقا ينبض بأنين الناس البسطاء، وأوجاع المظلومين، يكتب بصدق علي دفاتر الواقع معبرا عن نبض الشارع بشاعرية المبدع المتحقق، فكانت قصائده حاملة لرياح التغيير وملهمة لثوار التحرير..
صدرله ديوان جديد في أعقاب ثورة الخامس والعشرين من يناير عن دار الشروق تحت عنوان »علي باب المصطفي«، يضم ثلاث قصائد هي »النيل يرفع راية العصيان«، و»وتبقين يا مصر فوق الصغائر«، وقصيدة »علي باب المصطفي« التي يحمل الكتاب عنوانها.
يقول جويدة في اهداء ديوانه:
ماذا أقول أمام بابك سيدي.. سكت الكلام وفاض في عبراتي.. يارب فلتجعل نهاية رحلتي.. عند الحبيب.. وأن يراه رفاتي.. يوما حلمت بأن أراه حقيقة.. يا ليتني ألقاه عند مماتي..
لقد أديت فريضة الحج هذا العام، وأمام باب الرسول عليه الصلاة والسلام، وفي روضته الشريفة بالمدينة كانت هذه الابيات :
ماذا أقولُ أمام نورك سيدي
وبأي وجهٍ تحتفي كلماتي
بالعدلِ.. بالإيمانِ.. بالهممِ التي
شيدتَها في حكمةٍ وثباتِ؟
أم بالرجالِ الصامدينَ علي الهدي
بالحقِّ.. والأخلاقِ.. والصلواتِ؟
أم إنه زهدُ القلوبِ وسعيها
للهِ دون مغانمٍ وهباتِ؟
أم إنه الإنسانُ حين يُحيطه
نبلُ الجلالِ وعفةُ الغاياتِ؟
أم إنه حبُّ الشهادةِ عندما
يخبو بريقُ المال والشهواتِ؟
بل إنه القرآنُ وحي محمدٍ
ودليلنا في كل عصرٍ آتِ..
ومن قصيدة علي باب المصطفي التي نقلنا فيها الي عالم الطهر والتطهر الي رائعة " النيل يرفع راية العصيان والتي يبدأ بها شاعرنا الكبير سطور ديوانه كتب نيابة عن النيل قائلا :
من ألف عام كنت أركض شامخا
بين الجموع يحيطني فرساني
والآن ترصدني الوجوه فلا أري
غير الخنوع وخسة الكهان
فالجالسون علي العروش تسابقوا
عند الفرار وأحرقوا شطآني
قد علموني الصمت.. صرت كدمية
سوداء شاخصة علي الجدران
والآن أقرأ في دفاتر رحلتي
فأري الجحود.. وجفوة الخلان
ماذا جنيتم من سلام عاجز
غير الهوان.. يسوقنا لهوان؟
تتراقصون لكل ذئب قادم
وتراوغون.. كرقصة الحملان..
وتهرولون إلي الأعادي خلسة
خلف اللصوص.. وباعة الأوطان..
خنتم عهود الأرض .. بعتم سرها
للغاصبين بأبخس الأثمان
من باعني أرضا وخان قداستي
من دمر التاريخ في وجداني؟!!
يتزاحم الكهان حول مضاجعي
يتعانقون علي ثري أكفاني
وحدتكم زمنا فكنتم سادة
للعالمين علي هدي سلطاني
والآن صرتم لعبة يلهو بها
شر العباد.. وعصبة الكهان
ما اخترت أرضي.. ما اصطفيت زماني
لكنه قدري الذي أشقاني
فلقد تبدلت الليالي بيننا
ورأيت عمرا جاحدا أدماني
>>>
يا أيها الوطن العريق قم.. انتفض
واكسر كهوف الصمت والقضبان
أطلق أسود النيل من ثكناتها
واهدم قلاع البطش والطغيان
في الأفق شي لا أراه وإن بدا
خلف السحاب كثورة البركان
يعلو صهيل الماء.. يصرخ حولنا
يتزاحم الفرسان.. في الفرسان
تهتز أرض.. تستغيث مواكب
ويهرول الكهان.. للكهان
وأنا أطل علي الربوع معاتبا
أشكو إليها محنتي وهواني
منذ استبحتم حرمة الشطآن
صدئت علي أطلالكم تيجاني
حتي عيون الناس ضل بريقها
ما بين ليل القهر والهذيان
>>>
سأزوركم في كل عام كلما
حنت حنايا الأرض للفيضان
أتسلق الأفق البعيد لكي أري
خلف السدود شواطئي وجناني
أنا لن أكف عن المجئ لأنني
كالأرض ما كفت عن الدوران
سأطل من خلف الحدود وربما
تبدو علي مرارة الحرمان
عودوا إلي الحب القديم.. وعلموا
أبناءكم أن يحرسوا شطآني
أعطيتكم عمري.. وهانت عشرتي
والآن ارفع راية العصيان
لو كنت أعلم ما طواه زماني
لاخترت أرضا غيركم أوطاني
وجاءت قصيدة »وتبقين يامصر فوق الصغائر« كما يقول فاروق جويدة في تقديمه لها : هذه صرخة الشهداء التي خرجت من سيناء وطافت بالجزائر تعلن العصيان علي كل ما حدث بين شعبين شقيقين جمعتهما الدماء ولا ينبغي أن تفرق بينهما الصغائر.. يقول في ابياتها:
علي أرض سيناء دم ونار
وفوق الجزائر تبكي الهمم
هنا كان بالأمس صوت الرجال
يهز الشعوب.. ويحيي الأمم
شهيدان طافا بأرض العروبة
غني العراق بأغلي نغم
شهيد يؤذن بين الحجيج
وآخر يصرخ فوق الهرم
لقد جمعتنا دماء القلوب
فكيف افترقنا بهزل القدم ؟!
[b]