قلوب تحت العشرين
أيهــــــا الآبــــــــاء .. انتبـــــهـــــوا!!
22/04/2011 08:57:28 م
تقدمها : نوال مصطفي
أكتب إليك بعد أن فقدت الأمل في أن أجد من يسمعني، أو يهتم بما أقول.. لذلك أرجوك ألا تهملي هذه الرسالة، أو تعتبرينها مشكلة بسيطة مقارنة بالمشاكل الصعبة والقصص الرهيبة التي نقرأها علي صفحتك.. لكن ..صدقيني إنه طوق النجاة الوحيد الباقي لي حتي لا أفقد الأمل تماما.. واستسلم لليأس والإنطواء.. فهل تجد صرخة شاب مثلي لم يكمل العشرين من عمره صدي لديك؟ أتمني..!
مشكلتي كلها تتلخص في سؤال واحد: إلي أي حد يجب أن يسمح للأهل بالتدخل في شئون أبنائهم؟ وإلي أي مدي يمتد الخط الفاصل بين الخوف والحب.. بين التسلط.. وحب الإذلال والتحكم؟
أنا شاب كما ذكرت سأتم العشرين بعد عدة أشهر قليلة، وقد تدهشين عندما تعلمين أنني لا أستطيع أن أتمتع بحريتي مثل زملائي في الثانوية العامة بل لا أحصل علي الحرية المسموح بها حتي لأي فتاة عادية. فليس لي أصدقاء، ولامعارف. وأحيانا أتصفح أجهزة المحمول الخاصة بأحد زملائي فأجدها مليئة بالأرقام والأسماء المسجلة.. أولاد وبنات، بينما أنظر إلي جهازي فأجد عدة أسماء تحسب علي أصابع اليد الواحدة، وقلما أسمع رنة أو جرس يطلبني أو يتذكرني! حتي الرسائل الهاتفية شحيحة.. وتكاد أن تكون معدومة.. ولا تظني سيدتي إنني السبب في هذا، فقد كنت كأي شاب في سني لي العديد من الأصدقاء، وكأي شخص طبيعي كان لدي صديقي المفضل أو »الأنتيم« الذي في الأغلب يصبح »صديق العمر« مهما تقدمت السن بالصديقين.. لكن هذا الصديق.. وهؤلاء الأصدقاء جميعا اختفوا تدريجيا من حياتي حتي تلاشوا تماما. فما الذي يجبر أيا منهم علي صداقة شاب ليس لديه أية مساحة من الحرية، وكأنه طفل صغير في المرحلة الإعدادية لايزال! لقد فشلت تماما في مجاراة من هم في مثل سني في انطلاقهم وحيويتهم، وحبهم للمغامرة.. كل ذلك بسبب تسلط الأهل!
الأهل الذين أحالوا حياتي إلي جحيم لا يطاق!
فلا خروج بعد الواحدة صباحا، الرحلات ممنوعة،. الملابس لها حدود، الشعر لابد أن يكون مقصوصا، السهر مع الأصدقاء ذنب عظيم وإثم كبير.. أما الأسباب فجاهزة دائما: الحرص والخوف!
الخوف من كل شيء وأي شيء كما لو إنني طفل صغير لا أستطيع العودة للمنزل لو خرجت منه.. فالأصدقاء كلهم أوغاد ومجرمون.. والطرق صارت غير آمنة للقيام برحلات.. وجهاز الكمبيوتر يجب أن يراقب حتي لا أستخدمه في الدخول علي المواقع الإباحية.. وغير هذا الكثير!
حصلت علي الثانوية العامة بمجموع أقل مما كنت أحلم به بعد أن عشت فترة رهيبة قبل امتحانات الثانوية العامة .. وكأنني علي موعد مع »المقصلة« أو »حبل المشنقة«!
إلتحقت بإحدي الكليات المرموقة في بلدتي، وكان طبيعيا أن أرسب في أول سنة، فلم يكن يشغل عقلي وتفكيري إلا ما أنا فيه من حرمان وسجن كبير.. لم أكن استمع إلي المدرس وهو يشرح، ولم استوعب ما أقرأ من كتب. صدقيني - سيدتي- أنا لست متحاملا علي أبواي.. ولكن أقسم لك إنها الحقيقة.. فكيف أركز في دروسي وأنا أري الشباب والبنات ينطلقون.. يحبون.. يمرحون.. ينضمون الي الاسر المختلفة في الكلية.. ينظمون الرحلات.. بينما أنا بعيد عن هذا كله!
وكلما اقتربت من هذا الجو أشعر وكأنه يعاديني أو يرفضني حتي صرت إنطوائيا، أتجنب النزول إلي الكلية، كما بدأت أشعر إنني غريب عنهم.. غير قادر علي الاختلاط بهم بصورة طبيعية.. لقد كنت في الماضي أتجنب إثارة أي مشكلة مع والدي، ولا أحاول الاعتراض ظنا مني أن طاعة الأبوين من طاعة الله.. وإدراكا مني أن الاهل هم أكثر الناس دراية بمصلحتي، حتي اكتشفت أنني كنت أخدع نفسي، فالحقيقة هي أنني لم استطع الاعتراف بضعفي وجبني في مواجهتهم برأيي، لم أستطع أن أعترض علي حصارهما المبالغ فيه لحريتي.. صارت كلمة »لا« ثقيلة علي لساني، ففضلت الخنوع والخضوع الكامل لهما حتي فقدت شخصيتي.
والآن.. سيدتي.. أسألك وأطلب نصحك الكريم.. الحكيم: هل هذا هو دور الأهل في حياتنا نحن الشباب؟ هل هذا الحصار الرهيب الذي يفرضونه علينا يسمي حبا؟ هل يعتقدون أنهم يسعدوننا بهذه الطريقة؟
إنني أري المستقبل مظلما بكل أسف فأمامي سنتان علي التخرج.. بعدها سيكون علي البحث عن عمل.. ثم التفكير في الارتباط والزواج.. كيف أفعل هذا كله وأنا لم أعتد القيام بأي شيء وحدي؟!
إنني لم أحتك بالحياة، ولم أستفد من أية خبرات فكيف استطيع أن أحب، وأن أقنع من أحببت بشخصي وأنا غير قادر علي إتخاذ أقل قرار في حياتي أو في أموري الشخصية البحتة. كيف أتخيل نفسي زوجا وأبا وأنا جبان غيرقادر علي فرض رأيي حتي فيما يتعلق بأدق خصوصياتي؟
إن هذا يثير جنوني، وفي النهاية أجد أهلي يسخرون مني ومن فشلي، ويصفونني بأنني شخص لايعتمد عليه، كيف يطلبون مني ذلك وهم الذين فعلوا بي كل هذا. ولماذا لم يجعلوني أعرف الحياة مثلما عرفوها.. أمي كانت فتاة درست في القاهرة، وأقامت بمفردها، كان ذلك منذ 30عاما، وأبي سافر إلي معظم البلدان العربية والاوروبية من أجل العمل، فكيف يقيدون حريتي بهذه الطريقة؟!
أعرف أن مشكلتي قد تبدو بسيطة في نظرك.. لكنها أحالت دنياي الي جحيم، فلم أعد أري شيئا جميلا في حياتي، ولا أجد من أشكو له.. أرجوك احتاج ردك، ولا أتمني أن يصورهم أنهم علي حق، ويقول إنني متسرع ولا أفهم إن هذا من باب الخوف علي، وعلي مصلحتي.. فلو كان الحب هكذا فليذهب إلي الجحيم..!
المعذب م . ع
[b]