لسبب أو لآخر ينتهي الزواج بين اثنين.. البعض يري أنها تجربة لن يكررها مرة ثانية.. والبعض الآخر تراوده الفكرة بإلحاح أن يعيش حياته مرة ثانية ويجرب حظه في زواج ثان علي أمل أن يعوضه حرمان وألم الزواج الأول.
فما احتمالات نجاح الزواج الثاني؟! وما احتمالات فشله أيضًا؟! وهل فشل الزواج الأول يزيد من احتمالات النجاح أم فشل الزواج الثاني؟!
أكد لي أحد الرجال ممن كانت لهم تجربة زواج ثانية ناجحة بعد فشله في الأولي إنه غالبًا ما تنجح تجربة الزواج الثاني في حياة الإنسان، لأن الشخص يكون في سن أكبر وأنضج.. وغالبًا لا يعتمد في اختياره التالي علي قلبه فقط ولا علي عقله فقط بل علي الاثنين معًا!! هو في زواجه الثاني لا يبحث عن نزوة طائشة أو يتزوج لمجرد الزواج من أجل إنجاب أطفال وتكوين أسرة إنما هو يبحث عن التفاهم والاحتواء والاستقرار.. وتكون لديه المقدرة الكبيرة ليقدم تنازلات كثيرة كيلا يفشل مرة ثانية وهذا لا يحدث غالبًا في الزواج الأول لصغر السن، ونقص الخبرة والتجربة، كما أن الشاب الصغير يعتبر التنازلات نوعا من أنواع إهدار الكرامة.
ويضيف هذا الرجل قائلاً: إن الزواج الثاني مضمون العواقب بشرط أن أهم ما يؤخذ في الاعتبار هم الأولاد فيجب أن يكونوا في المرتبة الأولي فهم لا ذنب لهم فيما حدث وبشرط ألا يتم الزواج الثاني بسرعة لمجرد العناد في الطرف الآخر.
•••
العناد.. نعم هو بالفعل مدمر ويؤدي إلي فشل ذريع، فلا يمكن أبدًا أن ينجح زواج ثان إذا كان هدفه الأول هو «العناد» في الطرف الآخر.
وهو ما حدث مع هذه السيدة التي أرسلت لي رسالة حزينة تقول فيها: كنت متزوجة من طبيب معروف وكانت تحدث بيننا منازعات وخلافات زوجية كثيرة، ولكن الشيء الذي حول حياتي إلي جحيم هو أنه بدأ يعايرني بأنني لم أعد صغيرة ورشيقة مثلما عرفني منذ 25 عامًا- مع العلم أنني لم أتعد الخمسين من عمري بعد- ثم بدأت أشعر بخيانته لي فاكتشفت أنه علي علاقة بفتاة شابة ولم أحتمل الصدمة وطلبت الطلاق.. وفور انتهاء العدة تعرفت علي رجل معرفة سريعة وتزوجته بسرعة لمجرد العناد في زوجي لأثبت له بأنني مازلت مرغوبة من الرجال ولكن كانت النتيجة الطبيعية لهذا الزواج السريع هو الفشل السريع والطلاق.. فقد كنت أنتقم من طليقي ولم أكن أعلم بأنني كنت أنتقم من نفسي!!
امرأة ثانية روت لي تجربة زواجها الثاني الناجحة جدًا، فهي في منتصف الأربعينيات من عمرها جميلة.. طاغية الأنوثة.. كل من يراها يعتقد أنها لم تتجاوز الثلاثين من عمرها.. تزوجت زواجا تقليديا من طيار ورحبت به هي وأسرتها فقد كان عريسًا جاهزًا وسيمًا تتمناه أي فتاة.. ولكن مع مرور الوقت اكتشفت خياناته المتكررة لها حزنت وتألمت ولما واجهته اعترف ببجاحة أنه بالفعل يعرف نساء أخريات وعليها أن تكون امرأة عصرية وتتقبل هذا الوضع!! فقررت أن تكون «رجعية» وطلبت الطلاق!!
بعد الطلاق عاشت معاناة نفسية رهيبة.. تعبت من نظرات الذئاب الجائعة الطامعة.. تعبت من الوحدة وحالة السكون التي كانت تحيا فيها.. إلي أن قابلته رجل وسيم مطلق ولديه ابنة شعرت تجاهه بانجذاب رهيب وراحة نفسية كبيرة وكان الشعور متبادلاً شكا لها من طليقته التي كانت لا تستحق لقب أم ولا زوجة كانت مهملة بشكل رهيب وكل همها زينتها وملابسها وأصدقاؤها وسهراتها!!
تزوجته وأنجبت منه طفلاً وعاملت ابنته معاملة طيبة وكأنها ابنتها ومر 15 عامًا علي هذا الزواج الناجح وتزوجت ابنته وكانت يوم فرحها تطير من السعادة وبكت كأنه فرح ابنتها تمامًا!!
وهذه هي بعض الأسئلة التي وجهت إلي عبر الإيميلات حول تجربة الزواج الثاني:
• لماذا يفشل الإنسان في زواجه الأول وينجح في الثاني؟
- الزواج ينجح من الناحية النظرية إذا عثر الإنسان علي نصفه الثاني المكمل له.. وهذا هو أيضاً مضمون الحب.. إذن قاعدة الحب الأساسية هي الضمان لزواج موفق.. فهل هذا معناه أنه في المرة الأولي لم يوفق في العثور علي نصفه الثاني ونجح في العثور عليه في المرة الثانية؟! الإجابة نعم.. ويكون هذا استنتاجًا بديهيًا إذا آمنا بنظرية النصف المكمل وبقاعدة الحب الأساسية.. وإذا آمنا أيضاً بأن الزواج ليس شركة تجارية.. وليس اضطرارًا لمشاركة إنسان آخر الحياة.. وربما هذا هو الخطأ الذي يقع فيه البعض في البداية حين يتزوج الإنسان لأول مرة.. يتزوج لأنه يجب أن يتزوج.. أو لأنه وصل إلي السن القانونية للزواج!! يتزوج لأنه يجب أن ينجب أطفالاً أو لأنه يحتاج أن يمارس الجنس بصورة شرعية.. باختصار يتزوج لأغراض خالية من أية دوافع إنسانية!! وبالطبع لا خير في مثل هذا الزواج!!
والمتوقع أن يحدث اصطدام مروع بعد شهر.. بعد سنة.. أو حتي بعد عشرين سنة المهم أن الاصطدام لابد أن يحدث وتأخر حدوثه تفسيره الوحيد هو أن هذا الزواج كان يلبي تلك الاحتياجات علي مدي هذه السنين وحين توقف عن الاستمرار في ذلك حدث الاصطدام ثم الانفجار والمتوقع لهذا الزواج أن يفضي إلي الطلاق ويكون له هنا دوي مروع لأنه جاء بعد سنين طويلة.
• ولكن ما الدوافع التي تدفع الأرملة أو المطلقة لتجربة الزواج الثاني؟!
- الأمر هنا يتوقف علي احتياجات المرأة.. الاحتياج ليس ماديا فقط.. ولا عاطفيا فقط.. وليس جنسيا فقط.. ولا ماديا. إنما هناك احتياج شديد لوجود إنسان.. رفيق.. سند يشارك الحياة.. إنسان تنتمي إليه ولكل إنسان رغبات واحتياجات يصعب عليه مقاومتها ولا تجاهلها.. وتجربة الزواج الثاني عند المرأة تكون غالبًا أنجح من الرجل لأنها تكون أكثر إيجابية وأكثر قوة وعطاء وتبذل جهدًا أكبر وتضحيات أكثر!!
• هل من المستحسن أن ينجب الزوجان الجديدان طفلاً يجمع ما بينهما؟!
- إذا كانت المرأة في سن تسمح لها بالإنجاب فيكون من المستحسن أن تنجب لزوجها الجديد طفلاً يجمع ما بينهما وعادة مجيء طفل جديد يدعم هذه العلاقة في الزواج الثاني ويقلل التوترات والصراعات ويقلل الاهتمام الزائد بأطفالهما السابقين وهو من أقوي دعائم الربط بينهما لأنه يمثل نسيجًا مشتركًا لهما وهو قطعة من كل منهما!!
• هل يمكن أن يفشل الزواج الثاني لنفس الأسباب الذي فشل من أجلها الأول؟!
- من الصعب جدًا أن يفشل الإنسان لنفس الأسباب لأنه غالبًا ما يتعلم من تجربته في الحياة بالذات لو كان صريحًا مع نفسه ويستطيع أن يواجهها بسلبياتها وعيوبها والتي تسببت في الفشل الأول.. أما إذا كان هذا الإنسان أرعن وعنيدًا ولا يعترف بخطئه ويري أنه دائمًا علي صواب فهذا الشخص غالبًا ما يفشل في التجربة الثانية وحتي الثالثة!!
• وهل وجود أبناء يعوق الزواج الثاني؟!
- نعم بالطبع.. فالزوجان يحتاجان لوقت أكثر ليقضيا معًا.. يحتاجان لدرجة أكبر من الاقتراب لدعم الروابط بينهما.. ووجود أطفال يسرق منهما بعض الوقت.. وتزداد المشاكل إذا كان هؤلاء الأطفال وصلوا إلي سن المراهقة أو تخطوها إلي أعتاب الشباب حيث تزداد احتياجاتهم ويزداد أيضًا تدخلهم في حياة الزوجين.. وتبذل الزوجة جهدًا كبيرًا في العناية بأطفال زوجها وذلك لتنفي المفهوم الشائع عن زوجة الأب.. كما يضطر الزوج إلي بذل نفس المجهود للاستحواذ علي عواطف أبناء زوجته.. وربما يكون الحل هنا لمثل هؤلاء في تجربة الزواج الثاني أن يتزوجوا بالطريقة التي ذكرناها في الموضوع السابق وهو «زوجان وكل واحد في بيته» الذي يعتبر حلاً جذريًا لهذه المشكلة الكبيرة التي لها دور كبير في فشل الزواج الثاني!!
[b]