لا ظلــم اليـــــوم
أيها
الأحباب الكرام : واللـه لو عذب اللـه أهل سمواته وأهل أرضه لعذبهم وهو
غير ظالم لهم ، فهم عبيده فى ملكه ، فالمالك يتصرف فى ملكه كيف يشاء ،
ولكنه برحمته سبحانه وتعالى وكرمه وحنانه ولطفه بعبيده قد حرم الظلم على
نفسه وجعله بين العباد محرماً .
قال تعالى : { إِنَّ اللَّهَ لا يَظْلِمُ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ } [ النساء : 40 ] .
وقال جل وعلا : { وَمَا رَبُّكَ بِظَلامٍ لِلْعَبِيدِ } [ فصلت : 46 ] .
وقال تعالى { وَمَا اللَّهُ يُرِيدُ ظُلْمًا لِلْعِبَادِ } [ غافر : 31 ] .
وقال أيضاً فى الحديث القدسى الذى رواه مسلم من حديث أبى ذر عن الحبيب النبى صلى الله عليه وسلم عن رب العزة قال تعالى : ((ياعبادى إنى حَرَّمْتُ الظلمَ على نفسى وجعلته بينكم محرماً فلا تظالموا)) ([1]) .
فاللـه
جل وعلا عدل ، لطيف ، حليم ، كريم لا يظلم أحداً من خلقه ، ولا يظلم أحداً
من عباده ، ولذا فإن اللـه جل وعلا يحاسب العباد يوم القيامة وفقاً
للقواعد التالية : -
القاعدة الأولى : العدل التام الـذى لا يشوبــه أى ظلـم . قــال تعـالى : { وَنَضَعُ
الْمَوَازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيَامَةِ فَلا تُظْلَمُ نَفْسٌ
شَيْئًا وَإِنْ كَانَ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ أَتَيْنَا بِهَا
وَكَفَى بِنَا حَاسِبِينَ } [ الأنبياء : 47 ] .
اعلم
أنك لن تعرض على محكمة كمحاكم الدنيا ففى محاكم الدنيا قد يجيد الخصومُ
التزويرَ والتحريفَ ولكن اعلم بأن الذى سيتولى محاكمتك يوم القيامة هو
اللـه الذى قال : { يَعْلَمُ
خَائِنَةَ الأَعْيُنِ وَمَا تُخْفِي الصُّدُورُ(19)وَاللَّهُ يَقْضِي
بِالْحَقِّ وَالَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ لا يَقْضُونَ بِشَيْءٍ
إِنَّ اللَّهَ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ } [ غافر : 19 - 20 ] .
وقال جل وعلا : { وَيَوْمَ
نُسَيِّرُ الْجِبَالَ وَتَرَى الأَرْضَ بَارِزَةً وَحَشَرْنَاهُمْ فَلَمْ
نُغَادِرْ مِنْهُمْ أَحَدًا(47)وَعُرِضُوا عَلَى رَبِّكَ صَفًّا لَقَدْ
جِئْتُمُونَا كَمَا خَلَقْنَاكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ بَلْ زَعَمْتُمْ أَلَّنْ
نَجْعَلَ لَكُمْ مَوْعِدًا(48)وَوُضِعَ الْكِتَابُ فَتَرَى الْمُجْرِمِينَ
مُشْفِقِينَ مِمَّا فِيهِ وَيَقُولُونَ يَاوَيْلَتَنَا مَالِ هَذَا
الْكِتَابِ لا يُغَادِرُ صَغِيرَةً وَلا كَبِيرَةً إِلا أَحْصَاهَا
وَوَجَدُوا مَا عَمِلُوا حَاضِرًا وَلا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَدًا } [ الكهف : 47 - 49 ] .
قال تعالى : { فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ(7)وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ } [ الزلزلة : 7 - 8 ] .
فالمقصود
أن عمل ابن آدم كله محفوظ ومسطور فى كتاب عند اللـه جل وعلا لايضل ربى ولا
ينسى واعلم علم اليقين أن ما نسيه الإنسان لا ينساه الرحمن .
دع عنك ماقد فات فى زمن الصِّبَا
واذكر ذنوبك وابكهـــا يا مذنب
لــم ينس الملكان حين نسيتــه
بـــل أثبتـــاه وأنت لاهٍ تلعبُ
والروح منك وديعــة أودعتهـا
سَتَـــرُدَّهَا بالرغم منك وتُسْلَـبُ
وغرورُ دنياكَ التـى تَسْعَـى لها
دارُُ حقيقتها متاعُُ يذهـــــبُ
الليلُ فاعلم والنهـارُ كلاهمـــا
أنفاسنَا فيهمـــا تُعَدُّ وَتُحْسَــبُ
قال تعالى : { إِنَّ اللَّهَ لا يَظْلِمُ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ } .
القاعدة الثانية : أن لا تَزِرُ وزارة وِزْرَ أخرى قال تعالى : { وَكُلَّ
إِنْسَانٍ أَلْزَمْنَاهُ طَائِرَهُ فِي عُنُقِهِ وَنُخْرِجُ لَهُ يَوْمَ
الْقِيَامَةِ كِتَابًا يَلْقَاهُ مَنْشُورًا(13)اقْرَأْ كِتَابَكَ كَفَى
بِنَفْسِكَ الْيَوْمَ عَلَيْكَ حَسِيبًا(14)مَنِ اهْتَدَى فَإِنَّمَا
يَهْتَدِي لِنَفْسِهِ وَمَنْ ضَلَّ فَإِنَّمَا يَضِلُّ عَلَيْهَا وَلا
تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى
نَبْعَثَ رَسُولا }
[ الإسراء : 13 - 15 ].
وقال تعالى : { أَمْ
لَمْ يُنَبَّأْ بِمَا فِي صُحُفِ مُوسَى(36)وَإِبْرَاهِيمَ الَّذِي
وَفَّى(37)أَلا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى(38)وَأَنْ لَيْسَ
للإِنْسَانِ إِلا مَا سَعَى(39)وَأَنَّ سَعْيَهُ سَوْفَ يُرَى(40)ثُمَّ
يُجْزَاهُ الْجَزَاءَ الأَوْفَى } [ النجم: 36 -41].
فلا
تتحمل نفس ذنب نفس أخرى ، بل سيمر الولد يوم القيامة على والده فيقول له
والده : أى بنى أنا أبوك ! اعطنى حسنةً من حسناتك فلقد كنت لك نِعْمَ الأب
فيقول الابن لأبيه: نفسى ! ويقول الابن لأمه: نفسى .
وكيف لا ؟!! وقد قال كل نبى من الأنبياء نفسى ، نفسى ، نفسى. إلا الحبيب المحبوب محمد صلى الله عليه وسلم.
القاعدة الثالثة : إعذار اللـه لخلقه
إن
اللـه سبحانه يعلم عمل العباد من لدن آدم إلى آخر رجل قامت عليه القيامة ،
ومع ذلك من عظيم عدله وفضله وكرمه ، أن يعرض على العباد أعمالهم يوم
القيامة حتى لا يكون لأحد عذر بين يديه .
قال تعالى : {
يَوْمَ تَجِدُ كُلُّ نَفْسٍ مَا عَمِلَتْ مِنْ خَيْرٍ مُحْضَرًا وَمَا
عَمِلَتْ مِنْ سُوءٍ تَوَدُّ لَوْ أَنَّ بَيْنَهَا وَبَيْنَهُ أَمَدًا
بَعِيدًا وَيُحَذِّرُكُمُ اللَّهُ نَفْسَهُ وَاللَّهُ رَءُوفٌ بِالْعِبَادِ } . [ آل عمران : 30 ] .
وقال سبحانه : { عَلِمَتْ نَفْسٌ مَا أَحْضَرَتْ } [ التكوير : 14 ] .
وقال سبحانه { عَلِمَتْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ وَأَخَّرَتْ } [ الانفطار : 5 ] .
القاعدة الرابعة : إقامة الشهود على العباد يوم القيامة
وإن أعظم شهيد على العباد يوم القيامة هو الملك الذى يعلم السر وأخفى وعلم ماكان وما هو كائن وما سيكون .
قال تعالى : { إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدًا} [ النساء :33 ]
ثم
تأتى الرسل وتشهد على جميع الأمم ثم تأتى أمة الحبيب لتشهد على جميع الأمم
، يشهد كل رسول على أمته وتأتى أمة المحبوب صلى الله عليه وسلم لتشهد على
جميع الأمم ثم يأتى خير الأولين والأخرين ليشهد على الجميع .
اللـه أكبر!! اللـه أكبر !!
قال تعالى : { وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا } [ البقرة : 143 ] .
وقال الملك لحبيبه المصطفى : { فَكَيْفَ إِذَا جِئْنَا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنَا بِكَ عَلَى هَؤُلاءِ شَهِيدًا } [ النساء : 41 ] .
وفى صحيح البخارى من حديث أبى سعيد الخدرى أن الحبيب النبى صلى الله عليه وسلم قال : ((يُدْعَى
نوحُُ يوم القيامة فيقال له : يا نوح ، فيقول نوح : لبيك وسعديك . فيقول
اللـه : هل بَلَّغْتَ قومك ؟!! فيقول نوح : نعم يارب فيدعى قوم نوح ويقال
لهم : هل بَلَّغَكُم نوح :فيقولون : لا ما أتانا من أحد . فيقول اللـه جل
وعلا : من يَشْهَد لك يانوح ؟! فيقول نوح : يشهد لى محمد وأمته ، يقول
المصطفى صلى الله عليه وسلم:
فتدعون فتشهدون له ثم أشهد عليكم فكذلك قول اللـه تعالى { وَكَذَلِكَ
جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ
وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا } ([2]) .
ثم تشهد الملائكة ، قال تعالى : { وَجَاءَتْ كُلُّ نَفْسٍ مَعَهَا سَائِقٌ وَشَهِيدٌ } [ ق : 21 ] .
ثم تشهد الأرض بما عمل على ظهرها من طاعات وسيئات ففى الحديث الصحيح الذى رواه الترمذى من حديث أبى هريرة أنه صلى الله عليه وسلم (( قرأ يوماً قول اللـه { يومئذ تحدث أخبارها } [ الزلزلة : 4 ] قال المصطفى صلى الله عليه وسلم: أتدرون ما أخبارها ؟ قالوا اللـه ورسوله أعلم ، قال : ((أخبارها أن تشهد الأرض على كل عبد أو أَمَةٍ بما عمل على ظَهْرِهَا فتقول : يارب لقد عمل كذا وكذا فى يوم كذا وكذا فهذا أخبارها)) ([3]) .
فيجادل العبد اللئيم ربه الكريم ويقول يارب أنا أرفض هذه الشهادة وأرفض هؤلاء الشهود ولا أقبل شاهداً إلا من نفسى .
كما فى الحديث الصحيح الذى رواه مسلم من حديث أنس رضى اللـه عنه قال :كنا عند رسول اللـه صلى الله عليه وسلم فضحك ، فقال :((هل تدرون مِمَّ أضحك ؟ )) قلنا : اللـه ورسوله أعلم ، قال : ((من
مخاطبة العبد ربه ، فيقول يارب ألم تجرنى من الظلم ؟ يقول :بلى ، فيقول :
فإنى لا أجيز اليوم على نفسى شاهداً إلا منى ، فيقول : كفى بنفسك اليوم
عليك شهيداً ، والكرام الكاتبين شهوداً ، قال : فيختم على فيه ، ويقول
لأركانه : انطقى بأعماله ، ثم يخلى بينه وبين الكلام ، فيقول : بُعْداً
لَكُنَّ وَسُحقاً ، فعنكن كنت أُناضِل))([4]) .
قال تعالى : { الْيَوْمَ نَخْتِمُ عَلَى أَفْوَاهِهِمْ وَتُكَلِّمُنَا أَيْدِيهِمْ وَتَشْهَدُ أَرْجُلُهُمْ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ } [ يس : 65 ] .
وقال جل وعلا { وَيَوْمَ
يُحْشَرُ أَعْدَاءُ اللَّهِ إِلَى النَّارِ فَهُمْ يُوزَعُونَ(19)حَتَّى
إِذَا مَا جَاءُوهَا شَهِدَ عَلَيْهِمْ سَمْعُهُمْ وَأَبْصَارُهُمْ
وَجُلُودُهُمْ بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ(20)وَقَالُوا لِجُلُودِهِمْ لِمَ
شَهِدْتُمْ عَلَيْنَا قَالُوا أَنْطَقَنَا اللَّهُ الَّذِي أَنْطَقَ كُلَّ
شَيْءٍ وَهُوَ خَلَقَكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ(21)وَمَا
كُنْتُمْ تَسْتَتِرُونَ أَنْ يَشْهَدَ عَلَيْكُمْ سَمْعُكُمْ وَلا
أَبْصَارُكُمْ وَلا جُلُودُكُمْ وَلَكِنْ ظَنَنْتُمْ أَنَّ اللَّهَ لا
يَعْلَمُ كَثِيرًا مِمَّا تَعْمَلُونَ(22) وَذَلِكُمْ ظَنُّكُمُ الَّذِي
ظَنَنْتُمْ بِرَبِّكُمْ أَرْدَاكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ مِنَ
الْخَاسِرِينَ(23)فَإِنْ يَصْبِرُوا فَالنَّارُ مَثْوًى لَهُمْ وَإِنْ
يَسْتَعْتِبُوا فَمَا هُمْ مِنَ الْمُعْتَبِينَ } [ فصلت : 19-24 ] .
القاعدة الخامسة : مضاعفة الحسنات لأهل الإيمان
مضاعفة الحسنات لأهل التوحيد والإيمان { ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ } [ الحديد : 21 ] .
فاللـه سبحانه وتعالى يضاعف الحسنة إلى عشر أمثالها .
قال تعالى : {
مَنْ جَاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا وَمَنْ جَاءَ
بِالسَّيِّئَةِ فَلا يُجْزَى إِلا مِثْلَهَا وَهُمْ لا يُظْلَمُونَ } [ الأنعام : 160 ] .
ويقول
المصطفى صلى الله عليه وسلم كما فى الحديث الذى رواه أحمد فى مسنده
والحاكم فى مستدركه وحسن الحديث شيخنا الألبانى من حديث أبى ذر الغفارى أن
النبى صلى الله عليه وسلم قال : قال اللـه تعالى فى الحديث القدسى (( الحسنة بعشر أمثالها أو أزيد والسيئة واحدة أو أغفرها))([5]) .
وفى الحديث الذى رواه الترمذى وصححه الشيخ الألبانى من حديث ابن مسعود أن النبى صلى الله عليه وسلم قال :((من قرأ حرفاً من كتاب اللـه فله به حسنة والحسنة بعشر أمثالها ، لا أقول { ألم } حرف ، ولكن { ألف } حرف { ولام } حرف {وميم } حرف)) ([6]) .
تدبر معى أيها الكريم بل قد يضاعف اللـه الحسنة إلى أكثر من سبعمائة ضعف فذلك قول اللـه تعالى : { مَثَلُ
الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ كَمَثَلِ
حَبَّةٍ أَنْبَتَتْ سَبْعَ سَنَابِلَ فِي كُلِّ سُنْبُلَةٍ مِائَةُ حَبَّةٍ
وَاللَّهُ يُضَاعِفُ لِمَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ } [ البقرة : 261 ] .
وهناك من الأعمال ما لا يعلم ثوابها إلا اللـه .
قال تعالى فـى الحديث القدسى المخرج فـى الصحيحيـن : قال صلى الله عليه وسلم : قال اللـه تعالى : (( كل عمل ابن آدم لـه إلا الصوم فإنـه لى وأنا أجزى به )) ([7]) .
ولك أن تتصور الجزاء من الواسع الكريم جل جلاله على الصبر .
قال اللـه فيه {إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ} [ الزمر :10]
القاعدة السادسة والأخيرة : تبديل السيئات حسنات
إن اللـه تبارك وتعالى بمنه وكرمه على عباده المؤمنين يبدل سيئاتهم حسنات قال تعالى : { وَالَّذِينَ
لا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا ءَاخَرَ وَلا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ
الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلا بِالْحَقِّ وَلا يَزْنُونَ وَمَنْ يَفْعَلْ
ذَلِكَ يَلْقَ أَثَامًا(68)يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ
وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَانًا(69)إِلا مَنْ تَابَ وَءَامَنَ وَعَمِلَ عَمَلا
صَالِحًا فَأُولَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ
اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًاً } [ الفرقان : 68 - 70 ] .
وفى الحديث الصحيح الذى رواه مسلم من حديث أبى ذر رضى اللـه عنه أنه قال حدثنا الصادق المصدوق صلى الله عليه وسلم فقال : ((
إنى لأعلم آخر أهل الجنة دخولاً الجنة وآخر أهل النار خروجاً منها ، رجل
يأتى به يوم القيامة فيقال : اعرضوا عليه صغار ذنوبه وارفعوا عنه كبارها
فتعرض عليه صغارها ، فيقال له: عملت يوم كذا وكذا ، وعملت يوم كذا وكذا ،
كذا وكذا فيقول : نعم لا يستطيع أن ينكر وهو مشفق من كبار ذنوبه أن تعرض
عليه)) .
وفى هذه الحالة الرهيبة من الرعب والفزع يقال له : ((إن لك مكان كل سيئة حسنة فيقول العبد : ربى قد عملت أشياء لا أراها ها هنا ، قال أبو ذر فلقد رأيت النبى ضحك حتى بدت نواجزه صلى الله عليه وسلم )) ([8]) .
هذا فضل اللـه جل وعلا على عباده المؤمنين .
أحبتى فى اللـه: هذه هى القواعد التى يحاسب اللـه بها العبد يوم القيامة
([1]) رواه مسلم رقم (2577) فى البر والصلة ، باب تحريم الظلم ، والترمذى رقم (2497) فى صفة القيامة .
([2]) رواه البخارى رقم (4487) فى التفسير ، باب قوله تعالى { وكذلك جعلناكم أمة وسطا}، والترمذى رقم (2965) فى التفسير ، باب ومن سورة البقرة .
([3]) رواه الترمذى رقم (3350) فى التفسير ، باب ومن سورة إذا زلزلت .
([4]) رواه مسلم رقم (2969) فى الزهد .
([5])
رواه مسلم رقم (2687) كتاب الذكر والدعاء ، باب فضل الذكر والدعاء وابن
ماجة رقم (3821) فى الأدب وهو فى المسند رقم (21212) واللفظ له .
([6])
رواه الترمذى رقم (2912) فى ثواب القرآن ، باب ماجاء فيمن قرأ حرفاً من
القرآن ماله من الأجر وصححه شيخنا الألبانى فى المشكاة (2137) وهو فى صحيح
الجامع برقم (6469) .
([7])
رواه البخارى رقم (1894) فى الصوم ، باب فضل الصوم ، ومسلم رقم (1151) فى
الصيام ، باب حفظ اللسان ، وباب فضل الصيام ، والموطأ (1/310) فى الصيام ،
وأبو داود رقم (2363) فى الصوم ، والترمذى رقم (764) فى الصوم ، والنسائى
(4/162،165) فى الصوم .
([8]) رواه مسلم رقم (190) فى الإيمان ، باب أدنى أهل الجنة منزلة فيها ، والترمذى رقم (2599) فى صفة الجنة ، باب رقم (10) .