الحب الذي گان
18/03/2011 07:56:33 م
Bookmark and Share
تقدمها : نوال مصطفي
اعرف ان التسامح من فضائل الاخلاق، وقد اوصانا به الدين الاسلامي في اكثر من موقع، والتسامح الذي يأتي من داخل النفس لا بضغوط خارجية يكون اقوي بكثير.. ولكن هل هناك حدود للتسامح؟ وهل هناك افعال يجب ألا نتسامح بها؟.
انا سيدة في اواخر العشرينيات من عمري، متزوجة منذ اكثر من ٦ سنوات ولدي طفل جميل، اعمل علي تربيته كما ينبغي. جاء زواجي عن اقتناع تام بشخصية زوجي، هذا الاقتناع تحول بمرور الوقت في فترة الخطوبة ثم الزواج ثم الانجاب الي حب، كل منا احب الاخر اكثر من نفسه وسخر روحه لرعاية الثاني، عشنا قصة عشق جميلة كأنما يعرف كل منا الاخر منذ سنوات.
مرت الايام والاشهر حتي انجبت طفلي الاول، والحب بيننا هو اسم اللعبة، كل يوم يزداد حبي له وحبه لي، لكن مع الوقت فترت هذه المشاعر الي حد ما، وهدأت جذوة الحب بيننا بطبيعة ظروف ومشاغل الحياة التي تفرض نفسها علينا، لكننا كنا نسرق بعض الساعات من وقتنا نخصصها للرومانسية، نسقي فيها شجرة حبنا من جديد حتي لا تذبل. اعترف انني مع الطفل الاول اصبحت منشغلة عنه الي حد كبير، وقد لاحظت تأثره بذلك كثيرا، وبالفعل بادلني انشغالا بانشغال، فانهمك علي عمله، وأصبح يتأخر كثيرا في الحضور الي المنزل، اعتقد انه كان يفعل ذلك متعمدا، ردا علي اهمالي اياه مقارنة بفترة الخطوبة والسنوات الاولي من زواجنا، ربما يكون هذا حقه لكن الامر اتخذ منحي جديدا. بدأت ألاحظ عليه الارتباك عندما اسأله اين كان، واري في عينيه نظرات الكذب، لا سيما مع تلقيه مكالمات هاتفية يتعمد اخفاءها عني وعدم ابلاغي بهوية المتصل ؟.
انتهزت فرصة نومه قليلا وفتشت في هاتفه لا تأكد مما اشك به، وبالفعل كنت محقة، فقد وجدت رسائل غرامية من اشخاص اطلق عليهم اسماء رجال ربما للتشويش علي تفكيري، وربما من خوفه اذا تصفحت قائمة المتصلين اقصد المتصلات به. في رأيي الشخصي انه يفعل ذلك بدافع الغيرة، فأنا لم اعد اهتم به مثلما كنت افعل سابقا، ذلك لأنني متأكدة من حبه لي، واذا كان هذا صحيحا فأنا مستعدة ان اتسامح معه الي ابعد مدي، لكن اذا كانت الامور مختلفة، فإلي اي حد يمكنني ان اعفو عنه؟ وهل تعتقدين سيدتي انني محقة في تحليلي لموقفه؟.
بالله عليك.. دليني.. ماذا علي ان افعل؟.
المعذبة »ن«
.. الكاتبة:
اري في رسالتك تنهيدة الندم والاحساس بالذنب ليس في حق زواجك الناجح، وقصة حبك الفريدة التي توجت بالزواج، ولكن في حق نفسك، وفي حق زوجك.
اكاد اري دموع الندم، وحيرة القلق علي ضياع قيمة كبيرة، ومعني عظيم في حياتك، فأنت لم تتزوجي زواجا تقليديا، ولم تكوني مجرد زوجة في مؤسسة زوجية تقليدية. انت حبيبة اولا قبل ان تصبحي زوجة وام، فلماذا لم تحافظي علي هذا الكنز الثمين.
فالحب في الارض كما قال الشاعر الكبير نزار قباني نوع من تخيلنا لو لم نجده عليها لاخترعناه.. اذا لماذا نتهاون في التعامل مع نعمة كبيرة من نعم الله علينا؟ لماذا لا نحافظ عليها ونحيطها بالاهتمام والرعاية؟.
وفي ظل اهمال الحب تحدث الفجوة بين الحبيبين، وتتسلل الافاعي مخترقة البناء الذي كان قويا وراسخا وهذه مشكلة الثقة والاطمئنان الكامل لوجود من نحب بقربنا، وتأكدنا من حبه واخلاص، احيانا يتحول هذا الاطمئنان الزائد الي استرخاء، وكسل، وعدم رغبة في بذل مجهود من اجل تجديد المشاعر.
فالحب يا عزيزتي مثل الشجرة يحتاج الي من يرويه، ويقلم اوراقه الذابلة حتي تخرج الاوراق الجديدة مليئة بالحيوية والقوة.. والاحتفاظ بتلك المشاعر الجميلة يحتاج بمجهود مستمر من الطرفين، اما ان يستعذب احد الطرفين تفاني الاخرين محاولة ارضائه واسعاده دون ان يقابل ذلك بمحاولة اكبر ورغبة اعمق في الحفاظ علي هذا الكنز الانساني الجميل فهذا هو الخطأ الكبير الذي نرتكبه في حق انفسنا. والان ما العمل؟.. كيف يمكنك ان تعبري تلك الازمة الحقيقية التي اخترقت حياتك الزوجية السعيدة؟ وكيف تعودين كما كنت الحبيبة التي تزوجت حبيبها، وحققت حلمها.. الذي هو حلم كل فتاة وشاب في ان يتزوج بمن يحب. حاولي ان تستدعي ذكرياتكما الاولي، ابذلي جهدا في استعادة زوجك بكل الاساليب العاطفية والعقلية.. فكري بعقلك: ما الذي يحبه، ما الذي يفرحه، ما اكثر الاشياء التي كان يسعده ان تشاركيه فيها سواء كانت هواية او مكانا يحبه او رحلة يفضلها.
انت اقدر الناس علي معرفة ماذا يريد.. ماذا يحب.. ومهما كانت مقاومته في البداية.. اصبري وتابعي المحاولة بإصرار وتصميم حتي يستجيب، وعندها سوف تعود الذكريات الجميلة تطل برأسها علي حياتكما من جديد.. سوف تظهر له مرة اخري الحبيبة التي افتقدها عندما ذابت في صورة الزوجة التقليدية والام. حاولي وابذلي مجهودا.. اصبري علي مقاومته المبدئية فسوف يستجيب.. المطلوب الصبر.. الصبر.. الصبر.. والمحاولة التي تحمل الاصرار.. والذكاء الانثوي الذي يقرأ جيدا ما يدور في ذهن الحبيب ويتعامل معه بالطريقة التي تقرب وتجذب.. لا تلك التي تبعد وتنفر.
تغاضي عن موضوع الرسائل الهاتفية لا تحدثيه عنها الان.. اقتربي منه بحب وحنان وانوثة.. وافعلي المستحيل لاستعادته.
جربي.. ولن تندمي!.
[b]