نسمات الصباح
في الصباح تتجاوب الديكة صراخ بعضها ببعض وتنتشي من أصواتهن الطيور فتزقزق وتزغرد بأصوات غاية في العذوبة كما يقول الشاعر:
فيا صبح كمش غبر الليل مصعدا ... بِبَمٍّ ونبِّـهْ العفـــاء المـــوشح
إذا صاح لم يخذل وجاوب صوته ... حماش الشوى يصدحن من كل صداح
وفي الصباح تتنزل البركات وتتنسم الجوارح نسمات الهواء العليل الجميل ..وعند الصباح يحمد القوم السرى .
ومما ذكره صاحب كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب قال :
"ومما يدخل في هذا الباب، ما حكي عن أن بعض الأعراب تزوج بأربع نسوة، فأراد أن يختبر عقولهن.فقال إحداهن: إذا دنا الصبح فأيقظيني. فلما دنا الصبح، قالت له: قم، فقد دنا الصبح؟! فقال: وما يدريك؟ قالت: غارت صغار النجوم وبقي أحسنها وأضوؤها وأكبرها، وبرد الحلي على جسدي، واستلذذت باستنشاق النسيم. فقال لها: إن في ذلك دليلاً.ثم بات عند الثانية، فقال لها مثل مقالته للأولى. فلما دنا الصبح، أيقظته. فقال لها: وما يدريك؟ قالت: ضحكت السماء من جوانبها، ولم تبق نابتة إلا فاحت روائحها، وعيني تطالبني بإغفاءة الصباح. فقال لها: إن في ذلك دليلاً.ثم بات عند الثالثة، فقال لها مثل ذلك. فلما دنا الصبح، أيقظته. فقال لها: وما يدريك؟ فقالت: لم يبق طائر إلا غرد، ولا ملبوس إلا برد، وقد صار للطرف في الليل مجال، وليس ذلك إلا من دنو الصباح. فقال لها: إن في ذلك لدليلاً.ثم بات عند الرابعة، فقال لها مثل ذلك. فلما دنا الصبح، قالت له: قم، فقد دنا الصبح! فقال لها: وما يدريك؟ قالت: أبت نفسي النوم، وطلبني فمي بالسواك واحتجت إلى الوضوء. فقال لها: أنت طالق، فإنك أقبحهن وصفا.
أسأل الله أن يجعل صباحكم غاية في النشاط والبركة والهمة العالية ..