لعلك تساءلت!، لعلك ذُهلت!، لعلك لم تُصدق ما سمعت!. خطابات القذافى وأفعاله. يقصف مدنه بالطائرات الحربية! يستأجر المرتزقة لقتل شعبه!. يقول: «المتظاهرون يتعاطون حبوب الهلوسة!. والمعارضون جرذان وكلاب»!. لماذا يتمادى إلى هذا الحد: هل هو مريض العقل كانطباع الناس عنه؟ أم مجرد مهووس آخر بالسلطة والزعامة؟. هنا تبرز أهمية علم النفس فى تحليل شخصيته وفهم الدوافع وراء أفعاله.
الاضطراب الوجدانى، أو الهوس، هذا هو تشخيص القذافى من وجهة نظر علم النفس. لعلك تريد أن تعرف كيف أصبح هكذا!. إنه تفاعل صفاته الوراثية الشخصية مع البيئة المحيطة به.
لقد اكتشف العلماء أن خلايا القشرة المخية – وهى سبب تفوق الإنسان عقلياً عن الحيوان - يكون عددها أقل وسمكها أنحف عند هذه الشخصيات المصابة بالهوس، لذلك تضعف سيطرتها على مراكز الغرائز المشتركة بين الإنسان والحيوان.
فى البدء تتميز هذه الشخصية بنشاط زائد وطاقة عالية. يتكلم كثيراً، يتحرك كثيراً، ينام قليلاً، تتطاير أفكاره بسرعة غير عادية، لكنه يستطيع أن يُقدّر الأمور (ربما يفسر هذا قدرته على الاحتفاظ بخيوط الحكم طيلة هذه السنين).
تتفاقم المشكلة عند حدوث الضغوط (كما هو الحال الآن). وقتها تتطور شخصيته إلى مرحلة الهوس الكامل، تضعف سيطرة القشرة المخية على مراكز الغرائز، فيغلب عليه الميل للعدوان. يصبح عنيفاً فى القول، بذىء اللسان، سبّاق إلى القتل والتدمير. لا يكترث بالآخرين. لأن الآخر بالنسبة له ليس له قيمة. هو لا يُعظّم الذات الإنسانية، أو يعتقد أنه مخلوق كرمه الله.
منطقه واضح فى ذهنه: القوى يفترس الضعيف. الاحتكام للسلاح وليس مُهمّاً النتيجة. لا يخاف الموت، ومستعد لمجابهته، ولا توجد عنده مساحة للمناورة (كما فعل مبارك مثلاً)، إما قاتل أو مقتول!
يؤمن أنه أقوى من العالم، وأهم من الآخرين. يعتقد أنه الزعيم الذى سينقذ العالم، سفينة نوح، التى يركبها الناجون. يسيطر عليه حب الزعامة، والشعور بالقوة والعظمة والسيطرة.
من طبيعة هذه الشخصية المصابة بالهوس أنه لا يهتم بالمال كوسيلة للترف، بل هو أقرب للتقشف بطبيعته، فقط يُسخّره لأهداف الزعامة دون التزام أخلاقى بحقوق الشعوب. لا يُقدّر عواقب الأمور، ولا يبالى بما يحدث للآخرين، يموت الناس، تُفرض العقوبات الدولية على بلده، لا يشعر بالذنب أبداً ولا يعترف بالخطأ، تضخم شعوره بالذات يجعله يشعر أنه دائماً على صواب.
صاحب هذه الشخصية يكون جريئاً، ربما يفسر ذلك قيامه بانقلاب لم تكن أمامه أى فرصة للنجاح، لولا أن شخصيته مندفعة وجريئة وغير مقدرة للعواقب.
والمؤسف أن نعلم أنه لو تلقى علاجاً ستتحسن حالته، لكن للأسف صاحب هذه الشخصية يرفض العلاج لأنه لا يعتقد أصلاً أنه مريض.
آه يا شعوبنا المنكوبة بالطغاة والقساة والمجانين. أيها المساكين وسط السفاحين، الأيتام على موائد اللئام. يسرقون قوتك، ينهبون خيرك، والآن يقصفونك بالطائرات.
وحسبنا الله ونعم الوكيل.