قصة ابنتي بسملة هي مقدمة لمشكلة قد يعتبرها البعض مشكلة إنسانية, وقد يعتبرها البعض قضية وطنية.
فما رأيته في الأشهر الثمانية السابقة لم أره طوال حياتي, ودعاني ذلك لأسرده عليكم, وأرجو من سيادتكم أن تنظروا للموضوع باهتمام وبسعة صدر.
ولدت ابنتي بسملة بعد ميعاد ولادتها بأسبوع بالطلق الصناعي, فشربت سوائل من الرحم, وقال طبيب الأطفال: إنه شفط كل السوائل من بطنها وصدرها, وبعد يومين من خروجنا من المستشفي ظهرت عليها أعراض الصفراء وتم حجزها في حضانة عناية مركزة بمستشفي خاص لمدة52 يوما لأنها كانت تعاني من جود السوائل علي صدرها التي تسببت في مرضها بالتهاب رئوي, وميكروب في الدم, والصفراء, وفي نهاية مدة وجودها بالحضانة اكتشف الأطباء وقود ثقبين في القلب, وبعد خروجها من المستشفي كانت تعاني تيبسا بالمفاصل, وعند فحصها لعمل علاج طبيعي اكتشفنا وجود حصوات بالكليتين.
وبدأت رحلتنا مع كبار أطباء الأطفال والقلب والكلي والتحاليل والإشاعات.
وبرغم كل هذه الآلام كانت ابنتي بسملة تسمعني وتتابعني بنظرها, وتلاغيني إلي أن جاء رمضان الماضي, كانت تعاني كحة وبردا وكتب لها طبيب القلب علاجا لم تتحسن عليه, وذهبنا بها رابع يوم عيد الفطر لعمل تحاليل وأشعات, كان طبيب الكلي طلبها منا, وكشف عليها مرة أخري, فقال طبيب الأطفال: إنهم شوية التهاب علي صدرها, وأعطانا العلاج اللازم, وبعد عودتي بها للمنزل وجدت ابنتي تتشنج وترجع وعندها إسهال, وكانت عينها تنظر في اتجاه واحد لا تتحرك, فاتصلت بالطبيب وقال إنها تشنجات مرارية, وزود لها العلاج, لكن ابنتي لا تتحسن, كانت وقتها ابنتي عندها أربعة أشهر.
اتصلت لحجز استشارة عند الدكاترة الكبار اللي كنا بنكشف عندهم وجدتهم مازالوا في إجازة العيد.
انتظرنا يومين يمكن العلاج يعمل أي نتيجة, لكن بلا جدوي, فذهبنا بها للمستشفي وكشف عليها طبيب صغير, وأكد أنها تشنجات حرارية وما نقلقشي, وبعد خمسة أيام من العذاب وانتظار أي نتيجة للعلاج ذهبنا لطبيب الكلي وقال إنها حالة التهاب سحائي واضحة, ويجب عمل بذل لها وحجزها بالمستشفي.
وتم حجزها بالعناية المركزة في الحميات لمدة أسبوع, وكان حجم مخها بيكبر جدا, وكانت في غيبوبة لما فاقت منها وتم عمل أشعة رنين مغناطيسي علي المخ اكتشفنا وجود مياه علي المخ استسقاء علي المخ, ويلزم عمل عملية شفط بالمخ بتركيب جهاز داخلي لصرف هذه المياه الزائدة.
وقمنا بحجزها في مستشفي خاص لعمل الجراحة اللازمة.
وبعد العملية حدث ضمور في العصب البصري لها وأصبحت لا ترانا ولا يمكنها التحكم في حركة عينيها, فهما زائغتان باستمرار.
وبعد فترة قليلة من العملية كانت تعاني ارتفاعا في الحرارة بشكل مستمر اتحجزت بها في مستشفي الشاطبي لعمل الفحوصات اللازمة لاكتشاف سبب الحرارة, ووجدوا أنها تعاني ميكروبا بالدم, وظلت تأخذ جرعات عالية من المضادات الحيوية لمدة ثلاثة أسابيع, وتحسنت حالتها لمدة يومين, ثم عادت في غيبوبة مرة أخري.
وعادت رأسها تكبر مرة أخري من الترجيع والحرارة والإسهال والجفاف وفقر الدم, فقال لنا طبيب المخ والأعصاب إنها ستحتاج للعلاج فترة طويلة بالمستشفي, وبعد عيد الأضحي دخلت بها مستشفي الطلبة لا عالجها علي نفقة التأمين بعدما استنفد علاجها الفترة السابقة كل ما تملك.
وبعد أسبوع قالوا إن عمليتها فوق إمكاننا في المستشفي وحولونا علي مستشفي الجامعي لتظل به نحو ثلاثة أسابيع ثم يقول الطبيب إنه مش هيعمل العملية عندهم لأن البنت حالتها وحشة ولازم ترجع مستشفي الطلبة نضبطها واتحجزت بها أسبوعا آخر ليقول لي الطبيب مرة أخري مش حنقدر نعمل العملية لأنها لو أخذت البنج حتموت, وتحبي تفضلي في المستشفي ولا تروحي تكملي علاج بالبيت طبعا رجعت لبيتي الذي أصبحت لا أراه بالأشهر.
وذهبنا لطبيب كبير وحكينا له القصة فأمر برجوعها لمستشفي الطلبة وعمل العملية في أسرع وقت لأن البنت لن تتحسن مادام ضغط المخ عاليا والمياه ملأت حجم تجويفات المخ بالكامل, لدرجة أن الطبيب عندما عمل لها بذلا من دماغها ظلت ترشح من كثرة المياه بها.
ودخلت ابنتي العملية بعدما كتبنا الإقرار المعروف, وبرغم صعوبة حالتها الصحية, وقالوا إن جهاز الشفط كان مسدودا وسلكوه وركبوه بزاوية مختلفة, وخرجنا لاستكمال علاجها الوريدي بالمضادات الحيوية بالمنزل, وعلي نفقتنا الخاصة لأن التأمين لا يصرف هذه الأدوية.
ولن أستطيع وصف حالة عذاب ابنتي لتركيب كاتيولا في أوردتها التي ساءت جميعها من كثرة الشكشكة لأخذ العلاج, أو لعمل التحاليل طوال الأشهر السابقة, حتي إن كل شكة إبرة في جسمها كأنها تغرز في قلبي وضلوعي حزنا عليها.
أصبحت ابنتي التي حتي لا تراني لا تتحمل لمسي ليدها خوفا من أني ممكن أكون حشكها بالإبر مثل الدكاترة والممرضات اللي معظمهم من غلاظ القلب.
ابنتي الآن عندها ثمانية أشهر.. ووزنها, وبرغم أن وزن الولادة, ومعظم هذا الوزن في حجم دماغها.
الحمد لله حالة القلب شبه مستقرة لأن ثقبا مهما لحم والآخر لم يبرأ ومازال حجمه ونواصل المتابعة كل فترة عند طبيب القلب.
وتعاني ابنتي من تضخم بالكليتين والحصوات, وتحتاج للمتابعة والعلاج عند طبيب الكلي.
وتعاني تيبسا بالمفاصل وتحتاج لعلاج طبيعي بشكل مستمر, وضمورا بالعصب البصري الذي يقولون إنه ليس له أي علاج علي الإطلاق, وضمورا في بعض أجزاء من المخ.
ومازال حجم دماغها كبيرا وكأنها لم يجر لها أي جراحة, وتحتاج للمتابعة باستمرار عند طبيب المخ والأعصاب, وطبيب أمراض نفسية وعصبية.
قال الطبيب: إنها ستستمر هكذا وليس لها حل, واننا عملنا العملية فقط لنقلل من الضرر الواقع عليها, لأنها لو لم تجر لها هذه العملية كانت ستعاني الشلل ثم تدخل في كومة حتي الوفاة.
ابنتي ذات الأشهر الثمانية تموت ألما كل يوم لا تري ولا ترضع إلا لبنا صناعيا, والأدوية فقط باستخدام أنبوب المعدة ولا تبتسم ولا تشعر بي, وأحيانا أموت ألما عندما أحملها بسبب ثقل دماغها وعينيها الزائغتين فأضعها في سريرها وكلانا يبكي علي آلامه.
ابنتي الرضيعة أصبحت ليس بينها وبين كلمة الطفولة, أي شيء وأشعر أني أصبحت ممرضة لشخص في مرحلة الشيخوخة, ولست أما لطفلة كنت أتمني ملاعبتها وتربيتها تربية صالحة.
وأحمد الله دائما وأدعوه أن يرزقني وزوجي الرضا بعد القضاء ويعيننا علي علاجها وخدمتها دون أن نكل أو نمل.
لا أسرد مشكلتي لطلب إعانة مالية مثلا, أو أن أنال استعطافكم ولكني أريد أن أعرف هل ستظل ابنتي أمامي طوال عمرها المقدر لها بهذا الشكل نائمة بلا حركة, مجرد جسم ينبض ويتألم ويبكي, لا تري ولا تقعد حتي إنها لا تبتسم ليهل لها علاج بالخارج ويمكنكم مساعدتي في هذه الحالة لسفرها وعلاجها أولها علاج بأحد المستشفيات المتخصصة في القاهرة مثلا, فنحن من أهل الإسكندرية.
وأريد أن يبحث أحد فيما رأيته بعيني نتيجة وجودي فترات طويلة في المستشفيات.
رأيت مئات الأطفال بأدمغة حجمها مثل حجم البطيخة, كلهم يعانون من مياه علي المخ, أو ضمور في المخ, أو ورم أو نزيف في المخ, أو كيس أعصاب بالعمود الفقري, وحتي بعد إجراء العمليات الجراحية لهم يعانون من المضاعفات, وغالبا تكون التشنجات المستمرة.
ضمور في العصب البصري, أو عدم القدرة علي الحركة, أو عدم القدرة علي بلع الطعام أو الكلام, أو عدم القدرة علي التحكم في التبول والتبرز, أو يعانون من غيبوبة مستمرة.
الآن أصبح يوجد علاج لبعض أنواع السرطان الخبيث, لكن هذا المرض ليس له علاج نهائي.
مش معقول يكون هو ده الجيل القادم لمصر.. جيل يعاني من أمراض بالمخ والجهاز العصبي.
يا جماعة الموضوع أكبر مما تخيلوا وخلو حد يروح ويشوف بنفسه كمية الأطفال المولودة بمياه علي المخ, أو جالهم بعد فترة من ولادتهم بعدما كانوا أطفالا طبيعيين.
طبعا أنا مؤمنة بقضاء الله, لكن اللي فيه بنتي ده كان له أسباب كثيرة معظمها غلطات وأخطاء أطباء, فالطبيبة التي صممت تولدني بالطلق الصناعي برغم تعسر الولادة, والطبيب الذي أخبرنا بأنه شفط كمية السوائل كلها من صدرها وهو لم يفعل, والطبيب الذي قال إنها مجرد تشنجات حرارية وهي التهاب سحائي, والطبيب الذي مشانا من المستشفي حتي تتحسن حالة البنت برغم أن ضغط المخ كان بيزيد ولا يمكن كانت ستتحسن بهذا الشكل, حتي إنني كنت أتخيل أن ابنتي ستظل دماغها تكبر حتي تنفجر أمام عيني.. اذهبوا لتروا بأعينكم.
الأطفال الذين ينتظرون في قائمة الانتظار لعمل الجراحة في مستفي الطلبة فقط حتي لا يتزايد حجم أدمغتهم وتتزايد مضاعفات المرض عليهم, حتي ان لو أما ذهبت بابنها ودماغه كان لسه حجمها متوسطا, الممرضة تقول لها: انتي جاية بيه من دلوقتي ليه ده لسه دماغه صغيرة, وطبعا كل ما بتكبر الدماغ بتزيد المضاعفات.
والأطفال الذين حالتهم بعد العملية تستدعي وجودهم في العناية المركزة, طالما فيهم نفس يتركوهم في غرفة حادية حتي تتزايد التهابات المخ وميكروب الدم في أجسامهم, والأطباء الذين يجرون العمليات مازالوا أطباء صغارا تنقصهم الخبرة والكفاءة.
أكيد نحن كأمهات وأكيد أطفالنا بياكلوا وبيشربوا سموما ويتنفسون هواء ملوثا حتي يكون مصير أبنائنا بهذا الشكل المؤسف, أو قد تكون الموبايلات الصيني وشبكات المحمول هي السبب!!! أم ماذا؟
لازم حد يبحث في الموضوع ده.
لازم تعرفوا سبب المشكلة الفظيعة دي وتبحثوا في أسباب علاجها.. أرجوكم.. أرجوكم.. أرجوكم.
وياريت كل طبيب وممرضة بيتعامل مع هؤلاء الأطفال أن يعلم أنه يلمس جزءا من الجنة, فابنتي لو رحمها( توفاها) الله وهي صغيرة فهي في الجنة, وإن ظلت هكذا وكبرت بهذه الحالة فهي أيضا بالجنة.
فاتقوا الله وتعلموا الرحمة في التعامل مع هذه الأجسام التي تحيا بيننا اليوم بآلامها, وغدا ستكون بإذن الله تعالي تسعد في الجنة.
أم بسملة