طريقة "الأعشى" في حل مشكلة عنوسة "الأنثى"
ليس يخفى عليكم حجم مشكلة التأخر في الزواج (العنوسة) لدى الإناث في مجتمعاتنا العربية، حتى أنها تتجاوز في بعض الدول الـ 50 % بين الفتيات ممن تجاوزن سنّ الخامسة والعشرين. ولا نكاد نجد حلولاً عمليةً لهذه الظاهرة برغم ما يترتب عليها من نتائج عويصة، وأمراض اجتماعية لا عدّ لها.
هذه المشكلة، واجهت بعض العائلات قديماً فاجترحوا لها حلولاً، وأبدعوا في ايجاد السبل لحلها. وليس هنا مجال لذكرها. ولكن أحببت هنا أن أورد الشاهد والمثل، لبيان نقطة مهمة وهي كيف يستطيع المرء أن يساهم في حل مشكلة ما إن أحسن توظيف مهاراته وقدراته في إبداع طرائق غير مسبوقة لحلها وهي لا تخلو من الملاحة والظرافة.
فهذا الأعشى الشاعر المعروف الذي كان لشعره جَلَبَة في السمع، وروعة في النفس، وأثر في الناس، وكان يُعز بشعره ويُذل .. فما مدح قوما إلا ورفعهم، وما هجا قوما إلا وضعهم .. قد أبدع في توظيف طاقته وقدراته لحل مشكلة عنوسة بنات المحلق. كيف ؟ إليكم الحكاية:
كان المحلق رجلاً من مغموري العرب وفقرائهم، وكان أبا لثماني بنات عوانس، لم يتقدم لخطبتهن أحد لمكان أبيهن من الخمول والفقر .. فاقترحت عليه امرأته وكانت امرأة عاقلة أن يضيف الأعشى .. عله يشيد بذكره ..
فأضافه .. ونحر له ناقة على فقر ..وقدم إليه الشراب واشتوى له من كبد الناقة وأطعمه من أطايبها، فلما جرى فيه الشراب، وأخذت منه الكأس .. سأله عن حاله وحال عياله .. فذكر له بناته ..
فقال الأعشى : كُفيتَ أمرهن .. ومضى فمدحه بقصيدة بليغة ..
وأنشدها في عُكاظ .. تقول بعض أبياتها :
أرقتُ وما هذا السـُّهادُ المؤرقُ....... وما بي من سقمٍ وما بي معشقُ
فاجتمع الناس حوله يسمعون .. إلى أن قال :
نفى الذم عن آل المحلـق جفنةٌ ....... كجـابيَةِ الشيخِ العراقي تفهَـقُ
( الجفنة: القصعة، والجابية: مكان يجمع فيه الماء أو الشراب، تفهق : تمتليء )
فما أتم القصيدة إلا والناس يتهافتون ويتوافدون إلى المحلَّـق يهنؤونه، والأشراف من كل قبيلة يتسابقون إليه يخطبون بناته لمكان شعر الأعشى .. فلم تـُمسِ واحدة إلا في عصمة رجل أفضل من أبيها ألف ضعف (أرأيتم مثل هذا الحلّ السحري ؟!!).
فيا ترى، كم "أعشى" نحتاج لحل ظاهرة العنوسة في مجتمعاتنا ؟!.
__________________
ناقشوا معنا:
الفرار من الفراغ
__________________________________________________ ____
كيف يستقيم الظلٌّ والعود أعوج ؟!!
[b]