يشكو الرجل من أن زوجته نكدية.. وأن بيته تحول إلي قطعة من الجحيم.. يعود إلي بيته فتداهمه الكآبة.. يطالعه وجه زوجته الغاضب.. المتجاهل.. الصامت أو.. الثائر. بيت خال من الضحك ويغيب عنه التفاؤل !! ويقول في بيتي ( غراب ) نكدي !!
فهل النكد ( طبيعة المرأة)؟؟ وهل كل الرجال ملائكة مبتسمون (متفائلون)!! ؟؟
تلقيت العديد من الرسائل من رجال يشكون من زوجاتهم النكديات ويسألونني عن كيفية التعامل معهن.
واخترت تلك الرسائل الثلاث :
• الرسالة الأولي
الرسالة الأولي من رجل يقول : غراب هو الذي يسكن بيتي ويشاركني حياتي.. تزوجتها منذ 18 سنة وطوال هذه السنوات وأنا عايش في نكد دائم وجحيم لا يطاق ولكني أتحملها من أجل أبنائي الثلاثة !!
منذ أن أفتح عيني في الصباح تبدأ مباراة النكد وتفتعل المشاكل من لا شيء، وتستمر في الثرثرة والكلام بدون ملل لمدة ساعة أو أكثر وهي المدة التي أتناول فيها إفطاري وألبس ملابسي وأقرأ الجريدة وإن كنت لا أستوعب منها شيئا من كثرة الكلام الذي يسمم البدن !!
وأحاول أن أكتم غيظي حتي لا أنفجر وأضربها أو حتي أخنقها لأخمد هذا الصوت الذي يشبه نعيق الغراب، كل ما أستطيع فعله هو الهروب الدائم من البيت ولا أعود إليه إلا في ساعة متأخرة من الليل عندما أتأكد من نومها !!
فزوجتي كثيرة الشكوي والتذمر وتفتعل المشاكل.. فما من مرة نذهب فيها لحضور إحدي المناسبات الاجتماعية السعيدة أو حتي الحزينة إلا ونعود منها، ونحن في حالة شجار وصراخ ونكد يدوم لمطلع النهار !!
والسبب علي حد قولها أنها ضبطتني أنظر لإحدي الفتيات الشابات الجميلات.. تصوري هل تريد أن تمنعني حتي من النظر للناس حتي التليفزيون فهي تحرم علي مشاهدة الكليبات للمطربات بحجة أنهن خليعات وتفرض علي مشاهدة الأخبار أو مباريات الكورة فقط !!
ويا ويلي لو رجعت البيت ووجدتها مستيقظة فما أن تراني حتي تهجم علي وتفتش جيوبي وتقلب في الموبايل وتري كل المكالمات الواردة والصادرة وحتي الميسد كول !!
وفي هذه الأثناء توجه إلي سيلا من الأسئلة : كنت فين ؟؟ ومع مين ؟؟ عملت إيه؟؟ شفت مين ؟؟ آه أكيد صاحبتك القديمة إللي كنت ماشي معاها قبل الزواج.. قالت لك إيه ؟؟ وقلت لها إيه ؟؟ ومائة سؤال في الدقيقة وأستحلفها أن تصمت وترحم تعبي وأعصابي، ولكن بلا فائدة.. ألم أقل لك غراب يسكن بيتي !!
• الرسالة الثانية
الرسالة الثانية من زوج يشكو أنه متزوج من ( أم قويق ) من زوجة ( وش مشاكل ) ويقول: منذ أكثر من 12 سنة وأنا أعيش في حجيم لا يطاق مع زوجة كل همها أن تنكد علي.. فمنذ بدايات زواجنا وهي لا يعجبها العجب إذا طلبت مني اليمين وأحضره لها تسألني طب أين؟؟
الشمال ؟؟ إذا طلبت مني أن أحضر لها في أثناء عودتي للمنزل لبنا وزبادي ما إن تراني حتي تسألني أين البيض والجبن ؟؟ أقول لها إنك لم تطلبيهما تقول لي : وهي دي عايزة قوالة !! ما أنت عارف إننا محتاجين.. إذا طلبت منها أن تأتي معي لزيارة أمي تقول لي ليه ؟! وما تزورش أمي أنا ليه ؟؟
باختصار أنا متزوج من ( شريك مخالف ) أقول لها الغرب تقول الشرق المهم أن تعترض وأن تفتعل المشاكل وتصرخ طول الوقت وتنكد علي !! دي أعمل معاها إيه ؟؟
• الرسالة الثالثة
الشكوي الثالثة يشكو فيها رجل من نكد زوجته، ولكنه من نوع فريد وخاص ويقول : بعد أن كان نكد زوجتي في البداية عاديا، والذي يعرفه معظم الرجال ويتمثل في الصراخ وكثرة الشكوي من أي شيء.. أصبحت الآن علي العكس تماما فهي صامتة دائما.. أكلمها لا ترد.. تنظر لي من فوق لتحت.. لا تشاركني شيئا.. أطلب منها أي طلب أجدها تمصمص شفتيها ولا تتحرك من مكانها أري هذا كله، وأكتم غيظي وأشعر أن بداخلي بركاناً ثائراً سينفجر بين اللحظة والثانية.. وأنا أخشي من لحظة الانفجار تلك.. فربما أقتلها.. أو أخنقها بيدي لأتخلص بقي من الجحيم ده إللي أنا عايش فيه!!
••
سأبدأ بالرد علي تلك الرسالة الأخيرة وأقول :
هل هناك بالفعل ( نكد ) لزوجة يكون مظهره ( الصمت التام ) وهل يعتبر هذا نوعا من أنواع النكد ؟؟
الإجابة نعم.. هناك نوع من أنواع النكد يكون مظهره الصمت فالزوج يسأل زوجته ويحدثها وهي لا ترد وتظل صامتة.. والحقيقة أن هذا الزوج لا يعرف أن زوجته بصمتها الغاضب إنما تدعوه إلي الكلام !! إنها تصدر له رسالة وإن كانت رسالة سلبية بالطبع ولكن هذه تكون طريقتها في التفاهم لأنهما لم يتعودا علي طريقة أكثر إيجابية في التفاهم.. ويقلق الزوج.. ويكتئب ثم يغلي في داخله، وينفجر وتشتعل النيران.. وبذلك تكون الزوجة نجحت في استفزاز الزوج إلي حد الخروج عن توازنه، لأنها ضغطت علي أهم شيء يوجع رجولته وهو التجاهل أو عدم الاعتراف بوجوده.. ولكن هذه ليست حقيقة مشاعرها.. فهي تغلي أيضا لأنها غاضبة من شيء ما..
ولكنها لا تتكلم ربما يمنعها كبرياؤها.. فهذا الزوج يخطئ في حقها وهو لا يدري أنه يخطئ وربما تكون أخطاؤه غير إنسانية ربما يكون متجاهلها عاطفيا أو جنسيا.. ربما بخيل معها ماديا، ربما أصبح سلوكه مريبا، وهي تشك في خيانته لها.. ربما وربما.. هناك عشرات الاحتمالات.. ولكنه لا يدري أنها تتألم ولكنها لا تتكلم !!
إننا هنا أمام رجل لا يعرف ما يضايق زوجته ويؤلمها وإننا أمام زوجة تكتم انفعالاتها وتحترق بالغضب وهي تلجأ إلي أسلوب سلبي في الرد علي زوجها فهي تشيع جوا من النكد في البيت وبشكل غير مباشر.. وتظل الزوجة تستفز زوجها بهذا الأسلوب حتي يثور.. وربما لا يثور..
واستمرار حالة الاستفزاز تلك معناها غياب المودة والرحمة والحب بينهما وهي أهم دعائم نجاح الزواج واستقراره.. وربما يلجأ البعض إلي أسوأ أنواع الاستفزاز وأخطره علي الإطلاق ألا وهو إثارة الغيرة والشك في الطرف الآخر !! وهكذا ينقلب الأمر إلي ( عناد ) واستمرار الزوجين في العناد معناه عدم النضج أو معناه أن أحدهما يعاني ألما نفسيا حقيقيا وأن الطرف الآخر يتجاهل عن عمد أو غير عمد هذا الألم.
الخطأ الأكبر الذي يقع فيه الزوجان في هذه الحالة هو أن يجعلا مشاكلهما تتراكم بدون مواجهة بدون توضيح، بدون حوار بصوت عال.. بدون أن يواجه كل منهما الآخر بأخطائه أولا بأول.. ما الحل إذن ؟؟
الحل أن يرفع كل منهما شكواه إلي الآخر بشكل مباشر ويجب الاستمرار والمثابرة في عرض الشكوي حتي تصل إلي ضمير الطرف الثاني.. فقد يكون تجاهل الزوج لزوجته ليس عن قصد أو سوء نية، ولكن لأنه لا يعرف، لا يعلم بمتاعبها لأنها لم تتحدث إليه، ولم تعبر عن نفسها بشكل واضح وصريح.. فالأمر يحتاج إلي تنبيه رقيق.. إشارة مهذبة.. تلميح راق.. وكلمات تشع ذوقا وحياء.. فهذا هو أصل المودة والرحمة والحب وهي كما ذكرنا أهم دعائم الزواج الناجح !![b]