فجأة و بدون مقدمات يصبح الزوج ( فص ملح و ذاب ) يختفى رب الأسرة دون إنذار ، و يلقى ربان سفينة العائلة بمسئولياته على الأرض .. تاركاً وراءه زوجة لا تجف دموعها و أطفالاً خائفين ينتظرهم المجهول .
- إنها ظاهرة مزعجة تُثير أسئلة حائرة ، خصوصاً أن الإحصائيات تؤكد أنه فى محكمة الأحوال الشخصية بالقاهرة فقط توجد 11 ألف دعوى رفعتها زوجات يطلبن الطلاق من أزواجهن الذين هربوا و لا يعرفن لهن طريقاً .
- هؤلاء الزوجات يرفضن الاستسلام لوضع القائم و لا يردن أن يبقين هكذا معلقات حتى يظهرزوج الغفلة من مخبئه .
- ( آمال . ك ) تقول بعد قصة زواج و انجاب 4 أبناء فوجئت بزوجى العامل باليومي يختفى من حياتنا لا حس و لا خبر ، بحثت عنه فى كل مكان يمكن ان يُوجد به و أبلغت الشرطة ، لأنه تركنى احمل هم الأولاد حتى أننى اخرجتهم من المدرسة لعدم قدرتى على دفع مصروفاتهم ، و أُشهد الله أننى لم أُثقل عليه فى الطلبات ، كما تفعل كثير من الزوجات و إنما هو الذى وجد نفسه عاجزاً عن الوفاء باحتياجات الأبناء فآثر الهروب ناسياً أن هذه أنانية و عدم تحمل للمسئولية و أنا أقول له ( إذا كنت تهرب و تتركنا لمصيرنا المجهول فمن الذى سيصرف على أبنائك ؟ و هل الهروب هو الحل ؟
- ( نانى تروى مأساتها بالدموع فتقول : تزجت منذ 6 أشهر بزميلى بعد التخرج فى الجامعة ، تحدينا كل الظروف و وقفنا فى وجه عائلتى التى رفضته لأنه خريج حديث و لم يكون نفسه مادياً بعد ، و جاء بأسرته و تم الزواج و كأية زوجة انتظرت ما تتمناه كل فتاه ليلة الدخلة ، لكنه فشل و تكرر الفشل أياماً و أسابيعاً ، و فى كل مرة كان يعتذر و كنت أقف بجانبه أهدئ من روعه و اشجعه لكن دون جدوى ، إلى أن جاء يوم إختفى فيه تماماً و أخذنا فى البحث عنه فلم نجده ، و حررنا محضراً فى قسم الشرطة بتغيبه و الآن مرت 8 أشهر و أنا زوجة مع إيقاف التنفيذ .
- و إذا كان الفشل الزوجى هو ( الفاعل ) فى الحالة السابقة فإن الموقف يبدو غير مفهوم عند ( آية . ص ) حيث تقول : كأى زوجين كانت حياتنا تتراوح ما بين السعادة و الخناقات فيوم هكذا و يوم هكذا لكن مع ضغوط الحياه و مصاعبها زادت أيام الخناق و الشجار و يوماً بعد يوم كنت ألاحظ تغيب زوجى عن البيت باليوم و الإثنين و حينما كنت أساله يقول تأخرت مع زملائى و نمت عند أحدهم ن و هكذا حتى فوجئت ذات يوم بأنه لم يعد و انتظرت اليوم الثانى و الثالث و أسبوعاً و شهراً لكنه لم يعد ، سألت عنه كل معارفه و زملائه و ذهبت إلى عمله المؤقت فوجدته متغيباً هكا بكل بساطة تركنى مع لبنى محمد ( 5 سنوات ) و هاجر ( 3 سنوات ) و طالما أنه تخلى عن الوقوف بجلنبنا و هرب فلا يستحق أن أظل فى إنتظاره ، خصوصاً بعد أن مر على غيابه عام كامل و لم يسأل عنا .
- أما (هالة . س ) فتبدو مصيبتها أخف وطأة إذ تقول ( أنا أرملة و أم لطفلين ) الولد 7 سنوات و البنت 5 سنوات و أعمل محاسبة بإحدى الهيئات البترولية و أتقاضى مرتباً كبيراً و أُقيم فى شقة واسعة بمنطقة حدائق القبة ، و بعد وفاة زوجى أغلقت قلبى و رفضت كل نداءات الأهل و الأصدقاء بضرورة الارتباط ثانية ، و قررت التفرغ تماماً لطفلىّ لكن فجاة وجدتنى منجذبة لزميل لى فى العمل جاء منتدباً لفترة طويلة بمقر الهبئة بالقاهرة و سريعاً تم ارتباطنا ( عرفياً ) بعد أن أحبه الطفلان و أخبرنى أنه متزوج ابنة عمه زواجاً تقليدياً و ليس عن حب و لذلك لم ينجب منها ، و مرت الأيام سريعة و إذا بفترة إنتدابه تنتهى و يعود إلى بلده و تنقطع أخباره مر أكثر من عام حالياً ، و لم أتلق منه مكالمة و كلما إتصلت به فى العمل أخبرونى أنه فى أجازة .
- ( عبير محمد سالم ) لم يهرب فقط زوجها بل ابنها كذلك ، و تركاها بمفردها تتحمل ( كارثة ) قرض من البنك ، تقول ذات يوم جاءنى زوجى و عرض على فكرة الاقتراض من البنك لعمل مشروع تجارى املاً فى تحسين مستوانا الإقتصادى و الإجتماعى ، و خصوصاً بعد أن كبر الأولاد و زادت أعباؤهم و متطلباتهم و لم يعد عمله باليومية يكفى لسد احتياجاتنا بالفعل اقترض مبلغ 20 ألف جنيه و وقعت أنا فى خانة الضامن ، و للأسف فشل المشروع فشلاً ذريعاً و تعثرنا فى سداد أقساط البنك الذى لم يُمهلنا طويلاً و قام بمقاضاتنا و لم يقف زوجى بجانبى بل هرب و اختفى من حياتنا تماماً ، لكن البنك لم يتركنا فى حالنا و طلب توفير ضامن آخر على أن يت منحنا قرضاً آخر لعمل مشروع تجارى حتى نسدد الديون القديمة و الجديدة فكان هذا الضامن هو ابنى الأكبر ، و إذا بنفس الفشل يتكرر و كذلك هرب ابنى ، و هكذا هرب زوجى و ابنى و السبب ديون البنك و لا أعرف لهما طريقاً حتى الآن .
- و ( ع ) صارحها زوجها أكثر من مرة بأنه يفكر فى الهرب من الحياة الزوجية ( لقد شار حظى العاثر أن أرتبط برجل يعشق المال إلى درجة العبادة ، صحيح أنه لا يبخل علينا نحن أسرته المكونة منا ولد و بنتين ، لكن فيما يتعلق فقط بالمأكل و المشرب ، أما فيماعدا ذلك فــ ( تركيبة العفاريت ) إذا جاءت سيرة مصاريف أخرى كالملابس أو تغيير محل الإقامة الذى ضاق علينا جداً خصوصاً بعد أن كبرت البنتان و الولد و جميعهم ينامون فى حجرة واحدة مع حماتى .
الأعجب من هذا أنه يمتلك ثروة كبيرة و الحمد لله أننى لا أتحدث معه فيها بل هو الذى يُثير موضوعها أو امه أو إحدى أخواته ، فأجده يقول سأشترى لكم منزلاً ثم اهرب و لن تعرفوا لى ( طريق جره )و كنت أظن أن الموضوع مجرد كلمة ( فش غل ) و لكنى فوجئت بتنفيذه لهذا التهديد ، لكن دون شراء المنزل .
- الخبير الاجتماعى الدكتور أحمد المجدوب - المستشار بالمركز القومى للبحوث الاجتماعية و الجنائية - يُرجع ظاهرة هروب الأزواج إلى عدة أسباب على رأسها الظروف الاقتصادية الصعبة التى تمر بها الكثير من الأسر و يعجز أمامها الأزواج عن تأمين متطلبات الحياه الأساسية و الضرورية فيرى الزوج أنه غير قادر على توفير أقل القليل و زوجته لا تُقدر ذلك و تُثقل عليه بكثير من المتطلبات فيجد أن الهرب هو الحل ، و الزوجة هنا تظهر الزوج فى صورة الرجل الذى لا يستحقها لأنه لم يحقق لها رغبتها فى امتلاك أو شراء كذا و كذا مثل أختها أو بنت خالتها أو جارتها فهى دائماً تضعه فى محل مقارنة مع أزواج الأخريات و كثيراً ما نرى الأبناء يرددون كلمة مثل ( إذا لم تكونوا قادرين على الوفاء بمتطلباتنا فلماذا أنجبتمونا ؟ّ! ) .
- أضف إلى هذا الزوجة سليطة اللسان دائمة الشجار و الصوت العالى و كل ذلك يؤدى إلى تمهيد المناخ العام أمام انفجاؤ الوضع و هروب الزوج .
- الدكتور منتصر محمود مجاهد - الأستاذ بكلية التربية جامعة قناة السويس - يرى أن بيوتنا تعيش هذه الأيام حالة من عدم الاستقرار النفسى و المعنوى ن أدت إلى تفاقم المشاكل بداخلها فأبحت جحيماً لا يُطاق ، و هذا ما يُرجعه البعض إلى الأزواج و البعض الآخر يُرجعه إلى الزوجات ، و لكن المؤكد أن المسئولية يشترك فيها الطرفان .
و يُضيف د . مجاهد : إن الغالبية ترجع السبب إلى الزوجات مستدلين على ذلك بما كان منذ فترة قصيرة من الزمن حيث كانت البيوت تعيش استقرار و مودة أكثر بكثير مما هو الوضع عليه حالياً ، و يعزون ذلك إلى أن الزوجة قديماً كانت تُقدر الظروف و تضحى ، و إن كان البعض يتقول على هذه الفترة بأن المرأة بأن المرأة كانت فيها مقهورة و ليس لها صوت فأقول و ماذا فعل صوتها عندما خرج ؟ لقد كانت هذه النتيجة التى نعرفها فى المحاكم .
- أضف غلى ذلك وجود عدة عوامل أدت إلى هروب الأزواج مثل تسلط المرأة بطريقة استفزازية دون مراعاة لما للرجل من حقوق ، فضلاً عما يتحمله الرجل من أعباء رهيبة فى ظل الظروف الطاحنة ، فضلاً عن خوف الزوج مما يترتب على الطلاق من أعباء و إن كان هذا لا يعفى الأزواج أنفسهم من المسئولية طبعاً .
نقلاً عن جريدة الاثنين 27 - 6 - 2005
بالإتفاق مع الجريدة
لو جربته ح ترجع تانى
يونيو2005