المرأة : القوة الناعمة ـ إيمان القدوسي
كانت الثغرة التي هدمت نظريات ( فرويد ) في علم النفس أنه جعل المرضي مقياسا للأصحاء ، وهو نفس المنطق الذي يمكن تطبيقه علي الملف الضخم المسمي ( قضايا المرأة ) من الطبيعي وسط ملايين الزيجات أن يفشل بعضها ، وبين ملايين الأزواج أن يكون هناك البعض ممن يتصف بالقسوة وقهر الزوجات وتضييع حقوق الأبناء ، ولكن ذلك لا يصلح أساسا للحكم والتشريع علي كل الرجال .
الغالبية العظمي من الرجال تحرص علي البيت والأسرة وترعي حقوق الزوجة والأبناء وتبذل قصاري جهدها من أجلهم وتحبهم وتتقي الله فيهم ، أما ما يحدث في كل بيت ـ أحيانا ـ من شد وجذب وخصام ومصالحة وشكوي ودموع يعقبها صفاء ومودة فهي أمور طبيعية تماما بل وعلامة صحية أيضا ، ولنقل أنها ( ألعاب عاطفية ) تقوم بها الزوجة ويستمتع بها الزوج ، وهي تدل علي عمق العلاقة وحيويتها وتجذرها داخل النفس ، وتشبه أمواج البحر مد كاسح هادر مخيف يعقبه جذر هادئ رقراق صافي ومن خلالهما تتألق روعة الحياة .
التدخل لصالح المرأة لحمايتها من بطش الرجل من قبل المدافعين عن حقوق المرأة يشبه الاندفاع الغشوم الذي يحدث أحيانا من أهل الزوجة ضد زوجها في خلاف بسيط فيكبره ويحوله لمعركة لم تكن الزوجة نفسها تريدها وربما ينهي الحياة الزوجية للأبد علي أطلال مصلحة الزوجة والأبناء التي قامت المعركة أصلا من أجلهم .
عدد كبير من هؤلاء يعتبرون ( ملف قضايا المرأة ) منجم للخير والمال الذي يتدفق عليهم من جهات كثيرة معنية بتغيير هوية المرأة المسلمة وسحبها من خندق الأسرة لتصبح نسخة غير أصلية من النموذج الغربي المراد تعميمه ونشره في العالم أجمع ، وبعد قانون الخلع الذي خرب كثيرا من البيوت هناك مطالبة بجعل العصمة في يد الزوجة منذ بداية الزواج ، وانطلقت بالفعل حملة جديدة بعنوان ( حملة الأيادي البيضاء للدفاع عن قضايا المرأة ) تدعم المرأة في حربها الافتراضية ضد الرجل وتمدها بوسائل إضافية للاستقلال والاستغناء عنه .
خلقت ( حواء ) من ضلع ( آدم ) وجعل الله عز وجل المودة والرحمة والسكن أساسا لعلاقتهما ولا تستقيم تلك العلاقة أبدا في أجواء الصراع والتخوين وتبادل الاتهام ، ومنذ بدء الخليقة والمرأة تعرف جيدا كيف تتعامل مع زوجها وتأخذ حقها منه وتتعايش معه بوسائلها الفطرية الناعمة التي تنجح معه دائما .
إن تلك الحملات والتشريعات لا تأتي بالخير أبدا ، فهي تشحن نفسية المرأة ضد الرجل وتجعل الحذر يحل محل الثقة في نفسها ويجعلها تتخلي عن كثير من صفاتها الأنثوية الأصيلة لتحفز قوي الحرب داخلها وتبقي دائما في حالة استعداد لأي هجوم متوقع ، وهو ما يفسد عليها حياتها ويحرمها من الاستمتاع بها ، أما بالنسبة للرجل فإن مزيدا من القيود يجعله ينفر من تبعات الزواج وإذا تزوج بامرأة تأثرت بتلك الحملات الإعلامية الظالمة فإن تحفزها ضده يثير لديه أسوأ صفاته ويبشر بمعركة قادمة .
يحتاج المجتمع فعليا لتيسير الزواج للجنسين وليس لتعقيده والتنفير منه ، وتعليم الفتاة والشاب سبل التعاون والعشرة بالمعروف وليس زرع بذور الشك والحذر بينهما، ولو أن الأموال التي تنفق في تلك الحملات الدعائية الجوفاء وجهت لحل الأزمة الاقتصادية التي تعرقل سبل العفاف وتؤجل زواج الشباب سنوات وسنوات وتسهم في إطالة طابور العنوسة للفتيات لكان ذلك أجدي وأفضل .
ارفعوا أياديكم البيضاء عن المرأة واتركوها في حالها فهي تعرف جيدا كيف تتعامل مع الرجل الذي يكمل حياتها ويحبها ويحترمها وإن كانت لديكم نوايا طيبة حقا فلتكن في مجال تيسير الزواج مثل إنشاء مساكن للشباب بتسهيلات مريحة وإيجاد فرص عمل لهم بأجور مجزية وتوفير أثاث ومستلزمات منزلية بسعر التكلفة للمتزوجين حديثا ، وتعليم الفتيات مهارات ربات البيوت ورعاية الطفل وأصول التعامل مع الزوج لتنجح حياتها الزوجية ولا تصطدم سريعا بصخور الطلاق ، نحن نحتاج كل الجهود التي تسهم في تماسك الأسرة ـ حصن المجتمع الأخير ـ وتوقف تفككه.
المرأة هي القوة الناعمة تتميز باختلاف وسائلها عن الرجل وقدرتها علي احتواءه ،وهي لا تحتاج من يحميها منه ولكن تحتاج من يدعمهما معا ويعينهما علي الزواج وتأسيس أسرة صالحة وحل مشاكلهم الاقتصادية والمجتمعية المزمنة ، ولن تجدي معها محاولات من يسعون لتأليبها ضد الرجل ومن يريدون أن يمنحوها عضلات أو يضعوا لها شوارب .
المصدر : http://100fm6.com/vb/showthread.php?t=53803 - 100fm6.com[b]