الثعبان الابيض..قصة قصيرة بقلم فاتن
جاء الصباح يوزع ألوانه بريشته الرقيقة على لوحة الليل السوداء.. فإستحال الظلام بنور الشمس الى لوحة بديعة الألوان ..استيقظت من نومها ونهضت متكاسلة واتجهت الى المرآة لتصلح ما أفسدته فى أحلامها ..أمسكت بالفرشاة لتمشط شعرها فتسمرت يداها وحملقت فى هلع الى المرآة...ارتعدت يداها ..اقتربت من المرآة تتحقق مما رأته فربما خدعتها عيناها ... وأطلقت صرخة مكتومة .. وتساءلت فى فزع ... ما هذا الثعبان الابيض الذى يتلوى فوق رأسى ؟؟
مرت دقائق قبل ان تتمالك نفسها ....اقتربت مرة ثانية من المرآة وراحت تدقق النظر الى وجهها .. كيف لم تنتبه من قبل الى ما فعله الزمن بها . لقد نقش بإزميله نقوشا لا تنمحى فوق صفحة وجهها ..وزحفت جحافل التجاعيد اليه فى غفلة منها ..واذا بها وقد ذوى جمالها الغض ..اصابت من شيبتها الليالى ..افاقت فوجدت نفسها وقد تسللت مواكب الصبا منها وأبحرت سفينتها رغما عنها نحو شواطئ الكهولة ...
لم تنتبه الى تسرب الايام من بين يديها وهى ترقب ابنها وابنتها وهما يكبران كنبتة زرعتها ورعتها فأنبتت اجمل الرياحين احفادها ..وامسكت بألبوم صورها وراحت تتأمل صور خطبتها وزفافها .. همست فى اسى ... كم كنت جميلة .. كوردة بدأت لتوها تتفتح .. قربت الصورة من عينيها لتتفحصها.. ووجدت وجهها صافيا لم يكن الزمن قد خط عليه خطوطه بعد ..وتمنت لو يعود بها الزمن الى الوراء ولكن هيهات ..
وأفاقت من تأملاتها على قرع بالباب ... فتحت ...فإذا به حفيدها ادهم ..قد بدأ يخطو أولى خطواته ... حملته واحتضنته فى حنان بالغ وانستها فرحتها بحفيدها وبأولى خطواته ...انستها قبلة ابنتها وابتسامة ابنها ..ثعبانا ابيض يزحف ويتسلل فى هدوء بين شعراتها !
[code][b]