منتهى أملي مشرف منتدى الشعر والهمسات الرومنسية
عدد المساهمات : 680 نقاط : 906 تاريخ التسجيل : 31/07/2009 العمر : 34
| موضوع: من لآلىء القلوب.. الصدق السبت 1 أغسطس 2009 - 14:59 | |
| بسم الله الرحمن الرحيم الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين
الصِّدقُ يتصدَّر مكارم الأخلاق كما تتصدَّر الشمس مجموعةَ الكواكب فهو روضةُ القلوب الغنَّاء، وزهرةُ المروءةِ الفيحاء، وابتسامةُ الضَّمائر الواعدة.
الصِّدق بساطُ المحبَّة الناعم، وعُرى الألفة المتماسكة، وظلُّ السِّدرة المتراخي في وقت الهاجرة.
وُلِد معَ أول إطلالةٍ للشمس على ربوعِ البريَّة، وهمى مع أول سحابةٍ ماطرة بثَّت ظماءَ التلال أشواقَها البِكر، وفاح مع أول نسمةٍ شذيَّة هبَّت على أرجاء المعمورة، فعانقت حِمى البيت العتيق، وتعطَّرت - وهي معطَّرة - من أَرَجِ السماء الزكيِّ.
تكتنفُ سَمْتَهُ طلعةٌ رائقة ذاتُ مهابة ووَقار، وتعلو جبينَه مسحةٌ لطيفةٌ من الوَسامة.
هو درَّة في ليلٍ تدجَّى، وبريقٌ في جوهرة لم يحجُبْ سَناها طينُ القيعان أو زَبَدُ الموج الثائر.
قرأتُ عنه في الكتب فوجدته في أروع السُّطور، وأٍسمى المقامات، وأرفع الدرجات.
ونشدتُه في الناس فوجدتُه في أزكاهم نَفساً، وأطيبهم مَحتداً، وأحاسنهم أخلاقاً، وأنقاهم قلباً.
بحثتُ عنه في الشعر فوجدتُه وقد استحوذَ على أبلَغ الصُّور البيانيَّة، وأعذب التعابير وأرقِّها.
ما أشبهَه بالكلأ الزاهي الذي يحرِّكه نسيمُ الصَّبا المندَّى من صدى عشق الفجر المبارك، في الوقت الذي يَعجِز فيه دَويُّ الرَّعد الغاضب وثورةُ الزلازل المهتاجة عن تحريكه.
لكم جرَّبت من الأصدقاء فكان الصدقُ هو الأوفى، ولكم عاشرتُ من الصُّلَحاء فكان الأصلحَ..
كيف لا ؟! وهو صوت الحقِّ، ولغة البيان، وثمرةُ الإيمان.. قال تعالى: {يا أيُّها الَّذينَ آمَنوا اتَّقُوا الله وكُونُوا معَ الصَّادِقين}[1].
فما أبلغَها من آيةٍ أبرَزت قيمةَ الصِّدق، وجعلته أشبهَ بجذرِ الشَّجرة الذي تتغذَّى منه الأغصان، فالأوراق، فالبراعم، ثمَّ الثمار اليانعة.
وأما إذا عَقِمَ الجَذرُ، وأصابه المرضُ فأنَّى لأغصان الشَّجرة أن تتجمَّل بالأوراق الزَّاهية، أو تُعطي الثَّمر اللذيذ؟
عن ابن مسعودٍ رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلَّم قال: ((إنَّ الصِّدقَ يَهْدي إلى البِرِّ، وإنَّ البِرَّ يَهدي إلى الجنَّة، وإنَّ الرَّجُل ليَصدُقُ حتَّى يُكتبَ عند الله صِدِّيقاً، وإنَّ الكَذِبَ يَهْدي إلى الفُجُور، وإنَّ الفُجُورَ يَهْدي إلى النَّار، وإنَّ الرَّجُلَ ليَكذِبُ حتَّى يُكتَبَ عندَ اللهِ كَذَّاباً))[2] متّفق عليه.
نعم هذا هو الصِّدق المثمرُ الذي تشكَّلت ملامحُ روعته في نفس الصادق الأمين والمبعوث رحمة للعالمين محمد صلى الله عليه وسلَّم، فاقتدى به محبُّوه، وأنصفه حسَّادُه الكفرة ومبغضوه، وذاك الذي عرفه أبو بكر جِبِلَّةً فعُرف به منارةً، و سكنَ قلبَ رِبْعِيِّ بن عامر فواجه به أكاسرةَ الباطل، وترعرع في صوت عمر، فوصل بإذن الله إلى جبال العراق ليُلامِسَ أذن سارية..
ماشى بلالاً فتحدَّى به زعماءَ الكفر والطُّغيان، وراح ينثُر إشراقات كلمة التوحيد عبرَ صوته الحاني غَماماتٍ تُظلُّ الحَزانى واليَتامى، وبيارقَ من المجد تُؤجِّج في النفوس جَذوةَ الإيمان، وترسمُ ملامحَ دروبِ الهداية التي تَخِِِذَت من غارِ حِراء نُقطة الانطلاق.
لعمري إنَّ شُعاع الصِّدق نفَّاذ، ومعانيه كثيرةُ الامتِداد، وأينما حلَّ فهو محبَّب ومنعَّم، فما أنداه في قُلوب الآباء وعلى ألسنتهم، وهو يتحدَّر سَلسبيلاً عذبَ المذاق يتلقَّفه الأبناء، ويُسكِنونَه قُلوبَهم ومحاجرَ عيونهم.
وما أعذَبَه حينما يتدفَّق مع حنان الأم، تلكم المربيةُ العظيمة التي تصنعُ أمجادَ الأمم، وتَحوكُ بَيارق العزَّة.. وأنعِم به من خصيصة في شخصية المعلِّم، فيشجِّع الطلابَ الصادقين، ويقوِّم مَن لم يأخذ الصِّدق مأخذَه فيه.
فمَن كان الصِّدق مَبدأه فليَهنَأ عَيشاً، وليَطمئنَّ بالاً؛ لأنه مُمسكٌ بسَنام الحقِّ وحِبال التوفيق.
وورَدَ في صحيح مسلم عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال:
((مَن سألَ اللهَ سبحانه وتعالى الشَّهادةَ بصِدقٍ بلَّغَه الله منازلَ الشُّهداء، وإن ماتَ على فِراشِه)) رواه مسلم[3].
ولسموِّ مَقصِد الصِّدق ونُبل مَكانتِه تناوله الكُتَّاب أجملَ تناول، فأودعوا في ثنايا حُروفه السنيَّة أحسنَ الكَلِم
يقول أمين الرَّيحاني:
"ازرَع الصِّدقَ والرَّصانَة تَحصُدِ الثِّقَةَ والأمانَة"[4].
ويقول إبراهيم اليازجي:
"الصِّدق عَمود الدِّين، ورُكن الأدَب، وأصلُ المروءة"[5].
ويقول الكاتب العالمي ديوجين:
"الصادقُ مَن يَصْدُقُ في أَفعالِهِ صِدقَه في أَقواله"[6].
ورحمَ الله شوقي إذ قال: والمرءُ ليسَ بصادقٍ في قَولِهِ... حتَّى يُؤَيِّدَ قَولَه بفِعالِ
ورحم الله الشاعرَ الذي قال: الصِّدقُ أفضلُ شَيءٍ أنتَ فاعِلُهُ ...لاشَيءَ كالصِّدقِ، لا فَخرٌ ولا حَسَبُ
ورحم الله القائل: ما أَحسنَ الصِّدقَ في الدُّنيا لقائِلِه... وأقبحَ الكِذْبَ عِندَ اللهِ والنَّاسِ
اللهم ارزقنا الصدق والإخلاص فى القول والعمل اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين .
منقول
| |
|
النفس عابرة سبيل مدير المنتــدى الاســلامى
عدد المساهمات : 2684 نقاط : 4123 تاريخ التسجيل : 01/08/2009 العمر : 34
| موضوع: رد: من لآلىء القلوب.. الصدق الأحد 2 أغسطس 2009 - 13:32 | |
| بسم الله الرحمن الرحيم حبيبتى منتهى أملىجميل جدا هذا الموضوع تسلم ايديكى يارب ربنا يبارك فيك ويكرمك بكل خير حبيبتى لك منى أجمل تحية | |
|