رسم
المصحف وتطوير خطه
القرآن الذي خطّه الخليفة الراشد عثمان بن عفان، من أقدم المصاحف.
الآيات 72-83 من سورة يٓس و 1-14 من الصافات، بخط المشق.
الآيات 4-13 من سورة هود، بالخط الحجازي المكي.
صفحة مصحف بالعربية والترجمة الصينية بين الكلمات.
إن المقصود برسم المصحف الخط أو الطريقة التي كتبت فيها حروف المصحف
وفقًا للمصاحف العثمانية. إن القرآن في عهد النبي وفي عهد عثمان كذلك لم
يكن مكتوبًا بنفس الطريقة التي نراها اليوم، فقد كانت الكتابة آنذاك خالية
من التشكيل والنقط والأرقام، ومعتمدة على السليقة العربية التي لا تحتاج
لهذا التشكيل. ولم يتغير هذا الحال إلى أن بدأت الفتوحات واختلط العرب
بالعجم، وبدأ غير الناطقين بالعربية يقعون في أخطاء في قراءته. فكان من
الضروري كتابة المصحف بالتشكيل والنقاط حفاظًا عليه من أن يُقرأ بطريقة غير
صحيحة.
وكان التابعي أبو الأسود الدؤلي (16
ق.هـ. - 69 ه) أول من وضع ضوابط اللسان العربي، وقام
بتشكيل القرآن بأمر من علي بن أبي طالب (21
ق.هـ. - 40 ه). وجعل آنئذ علامة الفتحة نقطة فوق الحرف،
وعلامة الكسرة نقطة أسفله، وعلامة الضمة نقطة بين أجزاء الحرف، وجعل علامة
السكون نقطتين. وبعد موت أبي الأسود الدؤلي بردح من الزمن تابع وسار على
منواله بعض العلماء، من بينهم الخليل بن أحمد الفراهيدي (100-174
هـ) الذي كان أول من صنف كتابًا في رسم نقط الحروف وعلاماتها، وهو أول من
وضع الهمزة والتشديد وغيرها من علامات الضبط، ثم دوّن علم النحو ليكون
ضابطًا لقراءة القرآن ليقرأ بشكل سليم لا يخل بمعناه.
ثم بعد ذلك مر رسم المصحف في طور التجديد والتحسين على مر العصور، وفي
نهاية القرن الهجري الثالث، كان الرسم القرآني قد بلغ ذروته من الجودة
والحسن والضبط، حتى استقر المصحف على الشكل الذي نراه عليه اليوم من الخطوط
الجميلة وابتكار العلامات المميزة التي تعين على تلاوة القرآن تلاوة واضحة
جيدة واتباع قواعد التجويد.
[عدل] كراسي
القرآنمنذ بداية نزول القرآن وانشغال المسلمين البالغ به وبتعلمه، تفرَّعت
حوله عدة علوم ومعارف، منها ما كان هدفه تفسير القرآن والوقوف على معانيه،
ومنها ما اختص بالطريقة الصحيحة لتلاوته وغيرها من العلوم التي قامت حول
القرآن وفي خدمته.
وعلوم القرآن كثيرة ومتنوعة. وكان قراء الصحابة هم
الأوائل في معرفة علوم القرآن، والعِلْم بالناسخ والمنسوخ، وبأسباب
النزول، ومعرفة الفواصل والوقف، وكل ما هو توقيفي من علوم القرآن. وخلال
فترات التاريخ الإسلامي برز في كل عصر علماء اختصوا في مجال من مجالات علوم
القرآن، فألفوا في مختلف فنون هذا العلم.
فمنذ عهد النبي كان الصحابة يستفسرون منه عما أُشكل عليهم من معاني
القرآن، واستمروا يتناقلون هذه المعاني بينهم لتفاوت قدرتهم على الفهم
وتفاوت ملازمتهم للنبي، وبذلك بدأ علم تفسير القرآن. والذي روي عن هؤلاء الصحابة
والتابعين لا يتناول علم التفسير فحسب، بل يشمل أيضًا علومًا أخرى منها علم
غريب القرآن
وعلم أسباب النزول وعلم المكي والمدني وعلم الناسخ والمنسوخ وعلم القراءات وغيرها من العلوم.
وقد كتب العديد من المفسرين مصنفات في تفسير القرآن منهم الطبري والترمذي وابن كثير، والزمخشري(معتزلي)، ومحمد حسين الطباطبائي(شيعي). (انظر كتب التفسير).
وبعد نسخ عثمان بن عفان للقرآن، سمي ب المصحف العثماني، وسميت كتابته ب الرسم العثماني،
بدأ الاهتمام بـ "علم الرسم القرآني". وفي خلافة علي بن أبي طالب عندما وضع أبو الأسود الدؤلي بأمر منه قواعد النحو صيانةً لسلامة النطق وضبطً قراءة القرآن، بدأ
علم "إعراب القرآن".
ومع دخول غير الناطقين باللغة العربية في الإسلام، ظهرت الحاجة لظهور علوم
أخرى تتعلق ب تلاوة القرآن
تلاوة صحيحة، فظهر علم التجويد وأحكام القرآن.
وبهذا استمر اهتمام المسلمين بالقرآن وبعلومه حتى يومنا هذا، فظهرت علوم
أخرى مثل علم إعجاز القرآن. ومع انتشار الإسلام والفتوحات الإسلامية ووصول الإسلام إلى شتى أنحاء العالم، ظهرت الحاجة إلى ترجمة القرآن وترجمة علومه، فظهر علم الترجمة. وطبقا للشريعة الإسلامية ما زال القرآن نبعًا
للمزيد من هذه العلوم لمن أراد أن يبحث في خيراته ويتأمل في عجائبه
وإعجازه. ومهما كانت الترجمة دقيقة فلا يجوز التعبد بها ولا تعتبر نصا معجزا
لأن النص العربي كل كلمة فيه تحمل معاني كثيرة وترجمتها لمعنى واحد منها
يقصر الفهم في هذا المعنى ويحد من استنباط أحكام جديدة للقضايا والنوازل
المستجدة على الدوام.
[عدل] وصف
القرآن في القرآن
- ﴿ذلك الكتاب لا ريب فيه هدىً للمتقين﴾ سورة البقرة:2.
- المصدّق لسائر الكتب السماوية وهو الهدى والبشرى لأهل الإيمان: ﴿قل من كانَ عدوًا لجبريلَ فإنّه
نزّله على قلبَك بإذن الله مصدّقًا لما بين يديه وهدىً وبشرى للمؤمنين﴾
سورة البقرة:97.
- المبين للناس والموعظة للمتقين: ﴿هذا بيانٌ للناس وهدىً وموعظةٌ للمتقين﴾ سورة آل عمران:138.
- المخرج للناس من الظلمات إلى النور: ﴿الر كتاب أنزلناهُ إليكَ لتخرجَ النّاس من الظّلمات إلى
النّور بإذن ربهمْ إلى صراط العزيز الحميد﴾ سورة إبراهيم:1.
- المذكِّر: ﴿طه ما أنزلنا عليك القرآن لتشقى إلاّ تذكرةً لمن يخشى﴾سورة طه:1-3، وكذلك الآية الأخيرة من سورة القلم.
- أحسن الحديث والكتاب المتشابه: ﴿اللهُ نزّلَ أحسنَ الحديث كتابًا متشابهًا مثانيَ تقشعرّ
منهُ جُلود الذين يخشونَ ربّهم ثم تلين جلودُهُم وقلوبهُم إلى ذكر الله
ذلك هدى الله يهدي به من يشاءُ ومن يُضلل اللهُ فما لهُ من هاد﴾ سورة الزمر:23.
- هو خير من كل ثروة: ﴿قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ
فَلْيَفْرَحُوا هُوَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ﴾ سورة يونس:58[5].
- إنه الهدى ومصدر الشفاء للذين آمنوا : ﴿وَلَوْ جَعَلْنَاهُ قُرْآنًا أَعْجَمِيًّا لَقَالُوا
لَوْلا فُصِّلَتْ آيَاتُهُ أَأَعْجَمِيٌّ وَعَرَبِيٌّ قُلْ هُوَ لِلَّذِينَ
آمَنُوا هُدًى وَشِفَاءٌ وَالَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ فِي آذَانِهِمْ
وَقْرٌ وَهُوَ عَلَيْهِمْ عَمًى أُولَئِكَ يُنَادَوْنَ مِنْ مَكَانٍ
بَعِيدٍ﴾ سورة فصلت:44[6].
[عدل] القرآن
معجزةقال الله :
﴿قُلْ لَئِنِ اجْتَمَعَتِ الْإِنْسُ وَالْجِنُّ عَلَى
أَنْ يَأْتُوا بِمِثْلِ هَذَا الْقُرْآنِ لَا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ
كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيرًا﴾ سورة الإسراء:88.
طبقا للشريعة الإسلامية فالقرآن هو معجزة الإسلام التي جاء بها النبي
محمد. والمعجزة هي حدث لا يمكن تفسيره حسب قوانين الطبيعة. وهذا الحدث إنما
هو تحدٍ للبشر المعارضين لأمر الدعوة لإثبات صدقها وأنها من عند الله.
والبشر بطبيعتهم، كلما جاءهم نبي طلبوا منه معجزة كدليل على صدق نبوته.
ويذكر القرآن أن النبي محمد قال له قومه:
﴿وَقَالُوا لَوْلَا أُنْزِلَ عَلَيْهِ آيَاتٌ مِنْ
رَبِّهِ﴾ سورة العنكبوت:50.
ومن حكمة الله أنه كلما أعطى رسولًا معجزة كانت موافقة للمجال الذي برز
فيه قوم هذا الرسول وتمكنوا منه. فقوم عيسى كانوا مهرة بالطب فكانت كذلك معجزة عيسى
بأنه يحيي الموتى ويبرئ الأكمه والأبرص بإذن الله، فكانت معجزته أقدر من
قدرتهم. وقوم موسى امتازوا بالسحر، فجاءت معجزته مبطلة لهذا السحر،
فألقى العصى فأصبحت ثعبانًا يلتقط سحرهم، وكذلك كانت معجزة كل نبي في مجال
امتياز قومه. والعرب في الجاهلية قبل الإسلام قد عُرفوا بفصاحة اللسان،
وقدرتهم على الشعر، فقد كانوا مولعين بالفصاحة والبلاغة والجمال اللغوي
ولهم معلقاتهم الشعرية والنثرية وكانت البلاغة العربية ذات
شأن عظيم.
فلما بدأت دعوة النبي محمد كانت معجزته، هي كتاب فيه من البلاغة
والفصاحة وجمال الأسلوب اللغوي ما عجز فطاحلة العرب من الرد عليه والإتيان
بمثله حتى عندما دعاهم لذلك كما في الآية:
﴿وَإِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِمَّا نَزَّلْنَا عَلَى
عَبْدِنَا فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِنْ مِثْلِهِ وَادْعُوا شُهَدَاءَكُمْ مِنْ
دُونِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ﴾ سورة البقرة:23 والآية:
﴿أَمْ يَقُولُونَ تَقَوَّلَهُ بَلْ
لَا يُؤْمِنُونَ، فَلْيَأْتُوا بِحَدِيثٍ مِثْلِهِ إِنْ كَانُوا
صَادِقِينَ﴾ سورة الطور:33-34.
فطبقًا للشريعة الإسلامية القرآن معجزة لغوية عجز عن الرد عليها إلى
اليوم كل البشر. وليس ذلك فحسب، بل القرآن من وجهة نظرهم فيه من المعجزات
ما عجز البشر عن الرد عليه، لذلك يعتقد الكثير من المسلمين بوجود ما يسمونه
بالإعجاز العلمي والطبي،
الذين يعنون بهما وجود علوم في القرآن لم تكن معروفة في عهد النبي محمد،
ولا يمكن لبشر أن يعرفها وقت نزول القرآن، بل بعضها أشياء اكتشفها العلم
حديثًا، وتقام سنويا مؤتمرات للعلماء المسلمين لبيان أمور علمية جديدة
موجودة في القرآن.
منقول والفضل لله أولا وأخيرا