هناك بين جوانح الإنسان أحلام وخيال يتجسد في بعض الأحيان أمام عينية ويهم نفسه إنه واقع وحقيقة ملموسة بين يديه فيسعى بكل الطرق والسبل لكي يحقق ما يملأ حدقتيه ويسود على عقلانيته ويضع جدار من الخيال ليحول بينه وبين عقله ويحقق الاستقرار والواقع للوهم الذي نبت بين أحضان حلمه ونفسه ويدافع عنه بكل إسرار .......
وفي بعض الأحيان يلهو بنفسه وعقله بين جوانح حلمه ويرتمي بين أحضان وهم نسجه من خياله وهروبه من واقعه الذي لا يريد أن يعترفا بهي ولا يقرر إلا حقيقة واحدة ألا وهى حلمه الدفين الذي يسعى وراء تحقيقه ....
فهل يا ترى ما هذا الوهم والخيال الذي يخدع بهي نفسه أيام وربما سنين وربما العمر بأكمله هذا الوهم يتجسد في جنين ينبت بين أحشائه هذا الجنين يطلق عليه من المسميات اسم ( الحب ) ويسعى في سبيل هذا الجنين إلى تلبية كل متطلباته وتقديم كل التنازلات التي تساعده أن ينمو ويكبر أمام عينيه ويتجسد في شخص يشعر تجاه أن وليده ملك له وليس لأحد سواه وبين لحظة وأخرى يمتلك هذا الوليد ويقوى ويصبح كله شباب وقوة ويغدو السيد الذي يأمر ولابد من طاعته وعندما يطلب يجاب بلا استفسار أو فهم أو حتى تعليق على ما يطلبه وينحي العقل عن مكانه ويصبح هو العقل والروح والنفس وكل ما يملك الإنسان ........
وعندما يصل هذا الكائن إلى ما يرغب ويهب زمام أمره للشخص الذي تجسد هذا الوليد فيه وتفتح صفحاته كلها أمامه يجد هذا الوليد الضعيف مارد يجلد كل ما وهبه له وينتزع من بين أحضانه كل إحساس بالأمان والحنان والوجود والحياة فيجد الدنيا بأكملها تعتصره بين ضلوعها فتختلط ضلوعه وينتزع منه أنفاسه التي كانت تهب له الحياة والوجود ويجد نفسه محصور في دائرة لا يجد منها مفر ولا كيفية الخروج منها وكلما حاول الهروب تضيق الدائرة أكثر وأكثر ويجد كل ما شعر بهي سياط تجلده وتلقي بهي في بئر الوحدة والتساؤلات التي لا تنتهي ويتمنى معها أما أن يذهب عقله كما ذهب قبل ذلك أو أن يكون في واقع أخر غير الذي أفاق على مرارته وظلمته وجدران حيرته ويجد يديه خاوية ونفسه ممزقة منزوعة الروح ويحاول النهوض ولكن هيهات أن يقف على قدميه ويجد نفسه وقلبه وحلمه وروحه قد وهبهم لوهم خادع ليس له قلب وليست له أرواح تحلق بهي بين أحضان السماء وتتوجه على عرشها وتعود بهي إلى أرض الواقع ملك يكون هو الأوحد وليس في الكون بأسره سواه ولكنه عندما أفاق وجد نفسه بين أحضان أرض ملوث بغدر وخيانة وظلمه تملك عليه كل حياته ولم يجد إلا دموع وألم وحيرة ونفس ممزقة الأشلاء تحاول أن تلملم أشلائها وتستر نفسها بدموع تملأ الأحداق والنفس والروح علها لا تجد العيون التي تنظر إليها بإشفاق وعطف على ذبيح ظن أن وليده يوما سيكون سكنه وملاذه وردائه ولكنه وجد حقيقة واحدة ألا وهى إنه ستر نفسه بوهم جعله عاري ليس فقط أمام الناس بل أمام نفسه ............
لذا نجد أن الإنسان عندما يخدع نفسه بما يسمى بالحب عندما يشعر بهي يجده كل الحقيقة والواقع الذي لا يرغب أن يعيش في دنيا إلا والحب سيدها ومالكها والحاكم والذي يأمر فيطاع ....
وعندما لا يجد غير النكران والكلمات المعسولة والخيال الوردي فيجد إن ما كان يحلم بيه ويتمناه ويجعله السيد على عقله ويملكه زمام أمره ويعطه الحق في أن يقلب صفحاته كيفما يشاء وفي الوقت الذي يرغب فيه يجد إن كل ما كان وهم وخيال نسج من خيالة .....
ولكنه عندما يعود إلى نفسه مرة أخرى لا يكون كما كان حالم عاشق صفحة بيضاء عندما يكتب فيها حرف يقرأ بل يعود وبداخله ظلمة ودموع وألم وحزن وندم على ما كان وأمنية أن يكون هو ليس بطل لهذا الوهم فكان يتمنى أن يكون مجرد مشاهد يرى ليأخذ حزره ولكنه للأسف هو بطل الوهم الزائف مسطر بين حنايا روحه وقلبه نسيجه الزائف وطعنات سلبته أعز ما كان يملك ويعيش بين أحضان ظلمة حالكة من التساؤلات التي لا تأتي إلا بحيرة ودموع وندم .....
ومن هنا نجد الحب وهم كبير يخدع الإنسان بهي ويعيش بين أحضان خدعة كبيرة اسمها الحبيب..