Bookmark and Share
علي عفيفي لص يعتقد أنه كان علي حق عندما أنزل العقاب علي نفسه وقطع يديه تحت عجلات القطاروربما كان لا يدرك أنه لا يملك الحق في إنزال هذا العقاب ببدنه حتي يعاقب نفسه بهذه الطريقه...
فجسد الإنسان كله لله ولكنه فعل ذلك وانتهي الأمربالنسبة له حتي لا يتمكن من العودة إلي ممارسة السرقة مرة أخري بعد أن شعر بتأنيب الضمير والحزن علي ضحاياه الذين اكتشف أن بعضهم كان أكثر منه فقرا وأشد حاجة منه إلي المال الذي يسرقه منهم ومع ذلك يشعر بأنه أكثر شرفا من اللصوص الكبار الذين سرقوا شعوبهم لأنه ببساطة عاقب نفسه علي جرائمه بينما هؤلاء اللصوص لم يحذوا حذوه ويدافعون عن أنفسهم بالباطل ليهربوا من عقاب القانون .
ويؤكد أن أكثر الجرائم التي اقترفها وندم علي تنفيذها سرقته لحقيبة سيدة اكتشف أنها كانت تقوم بتربية عددمن الأطفال الأيتام وأنه كان يتأثر بشدة عندما كان يرتكب الجريمة ويري اثرها في دموع أبيه وهو ينظر إليه وفي صوت أمه التي تلطم خديها خوفا من الفضيحة كلما ارتكب جريمة سرقة وعاد إلي البيت.
ويتذكر علي أول مرة مارس فيها عملية السرقة عندما كان طفلا صغيرا ويقول كنت أغضب من زملائي في المدرسة عندما أجد في أيديهم الحلوي والسندوتشات وأنا أتضور جوعا لأن أبي كان رجلا فقيرا في القرية التي نعيش فيها فلم أجد أي طريق أسير فيه سوي أن أتحول إلي لص ولو صغيرا وكان الضحايا من أطفال المدرسة زملائي كنت أسرق منهم الحلوي والسندوتشات وأقتسمها مع زملائي من الأطفال الفقراء الذين كانوا في مثل ظروفي من فقراء القرية وكان ابن العمدة يغيظيني لأنه كلما رأني نادي علي زملائه وصاح فيهم وهو يردد: علي الحرامي ثم يضيف: كنت لا ألقي بالا لسرقة الأقلام والمساطر والكراسات من زملائي إلا بالنذر اليسير وكلما ضربني المدرس لأنني حضرت إلي المدرسة بدون مسطرة أو قلم وكراس ويبتسم علي للحظة ثم يواصل قوله: كان يهمني أن أسرق طعاما لأني كنت محروما منه والغريب أنني وجدت الأطفال الفقراء مثلي لا يهمهم إلا سرقة الطعام والحلوي من محلات البقالة ولذلك عندما كبرت وصرت لصا مشهورا في قريتنا لم أرتكب أي جريمة سرقة بالإكراه علي الإطلاق كل ما في الأمر أنني كنت أغافل الضحية وأخطف وأجري وكنت أخطف الشيء الذي أنا فقط في حاجة إليه, كأن أقوم بخطف موبايل.
ويستطرد علي: كنت أسيرمرة بجوار مأتم في القرية ووجدت أصحاب المأتم يقدمون الطعام للمعزيين داخل سرادق العزاء فشعرت في هذه اللحظة بالجوع الشديد وتمنيت لو أكلت من هذا الطعام وقمت بخطف دجاجة مشوية من علي المائدة وجريت ولكن أهل الميت جروا من خلفي وأمسكوا بي واستعادوا الدجاجة المشوية بعد أن أكلت نصفها وأنا أجري ثم سلموني لأبي الذي قيدني بالسلاسل وخافت أمي من الإساءة لسمعة أخواتي البنات فلا يتقدم أحد لخطبتهن وكان قلبي يتمزق من أجل أمي وأبي وإخوتي الذين يستشعرون الإحساس بالعار بسببي ولكني لم أستطع الفرار من داء السرقة وكأنها تحولت عندي إلي مرض لم تفلح دموع أبي وأحزان أمي في غسل هذا العار الذي التبس جسدي.
قطع اليد الأولي
وعن اللحظة التي فكر فيها في قطع يده وإقامة الحد علي نفسه يقول: عندما ضاقت كل السبل الحلال في وجهي ولكن اللحظة الحقيقية التي فكرت فيها في قطع يدي عندما سرقت 15 ألف جنيه من محل حلويات كنت أعمل به ووضعت منها عشرة آلاف جنيه داخل مرتبة سريري وبدأت أنفق علي ملذاتي في الطعام والشراب من الخمسة آلاف جنيه الأخري فذهبت إلي مطعم شهير للوجبات الخفيفة وتناولت طعاما فاخرا كما كان يفعل الأغنياء وبعدها عدت إلي قريتي وأعطيت لجاري صاحب محل البقالة مبلغ ألف جنيه لتنشيط تجارته والإنفاق علي أولاده واندهش الرجل لموقفي السخي معه ولكن بدأ يتشكك في مصدر هذه الأموال وذهبت إلي جار آخر وأعطيته مبلغ خمسمائة جنيه كمساعدة ولكن الجارين اللذين أحسنت إليهم أبلغا والدي الذي واجهني بالسرقة فاعترفت له وأعطيته المبلغ وأعاده إلي صاحب المحل وطلب وعندما عاد إلي المنزل ربطني بجنزير حديدي وضربني بقوة وهو يبكي من وقع الفضيحة التي تنتظره لو أن صاحب المحل أبلغ رجال الشرطة وقاموا بالقبض علي ولكن أبي توسل لصاحب المحل ألا يبلغ البوليس بالواقعة .
وعندما رأيت دموع أبي تسيل علي خديه قررت أن أعتزل السرقة مهما تكن النتائج فادحة ولم أجد طريقة سوي أن أعاقب نفسي عقابا لم يفعله أحد من قبلي ووجدت أن قطع ذراعي اللتين أستخدمهما في السرقة هو الحل الوحيد الناجح للتوقف عن السرقة تماما وذهبت إلي محطة السكك الحديدية بمدينة طنطا وسألت عن مواعيد وصول القطاروعندما شاهدت أول قطار يأتي بسرعة من بعيد ليدخل المحطة وضعت ذراعي علي القضيب الذي تسير عليه عجلات القطار وما هي إلا لحظات حتي وجدت نصف ذراعي يتطاير في الهواء وبعد أن أفقت من هول الصدمة ذهبت إلي منزلنا وأول ما قابلت كانت أمي شمرت لها عن ذراعي المقطوعة وبعدها لم أر أمي إلا وهي تسقط علي الأرض مغشيا عليها من هول ما رأت.
اليد الثانية
وعن قصة قيامه بقطع ذراعه الثانية يقول علي حاولت البحث عن وسيلة شريفة لكسب الرزق الحلال ولكن الناس كانوا كذابين ومنافقين ولم يساعدني أحد حتي من المشايخ الكبار وأعضاء مجلس الشعب والفنانين الذين لجأت إليهم أطلب المساعدة والرزق الحلال من خلال فرصة عمل شريفة ولن للاسف لم أجد فعدت لممارسة السرقة بذراعي الأخري بعد أن زين لي الشيطان سوء عملي وعندما كنت في أحد المستشفيات الحكومية وجدت موظفة تترك حقيبة يدها علي مكتبها فأخذت الشنطة في غفلة منها وذهبت بها بعيدا وعندما فتحتها وجدت داخلها ستة جنيهات وعرفت من الأوراق أن هذه الحقيبة تخص أما تربي أطفالا أيتاما فتأثرت بذلك كثيرا وبكيت بشدة علي هذه الأم وأطفالها وتمنيت لو أعدتها إليها وفيها الجنيهات الستة وزيادة ولكنني خفت من الفضيحة وفي هذه اللحظة قررت قطع ذراعي الثانية التي امتدت وسرقت حقيبة هذه الأم المسكينة وذهبت مرة أخري إلي محطة القطار ووضعت ذراعيي الثانية علي قضبان السكك الحديدية وتركت القطار يسير عليها بسرعة وبعد ساعات عدت إلي منزلنا وأخبرت أبي وأمي بأنني قطعت ذراعي الثانية وحينها صرخت أمي واجتمع أهل القرية علي صراخها وشعروا بالخوف واتهموني بالجنون وأنا لست بمجنون ولكن أردت أن أتطهر من ذنوبي وقد حكمت علي نفسي بما أستحق من عقوبة.[b]