للهدية مفعول السحر في قلب ونفس متلقيها.. فهي لغة حب وتقدير راقية بصرف النظر عن قيمتها المادية, سواء كانت غالية أو زهيدة, حيث إن قيمتها الحقيقية عادة ما تكون في الأثر الجميل الذي تتركه في القلوب..
ومع حلول احتفالات الكريسماس ورأس السنة, ينشط موسم التهادي بين الكثير من الناس, والذي يكون مصحوبا عادة بأمنيات الحب والخير للعام الجديد, أما سبب المداومة علي هذه العادة فيعود إلي أسطورة سانتا كلوز الشهيرة.. وهي شخصية بارزة في احتفالات نهاية العام, والمعروف أنه رجل يبدو سعيدا دائما, سمين جدا.. ضحوك.. يرتدي بزة حمراء زاهية.. ذو أطراف بيضاء, وتغطي وجهه لحية كثيفة ناصعة البياض كالثلج الأبيض.
وقصة سانتا كلوز أو بابا نويل كما يطلق عليه الشرقيون مستمدة من قصة القديس نيقولاوس, وهو أسقف مدينة ميرا الذي عاش في القرن الرابع الميلادي, ويقال إن المطران نيقولاوس كان يقوم ليلا بتوزيع الهدايا والمؤن للفقراء والعائلات والمحتاجين, دون أن تعلم هذه العائلات من هو الفاعل..
والقديس سانت نيقولاوس من أصل يوناني ولد وحيدا لوالدين من أعيان مدينة ميرا, وكان طفلا ذكيا.. ثم شابا نابها متعلما, ورغم ثرائه الشديد, فقد قرر أن يلتحق بالدير ويقدم جميع أمواله للفقراء لكن دون أن يشعر أحد بذلك.
ومن بين هؤلاء الفقراء رجل كان من الأغنياء وساءت حالته وفقد كل ثروته.. وكانت له ثلاث بنات لا يستطيع تزويجهن بسبب فقره الشديد, فقام نيقولاوس بوضع مبلغ من المال داخل كيس وتسلل ليلا إلي منزل هذا الرجل, ثم ألقي الأموال من النافذة دون أن يراه أحد.
وفي الصباح استيقظ الرجل فوجد المال ففرح جدا وقام بتزويج ابنته الكبري ثم كرر نيقولاوس نفس العملية مع الابنة الثانية إلا أن الرجل الفقير أراد أن يعرف السر الحقيقي وراء كل هذا المال, فظل ساهرا طوال الليل, وعندما شعر بسقوط كيس المال داخل المنزل, أسرع خارجا وشاهد نيقولاوس الطيب وهو يجري بعيدا محاولا الاختباء..
ومن هنا تحولت هذه الأسطورة إلي مصدر لمتعة الكثير من العائلات عاما بعد عام.. والأم تقضي موسم الكريسماس في التسوق وشراء الهدايا الظريفة لأطفالها.
أما الطفل.. فهو يحلم ويحلم بما سيأتي به بابا نويل وتأتي ليلة الكريسماس بالنوم مبكرا مع وضع تفاحة بجانب السرير لبابا نويل عندما يأتي بعد منتصف الليل مجهدا وجائعا.. وبعد أن ينام الطفل يتسلل الوالدان ويستبدلان التفاحة بالهدية التي ما إن يراها الطفل في الصباح حتي يمتلئ قلبه بالفرح الشديد الممزوج بالبراءة, وهو ما لا يقدر بثمن في نظر الأهل..
وعلي نفس المنوال تنتشر عادة تقديم الهدايا ذلك الموسم ما بين جميع أفراد الأسرة الذين يقومون بوضع هداياهم تحت شجرة الكريسماس المزينة بالأضواء الملونة المبهرة وفي ليلة رأس العام وبعد إضاءة أنوار العام الجديد, يقوم كل فرد بفتح هداياه التي يكون أصدقاؤه وأقاربه قد اختاروها له بعناية بما يتوافق مع ميوله واهتماماته.
أما في المحال التجارية فتنتشر في ذلك الموسم روح البهجة والمرح حيث تنشط حركة البيع بصورة ملحوظة وتمتلئ المتاجر بالألعاب والأجراس والكرات الملونة وأشجار الكريسماس.. وجميعها مظاهر رائعة مرتبطة بالاحتفال برأس السنة, حيث تبدأ المحلات في عرض ماسكات خاصة بسانتا كلوز بقبعته الحمراء وذقنه الأبيض, بالإضافة إلي البالونات والطراطير وأدوات الزينة.
وأيضا من عادات وطقوس بعض الطوائف اليونانية أن تقوم الأسر بالوقوف في الشرفات عند حلول منتصف الليل تكسير العديد من الأطباق القديمة في الشوارع.. كدليل علي تخلصهم من كل ما هو صائب أو سليم في حياتهم السابقة وتطلعهم لمستقبل جديد ومشرق.. وما أن يقوموا بذلك حتي يعودوا إلي البحث عن هداياهم ومقتنياتهم الجديدة الراقدة أسفل شجرة الكريسماس.
وحتي العشاق والمحبون يكونون من متبادلي الهدايا التي يعبرون بها لبعضهم البعض عن عمق المحبة ورقة المشاعر.. ومن المعروف أن الشوكولاتة تعد من أفضل هدايا الكريسماس.. خاصة الأصناف المميزة منها والغالية الثمن.. بالإضافة إلي أنواع الزهور النادرة خاصة زهرة الكريسماس الشهيرة ذات الأوراق العريضة داكنة الحمرة والتي لحكمة من الله تزدهر وتنمو مع حلول أعياد واحتفالات رأس السنة من كل عام.. ثم تصاب بالذبول وتموت فور انتهائها..
أما بالنسبة للأطفال فهم يسعدون كثيرا بأنواع الألعاب المختلفة.. وإن كانت بعض الهدايا المميزة من شأنها أن تضفي علي قلبهم الصغير بهجة وفرحة غير عادية.. مثل اقتنائهم لأحد أنواع الحيوانات الأليفة مثل الطيور الملونة أو أسماك الزينة أو القطط الشيرازي والكلاب الجريفون.. جميعها هدايا تحظي بترحيب شديد من الطفل عادة الذي يسعد بها كثيرا بينما تصيب الأهل بحالة من الارتباك في بعض الأحيان لشعورهم بالمسئولية نحوها لتوفير الرعاية الخاصة والمطلوبة, لذلك يفضل الكثيرون الهدايا العملية مثل الملابس والألعاب أو الأدوات المكتبية.. والحقيقة أن قيمة الهدية الحقيقية عادة ما تكمن في اجتهاد مقدمها في تحديد الهدف وتحديد مدي ملاءمتها لشخصية المتلقي.
قصه من[b]