أناس نلتقي بهم وتجمعنا بهم الأيام .. ربما صدفة ..أو بميعاد متفق
عليه فنصافحهم بحب ونستقبلهم بثقة ونظن وجودهم خطوتنا
الأولي نحو الفرح وأن الأيام ستصالحنا بهم , وأنهم الفرج الذي
طال انتظارنا له وأن الحياة معهم ستكون أروع وأن الحزن قد غادرنا
بمجيئهم فنتغير من أجلهم ونعيد ترمميم نفوسنا المنكسرة من
أجلهم ونطير فرحا , ونطير بهجة , ونفتح للأمل نوافذنا وترى
العالم بمنظار ملون ونحلم بغد أفضل ونمنحهم كل ما يمكن أن يُمنح
ونرسم لهم صورة جميلة ونضع فيها الكثير من ملامحنا ونسهر
نلونها بدم قلوبنا التى احتوتهم ونحلم معهم بغد أفضل.
لكننا نستيقظ سريعا
نستيقظ من حلمنا الأخضر علي سيف جزائري يشق جدران قلوبنا
فنلمحهم في أبشع صورة .. ونشاهدهم في أسوأ منظر .. فنتزلزل
كالأرض وننهار كالجبال ... عندها وعندها فقط تتضح الصورة الحقيقية لهم
فتـنصهر الألوان وتتمزق الأقنعة وتـتـشوه الصور .... فتلمحهم يرحلون
وهم يحملون في حقائبهم حلمك الجميل و إحساسك الصادق وثقتك
بالآخرين وقدرتك على مقاومة الألم والاستمرار في الحياة ....
ويخيل إليك وهم يرحلون انهم يتهامسون عليك ويتنابزون ويتلامزون
ويضحكون بصوت مرتفع كصوت ذهولك .. وبكائك المر خلفهم ...
وعندها ترتجف , تصرخ , وكأنك تعود إلى الحياة من جديد .. فترى ما لم
تكن ترى ... وتسمع ما لم تكن تسمع .. وتشعر بما لم تكن تشعر
به من قبل
فتقترب من نفسك اكثر تُصالحها , تعتذر منها , تعدها بأن
لا تفتح أبوابك بهذه اللهفة وهذه الثقة مرة آخرى الي من لا يستحقون الحياة
تمهل
.
.
لا تحزن عليهم
وأفتح أمامهم أبواب أحلامك التي احتوتهم
وليرحلوا وليبتعدو عنك قدر استطاعتهم وفارقهم قدر استطاعتك
فلن تموت قبل يومك ... ولن تقوم الساعة برحيلهم
ولن تضيع والصدق في داخلك
وإذا شعرت برغبة في البكاء فلا تتردد واخسرهم
اخسر بقاياهم خلفهم واكسر خلفهم كل الطرق التي تملكها
وأغلق كل أبواب العودة في وجوههم ... كي لا يقتربوا من عالمك
مرة اخرى ... ولا تندم فليس هذا المهم
بل الأهم أن لا تلم نفسك وتتخبط بأدوار لا تليق بك
وانكسر وليتهمسوا بك وبانكسارك
ولتتشكل مرة أخري بشكل أفضل وأجمل
وتأكد حين تنكسر لن يرممك سوى نفسك
وحين تنهزم لن ينصرك سوى ارادتك
فقدرتك على الوقوف مرة اخرى لا يملكها سواك
عفوا انهم يثيرون احتقارك فماذا تنتظر؟
اقلب صفحتهم من كتاب حياتك
وأبدْأ من جديد أو مزقها نهائيا
فكتاب حياتك يجب أن لا يحوي سوى تاريخك الجميل
وصفحاتك المضيئة
وبعد ان يرعبهم المساء
بقلم / فيلسوف الحياة
محمد عبد القادر