معلومات موثقة بالمستندات حصلت عليها "روزاليوسف" تكشف خط سير أكبر شحنة معادن ثمينة خرجت من مصر في عصر الرئيس المخلوع "محمد حسني مبارك" بوزن 19 طنا و400 كيلو سبائك بلاتين في ديسمبر 1982 وهي شحنة تؤكدها وثائق البنك المركزي السويسري والسجلات الأوروبية وتحريات مكاتب مكافحة الاحتيال وغسيل الأموال الدولية حاليا وكلها تكشف أن سبائك مبارك الذهبية والبلاتينية مرت من البوابة القبرصية ومنها إلي تل أبيب حيث تمت عملية إسالة السبائك بفكرة يهودية لتغطية مناقصات حكومية رسمية لإنتاج العملات الذهبية التذكارية بأنواعها لحساب السوق الإسرائيلية وأسواق عالمية أخري نجح فيها الرئيس المخلوع مع "اسحق حوفي" و"ناحوم أدموني" رؤساء الموساد في غسيل رصيده الذهبي في البنك المركزي القبرصي عبر فرع شركة "بوليون المحدودة" المملوكة لمبارك في تل أبيب منذ عام 1981 .
في البداية كانت أول الحقيقة الحصول علي نسخة رسمية من الوثيقة المشفرة بالكود رقم (6540078688-إتش-564664) الصادرة في شكل وثيقة إيداع رسمية حكومية من البنك المتحد السويسري "البنك المركزي" لوديعة معدنية عبارة عن سبائك من معدن البلاتين تزن 19 طنا و400 كيلو جري إيداعها بتاريخ 11 ديسمبر 1982 تحت رقم (2709987- بي-2709) وهي منقولة من القاهرة برقم (270711098) برقم دولي (بي إن 207107) بتعريف (دي سي إل 40707 إل إس 709) لسبائك مدموغة بالرقم 711071 بعلامة "فلاينج هورس" لسبائك مدموغة من عيار بي دي 6453 سي إل إس 9999 ببوليصة تأمين مرفقة رقم 2709987 بي 2709 برقم (دي إن ايه القاهرة دي سي 70987 بي 27098 باسم صاحب الشحنة "حسني مبارك" تم إيداعها بالبنك المركزي الحكومي السويسري برقم (بي ايه 7110753 سي دي إل 787) برقم مسلسل (070987114025 بي إس) تشفير (إن دي إس 11107110 إل 27098110789) وقد مرت الشحنة بالإجراءات الرسمية وحصلت علي الموافقة الحكومية السويسرية من مكتب وزير المالية السويسري برقم (إف إل بي 5640453553 إي دي 543078688/إم/117071107/طبقا للقانون 1980) وقد تم تأريخ الشحنة بالرقم المشفر 4187 بي إتش 2098 بازل سويسرا 11 ديسمبر 1982 وقد ذكر في تقدير الشحنة المالي أنها بسعر يومها 11 ديسمبر 1982 كانت تقدر ب14 مليارًا و900 مليون دولار أمريكي وقد كان التقدير إلزاميا حيث إن الشحنة مؤمن عليها ومرفق بها كما طالعنا وثيقة تأمين حكومية سويسرية تمنع أي جهة من الاستيلاء عليها وإلا تصبح الحكومة السويسرية ملزمة برد المبلغ التقديري لصاحب الوديعة.
الغريب أن مصر عمليا في ذلك التاريخ لم تكن قد بدأت إنتاج السبائك الذهبية بأنواعها بعد، كما أن أحدا من مصر لم يبلغ عن فقد تلك الكمية الهائلة من البلاتين، كما لا يوجد تسجيل صناعي لتلك الكمية الكبيرة من البلاتين في تواريخ معاصرة سابقة أو لاحقة علي الشحنة علما بأن أول إنتاج مصري للسبائك الصفراء كان في إبريل 2007 بإشراف شركة "ماتزهولدينجز" القبرصية.
لكن في التحريات الأوروبية نجد الجواب، فقد تمت سرقة جبانات الآثار المصرية في معظم مناطق مصر الأثرية في تلك التواريخ المعاصرة حتي إننا وجدناها في سجلات شرطة سكوتلاند يارد في لندن ومذكور أنها سبائك عالية النقاء لقطع أثرية معدنية أفرغت تقريبا من عنصر البلاتين واختفت تماما داخل سبائك.
معلومات أخري أكدت أن أطنانًا من البلاتين كانت موجودة في أشكال ممتلكات عدة لأملاك أسرة محمد علي والتي كان يشرف عليها زكريا عزمي شخصيا ومبارك كرئيس للدولة داخل القصور الرئاسية خاصة قصر عابدين.
إذا كان لابد أن نعود لتاريخ الصاغة المصرية حتي نفك اللغز فوجدنا ذكريات متعددة لتجار كبار وورش تاريخية رفض أصحابها ذكر أي معلومات عنهم يتذكرون أن جهة ما تابعة للرئيس الجديد وقتها "حسني مبارك" قامت فعلا بإخلاء ورشتين محددتين في تاريخ يسبق الشحنة بشهور قليلة وأنهم كانوا بالفعل يعدون سبائك بلاتين اعتقد التجار أنها خاصة بالدولة مع أنهم تشككوا يومها وتساءلوا لماذا لم تصب في مسابك الحكومة وكان جزاؤهم زيارات مرعبة لوزارة الداخلية المصرية وكنا في عصر وزير الداخلية اللواء "حسن أبو باشا" الذي شغل المنصب من 3 يناير 1982 حتي 16 يوليو عام 1984 .
والغريب أن معلومة أخري من تلميذ للواء "محمد النبوي إسماعيل" الذي شغل المنصب منذ 26 أكتوبر 1977 حتي 2 يناير 1982 تؤكد أن النبوي لم يرد أن يتلطخ اسمه بالمزيد من خطايا مبارك فقرر الخروج من الوظيفة وليس كما جاء في الرواية الرسمية وأن أحد أهم الأسباب كانت في قضية تسييل البلاتين التي كانت من المفروض أن تتم تحت رعاية وحراسة وزير الداخلية والأغرب أن إحدي محاولات اغتيال النبوي لم تكن من قبل الجماعات الإسلامية بل كانت من قبل رجال مبارك لأن النبوي لمح في أحد المناسبات الخاصة بقشور معلومات عن تهريب البلاتين وقد صمت بعدها النبوي نهائيا بعدما نجا من الموت.
هنا كان لابد أن نعود لما حدث بعدها لخط سير السبائك لنجد معلومات أوروبية موثقة تثبت أن سبائك البلاتين استبدل أكثر من نصفها في البداية لسبائك ذهبية وأن الكميات كلها حولت إلي البنك المركزي القبرصي في قبرص التركية حيث نجد هناك لأول مرة تأكيدات مستندية تفيد بأن شركة "بوليون المحدودة" المملوكة لعلاء مبارك في قبرص كانت قائمة منذ ديسمبر عام 1981 وأنها أقيمت أصلا علي يدي الأب محمد حسني مبارك وأن منشأ الشركة يسجل أن "زكريا عزمي" هو مؤسسها إداريا وقد كانت قائمة طيلة الوقت بل إنها تاريخيا أول شركة مصرية يقام لها فرع في تل أبيب بنفس الاسم "بوليون المحدودة" وأن تلك الشركة هي أولي شركات التطبيع الاقتصادي مع إسرائيل وقد استمرت في عملها مع اختلاف واحد وهو إضافة نشاطات جديدة علي الشركة في عام 1996 عندما آلت ملكيتها لنجل المخلوع علاء مبارك ولا تزال تعمل حتي الآن في تل أبيب حتي بعد دخولهم جميعا للسجن.
المشكلة كانت في كيفية غسيل تلك الكمية دون أن يشك أحد خاصة مع العلم أن أرقام وبيانات الشحنة لا تزال مسجلة في المستندات الأوروبية وقد كانت محل بحث دقيق مؤخرا لأجهزة مكافحة الاحتيال وغسيل الأموال حتي خرجت المعلومات عنها.
الحقيقة في سر غسيل سبائك مبارك البلاتينية المختفية كان في الفرع الإسرائيلي لشركة بوليون المحدودة" المملوكة منذ عام 1981 للرئيس المخلوع ففي نهاية عام 1982 طلب مبارك مساعدة صديقين له في إسرائيل هما "اسحق حوفي" الذي ساعد مبارك لإنشاء فرع «بوليون تل أبيب» وكان علي وشك ترك الخدمة ومن بعده "ناحوم أدموني" رئيس الموساد حتي 1989 اللذين طرحا عليه الفكرة والحل الذي يبحث عنه مقابل عمولة خاصة دفعها مبارك لهما.
أما الحل فكان يكمن في دخول شركة مبارك "بوليون المحدودة" في المناقصات الحكومية الإسرائيلية لإنتاج وتصنيع العملات المعدنية الذهبية التذكارية وكانت أولها مناقصة إنتاج عملة إسرائيلية تذكارية علي اسم الملياردير اليهودي المناصر لإسرائيل "روتشيلد" فوجد مبارك أن الفكرة حلت له مسألة غسيل السبائك بشكل نهائي فوافق علي الفور ودخل المناقصة رسميا.
ولأنه مبارك فازت «بوليون المحدودة تل أبيب» بالمناقصة وخرجت عملة روتشيلد الذهبية فئة العشرة أجوارات بنقاء 900% بسعر سوقي 650 دولارًا أمريكيا للقطعة وأسال مبارك يومها أول طن من السبائك في ديسمبر عام 1982 أي بعد أيام معدودة من خروج الشحنة من مصر لسويسرا ومنها لقبرص ثم إسرائيل وقد نجحت الصفقة ووزعت القطعة التذكارية من إسرائيل حتي استراليا وأصبحت بوليون إسرائيل ذائعة الصيت.
في سجلات بورصة إسرائيل الذهبية المعروفة باسم "سبيل الذهب" وجدنا خط السير موثقًا بين تاريخ العملات الذهبية المنتجة في إسرائيل باسم شركة بوليون التي علمنا أنها قامت بعدد 12 عملية إنتاج استهلكت من رصيد سبائك مبارك حتي عام 2000 ما يعادل 17 طن بلاتين انتجت خلالها الشركة عملات ذهبية بيضاء وصفراء لمعظم دول الاتحاد الأوروبي وحتي للولايات المتحدة الأمريكية ومن السجلات وجدنا أن في عام 1985 صدر في واشنطن القانون الفيدرالي الموحد لإنتاج العملات الذهبية التذكارية وهو القانون الذي أتاح بشكل رسمي لمبارك أن يسيل كل ما يمكنه الحصول عليه من سبائك في أمريكا نفسها.
في عام 2000 توقفت بوليون عن إنتاج العملات الذهبية في داخل إسرائيل بسبب الضرائب الباهظة وسحب مبارك كل الرصيد المتبقي من السبائك وردها إلي البنك المركزي القبرصي لينتج من هناك لأن قبرص معروفة أنها أصل السبائك في العالم خاصة أن علاء مبارك حصل علي شروط إنتاج جيدة من الحكومة القبرصية التركية.
كان لم يتبق من الكمية التي قاموا بتهريبها من مصر عام 1982 سوي 2 طن و400 كيلو بلاتين أبيض وخلال عام 2010 كانوا قد نجحوا في الفوز بثلاث مناقصات حكومية من بريطانيا وفرنسا وبلجيكا أسالوا فيها معظم ما تبقي من رصيد البلاتين حتي إن البنك المركزي القبرصي قد سلم منذ أيام قليلة النائب العام القبرصي "بيتروس كليريدس" بيانًا بما تبقي من رصيد مبارك الذهبي وهو 274 كيلو ذهب أصفر و50 كيلو بلاتين لم تنجح العائلة يومها في تسييلها مع أن الموقع الإسرائيلي المتخصص "قيراط 8" قد أكد أن بوليون تل أبيب في 12 مايو 2010 فازت بمناقصة إنتاج عملة إسرائيلية تذكارية فئة العشرين شيكل تحمل شعار أسد يهوذا التوراتي من جهة ومن الجهة الأخري مدينة القدس وزن القطعة أوقية واحدة من عيار ذهب 24 علما بأن الأوقية المصرية تساوي كما تقول الموسوعة العالمية 34 جراما غير أن بوليون سلمت للسوق الإسرائيلية 3600 قطعة فقط ولم تكمل المناقصة لظروف خاصة بملاك الشركة كما ذكر وبالقطع نحن نعلم تلك الظروف.
بالإضافة إلي ذلك هناك معلومات حديثة تكشف عن جواب رسمي حول التساؤلات عن مصدر الشحنة الأولي وكيف قام مبارك بتجميعها بعد عامين فقط من حكمه جاءت فيما كشفه وزير المعادن السوداني الدكتور "عبد الباقي الجيلاني" في 7 أغسطس 2011 لوسائل الإعلام السودانية عندما أكد معلومات سودانية سيادية تشير لتهريب 36.8 طن ذهب وبلاتين إلي إسرائيل عبر مصر خلال فترة الرئيس المخلوع مؤكدا أنها كانت أموال شحنات سلاح غير شرعي لدول إفريقية قامت بالدفع لمبارك مورد الصفقات في عدد منها والوسيط في عدد آخر لأن تلك الدول كانت لا تمتلك سيولة نقدية فدفعت في شكل غطاء سبائك بلاتينية وهي إجابة رسمية تعد الأولي من نوعها عن مصادر بلاتين وذهب مبارك المهرب من مصر وربما تفجر في نهاية الأمر حقيقة مروعة جديدة وهي أن مبارك كان وسيطا للسلاح الإسرائيلي لدول إفريقيا.
[b]