انتشرت في الآونة الأخيرة فتوي عن مفتي الديار المصرية الدكتور علي جمعة بشأن أنه لا يقع الطلاق بالهمزة أي إذا قال الرجل لزوجته أنت طالئ ونفي الدكتور علي جمعة هذه الفتوي ،
وأكد أن هذه الجملة جاءت علي سبيل الحكاية فقد كان يذكر أن هذا كان فعل بعض الشيوخ حين يأتيه أحد العوام ممن لا يفقهون شيئا فيقول للعالم لقد قلت لزوجتي أنت طالق بالهمزة وأنا نادم الآن ولم أكن قاصدا للطلاق فماذا أفعل ؟ فكان هذا الشيخ يسأله ويحلفه علي نيته انها لم تكن للطلاق فيقسم العامي فيرد عليه الشيخ بأن الطلاق لم يقع علي ان كلمة أنت طالق ليست دالة في لغة العرب الصحيحة علي الطلاق فتكون من كنايات الطلاق التي يحتاج في ايقاعها إلي نية الطلاق من المتلفظ هذه هي القصة وليست فتوي معتمدة.
ولقد أثارت هذه المسألة جدلا واسعا في الرأي العام لذلك أجريت دراسة للشيخ علاء سعيد الداعية إلاسلامي أكد فيها ان هذا الطلاق يقع اذا كانت النية هي الطلاق واستشهد ببعض أقوال العلماء فيما قيل بأن الفتوي مستندة عليه في مسألة إبدال الطاء بالتاء في الطلاق وقياس أمر الهمزة في إبدالها مكان القاف وأكد أغلب هؤلاء العلماء وقوع الطلاق كما جاء في كتاب الفتاوي الفقهية لابن حجر الهيثمي حين سئل عمن قال لزوجته انت تالق بالتاء فهل يقع ،
فأجاب ان كان من قوم لغتهم ابدال الطاء بالتاء كان صريحا اي يقع لأن هذا الابدال لغة قوم من العرب كما جاء في كتاب الحاوي للسيوطي عمن قال لزوجته انت تالق ناويا الطلاق هل يقع به طلاق فأجاب أنه إن نوي به الطلاق وقع سواء كان عاميا أو فقهيا لأن مخرج التاء هو نفس مخرج الطاء فثبت بذلك أن التاء والطاء حرفان متجاوران وينضم إلي هذا الوضع العربي مع النية العرف وشهرة ذلك في ألسنة العوام ،
أما فيما يتعلق بقول أنت طالئ بالهمزة بدلا من القاف فأوضح الشيخ علاء سعيد أن هناك الكثير من الأقطار العربية تقلب القاف همزة كما أوردت بعض المعاجم العربية مجموعة من الألفاظ رويت مرة بالقاف وأخري بالهمزة ولكن العبرة هنا بالمقاصد لا بالألفاظ كما جاء في كتاب زاد المعاد لابن القيم رحمه الله قائلا (والله سبحانه ذكر الطلاق ولم يعين له لفظا فعلم أنه رد الناس إلي ما يتعارفونه طلاقا فأي لفظ جري عرفهم به وقع به الطلاق مع النية والألفاظ لا تراد لعينها بل للدلالة علي مقاصد ألفاظها فإذا تكلم بلفظ دال علي معني وقصد به.
ذلك المعني ترتب عليه حكمه ،
ولهذا يقع الطلاق من العجمي والتركي والهندي بألسنتهم بل لو طلق أحدهم بصريح الطلاق باللغة العربية ولم يفهم معناه لم يقع به شيء قطعا فإنه تكلم بما لا يفهم معناه ولا قصده وقد دل حديث كعب بن مالك علي ان الطلاق لا يقع بهذا اللفظ وأمثاله إلا بالنية ،
وقال كذلك الإمام ابن القيم في كتابه زاد المعاد (قواعد الفقه وأصوله تشهد ان المرعي في العقود وحقائقها ومعانيها لاصورها وألفاظها) وفي النهاية يختم الشيخ علاء سعيد دراسته قائلا ان المسألة ليست سهلة وليعلم من تلفظ بكلمة أنت طالئ أنه سيقع طلاقه مادام الأمر مبنيا علي ذلك وليتق الله تعالي (ولا تقف ما ليس لك به علم إن السمع والبصر والفؤاد كل أولئك كان عنه مسئولا) كما قال الله تعالي ولا تقولوا لما تصف اأسنتكم الكذب هذا حلال وهذا حرام لتفتروا علي الله الكذب ان الذين يفترون علي الله الكذب لا يفلحون (النحل)[b]