مفـــاتيــح
بقلم جمانه الطريفي
من أنين الصمت ارتفعت أصوات الضجيج.. ظهرت تلك الميدالية التي بها عدة مفاتيح مُزينة وتواكب متطلبات العصر باسم التطور، وتستخدم بعدة استخدامات لنُحافظ على العديد من الممتلكات الخاصة بنا من السرقة وغيرها، فذاك مفتاح منزلنا، وهذا مفتاح غرفة نومنا وذاك مفتاح السيارة، وغيرها من الأمور العديدة التي إن ذكرناها لا مجال لإيجاد نهاية لها لكن المشاعر الإنسانية أبداً لم ولن تكون في يوم من الأيام عبارة عن مفاتيح..
لماذا جمعت المشاعر الإنسانية بالمفاتيح؟ حسناً.. سأقول لكم؛ لأن أسرتنا أصبحت عبارة عن مجموعة مفاتيح.. كُل فرد منها يقتني مفتاحاً.. يدخل للبيت وقتما يشاء، ويخرج وقت ما يشاء كأن البيت عبارة عن فندق أو جناح للنوم؟ أين تلك الأيام عندما كانت تجتمع الأسرة الواحدة على مائدة واحدة.. كُل منا ينتظر الآخر ليأتي، ويتناولون الطعام جمعاً؟ أين السكينة والراحة التي يحن لها كُل فرد أسرته عبارة عن مجموعة مفاتيح؟ أين حُبنا ليوم الجمعة لنتجتمع كُلنا نتسامر ونتجاذب أطراف الحديث؟!
ألا ليت شبابنا يفكر جيداً بأن منازلهم ليست عبارة عن فنادق للمبيت فقط، فهذا هو والدُك، وتلك هي أمُك التي ربتك وذرفت الدموع نهراً لأجلك ولأجل صحتك ألا يستحقان أن تعطيهما ولو القليل من يومك؟ وهذا هو أخوك، وتلك هي أُختك، عندما تنجرح ألا تقول آخ؟! الصداقة جميلة، ولكن التوازن في هذة الحياة هو الأجمل.
أم إن أصدقاءكم لهم الأولوية في الحياة؟ فالصديق لم يشعر بألمك وأنت طفل ولم يسهر الليالي لأجل راحتك، وأصدقاؤكم لم يتعبوا بالعمل لأجل توفير لقمة العيش لكم قلبي يؤلمني لما آل إليه وضع الكثير من العائلات من فقدان للكثير من روابط المحبة والرقي التي تجمعهم تحت سقف واحد اسمهُ الأسرة فتجدونهم يجلسون بالساعات أمام التلفاز أو على الإنترنت، ولا يخصصون ساعة واحدة على الأقل ليجلسوا مع أهلهم، أو يذهبوا إلى صلة أرحامهم!
أينما تذهبون لن تجدوا الراحة كما وجدتموها في كنف أسرتكم بين أهلكم الذين لم تختاروهم، ولكنكم أحببتوهم، الذين قبلوكم كما أنتم وأحبوكم المفاتيح ليست إلا حديداً، وهو عبارة عن معدن، وشتان بين المعدن والإحساس شتان بين ذاك وذاك شتان بين قلب يدق خوفاً على ولده وبين مفتاح يرتطم بالمفتاح الآخر ليُصدر صوت ضجيج الصمت القاتل للمشاعر الإنسانية في تلك الميدالية، وهذه أهم مفاتيح تُحاصركم أينما ذهبتم، عُذراً أيها المفتاح، فأسرتنا أكبر من أن نحصرها بمجموعة مفاتيح..
انتهت مقالتي مع المفاتيح، ولم يتنهِ ألمي من المفاتيح!! تبًّا للتطور الذي يبعدنا الكثير عن أجمل مفتاح، ألا وهو مفتاحُ قلب أمنا وأبينا وعائلتنا