--------------------------------------------------------------------------------
هل طول ابني مناسب يا دكتور؟
- مَن مِن الوالدين لم يطرح هذا السؤال، ولو لمرة واحدة، على طبيب الصحة العامة أو طبيب الأطفال أو طبيب الغدد، فطول قامة الطفل يشكل الحدث الأبرز في اهتمامات الأهل الذين يخافون دوماً أن «يطلع» ابنهم قصيراً،
فقصر القامة مشكلة ثقيلة وشائعة وغالباً ما تترك آثارها السلبية على الوالدين والطفل معاً، واذا كان الأب قصيراً أو الأم قصيرة كان الله في عونهما فكل واحد سيلقي اللوم على الآخر بأنه ورَّث ابنه قصر قامته!
ان الطفل المعافى والصحيح الجسم ينمو بشكل عادي وفق اتجاه خاص تكون فيه للوراثة الكلمة الفصل في هذا الموضوع، والطفل يواجه هذا العالم بطول يتراوح بين 46 و 55 سنتمتراً، ومن بعدها يكبر جسمه بدرجات مختلفة بحسب مراحل العمر، الا ان السنة الأولى هي من أكثر السنوات التي ينو فيها الطفل (نحو 25 سنتيمتراً) والسنة الثانية (نحو 12 سنتم) والسنة الثالثة (8 سنتم). وطبعاً فإن هذه الأرقام تقريبية وتختلف من طفل الى آخر، من هنا يجب مراقبة طول الطفل وقياسه مرة واحدة كل شهر حتى الشهر السادس، ثم مرة واحدة كل ستة أشهر حتى السنة الثالثة من العمر ومن بعدها يقاس الطفل مرة واحدة كل عام حتى سن البلوغ.
ان طول قامة الطفل يتأثر بعوامل عدة تلعب دورها منفردة أو مجتمعة، وهي تؤثر في الطول وفق مرحلة ما قبل الولادة وما بعدها، ففي المرحلة الأولى يتأثر طول الطفل بالعامل الوراثي وبالأمراض التي تداهم الأم خلال فترة حملها اضافة الى سوء التغذية. أما في مرحلة ما بعد الولادة فإن العوامل البيئية تترك بصماتها جلية على الطول مثل الحياة المنزلية والعائلية والتغذية والوضع الاقتصادي للعائلة، اذ تشير الاستطلاعات الميدانية الى ان أطفال العوائل الميسورة هم أطول من أطفال العوائل الفقيرة، وطبعاً فإن للهرمونات دورها في التأثير في الطول، مثل هرمون النمو وهرمون الغدة الدرقية والهرمونات الجنسية في طور البلوغ. أما في شأن الأسباب التي تؤثر سلباً في الطول في مرحلة ما بعد الولادة فهي كثيرة، ومن بينها:
* سوء التغذية الذي يؤدي الى حدوث مشكلات صحية تحول دون حصول النمو الطبيعي للطفل لذلك على الأهل أن يولوا أهمية خاصة لغذاء الطفل ليكون كاملاً مكملاً ومتوازناً يسمح له بالحصول على ما يلزمه من الصحة والعافية.
* أمراض في الجهاز العصبي.
* الاضطرابات الهرمونية نتيجة أمراض في الغدد الصماء كالغدة النخامية والغدة الدرقية والغدة الكظرية (فوق الكلية). أيضاً الخلل الهرموني النتاتج من أمراض في الخصيتين والمبيضين يمكن أن يؤثر في طول الطفل.
* الاصابة بأمراض مزمنة تطاول القلب والكلى والرئتين والجهاز الهضمي والدم.
* بعض الأمراض الوراثية وعيوب الولادة.
* بعض الأمراض الاستقلابية التي تؤثر في هضم السكر.
ان قصر القامة يجب أن يشخص ويعالج في أوانه وقبل فوات الأوان، من هنا تتوجب مراقبة طول الطفل عن كثب من الطبيب المعالج، فإذا كانت الزيادة السنوية لطوله ضمن الحدود الطبيعية كان خيراً، وان لم تكن كذلك فيتوجب اجراء التحريات الضرورية سريرياً ومخبرياً وشعاعياً للوقوف على السبب أو الأسباب التي تعرقل عملية النمو الطبيعي عند الطفل وبالتالي علاجها في الوقت الملائم ان كان ذلك مستطاعاً.
هناك ناحية مهمة لا بد من التنويه بها وهي أن الغالبية العظمى من الأطفال الذين يشكون من قصر القامة قد يكون السبب في ذلك هو بطء النمو عندهم فقط، فعندما يلقي الطبيب نظرة على المخطط البياني لطولهم يجد فيه ان منحنى النمو عندهم هو دوماً دون الحد المطلوب ويستمر المنحى على هذا المنوال الى حين دخولهم مرحلة البلوغ التي ما ان يتغلغلوا فيها حتى يحصلوا على الطول الطبيعي، ولذلك يجب عدم التسرع في الحكم على هؤلاء بأنهم صار القامة لتجنب الدخول في متاهات علاجية لا لزوم لها.
وفي الختام هناك بعض الملاحظات المهمة حول بعض العبارات الشائعة التي تقع على أسماعنا هنا وهناك سواء من الغرباء أم من الأقرباء وهذه العبارات هي:
- «أنت ستكون طويلاً مثل جدك»، الواقع ليس هنا أي برهان علمي يثبت هذه المقولة. فطول الطفل له علاقة بطول والديه.
- «ان النوم يزيد الطول» صحيح ان هرمون النمو يطرح معظمه ليلاً ولكن لا دليل علمياً يظهر ان اضطرابات النوم تؤدي لقصر القامة.
- «الشوربة تطوِّل»، هذا القول هو كلام في كلام ولا محل له من الإعراب... العلمي طبعاً.[b]