التاريخ يعيد نفسه مرة على شكل «موعد غرام» ومرة على شكل «ورقة طلاق» والدين النصيحة وأفضل نصيحة «لا تنصح» فنحن ندفع ثمن النصيحة للطبيب ولا نعمل بها، فما بالك بالنصائح المجانية، ومع ذلك سأحاول فالسادات قتل نفسه عندما أطلق الجماعات الدينية لضرب اليسار فضربت اليسار وقتلته، فالذى لا يعرف كيف يصرف «العفريت» يكف عن تحضيره، لذلك أهيب بالسيد «محمد عصمت السادات» أن يقنع السيد «محمد طلعت السادات» بأن يترك السيد «محمد أنور السادات» فى حاله.. ففى شهر واحد فوجئنا بأن البابا «بنديكت» يبرئ اليهود من دم المسيح ويطلب الإحالة إلى محكمة التاريخ وأن السيد «طلعت» يبرئ الإرهابيين من دم السادات ويفكر فى الإحالة إلى المحكمة الدولية.. وغداً عيد الأم وذكرى الأربعين لرحيل «مبارك»، فما الرسالة التى تقولها لأمك غير «شكراً» وما الرسالة التى تقولها لمبارك غير «نعيماً»؟..
والأم مدرسة إذا أعددتها، وجامعة إذا أحسنت إعدادها، وأنا طفل كانت أمى تعطينى النقود ثم يطلب منى شخص فى الشارع أن يلفهم لى فى ورقة لأكتشف بعدها أنه وضع لى مكانها طوبة ومع الأيام وبحكم التعود أصبحت أعطيه النقود وأبحث معه عن طوبة ليضعها لى فى الورقة مكان النقود، فهل يحاول البعض الآن أن يأخذ منا الثورة ليلفها لنا فى ورقة استفتاء أو ورقة دعوى أو ورقة توبة؟ وأتذكر أن خالى «عبد الحفيظ» خطب واحدة وماتت فى الفترة الانتقالية.. فى هذا الضباب من الطبيعى أن تجد فى لوحة الشرف أسماء أشخاص نافقوا «مبارك» ولا تجد أسماء شهداء مدفونين فى مقابر الصدقة.. والسيدة «جيهان السادات» تتصرف كملكة فى المنفى فتترك زوجها فى ذمة التاريخ يدافع عنه أو يدينه لكن البعض يصمم على نبش القبور..
وفى العالم الثالث عموماً تظن الشعوب أن كل رئيس لاحق يقتل الرئيس السابق وكأننا فى مسلسل «الحرافيش»، لذلك يغسلون العربات بالماء العذب ويزرعون الخضروات بمياه المجارى فتختلط لوحات الشرف بلوحات السيارات مع أنه لكل حادث حديث ومن يأتى ليس أفضل ممن ذهب فمنذ مشى البواب واستلم العمارة أربعة من أفراد الأمن بالمسدسات واللاسلكى وكل يوم عندنا فى العمارة حادثة سرقة.. الحساب الجماعى لكل شخص وكل شىء فى يوم «القيامة» فقط وليس فى يوم «الثورة»، فلا تشدونا إلى الخلف ودعونا ننظر إلى الأمام حتى ننتبه إلى الشخص الذى يريد أن «يلف» لنا الثورة فى ورقة.
[b]