زيادة الإقبال على زيارة الأضرحة.. تؤكد القهر الاجتماعى وحاجات الطبقات الفقيرة إلى الخلاص،" العبارة السابقة إحدى نتائج الدراسة التى صدرت مؤخرا عن دار نشر روافد بعنوان "الطهر والكرامات: قداسة الأولياء" للدكتور شحاتة صيام.
الكتاب يعرف ظاهرة الإقبال على زيارة الأضرحة فى المجتمع المصرى بصفته أحد ظواهر التراث الدينى المتأصلة فى المجتمع المصرى، وهو ما يؤيده وجود ضريح للأولياء فى جميع قرى ومدن مصر.
والتبرك بالأولياء والارتحال لهم واللجوء إليهم لمقاومة ورد الشر والاستشفاء وجلب الخير فى نظر الكاتب ضعف واتكالية، من باب انتظار المخلص، كما يبدو كنوع من تعظيم شان التاريخ، وفتح العالم البشرى على عالم آخر، ربط الدنيوى بالمقدس، وقد ساهمت تلك الظاهرة، وفقا للكاتب، فى استلاب الشخصية المصرية، فالفرد هنا منتميا إلى آخر، مندمجا فيه.
أشار الكاتب إلا أن هذا لا يعنى بالضرورة أن الدين فى الموروث الشعبى يحمل نفس القيمة السلبية، فأحينا ما يكون الدين عنصرا مسكنا، وفى أحيان أخرى يظهر الدين فى ثوب ثورى وفقا لنظرتنا إليه وأنماط تديننا.
ويؤكد الكاتب فى موضع آخر بالكتاب أن علاقة الذات بالأولياء مثلها مثل علاقة المهزوم بالمنتصر، إنه نوع من الخوف وعملية إزاحة للخوف عن طريق إسقاطه على الموت، كما أن الطقوس تفرض فى الذهنية قوة هذا الوالى وحضوره رغم الموت، ويتعجب الكاتب من طغيان الكرامات وما يرتبط بها من أساطير فى مجتمع المعلوماتية.
وفى فصل بعنوان "الوعى الجمعى والأولياء" يعرض الكاتب نتائج استبيان محدود، أجراه على عينة عشوائية من 96 فردا من محافظتى الفيوم والقاهرة، تختلف أعمارهم وخلفياتهم الاجتماعية، ويشتركون جميعا فى ترددهم على الأولياء بصفة مستمرة، وكشف الاستبيان على أن أهم الأسباب التى تدفع عينة الدراسة إلى التردد على الأضرحة هو الشعور بالراحة بنسبة 50%، ذلك إضافة إلى القرب المكانى للضريح بنسبة 53%، وقد أقر المبحوثين أنهم يترددون على الأضرحة بصفة يومية بنسبة 26%، ويلجئون إلى الأضرحة بهدف فك السحر بنسبة 35%، أما عن سبب اعتقادهم بالقوة الروحية للضريح فقد أكد 28% من المبحوثين أن قوته ترجع لكونه وريثا للنبيا، فى حين يرى 17%من المبحوثين أن قوته تأتى بسب "محبته لله" وتقواه.
وفى فصل بعنوان "الاعتقاد وأنسنة الإله" يورد الكاتب بعض الطقوس الغرائبية التى تحدث فى الأضرحة المختلفة ودلالتها، وذلك كضريح حابس الوحش بمنطقة الفيوم التى تحاك حوله الأساطير عن قدرته على ترويض أحد الذائب المفترسة الذى اعتاد مهاجمة حيوانات سكان المنطقة، وذلك حتى استجاب الوالى لدعاء أحد رعاة الغنم البسطاء وجعل الذئب أليفا، وضمه إلى قطيع الراعى، وتحمل الطقوس الأسبوعية حول الضريح شيئا من الوثنية، إذ يقوم الناس "بالحج" إلى الضريح فى الجمعة من كل أسبوع، ويقومون بإلقاء أحجار فى فتحات الضريح، فيما يصطلح عليه هناك "بالدحرجة"، إضافة إلى عدد من الطقوس الأخرى.