كتبت- دعاء البادى:
وكأنه يستبق الأحداث أو ربما لأن التاريخ يعيد نفسه فى مصر التى ذاقت على مدار عقود كئوس الذل على يد حكام من أبنائها، ولو كان الشاعر أمل دنقل بيننا الآن وعايش أحداث ثورة الغضب
فلن يستطيع اخراج أبدع من قصيدة "الكعكة الحجرية" التى كتبها منذ 38عاما خلال مظاهرات الطلاب عام 1972 التى خرجت إلى ميدان التحرير بعد اعتقال 1500 طالب جامعى اعترضوا على سياسة "اللا سلم واللاحرب" التى انتهجها الرئيس الراحل انور السادات فى أوائل السبعينيات.
"الكعكة الحجرية " كانت اشارة لميدان التحرير الذى تمركز فيه الطلبة للتعبير عن غضبهم، كما يؤكد أحمد بهاء الدين شعبان أحد المشاركين فى مظاهرات 72- موضحا ان هذه القصيدة كانت إحدى المعبرات الصارخة عن مشهد المظاهرات ومشاعر المشاركين فيها ، واصفا إياها بالمؤرخ لهذه الفترة من تاريخ مصر والمعبر عن ثورة الغضب بدقة0
"كانت لها تأثير جبار وشاحن على الانتفاضة الطلابية فى السبعينات وكذلك على الحركة الثقافية فى تلك الفترة "هكذا يصف حلمى سالم- الشاعر والصديق المقرب لدنقل- القصيدة الحجرية، يقول إن الكعكة الحجرية من اعظم ماكتب شاعر زرقاء اليمامة وهى معبر قوى عما حدث منذ ايام فى ميدان التحرير الذى شهد على الانتفاضتين مؤكدا ان ذلك هو الحال دائما مع القصائد الخالدة فهى تظل عبر التاريخ تتمتع بالحضور والتأثير0
تقول القصيدة:
أيها الواقفون علي حافة المذبحة
أشهروا أسلحتكم
سقط الموت وانفرط القلب كالمسبحة
والدم انساب فوق الوشاح
المنازل أضرحة
والزنازن أضرحة
والمدي أضرحة
فارفعوا الأسلحة
واتبعوني
أنا ندم الغد والبارحة
رايتي: عظمتان وجمجمة
وشعاري الصباح
عندما تهبطين علي ساحة القوم، لا تبدئي
بالسلام..
فهم الآن يقتسمون صغارك فوق صحاف
الطعام..
بعد أن أشعلوا النار في العش والقش والسنبلة
وغداً يذبحونك.. بحثا عن الكنز في الحوصلة
وغداً تغتدي مدن الألف عام
مدناً.. للخيام مدنا ترتقي درج المقصلة
دقت الساعة القاسية
وقفوا في ميادينها الجهمة الخاوية
واستداروا علي درجات النصب
شجراً من لهب
تعصف الريح بين وريقاته الغضة الدانية
فيئن.. بلادي.. بلادي
.. بلادي البعيدة
**
دقت الساعة القاسية
»انظروا« هتفت غانية تتلوي
بسيارة الرقم الجمركي
وتمتمت الثانية
وسوف ينصرفون اذا البرد حل.. وران التعب
***
دقت الساعة القاسية
كان مذياع مقهي يذيع أحاديثه البالية
عن دعاة الشغب
وهم يستديرون
يشتعلون ـ علي الكعكة الحجرية ـ حول
النصب
شمعدان غضب
يتوهج في الليل
والصوت يكتسح العتمة الباقية
يتغني لأعياد ميلاد مصر الجديدة