تفسير سورة الفلق (113) : لفضيلة الدكتور محمد راتب النابلسي
بسم الله الرحمن الرحيم
أيها الإخوة الأكارم ، سورة اليوم ، هي سورةُ الفلق ، قال تعالى : قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ(1) مِنْ شَرِّ مَا خَلَقَ(2)وَمِنْ شَرِّ غَاسِقٍ إِذَا وَقَبَ(3) وَمِنْ شَرِّ النَّفَّاثَاتِ فِي الْعُقَدِ(4)وَمِنْ شَرِّ حَاسِدٍ إِذَا حَسَدَ(5)
[ الفلق : الآية 1-5 ]
و عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ قَالَ قَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أُنْزِلَ أَوْ أُنْزِلَتْ عَلَيَّ آيَاتٌ لَمْ يُرَ مِثْلُهُنَّ قَطُّ الْمُعَوِّذَتَيْنِ*
[رواه البخاري]
و في صحيح مسلم عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَلَمْ تَرَ آيَاتٍ أُنْزِلَتْ اللَّيْلَةَ لَمْ يُرَ مِثْلُهُنَّ قَطُّ قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ وَقُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ *
وعَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ قَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اقْرَأْ يَا جَابِرُ قُلْتُ وَمَاذَا أَقْرَأُ بِأَبِي أَنْتَ وَأُمِّي يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ اقْرَأْ قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ وَ قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ فَقَرَأْتُهُمَا فَقَالَ اقْرَأْ بِهِمَا وَلَنْ تَقْرَأَ بِمِثْلِهِمَا *
[رواه النسائي]
أحاديث كثيرة وردت عن النبي عليه الصلاة والسلام تتحدَّث عن فضل هذه السورة والسورة التي تليها ، أمَّا كلمة " قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ" ، فالفعل (قُلْ) تحَدَّثْنا عها في الدَّرس الماضي ، على أن النبي عليه الصلاة والسلام مأمورٌ أن يقول نصَّ هذه الآية ، وأن القرآن الكريم من عند الله حرفًا بحرف ، وحركة بحركة ، ونصًّا بنصٍّ ، وترْتيباً بِتَرْتيب ، وكُلُّ شيء في القرآن الكريم إنما هو مُنْزل من عند الله بِنَصِّه ؛ " قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ" ، في هذه الآية مركز ثِقَل ، وهي كلمة (الْفَلَقِ) ، فقد ذهب العلماء في تفْسيرها مذاهب شتى ، ولكنَّ أرجح هذه التأويلات والتفسيرات أنَّ (الْفَلَقِ) هو الكون كُلُّه ، كان الله ولم يكن معه شيء فخلق الكَوْن ، يعْني ظهر الكون ، فالكون هو الفلق ، والسماء تنشَقُّ عن المطر ، والمطر هو الفلق ، والأرض تنشَقُّ عن النبات ، والنبات هو الفلق ، والمرأةُ تلِدُ طِفْلاً ، والطفل هو الفلق ، والشجرة تُنْبِتُ بُرْعُماً ، والبُرْعم هو الفلق ، والبُرْعم يُنْبــِتُ زَهْرَةً ، والزهرة هي الفلق ، والزهرة تنْعَقِدُ ثَمَرَةً والثمرة هي الفلق ، وأُنثى الحيوان تلِدُ ومَوْلودها فلق ؛ كُلُّ شيءٍ خرج إلى حَيِّز الوُجود ، كان غائباً عنا فَظَهَر ، اِنْشَقَّ فَظَهَر هو الفلق ، لكنَّ بعض المُفَسِّرين قالوا : سورة الفلق اِسْتِعاذة بالله سبحانه وتعالى من شَرِّ ما خلق ، وسورة الناس اِسْتِعاذة بالله سبحانه وتعالى من شرِّ الوسواس الخناس ، والشيء الذي تُخْطِئ فيه فَيُصيبُك ، فثمن خطئِك أنْ تسْتَعِيذ منه بِسورة الناس ، فالأشْياء التي تُصيب الإنسان ، والتي لا يستطيعُ الإنسانُ دَفْعَها كالتي تُسَمَّى قضاءً وقَدَراً اِسْتَعذ منها بِسورة الفلق ، والأشياء التي هي من أعْمال الإنسان ، ومن أخْطاء الإنسان ، والتي تُسَبِّبُ متاعب للإنسان فَلْيَسْتَعِذ منها بِسُورة الناس ؛ على كُلِّ معنى أعوذ أَلْتَجئُ وأحْتَمي وأسْتَغيثُ وأسْتَنْجِد وأستجير ، كُلُّ هذه المعاني مُسْتفادة من كلمة (أعوذ) ، نقول : عاذَ الطِّفْلُ بِأُمِّه ، أيْ اِلْتَجأ إليها ، واحْتَمَى بها ، وأوى إليها ، ورجا عندها الأمل ، اِحتمى بها من أعْدائِهِ ومن وَحْشٍ مُخيف ، فَسُبْحانه وتعالى له مخْلوقاتٌ شِرِّيرة ومخْلوقات من نوع الجَماد ؛ الصواعِق والبراكين والزلازل والأمراض ، ومخاطر من نوع الإنسان ؛ إنْسانٌ شِرِّير يُحِبُّ لك الأذى ويُحِبُّ أنْ يوقِعَ بك ؛ قل أعوذ بربِّ الفلق .
***
أطِعْ أمْرَنا نرْفَع لِأَجْلك حُجْبنا فإنا منَحنا بِالرِّضى من أحَبَّنا
ولُذ بِحِمانا و احْتَمِ بِجَنابِنــا لِنَحْميك ممِّا فيه أشْرار خَلْقِنـا
***
" فَقُل أعوذ بِرَبِّ الفلق " ، أكرِّر معنى أعوذ أي أحْتمي ، وألْتَجِئ ، وأطلب الأمن والسلام ، أحْتَمي وأسْتَغيثُ وأسْتَنْجِد ، والفلق كما قلت قبل قليل الكون كُلُّه ، وكُلُّ شيءٍ تنْطوي عليه عيْنُك فإنما هو الفلق .
وقال بعضهم : الفلق هو الصبح ، لكنَّ الفلق أعمّ من الصبح ، في الاسْتِعاذة هناك المُسْتَعيذ ، والمُسْتعاذ به ، والمُسْتَعاذ منه ، فالمُؤمن مأمور أنْ يستْعيذ والمؤمن مُتواضِعٌ لله عز وجل وليس في قلبه كِبَر ، يخاف عذاب الله وبطْشَهُ ، يسْتعيذ بالله فهُو مُسْتعيذ ، وأخْطار الحياة من شَرِّ ما خلق يُسْتعاذ منها ، والله سبحانه وتعالى يُسْتعاذ به ، فلما يسْتَعيذ الإنسان بِغَير الله فقد أشْرك ، إنْ اسْتعاذ بِقُوَّتِه ، أو استعاذ بِقَرابته فقد أشْرك ، إنْ احتمى بِماله ، وقال : المال هو كُلُّ شيء فقد أشْرك ؛ " فَقُل أعوذ بِرَبِّ الفلق " ، طبعاً الفلق على وَزْن فَعَل ، كَقَوْلِك قَصَص ؛ بِمَعْنى مَفْعول، أي مقْصوص ، فَكُلُّ شيء أظْهره الله تعالى على حَيِّز الوُجود هو الفلق ، فكأنَّ سبحانه وتعالى أراد بِكَلِمة الفلق الكَوْنَ كُلَّهُ ؛ كُلُّ ما وقَعَتْ عليه عَيْنُك ، وما لم تقع ، وكُلُّ ما رأيته وما لم ترهُ ، وكُلَّ ما أحْسَسْتَ به ، وما لم تُحِسّ به إنما ينْطوي تحت كلمة الفلق ، فَخالقُ الفلق ربُّ الفلق ، وهو وحْدَهُ أهْلٌ أنْ تسْتعيذ به ، لأنَّهُ القوِيّ المُبْدع الخالق ، وهذا الذي تخاف منه هو بِيَد الله الذي بِيَده ملكوت كلِّ شيء ؛ قال تعالى :
[ الزمر : الآية 62 ]
وقال تعالى :
[ هود : الآية 56 ]
فالله سبحانه وتعالى ربُّ الفلق ، وهو وحده أهل أنْ تسْتعيذ به ، وإذا اسْتَعَذْتَ بِمَخْلوقٍ دونه فقد وَقَعْتَ في الشِّرْك ، وما من مخْلوقٍ يعْتَصِمُ بي من دون خلقي أعرف ذلك من نِيَّتِهِ فَتَكيد له أهل السماوات والأرض إلا جعَلْتُ له من بين ذلك مَخْرَجاً ، وما من مخْلوقٍ يعْتَصِمُ بِمَخْلوقٍ دوني أعرف ذلك من نِيَّتِه إلا جَعَلْتُ الأرض هَوِياً تحت قَدَمَيْه ، وقَطَّعْتُ أسباب السماء بين يَدَيْه ، فاسْأل نفْسك هذا السؤال : إذا ألَمَّتْ بك مصيبة فأنت تسْتعيذ بِمَن ؟ أتَفْزَعُ إلى قريبٍ لك من ذوي الحول والطول ! أتفْزَعُ إلى واسِطَةٍ تُرَجِّحُ المَوْقف ! أتفْزَعُ إلى مالك تدْفَعُهُ للناس ؟! أم تفْزَعُ إلى الله عز وجل ؟ كان عليه الصلاة والسلام إذا حَزَبَهُ أمرٌ بادر إلى الصلاة ، ومن علامة الإيمان أنْ تسْتعيذ بالله عز وجل ، وتلجأ إليه ، وأنْ تكون في حِماه وظِلِّه ؛ " فَقُل أعوذ بِرَبِّ الفلق " ، هذا أمرٌ مُوَجَّهٌ إلى النبي عليه الصلاة والسلام ، فَمَن أنت ؟! وإنَّ الله أمَرَ المؤمنين بِما أمر به المُرْسلين .
مما يُؤَكِّدُ هذا التفْسير ويَدْعَمُهُ قوله تعالى :
[ الأنعام : الآية 95 ]
آيةٌ أُخْرى ، وهي قوله تعالى :
[ الأنعام : الآية 96 ]
فالله سبحانه وتعالى وَحْدَه أهلٌ للاسْتِعاذة به ، إنْ كنت مؤمناً به ، وإذا اسْتَعَذْتَ بِسِواه فإنَّ في إيمانك خَلَلاً ، وفي إيمانك شِرْكًا ، قال تعالى :
[ يوسف : الآية 103 ]
وقال تعالى :
[ يوسف : الآية 106 ]
بِمُجَرَّد أنْ تسْتعيذ بغير الله فقد أشْرَكْتَ ، لذلك فالدعاءُ النبوي الشهير إذا أقْدَمَ المرءُ على عمَلٍ قال : " اللهمّ إني تَبَرَّأتُ من حَوْلي وقُوَّتي والْتَجَأتُ إلى حَوْلك وقُوَّتِك يا ذا القوة المتين " ، وكلما لاحَ لك شَبَحُ مصيبة ، وتَوَهَّمْتَ من إنسانٍ قَوَّةً ، وأنَّهُ يُريدُك بهذه القوّة ، فَقُل : "أعوذ بِرَبِّ الفلق" ، أليس النبي عليه الصلاة والسلام قُدْوَةً لك في هذا ؟ من علامة المؤمن الاسْتِعاذة بالله تعالى ، وهناك من يرى لِنَفْسِهِ شأناً كبيراً ؛ وأنّه أكبر من ذلك ، هذا هو الكِبْر ، والمُتَكبِّر دواؤُهُ القَصْم ، وما من مُتَكَبِّر إلا قَصَمَهُ الله عز وجل ، وعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَا يَدْخُلُ الْجَنَّةَ مَنْ كَانَ فِي قَلْبِهِ مِثْقَالُ ذَرَّةٍ مِنْ كِبْرٍ قَالَ رَجُلٌ إِنَّ الرَّجُلَ يُحِبُّ أَنْ يَكُونَ ثَوْبُهُ حَسَنًا وَنَعْلُهُ حَسَنَةً قَالَ إِنَّ اللَّهَ جَمِيلٌ يُحِبُّ الْجَمَالَ الْكِبْرُ بَطَرُ الْحَقِّ وَغَمْطُ النَّاسِ *
[رواه مسلم]
" قل أعوذ بِرَبِّ الفلق من شَرِّ ما خلق " ؛ هنا نقطة دقيقةٌ جداً أتمنى أنْ تكون واضِحَةٌ لدَيْكُم، الله سُبْحانه وتعالى لا يخْلق شَرًّا ، وإذا سأل سائِلٌ من الذي خلق الشَرّ – طبْعاً في العَقيدة السليمة : آمنــْتُ بالقَدَر خيره وشَرِّه – ولكنَّ الشرّ كَشَرٍّ ما مَبْعَثُهُ ؟ كُلُّ شيء خلقه الله سبحانه وتعالى خيرٌ لنا ، ولكن من أين يأتي الشرّ ؟ حينما يغفل الإنسان عن الله تعالى ، وتتحَرَّكُ شهواته كي تُرْوى ، وبِتَحَرُّكِهِ لِشَهَواته من دون بصيرة من الله عز وجل ومن دون هُدى يقعُ له الشرّ ، إذاً متى يصْدُر الشرّ من الإنسان ؟ إذا غفل عن الله عز وجل ، فهُوَ تعالى أمره ألاّ يغفل عنه ؛ سيارة مُنْدَفِعَة ما دام فيها سائِق ماهر وحكيم، والأدوات كلها بِيَدِهِ ، وتحت سَيْطَرَته ، ومعه ضَوْءٌ كاشِف ؛ يكون الخير ، وتنْقُلُه إلى مُبْتغاه ، أما إذا كان سائِقُ السيارة مُدْمِنَ خَمْرٍ ؛ قد يقعُ الحادث المُفْجِع ، وإذا انْطَفَأ مصْباحه يقع الحادث كذلك ، فالشَّرُّ طارىءٌ ، والأصل هو الخير ، فالإنسان إذا أقبل على الله عز وجل كانَ خَيِّراً ، فإذا حُجِبَ عن الله عز وجل ، وانْقَطَع عنه ، وأعرَض ، وكانت في نفسه شهَوات من دون هُدى من الله عز وجل هنا يقعُ الشرّ ، فلا يصْدُر الشرّ من الإنسان إلا إذا تحَرَّك وهو في عَمى ، أما إذا تحَرَّك لِقَضاء حاجاته وشَهَواته وَفْقَ ما أمر الله عز وجل ، وَوفْقَ الهُدى الإلهي فلا يقعُ الشَرّ ، يتَزَوَّجُ فَيَقَعُ الخير ؛ يسْكُنُ إلى زَوْجَتِه وتسْكُنُ إليه ، ويُنْجِبُ أوْلاداً أبْراراً ، يُرَبِّيهم على حُبِّ الله ورسوله ، وله عملٌ ينْفَعُ به المسلمين ، فأيُّ حَرَكَة تتحَرَّكُها وَفق المنهج الإلهي فأنت في خير ، لأنَّ هناك نقطة دقيقة وهي ؛ مع أنَّهُ شِرِّير بِحُكْمِ بُعْدِه عن الله عز وجل ، وانْقِطاعه عنه ، وبِحُكْم العمل الذي وقع فيه ، فهذا الإنسانُ الشِرِّير ليس طليقاً ، بل هو بِيَد الله عز وجل ، يسوقه لِمَن يسْتحقّ أنْ يوقِعَ الأذى به ؛ الظالم سوط الله ينْتقم به، ثمَّ ينْتقم منه ، إذاً قال بعضُ علماء التوحيد : إنَّ الشرَّ ليس له وُجودٌ إلا في النُّفوس ، أما في العالم المادِّي فإنَّ شرّ الإنسان يُوَظِّفُه الله تعالى في مصْلَحَة الإنسان ، فهذا السارق يُحِبّ أن يسرق، والسَرِقَةُ شرّ ورَغْبَةٌ في الحُصول على المال من دون هُدىً من الله عز وجل ، هذه السرقة شرّ ، لكنَّ الله سبحانه وتعالى آخِذٌ بِيَد السارق ، يسوقه إلى مالٍ حرام فيُؤَدِّبُ به المسْروق؛ هذا هو الشّرّ الذي يصدر عن الإنسان ، أما الشرّ الذي يصدر عن الحيوان فَحينما يتجاوَزُ حُدوده يقع ، فالأفْعى حَيَوانٌ نافِعٌ إذا بَقِيَتْ في باطن الأرض ، فإذا خَرَجَت تُصْبِحُ ِشرِّيرة، وأُمِرْنا بِقَتْلها ، وكذا العَقْرب ، وعلى مُستوى الإنسان إذا غفل عن الله عز وجل ، وانْقَطَعَ يُصْبِحُ شِرِّيراً ، وَشَرُّهُ مُقَيَّد لا يسْتطيع أنْ يوقِعَ أذاهُ إلا بِمَن يشاؤه الله سبحانه وتعالى ، وهذا هو الشرّ الصادر عن الإنسان ، أما الشرّ الصادر عن الإنسان فهو حينما يتجاوَزُ حُدوده يُصْبِحُ شَرًّا ، وقد أمرنا النبي عليه الصلاة والسلام بِقَتْل الفَوَيْسِقات ؛ الفأرة والعَقْرَب والحَيّة ، لأنَّها تجاوَزَتْ حُدودها ، أما إذا تتبَّعْتَها إلى وَكْرِها فَقَتْلُها حرام ، لأنها تُقَدِّمُ خِدْمَةً ثابِتَة ، فقد اكتشف العلماء أنَّ هذه الحيوانات التي تعيش في باطن الأرض لها دَوْر خطير في تَهْوِيَة التربة ، وفي إنْبات المزروعات ، أما الشرّ الصادر عن الجمادات ففي سوء اْستعمالها ، فالله سبحانه وتعالى خلق المواد كلَّها ، فإذا اسْتعملتها في غير مَوْضِعها كمن يضع السكر في الطبخ ! والملح في الشاي ! والمنظِّف في الطبخ ! والوَقود في الحليب ! فَسوءُ اسْتعمال المواد يُسَبِّبُ ضَرَراً ، فكما تُلاحِظون أنَّ الشرّ طارىء ، وهو سَلْبي ، وليس إيجابيًا ، قال تعالى :
[ آل عمران : الآية 26 ]
الخنزير مُحَرَّمٌ أكله ، لكنَّ الله سبحانه وتعالى خلقه لِوَظيفَةٍ ، والضبعُ كذلك ، لتنْظيفُ البَرِيَّة من الجِيَف ، لأنّ هذه الجيفة إذا ماتت تملأُ الفضاء بِريحِها الكريهة ، فتأتي مثل هذه الحيوانات فَتُريحُنا منها ، أما أنْ تأكلها فهي شرّ ، فَكُلُّ أنواع الشرور إما أن تنْتج عن غفلة من الإنسان ، وقد أُمِرَ أنْ يكون مع الله سبحانه وتعالى ، وإما أنْ تنتُجَ عن تجاوز الحيوان حَدَّهُ ، أو اسْتِعماله في وَظيفَةٍ لم يُخْلَق لها ، كأن تأكله وقد حَرَّم الله تعالى أكْلهُ ، أو أن تستخدم المواد التي خلقها الله عز وجل كلها لِمَصْلَحة الإنسان ؛ أنْ تسْتَخْدِمها في غير مَوْضِعِها ، فهذا هو الشرّ ، فَرَبُّنا عز وجل قال : "قل أعوذ برب الفلق من شرّ ما خلق "، طبعاً من شرِّ ما خلق على معنى أنَّ هذه المواد إذا أُسيء اسْتِخْدامها ، وهذه الحيوانات إذا تجاوزَتْ حَدَّها ، وهذا الإنسان إذا غفل عن الله يُصْبِحُ مُؤْذِياً ، وقد تأتي النكبات والزلازل والبراكين والفَيضانات والأوْبِئَة والأمراض ؛ كل هذا من شرّ ما خلق ، "قل أعوذ برب الفلق من شرّ ما خلق " ، هناك نقطة صغيرة تتعلق بالحيوانات، فمثلاً الجمل مُذَلَّل ، والغنم مُذَلَّل ، والبقر مُذَلَّل ، والدجاج مُذَلَّل ، والإنسان يأنسُ بها، ويرْتاحُ لها ، ويَقْتَنيها ، ويَتَمَلَّكُها ، قال تعالى :
[ يس : الآية 71 ]
من معاني هذه الآية : متى تَمَلَّكوها ، وتنافَسوا على تَمَلُّكِها ؟ لأنَّ الله سبحانه وتعالى ذَلَّلَها لهم ، أما الضبعُ والذِّئب والحيَّة والعقرب ، هذه لم تُذلَّل ، فهل تُملَّك ؟ "وذلَّلناها لهم" ، فكأن الله سبحانه وتعالى بتذليل بعض الحيوانات ، وعدم تذليل البعض الآخر أراد أن يُعرِّفنا نعمة التذليل ؛ لولا أنه ذلَّل هذا الحيوان ؛ ولولا أنه ترك هذا الحيوان مُخِيفاً لَما عرفتَ نعمة التذليل ؛ نعمة التذليل ندركها من وجودِ حيوانٍ غيرِ مُذلَّلٍ ، ولذلك التملك لا يكون إلا بعد التذليل ، "قل أعوذ برب الفلق من شرّ ما خلق "، هناك حيوانات غير مذللة ، فلدغة عقرب وأفْعى قد تُميتُ الإنسان، هناك حيوانات مُفْتَرِسَة الماءُ قد يُغْرِقُه ، وبعض الأدوية قد تُفْقِدُهُ الحياة ، وبعض الأعْشاب قد تُفْقِدُه الحركة ، "قل أعوذ برب الفلق من شرّ ما خلق ".
شيءٌ آخر أُحِبُّ أنْ تَقِفوا عنده وَقْفَةً مُتَأنِّيَة ، سأقْرأُ على مسامِعِكم طائِفَة من الآيات الكريمة ، القرآن كما يقول عُلماؤُه قَطْعِيُّ الثبوت ، قطْعِيُّ الدلالة ، فَقَطْعِيُّ الثبوت أنَّ القرآن كلام الله تعالى قَوْلاً واحِداً ، وقَطْعِيُّ الدلالة أنَّ المعنى المُستفاد من هذه الآية حقيقةٌ ثابتة يقينِيَّةٌ لا مجال لِرَدِّها ؛ اِسْتَمِعوا قوله تعالى :
[ النساء : الآية 79 ]
سَيِّئَةٍ نكِرَة وهو تنْكيرُ شُمول ، فأيَّةُ سيِّئَةٍ على الإطلاق ، مهما كانت صغيرةً ، ومهما كانت كبيرةً، ومهما كانت مُباشِرَة ، أو غير مُباشِرَة ، مُؤلِمَةً أو طفيفة الألم ، وما أصابك من سيِّئَةٍ فَمِن نفْسِك ؛ فَمَن وجد خيراً فَلْيَحْمَدِ الله ، ومن وجد غير ذلك فلا يلومَنَّ إلا نفْسَه ، وهل تسْتطيع إنْ كنت مؤمنا بالله وبِكِتابه الكريم أنْ تقول : إذا أصابَتْكَ مُصيبة ، وأنا ماذا فَعَلْتُ ؟! اِسْمَعِ الآية :
[ النساء : الآية 79 ]
قَوْلاً واحداً .
آيةٌ ثانِيَة ، وهي قوله تعالى :
[ الشورى : الآية 30 ]
آية ثالثة ، قوله تعالى :
[ آل عمران : الآية 165 ]
ما مِن عَثْرةٍ أو اخْتِلاج عِرْقٍ ولا خَدْشِ عودٍ إلا بِما قَدَّمَتْ أيديكم ، وما يعْفو الله أكثر ، وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ قَالَ أَبُو بَكْرٍ يَا رَسُولَ اللَّهِ مُرْنِي بِشَيْءٍ أَقُولُهُ إِذَا أَصْبَحْتُ وَإِذَا أَمْسَيْتُ قَالَ قُلْ اللَّهُمَّ عَالِمَ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ فَاطِرَ السماوات وَالْأَرْضِ رَبَّ كُلِّ شَيْءٍ وَمَلِيكَهُ أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ أَعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّ نَفْسِي وَمِنْ شَرِّ الشَّيْطَانِ وَشِرْكِهِ قَالَ قُلْهُ إِذَا أَصْبَحْتَ وَإِذَا أَمْسَيْتَ وَإِذَا أَخَذْتَ مَضْجَعَكَ *
[ رواه الترمذي ]
هناك دِقَّةٌ بالغة في أقْوال النبي عليه الصلاة والسلام ؛ لم يقُل عليه الصلاة والسلام : اللهم إنِّي أَعُوذُ مِنْ شَرِّ الشَّيْطَانِ ومن شَرِّ نفْسي ، فلما قَدَّمَ شَرَّ النفْس على شَرِّ الشيطان أَكَّدَ أنَّ كل شيء بيده ، وأنّ الدواب كُلَّها بِيَد الله عز وجل ، وأنّ كل دابةٍ آخِذٌ بِناصِيَتِها ، وأنَّهُ إذا أطْلق دابَّةً من هذه الدواب لِتُصيبَ إنْساناً ما بِأذى فبِسَبَبِ شرٍّ في نفْسه ؛ وهذا الدعاءُ تعْليمي لنا ؛ اللهم إنِّي أعوذ بك من شَرِّ نفْسي ومن شَرِّ كلِّ دابَّةٍ أنت آخِذٌ بناصِيتها ، لذلك ورد : لا يخافَنَّ العبدُ إلا ذَنْبه، ولا يرْجُوَنَّ إلا ربَّهُ *
[كنز العمال عن عليّ موقوفا]
لأنَّك إذا رَجَوْتَ الله سبحانه وتعالى ، وإذا خِفْتَ الله تعالى خافَكَ كُلُّ شيء ، وإذا لم تخَفِ الله تعالى أخافك من كلِّ شيء ، قال تعالى :
[ المائدة : الآية 11 ]
فحينما يكون الإنسان مع الله عز وجل يَكُفُّ عنه أيدي الأشرار ، وهناك شيءٌ في التَّوْحيد يُسَمُّونه التَّسْليط ؛ وهو من الله عز وجل ، فإذا اسْتَحقَّ العبدُ مُعالَجَةً سَلَّطَ الله عليه من لا يرْحَمُهُ ، وإذا اسْتَحقَّ إكْراماً كّفَّ الله عنه يد الأشرار ، لذلك قال بعض العارِفين :
***
أطِعْ أمْرَنا نرْفَع لِأَجْلك حُجْبنا فإنا منَحنا بِالرِّضى من أحَبَّنا
ولُذ بِحِمانا و احْتَمِ بِجَنابِنــا لِنَحْميك ممّا فيه أشْرار خَلْقِنـا
***
تَذَكَّر أنَّك إذا لم تسْتَقِم على أمر الله ، ولم تلْتجِئ إليه ، ولم تسْتَعِذ به ، فالأشْرار كثيرون ، والجِهات التي تُخيفُ الإنسانَ عديدة ، فَمَصادِرُ القلق والخوف بالحياة الدنيا لا تُعَدُّ ولا تُحْصى ، وإذا عرَفْتَ الله سُبحانه وتعالى ، واسْتَقَمْتَ على أمره ، والْتَجأتْ إليه ، واسْتَعَذْتَ به دَخَلْتَ في أمْنٍ ، قال تعالى :
[ الأنعام : الآية 81 ]
الأصل هو الخير أما الشرّ فهُوَ طارىء ، الخير إيجابي يحْتاجُ إلى خالق ، والشرّ سَلْبي ناتِجٌ عن غفلة الإنسان ، أو عن تجاوُز الحيوان ، أو عن سوء اسْتِخْدام الجمادات ، والشَّر عِلاجي ، وهو بِيَد الله عز وجل ؛ آمنتُ بالقَدَر خيره وشَرِّه من الله عز وجل .
شيءٌ آخر ؛ " قل أعوذ برب الفلق من شرِّ ما خلق "؛ لماذا خلق الله سُبحانه وتعالى أشْياء تُخيفُنا ؟ سؤال ، لماذا خلق الأفعى والعقرب ، وأشْخاصاً مُخيفين شِرِّيرين ، قال علماء التوحيد : لو لم يجْعل الله سبحانه وتعالى في الأرض مصادر للخَوْف لاسْتَغْنَيْتَ عنه ، وبِهذه الأشياء المُخيفة تبْقى مُلْتَجِئاً إليه ، وإذا الْتَجَأتَ إليه سَعِدْتَ بِقُرْبِه ؛ من أجل أنْ يُسْعِدَك ، فالطِّفْل إنْ ترك أُمَّه شقِيَ ، فإذا كان هناك حيوان مُخيف للطفل في الطرف الآخر ، فهذا الطفل يبْقى مع أُمِّه ، فهذه الأشْياءُ المُخيفة التي بثَّها الله في الأرض من حيوانات ، وجمادات ، وأشْخاص شِرِّيرين ، وأشياء مزعجة ؛ تَصْنَعُ الوِجْهَة إلى الله ، والالْتِجاء إليه ، وتحملك على أن تلوذَ به ، وتحْتمي بِحِماه ، وتُقْبِلَ عليه ، وتسْتَعيذَ به ، " قل أعوذ برب الفلق من شرِّ ما خلق " حِكْمَةٌ بالغة ، فلولا وجود مخْلوقاتٍ شِرِّيرة في الأرض لاسْتَغْنى الإنسان عن الله سبحانه وتعالى ، ولو نام أحدكم بِخَيْمَة فإنه يخْطُر بِباله عقْرب ، أو حَيَّة ، فيقرأ آية الكرسي كي يحفظه الله تعالى ، فلو لم يكن هناك خطر لنام مثل الحيوان ، أما هذه الأشياء المُخيفة تدْعوه للالْتِجاء إلى الله - طبعاً بصورة عامة لا يوجد عند الإنسان حياتٍ بِالبيْت ، لكن هناك أشياء مُخيفة تُشابِهُها - لو جاءَتْكَ ورقة صغيرة : تعال إلى عندنا بعد أسبوع ، لن تنام ذلك الأسبوع خَوْفاً من هذا الاسْتِدْعاء ، فالأشياء المُخيفة هي في خِدْمَة الإنسان ، صار الشرُّ إذاً نِسْبيًا ، يا ترى لو أُصِيب الإنسان بالزائِدَة والْتَهَبَتْ ألَيْسَ شقُّ البطن ، ونُزول الدم منْظَراً يدعو للخَوْف ، ومع ذلك هذه العملِيَّة من أجل راحَتِهِ ، ألَيْسَ حفْرُ السِنِّ مُؤلما ؛ من أجل راحَةٍ أكبر منه فصار الشرّ نِسْبيًا ؛ الآية الكريمة :
[ آل عمران : الآية 26 ]
قوله تعالى : " تؤتي الملك من تشاء" ، وقوله : " وتنْزِعُ الملك ممن تشاء" بِنَظَر الناس شرّ ، وتُعِزُّ من تشاء خير ، وتُذِلُّ من تشاء شرّ ؛ لكن إيتاءُ المُلك ونَزْعُ المُلك ، والإعْزازُ والإذْلال ، كُلُّها خير عند الخبير والعليم والحكيم والمُعالج ، وعند الذي خلقك للآخرة ، وعند الذي أعدَّ لك ما لا عينٌ رأتْ ولا أُذُنٌ سَمِعَت ولا خطر على قلب بشر ، وعند الذي خلقك من أجْله ، فآثَرْتَ أنْ تكون من أجل عباده ، فأذاقَكَ الله بأسَهُم ، فإما أنْ تكون عَبْداً لله ، وإما أنْ تكون عَبْداً لِبشرٍ لئيم ، فاخْتَرْ ! ولا بد من العُبودِيَّة ، إما أنْ تكون عَبْداً لله ، فَعَبْدُ الله حُرٌّ وعزيزٌ وكريم ، وإما أنْ تكون عبْداً لِعَبْدٍ لئيم ، واللهِ واللهِ مرَّتَيْن لَحَفْرُ بِئْرَيْن بِإبْرَتَيْن وكَنْسُ أرض الحِجاز في يوْمٍ عاِصفٍ بِريشَتَين ونقْلُ بَحْرَيْن زاخِرَيْن إلى أرض الصعيد بِمِنْخَلَيْن، وغَسْلُ عَبْدَيْن أسْوَدَيْن حتى يصيراَ أبيَضَيْن أهْوَنُ عليَّ من طلب حاجَةٍ من لئيمٍ لِوَفاءِ دَيْن، إما أنْ تكون عَبْداً لله ، أو عَبْداً لِبشرٍ لئيم؛ إنْ أحْسَنْتَ لم يقْبل ، وإن أسأتَ لم يقْبل ، إنْ رأى خيراً دَفَنَهُ ، وإن رأى شَرًّا أذاعه ، "من شَرِّ ما خلق " ، من هؤلاء ، ولَعَلي أتيْتُ على بعض النواحي الدقيقة في هذا الموضوع ؛ الشرّ نِسْبي ، هو عندك شرّ ، أما عند الله فهو خير ، كما أنَّ الطِّفل يبْكي ويضْطرب إذا علِمَ أنَّ الطبيب سَيُعْطيه إبرة ، مع أنَّ هذه الإبرة لِصالِحِه ولِتَسْكين ألَمِه ، وإزالَةِ الالْتِهاب ، فَعِنْدَ الطفل هذه الإبرة شرّ ، أما عند الأب فهي خير ، اليسر إيجابي ، وأما الشرّ فهو طارىء ، والشرّ ناتِجٌ عن غفلة ، وتجاوز حُدود ، وعن سوء اسْتِعمال ، لذلك قال بعْضهم في قوله تعالى :
[ لقمان : الآية 20 ]
المصائِبُ نِعَمٌ باطِنَة ؛ رَجُلٌ أُصيبتْ ابنته بِمَرَضٍ عُضال ، بذل من أجل عِلاجها المٌستحيل ؛ فباع بيْتَهُ ، وبعد سَنَواتٍ طويلة فكَّر ساعَةً ، وقال : لو أنَّني تُبْتُ إلى الله لَعَلَّ الله يشْفِيَها ، فبدأ يُصلي هو وزوْجَتُهُ ، حَجَّب زوْجَتَهُ ، وابْتَعدا عن المُنكر ، فَشَفاها الله عز وجل ، فَبَيْعُ بَيْتِهِ ، وهذه السنوات السـِتِّ التي أمْضاها في ألمٍ لا يُحْتمل من جراء مرضٍ عضالٍ أصاب ابنتَه ، ثمَّ انْتهى هذا كُلُّهُ بِهُداه ، واصْطِلاحه مع الله سبحانه وتعالى ، أَيُعَدُّ هذا المرض شرًّا ؟ أَيُعَدُّ بيْعُ بيْتِهِ شراًّ ؟ لا والله ، ولو أنَّ تاجِراً اِحْتَرَقَ متْجَرُهُ ، ثم تاب عن التعامل بالربا ، كما قال أحدهم : والله اِحْتَرَقَ لي ملْيونين من البضاعة ، وكان احْتِراقُ هذه البِضاعة سبباً لِتَوْبَتِهِ ، وترْكِهِ الرِّبا ، أَيُعَدُّ هذا شراًّ؟ لا والله ، لكنّ الله سماهُ شراًّ بِحَسَبِ مفْهومِنا نحن ، وبِحَسَب مصطلحنا بيننا ؛ "قل أعوذ بربِّ الفلق من شرِّ ما خلق" .
ثمَّ قال تعالى : وَمِنْ شَرِّ غَاسِقٍ إِذَا وَقَبَ(3)
[ الفلق : الآية 3 ]
قال بعضُهم : الغاسِق هو الليل ، وقال بعضهم : الشيطان ، لماذا هو غاسِق ؟ لأنه مُظْلم ، ولأنَّهُ بعيدٌ عن الله تعالى ؛ فبُعْدُهُ عن الله تعالى أوْقَعَهُ في ظُلْمة ، وإذا أَقْبَلْتَ على الله عز وجل صِرْتَ في نورٍ ، قال عليه الصلاة والسلام : الطُّهُورُ شَطْرُ الْإِيمَانِ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ تَمْلَأُ الْمِيزَانَ وَسُبْحَانَ اللَّهِ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ تَمْلَآَنِ أَوْ تَمْلَأُ مَا بَيْنَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالصَّلَاةُ نُورٌ وَالصَّدَقَةُ بُرْهَانٌ وَالصَّبْرُ ضِيَاءٌ وَالْقُرْآنُ حُجَّةٌ لَكَ أَوْ عَلَيْكَ كُلُّ النَّاسِ يَغْدُو فَبَايِعٌ نَفْسَهُ فَمُعْتِقُهَا أَوْ مُوبِقُهَا *
[ رواه مسلم ]
والإعراضُ ظُلمة ، وأكبر هؤلاء المُعْرِضين هو الشيطان ؛ في ظلامٍ دامِس ، وفي غَسَقٍ ، "قل أعوذ بِرَبِّ الفلق من شرِّ ما خلق ومن شرِّ غاسِقٍ "، يعْني الشيْطانٍ إذا وقب ، ومعْنى وَقَب أيْ دخل في الوَقْب ، والوَقْب الكُوَّة ، وهي كِنايَةٌ عن صَدْر الإنسان ، فإذا دخل الشيطان في الإنسان فالعِياذ بالله ! قبل أيامٍ عديدة اثْنان في حالة سُكْرٍ شديد أرادا أنْ يفْعَلا الفاحِشَة بِغُلامٍ ، فاخْتَلفا ، فأطْلَقَ أحدهما النار على الآخر بالمُسَدَّس ؛ فأرْداهُ قتيلاً، وأُخِذ الثاني إلى السِّجْن ، أنا قلتُ : هذا من عَمَلِ الشيطان ، وهذا هو " من شرِّ غاسِقٍ إذا وقب " ، هؤلاء الذين يُعْدِمونهم في الساحة العامة كُلَّ يومٍ أو يَوْمَيْن ؛ من هم ؟ هؤلاء دخل فيهم الشيطان ، فَسَوَّل لهم ارْتِكاب جريمَةٍ، أو سَرِقَة حانوتٍ ، أو قتْلَ إنْسانٍ ، أو سَرِقَة مرْكَبَةٍ ، أو اغْتِصابَ فتاةٍ ، فكان مصيرُهم ما كان ، " قل أعوذ بِرَبِّ الفلق من شرِّ ما خلق " ؛ وفي مُقَدِّمة هذه الشرور الشيطان الغاسِق إذا وَقَب ؛ إذا دخل في نفْس الإنسان جَعَلَهُ شِرِّيراً ، يُحِبُّ شَهْوَتَهُ ولو كانت على حِساب الآخرين ، يُحِبُّ قضاء لَذَّتِهِ ولو أدَّتْ إلى تحْطيم امرأة وجَعْلِها مُومِسًا ، يُحِبُّ اكْتناز المال ولو كان سلْباً أو سَرِقَةً ، يحِبُّ أنْ يحْيا ويموت الناس ، ويأكُلَ ويجوع الناس ، يُحِبُّ أنْ يبْنِيَ مَجْدَهُ وحياته على موتِهِم ، أنْ يبْني أمْنَهُ على قَلَقِهِم ، أنْ يبْني مَجْدَهُ على ذُلِّهِم ، " قل أعوذ بِرَبِّ الفلق من شرِّ ما خلق ومن شرِّ غاسِقٍ إذا وقب " ، لكن معك سِلاحُ ضِدَّ الشيطان ، وهو فعالٌ جداً ؛ إذا قُلْتَ : أعوذ بالله من الشيطان الرجيم كان السلاح الخطير تُصَوِّبُهُ عليه فَتَجْعَلُهُ يَهْمَد ، إذا قُلتَ أعوذ بالله من الشيطان الرجيم نجوت منه ، وربُّنا قال :
[ الأعراف : الآية 200 ]
وقال تعالى :
[ المؤمنون : الآية 97 ]
إنْ ألمّ بك خاطِرٌ خطيرٌ ، ولا يُرْضي الله ، كأنْ تأخُذَ شيئاً ليس لك ، أو أن تَحْتال ، أو أنْ تُدَلِّس ، أو أن تخْدَع ، أو تُخْفي عَيْبَ البِضاعة ، أو تكذِب في رأس مالك ، أو تُزَوِّر ؛ فاسْتَعِذ بالله من الشيطان الرجيم ، لأنّ هذه وساوِسُ الشيطان الذي دخل إلى صَدْرِك ، فقُل : أعوذ بالله من الشيطان الرجيم ، وإذا دَخَلْتَ إلى بيْتٍ ، وَسَوَّلَتْ لك نفْسُك أنْ تُلْقي نظْرةً على من فيه من دون أنْ يكون مُباحاً لك هذا ؛ لَا يَخْلُوَنَّ رَجُلٌ بِامْرَأَةٍ إِلَّا كَانَ ثَالِثَهُمَا الشَّيْطَانُ *
[رواه الترمذي]
يسَوِِّل له فِعْلَ المُنْكر ، قل أعوذ بربِّ الفلق من شرّ ما خلق ، وفي رؤوس الأشرار شرُّ غاسِقٍ إذا وقب .
الآن هناك مَعْنيان : المعنى الأول : الشيطان إذا دخل إلى نفْس الإنسان .
والمعنى الثاني : إذا دخل الشيطان إلى نفْس شخص آخر يُصْبِحُ وحْشاً يكاد ينقض عليك ، وبطاشاً ومُؤْذِياً ومُجْرِماً ، فاسْتَعِذ بالله أنْ يدخل الشيطان إلى صَدْرك فَيُوَسْوِس إليك ، واسْتَعذ بالله أنْ يدْخُل الشيطان إلى صَدْر إنسانٍ آخر تتعامل معه فينْقلب أمامك شِرِّيراً ، قال تعالى :
[ القصص : الآية 15 ]
هذه مُشاحنة بين القِبْطي والإسْرائيلي ؛ هذا من عمل الشيطان ؛ الشيطان دخل بينهما ، فلذلك الإنسان عليه أنْ يُعينَ أخاهُ على الشيطان ، وليس أنْ يُعين الشيطان على أخيه ؛ فإذا غضِبَ أخوك فاسْكُت ، فإذا رَدَدْتَ عليه بِكَلِمَة قاسِيَة أعَنْتَ الشيطان عليه ، فإذا سَكَتَّ أعَنْتَهُ على الشيطان ، رَجُلٌ تلفَّظَ بِكَلماتٍ قاسِيَة بِحَقِّ صحابيٍّ جليل ، ما فعل هذا الصحابي شيئًا ، إلا أنْ قال: غفر الله لك إنْ كُنتَ مُخْطِئاً ، وغفر الله لي إنْ كنتُ مُخْطِئاً ، علاقتك مع زوْجَتِك ، ومع أوْلادك ، وجيرانك ، وأصْحابك ، وزُملائِك ؛ أعِنْهُم على الشيطان ، ولا تُعِن الشيطان عليهم ، إذا اسْتَفْزَزْتَهُم ، وقَسَوْتَ معهم ، وأخَذْتَ حقَّهُم فق أعَنْتَ الشيطان عليهم ، أما إذا تسامَحْتَ معهم وأحْسَنْتَ إليهم فقد أعَنْتَهم على الشيطان ، " قل أعوذ بِرَبِّ الفلق من شرِّ ما خلق ومن شرِّ غاسِقٍ إذا وقب " .
ثمَّ قال تعالى :
[ الفلق : الآية 4 ]
النفاثات هي النفوس الساحِرَة ، والسِّحْرُ أصْلُهُ التمْويه بالحِيَل ، والتَخايُل ، كالسراب تراهُ ماءً ، وهو انْعِكاسٌ شُعاعي على الأرض ؛ سَحَرْتُ الصبِيّ ، أيْ خَدَعْتُهُ ، وأصْلُهُ الخفاءُ والصَّرْف ، فإذا صَرَفْتَ إنْساناً عن شيءٍ فقد سَحَرْتَهُ ، وأصْلُهُ الاسْتِمالة ؛ قالوا : محمدٌ صلى الله عليه وسلم سحر أصْحابه ، يعْني مالوا إليه ، والسِّحْرُ أنْ تُؤخَذَ بِلُطْفٍ ، والسِّحْرُ عند بعض المذاهب الإسلاميَّة خِداعٌ لا أصْل له ، وعند الشافِعي رضي الله عنه وَسْوَسَةٌ وأمْراض ، وعند الأحْناف حقٌّ ، وله حقيقة ، ولكن هناك أشْياءٌ حتى الآن طبيعتها بَقِيَتْ مجْهولة ، دَرَسْنا شيئاً في عِلْمِ النفْس اسمه التخاطر ؛ امْرأةٌ في إيطاليا وهي في مطْبَخِها رأَت ابنها وهو في باريس ، قد دهَسَتْهُ سيارة فصرَخَت ؛ رأتْهُ بِأُمِّ عَيْنَيها ، بعد أيامٍ ثلاثة جاء جُثْمان ابنها إلى البيت ، مع تقْريرٍ يؤكِّدُ الدقيقة التي رأتْهُ فيها يُدْهَس ؛ سماها عُلماءُ النفْس التخاطر النفسي ، وهذا قائِدُ جيْشٍ في العِراق قال : أسْمَعُ صوتَ أمير المؤمنين يُحَذِّرُني ، الجبلَ الجبلَ ، هذه وَقَعَتْ كيف ؟ لا نعْرف ، العِلْمُ عاجِزٌ عن تفْسير هذه الخاطِرة التي سماها العُلماء التخاطر النفْسي ، لأنَّ الله سبحانه وتعالى يقول :
[ الإسراء : الآية 85 ]
وقال :
[ البقرة : الآية 200 ]
فالتخاطر معْلومٌ ومجْهول ، هو حدثٌ وَقَعَ ، ولكنَّ تفْسيرهُ مجْهول ، كذلك السِّحْر ، فالأحْناف قالوا : هو شيءٌ حقيقي ، ولكنَّ طبيعته مجْهولة ، والإمام الشافِعي قال : هذه وساوِسٌ وأمْراض ، وبعض الفرق الإسلاميَّة قالوا : وهْمٌ لا أصْل له ، لكنَّ النبي الكريم اسْتعاذ بالله من هؤلاء الذين يسْحَرون ، هناك أشْياء دقيقة سَأورِدُها لكم في هذا الموضوع .
هناك من السِّحْر ما يُكَفِّرُ صاحِبَه ، ومن فعل السِّحْر لِيَصْرِفَ الناس إليه فهذا كُفْرٌ ، وبعضُ المذاهب الإسلامِيَّة أباحَتْ دمَ هذا الساحِر ، لأنَّهُ يُضَلِّلُ الناس ، ويصْرِفُهم عن الحقيقة الكُبرى إلى نفْسه ، وربنا عز وجل قال :
[ البقرة : الآية 102 ]
لماذا كفروا ؟ يُعَلِّمون الناس السِّحْر ، قِصَّةٌ سخيفةٌ يَرْويها اليهود نفاها الله تعالى ، فلا يسْتطيعُ الساحر أنْ يضُرَّ أحداً إلا بِإذْن الله ، فالساحِر لا يسْتطيع أنْ ينْفذ بِسِحْرِهِ إلى إنْسانٍ إلا إذا كان غافِلاً عن الله سبحانه وتعالى ، فإذا قال الإنسان :
قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ(1)مِنْ شَرِّ مَا خَلَقَ(2)وَمِنْ شَرِّ غَاسِقٍ إِذَا وَقَبَ(3)وَمِنْ شَرِّ النَّفَّاثَاتِ فِي الْعُقَدِ(4)وَمِنْ شَرِّ حَاسِدٍ إِذَا حَسَدَ(5)
[ الفلق : الآية 1-5 ]
بطل السِّحْر ، ومعنى النفاثات في العُقَد ، هذه العُقَد المتينة ؛ العلاقة الزوْجِيَّة عُقْدة ، وعلاقة الأُخُوَّة عُقْدة ، وعلاقة الشَّريكَيْن عُقْدة ، وعلاقة الأُبُوَّة عُقْدة ، وعلاقة الجِوار عُقْدة ، والسيّدة عائِشَة رضي الله عنها سألت النبي عليه الصلاة والسلام مرَّةً : كيفَ حُبُّكَ لي ؟ قال : كَعُقْدة الحبل ، فكانت تقول له من حينٍ لآخر : كيف العُقْدَةُ ؟؟ فيقول لها : على حالِها ، فَرَبُّنا عز وجل قال : "ومن شرِّ النفاثات في العُقَد" ، فهذه العلاقات الإنسانِيَّة المتينة يأتي الساحر فَيَفْصِمُ بينها ، ويُحِلُّها ، ويجْعَلُها واهِيَة ، فالخِلافُ الزوْجي يقع بِسَبَبِ زوْجَيْنِ غافِلَيْن عن الله عز وجل ، ويأتي السِّحْر فَيَقْطَعُ هذه الصِّلَة .
الآية الأخيرة ، هي قوله تعالى : وَمِنْ شَرِّ حَاسِدٍ إِذَا حَسَدَ(5)
[ الفلق : الآية 5 ]
قال العلماء : الحسدُ مذْمومٌ ومحْمود ! هو مذْمومٌ إذا تمنَّيْتَ زوال النِّعْمة عن أخيك المُسلم ، وأنْ تتحَوَّل إليك ، هذا هو الحسد :
قل لِمَن بات لي حاسِداً أتَدْري على من أسأْتَ الأدَب ؟
أسأْتَ على الله في فِعْلِه إذْ لم ترْضَ لي ما وَهَـــبَ
***
اِصْبِر على حسد الحسود فإنَّ صبْرَكَ قاتِلُـــه
فالنارُ تأكُلُ بعضهـــا إنْ لم تجِد ما تأكلــه
هذا هو الحسدُ المذْموم ، لماذا ؟ لأنَّهُ تسْفيهٌ للحق سبحانه وتعالى على إنْعام نِعْمَةٍ ظَنَنْتَ صاحبها لا يسْتحِقُّها ؛ هذا شِرْكٌ بالله ، وكُفْرٌ به ، وأما المحْمود فما رواه عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ لَا حَسَدَ إِلَّا عَلَى اثْنَتَيْنِ رَجُلٌ آتَاهُ اللَّهُ الْكِتَابَ وَقَامَ بِهِ آنَاءَ اللَّيْلِ وَرَجُلٌ أَعْطَاهُ اللَّهُ مَالًا فَهُوَ يَتَصَدَّقُ بِهِ آنَاءَ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ *
[ متفق عليه ]
إذا حَسَدْتَهما فهذا هو الحسد المحْمود ، ولكنَّ العلماء سَمَّوْهُ غِبْطَةً ، وسماهُ الله تعالى مُنافَسَةً ، فقال تعالى :
[ المطففين : الآية 26 ]
وقال تعالى :
[ الصافات : الآية 61 ]
فَسَماهُ الله مُنافِسَةَ ، وسماهُ النبي غِبْطَةً ، وفي الأثر عن الفضيل بن عياض : المؤمن يغْبِطُ والمنافق يحْسُد "
[كشف الخفاء للعجلوني]
وقال عليه الصلاة والسلام : أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: العين تدخل الرجل القبر والجمل القدر *
[أخرجه أبو نعيم في الحلية عن جابر]
فَلَن تتأثَّر بالسِّحْر ولا بالحَسَد - مرَّةً ثانِيَة - إلا إذا كنت غافِلاً عن الله تعالى فإذا تَلَوْتَ قوله تعالى : قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ(1)مِنْ شَرِّ مَا خَلَقَ(2)وَمِنْ شَرِّ غَاسِقٍ إِذَا وَقَبَ(3)وَمِنْ شَرِّ النَّفَّاثَاتِ فِي الْعُقَدِ(4)وَمِنْ شَرِّ حَاسِدٍ إِذَا حَسَدَ(5)
[ الفلق : الآية 1-5 ]
فلن يصل إليك شِرِّير ، ولا شيطانٌ يستطيع أنْ يدخل في صدْرك ، ولا ساحِرٌ أنْ يؤثِّر فيك ، ولا حاسِد يمكنه أنْ يحْسُدك .
ثم إنّ الحاسِد أبْغَضَ النِّعْمة على غيره ، وفي هذا شكَّ منه في حِكمة الله سبحانه وتعالى ، والحاسِد ساخِطٌ لِقِسْمة الله تعالى ، وضادَّ فِعْلَ الله ، ولم يسْتَسْلم له ، وخَذَلَ أوْلِياءَ الله عليه فَحَسَدَهم ، وذَمَهُم بدل أنْ يَدْعَمَهُم ، والحاسِد أعان الشيطان على أخيه ، ولا ينال في المجلس إلا الندامة ، ولا ينال عند الملائكة إلا اللعنة ، ولا ينال في الخلوة إلا الجَزَع والغَمّ ، ولا ينال في الآخرة إلا الحُزْن والاحْتِراق ، ولا ينال عند الله إلا بُعْداً ومَقْتاً ، وقال عليه الصلاة والسلام : ثلاثة لا يُسْتجابُ دُعاؤُهم : آكل الحرام ، ومُكْثِرُ الغيبة ، ومن كان في قلبه غِلٌّ أو حسَدٌ للمسلمين، وقال بعضهم : أوَّلُ ذنْبٍ عُصِيَ الله به في السماء هو الحسد قال تعالى :
[ الأعراف : الآية 12 ]
وأوَّلُ ذَنْبٍ عُصِيَ الله به في الأرض أنَّ قابيل حسد هابيل ، فَنَعوذ بالله من الحسد ، ونسْأله المنافَسَة والغِبْطة في الطاعة ، والاسْتِقامة وحِفْظ كتاب الله ، فهذا هو المطْلوب ، فَهَذه السورة اِقْرأْها قبل أنْ تنام ، ولن تر مناماً مُخيفاً ؛ قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ(1)مِنْ شَرِّ مَا خَلَقَ(2)وَمِنْ شَرِّ غَاسِقٍ إِذَا وَقَبَ(3)وَمِنْ شَرِّ النَّفَّاثَاتِ فِي الْعُقَدِ(4)وَمِنْ شَرِّ حَاسِدٍ إِذَا حَسَدَ(5)
[ الفلق : الآية 1-5 ]
والحمد لله رب العالمين
[b]