حالة من الرضا تسود الشارع الفقهي المصري بعد القرار الصادر عن الملك السعودي عبد الله بن عبد العزيز والقاضي بحصر إصدار الفتاوى بأعضاء هيئة كبار العلماء أو المشايخ الذين يتم تعيينهم من قبل مفتي عام السعودية الشيخ عبد العزيز آل الشيخ، مع التوعد لكل من يخالف هذا القرار بالجزاء الشرعي.
وقال الشيخ عبد الظاهر شحاتة، المحاضر في كلية الشريعة الأزهرية، "إن القرار لا يخرج عن النهج الإصلاحي المتحرر والحضاري الذي ينتهجه الملك السعودي."
وأكد شحاتة أن "الفتاوى الإسلامية ترتبط بالشكل والمعنى والمضمون بالمكان والزمان، ويجب أن تواكب التطور الفكري والحضاري وأن تكون مسهلا للحياة اليومية العصرية وليس حجر عثرة أمامها."
وربط شحاتة القرار السعودي بدعوات سابقة وجهت من قبل مجموعة من المثقفين السعوديين لضبط إصدار الفتاوى التي أصبحت عند البعض مجرد وسيلة للشهرة والدعاية، بعد انتشارها على الفضائيات مما سبب إرباكا إفتائيا.
وأشار إلى أن العديد ممن أصدروا الفتاوى تدخلوا في الأمور الداخلية السياسية منها والاجتماعية بطريقة "ينجم عنها أحداث خطيرة قد تصل إلى سفك الدماء، كفتاوى قتل الأبرياء وأصحاب الفضائيات وتدمير الممتلكات والمنشات."
واستشهد ببعض الفتاوى التي وصفها بالغريبة كفتوى العبيكان بإرضاع الكبير وفتوى الشيخ عبد المحسن الأحمد التي دعا فيها إلى هدم الكعبة.
كما أشار إلى الفتوى بتحريم مسلسل "طاش ما طاش" والتي أصدرها إمام وخطيب مسجد خادم الحرمين الشريفين بالقريات، عطا الله البلوي.
ووصف شحاتة القرار بأنه "كامل" خاصة وأنه استثنى الفتاوى الفردية التي يطلبها البعض والتي لا تكون معلنة بل أقرب إلى السرية وتتعلق بأمور العبادة والمعاملات والأحوال الشخصية.
ورأى الشيخ الدكتور الأزهري محمود عبد السعدي أن القرار الذي أصدره العاهل السعودي كان ضروريا جدا، وأنه كان لا بد من إصداره منذ فترة بسبب الفوضى العارمة التي عمت عملية إصدار الفتاوى.
وأكد أن القرار "يعيد الثقة الشعبية بالجهات الرسمية الإفتائية والتي لها الرأي الأول في القرارات الهامة التي تحتاج لفتوى."
ودعا عبد السعدي إلى "تعميم القرار على البلدان الإسلامية لاسترجاع الوجه المشرق للإسلام بعد التشوهات الإعلامية التي طالته بسبب العديد من الفتاوى."
أما الشيخ هاني عبد الكريم الذي ينتمي إلى جماعة الإخوان المسلمين المحظورة في مصر، فقال للشرفة" "إن الجماعة لم تصدر رأيها الرسمي حتى الآن حول القرار السعودي بحصر الإفتاء ببعض الأشخاص."
لكنه يرى أن "حصر الإفتاء في أشخاص بعينهم دون سواهم معينين من قبل الحكومات لا يدخل ضمن القيم والتعاليم الإسلامية أبدا."
ودعا عبد الكريم إلى التراجع عن القرار مع وضع بعض الضوابط التي لا تمنع الإفتاء منعا تاما من خارج إطار هيئة كبار العلماء، متخوفا من "تعميم القرار أو تبنيه من قبل دول إسلامية أخرى كمصر."
واستغرب عبد السعدي الاعتراضات التي أطلقها البعض وتسائل "هل من المعقول في القرن الواحد والعشرين أن يتم الإفتاء بقتل من يبيح الاختلاط بين الجنسين بالعمل أو الدراسة؟"
وأشار إلى أن القرار يجب أن يليه قرار آخر يتعلق "بضبط الإعلاميين والكتاب الصحافيين الذين يتناولون الأمور الدينية والذين لهم بالغ الأثر على المجتمع والشارع المسلم، خصوصا مع وجود مخاوف كبيرة من أن يتم استغلالهم من بعض من طالهم قرار المنع لاستكمال نشر فتاويهم المغرضة وأفكارهم ذات الآثار السيئة."