أقدم لكم أحبتى نونية ابن زيدون الشهيرة والتى عارضه فيها أحمد شوقى بنونيته التى يقول فى مطلعها :-
يانائـح الطلـح أشبـاه عواديـنـا***نشجى لواديك أم نأسى لوادينا
أترككم الآن أحبتى مع ابن زيدون ونونيته وأتمنى أن تنال إعجابكم .
يقول ابن زيدون :
أضْـحَـى التّنـائـي بَـديـلاً عــنْ تَدانِـيـنَـا
وَنَــابَ عَـــنْ طـيــبِ لُقْـيـانَـا تجافـيـنَـا
ألاّ وَقَــد حــانَ صُـبـحُ البَـيـنِ صَبّحَـنـا
حَـيْــنٌ، فَـقَــامَ بِــنَــا لـلـحَـيْـنِ نَـاعـيِـنَـا
مَـــنْ مـبـلـغُ الملبـسِـيـنـا، بانـتـزاحِـهـمُ
حُـزْنـاً، مــعَ الـدهـرِ لا يبـلـى ويُبْلـيـنَـا
أَنَّ الـزَمـانَ الَّــذي مـــازالَ يُضحِـكُـنـا
أُنـســاً بِـقُـربِـهِـمُ قَــــد عــــادَ يُبـكـيـنـا
غِيظَ العِـدا مِـنْ تَساقِينـا الهـوَى فدعَـوْا
بِـــأنْ نَـغَــصَّ، فَـقــالَ الـدهــر آمـيـنَـا
فَانـحَـلّ مـــا كـــانَ مَـعـقُـوداً بأَنْفُـسِـنَـا
وَانْـبَـتّ مــا كــانَ مَـوْصُــولاً بأيْـدِيـنَـا
وَقَــدْ نَـكُـونُ، وَمَـــا يُـخـشَـى تَفَـرّقُـنـا
فالـيـومَ نـحـنُ، ومَــا يُـرْجــى تَلاقـيـنَـا
يـا ليـتَ شعـرِي، ولـم نُعتِـبْ أعاديَـكـم
هَـلْ نَــالَ حَـظّـاً مــنَ العُتـبَـى أعاديـنَـا
لــم نعـتـقـدْ بـعـدكـمْ إلاّ الـوفــاء لـكُــمْ
رَأيــــاً، ولَــــمْ نَـتَـقـلّـدْ غَــيــرَهُ دِيــنَــا
مــا حقّـنـا أن تُـقِـرّوا عـيـنَ ذي حَـسَـدٍ
بِـنــا، ولا أن تَـسُــرّوا كـاشِـحـاً فِـيـنَــا
كُـنّـا نــرَى الـيَـأسَ تُسْلِيـنـا عَـوَارِضُـه
وَقَـــدْ يَئِـسْـنَـا فَـمَــا لـلـيــأسِ يُـغْـرِيـنَـا
بِـنْـتُـم وَبِـنّــا، فَـمــا ابـتَـلّـتْ جَوَانِـحُـنَـا
شَـوْقــاً إلَـيـكُــمْ، وَلا جَــفّــتْ مـآقِـيـنَـا
نَـكــادُ، حِــيــنَ تُنَـاجِـيـكُـمْ ضَـمـائـرُنـا
يَقـضـي علَيـنـا الأسَــى لَــوْلا تأسّـيـنَـا
حَــالَــتْ لِـفـقـدِكُـمُ أيّـامُـنــا، فــغَـــدَتْ
سُــوداً وكـانــتْ بـكُــمْ بِـيـضـاً لَيَالِـيـنَـا
إذْ جـانِـبُ العَـيـشِ طَـلْـقٌ مــن تألُّفِـنـا؛
وَمَـرْبَـعُ اللّـهْـوِ صَــافٍ مِــنْ تَصَافِيـنَـا
وَإذْ هَصَـرْنَـا فُـنُـونَ الـوَصْـلِ دانـيــة ً
قِطَـافُـهـا، فَجَنَـيْـنَـا مِـنْــهُ مــــا شِـيـنَــا
ليُـسـقَ عَهـدُكُـمُ عَـهـدُ الـسّــرُورِ فَـمــا
كُــنْــتُــمْ لأروَاحِــــــنَا إلاّ رَيــاحــيــنَا
لا تَـحْـسَـبُـوا نَـأيَـكُــمْ عَــنّــا يـغـيّـرُنــا
أنْ طـالَـمـا غَـيّــرَ الـنّــأيُ المُحِـبّـيـنَـا!
وَاللهِ مَــــا طَـلَـبَــتْ أهْــواؤنَــا بَـــــدَلاً
مِنْـكُـمْ، وَلا انصـرَفـتْ عنـكـمْ أمانـيـنَـا
يا سارِيَ البَرْقِ غادِ القصرَ وَاسـقِ بـه
مَن كانَ صِـرْف الهَـوى وَالـوُدَّ يَسقينَـا
وَاســألْ هُنـالِـكَ: هَــلْ عَـنّـى تَـذكُّـرُنـا
إلــفــاً، تــذكُّـــرُهُ أمــسَـــى يـعـنّـيـنَـا؟
وَيَـــا نـسـيــمَ الـصَّـبَــا بــلّــغْ تحـيّـتَـنَـا
مَـنْ لَـوْ علـى البُعْـدِ حَيّـا كــان يحيِيـنـا
فـهـلْ أرى الـدّهـرَ يقضيـنـا مسـاعـفَـة
ً مِـنْـهُ، وإنْ لــم يـكُـنْ غـبّــاً تقاضِـيـنَـا
رَبـيــبُ مُـلــكٍ، كَـــأنّ الــلَّــهَ أنْــشَــأهُ
مِسـكـاً، وَقَــدّرَ إنـشـاءَ الــوَرَى طِـيـنَـا
أوْ صَـاغَـهُ وَرِقــاً مَـحْـضـاً، وَتَـوجــهُ
مِــنْ نَـاصِـعِ التّـبـرِ إبْـداعـاً وتَحسِـيـنَـا
إذَا تَـــــــأوّدَ آدَتْــــــــهُ، رَفــاهِـــيّـــة ً
تُــومُ العُـقُـودِ، وَأدمـتَـهُ الـبُــرَى لِـيـنَـا
كانـتْ لَـهُ الشّـمـسُ ظـئـراً فــي أكِلّـتـه
بَـــلْ مـــا تَـجَـلّــى لــهــا إلاّ أحـايِـيـنَـا
كأنّـمـا أثبـتَـتْ، فــي صَـحــنِ وجـنـتِـهِ
زُهْـــرُ الـكَـوَاكِـبِ تَـعـوِيـذاً وَتَـزَيِـيـنَـا
مـا ضَــرّ أنْ لــمْ نَـكُـنْ أكـفـاءه شـرَفـاً
وَفــي الـمَـوَدّة ِ كــافٍ مِـــنْ تَكَافِـيـنَـا؟
يـا رَوْضَــة ً طالَـمـا أجْـنَـتْ لَوَاحِظَـنَـا
وَرْداً، جَـلاهُ الصِّبـا غـضّـاً، وَنَسْرِيـنَـا
ويَــــا حــيـــاة ً تـمـلّـيْـنَـا، بـزهـرَتِـهَــا
مُـنــى ً ضــروبَــاً، ولــــذّاتٍ أفـانـيـنَـا
ويَــا نعِيـمـاً خطـرْنَـا، مِــنْ غَـضـارَتِـهِ
فـي وَشْـيِ نُعْمَـى ، سحَبنـا ذَيلَـه حيـنَـا
لَـسـنـا نُسَـمّـيـكِ إجْــــلالاً وَتَـكْـرِمَــة ً
وَقَــدْرُكِ المُعْـتَـلـي عَـــنْ ذاك يُغْنِـيـنَـا
إذا انفرَدَتِ ومـا شُورِكـتِ فـي صِفَـة ٍ
فحسبُـنـا الـوَصْـفُ إيـضَـاحـاً وتبْيـيـنَـا
يــا جـنّـة َ الـخـلـدِ أُبـدِلـنـا، بسـدرَتِـهـا
والكـوثـرِ الـعـذبِ، زقّـومـاً وغسلـيـنَـا
كـأنّـنَـا لـــم نـبِــتْ، والـوصــلُ ثالـثُـنَـا
وَالسّعـدُ قَـدْ غَـضَّ مـن أجفـانِ وَاشينَـا
إنْ كـان قـد عـزّ فـي الدّنيـا اللّقـاءُ بكـمْ
فـي مَـوْقِـفِ الحَـشـرِ نَلقـاكُـمْ وَتَلْقُـونَـا
سِــرّانِ فــي خـاطِـرِ الظّلـمـاءِ يَكتُمُـنـا
حـتـى يـكـادَ لـســانُ الـصّـبـحِ يفشـيـنَـا
لا غَرْوَ في أنْ ذكرْنا الحزْنَ حينَ نهتْ
عنـهُ النُّهَـى ، وَتركْنـا الصّـبْـرَ ناسِيـنَـا
إنّـا قرَأنـا الأسَـى ، يـوْمَ النّـوى سُـورَاً
مَكـتـوبَـة ً، وَأخَـذْنَــا الـصّـبـرَ تلـقـيـنـا
أمّـــا هـــواكِ، فـلــمْ نـعــدِلْ بمَـنْـهَـلِـهِ
شُـرْبــاً وَإنْ كـــانَ يُـرْوِيـنَـا فيُظـمِـيـنَـا
لـمْ نَـجْـفُ أفــقَ جـمـالٍ أنــتِ كوكـبُـهُ
سالِـيـنَ عـنــهُ، وَلـــم نـهـجُـرْهُ قالِـيـنَـا
وَلا اخْـتِـيـاراً تَجَنّـبْـنـاهُ عَــــنْ كَــثَــبٍ
لـكـنْ عَدَتْـنَـا، عـلـى كُـــرْهٍ، عَـوَادِيـنَـا
نـأسَـى عَلـيـكِ إذا حُـثّـتْ، مُشَعْـشَـعَـة ً
فِـيـنــا الـشَّـمُــولُ، وغـنَّـانَــا مُـغـنّـيـنَـا
لا أكْـؤسُ الـرّاحِ تُـبـدي مــن شمائِلِـنَـا
سِيّـمـا ارْتـيـاحٍ، وَلا الأوْتـــارُ تُلْهِـيـنَـا
دومي على العهدِ، مـا دُمنـا، مُحافِظـة ً
فالـحـرُّ مَــنْ دانَ إنْصـافـاً كـمــا ديـنَــا
فَـمـا استعضْـنـا خَلـيـلاً مـنـكِ يحبسُـنـا
وَلا اسـتـفـدْنـا حـبِـيـبـاً عــنــكِ يثـنـيـنَـا
وَلَـوْ صبَـا نحوَنَـا، مــن عُـلـوِ مطلـعـه
بـدرُ الدُّجـى لـم يكـنْ حاشـاكِ يصبِيـنَـا
أبْـكـي وَفــاءً، وَإنْ لــم تَبْـذُلـي صِـلَـة ً
فَالـطّـيـفُ يُقْنِـعُـنَـا، وَالــذّكــرُ يَكـفِـيـنَـا
وَفـي الجَـوَابِ مَتَـاعٌ، إنْ شَفَـعـتِ بــهِ
بيـضَ الأيـادي، التـي مـا زِلـتِ تُولينَـا
إلـيـكِ مـنّـا سَـــلامُ الـلَّــهِ مـــا بَـقِـيَـتْ
صَـبَـابَــة ٌ بِــــكِ نُخْـفِـيـهَـا، فَتَـخْـفِـيـنَـا