افتحى قلبَكِ

افْتَحِى قَلْبَكِ

افتحى قلبَكِ يا سمراءُ أسْتَدْفِىءُ فِيهْ
ودعينى اسْتَمِعْ منهُ لما لم تَذْكُرِيهْ
ودَعِيهِ يحتويني شافياً جُرْحَ سِنِينِي
وعذاباتِ حنيني واتركيني واتركيهْ
فإذا قَدَّمْتُ عُمْرِي بانْكِسَارَاتِى وصبري
ربما قلبُكِ يَرْضَى بانكساري يشتريهْ
**
افتحى قلبَكِ يا
سمراءُ إنْ رَقَّ دَعِيهْ
إنه الأحْرَى بوعى
النابضِ الهائمِ فيه ؟
كيف يخشى مِنْ عُيُونٍ
مُقْلَتِاهَا تَرْتَجِيهْ؟
كيف يخشى من فؤادٍ
فى الحَنَايَا يَحْتَوِيهْ؟
افتحي قلبَكِ أو
هَيَّا إلى قلبى خُذِيهْ
كيف يا سمراءُ يحيا
القلبُ بالقيدِ الكَرِيهْ ؟
عَلِّمِينِى كيف آمُرُهُ
ويَنْصَاعُ لأمرى
راقداً فى القبرِ ثانيةً
ولا دَقَّةَ فيه؟
ليتنى أمْلُكُ يا
سمراءُ مِنْ قَيْدٍ لقلبى
وإذا ضِقْتِ بقلبى
فاقْتُلِينِى واقْتُلِيهْ
**
يا ابنتى كان سَقِيمَاً
وعليلاً وشَقِيَّا
كان فى القَبْرِ يعيشُ
القَهْرَ مُرَّاً أَبَدِيَّا
كان لا يُبْصِرُ نوراً
كان لا يُبْدِى شُعُورَاً
كان مَدْحُورَاً حَقِيرَاً
واهِىَ القَدْرِ دَنِيَّا
ماتَ فى الظُّلْمِ وأضناهُ
مَرَارُ الظُّلمِ حتى
لانَ للجَلْدِ صباحاً
ومساءً وعَشِيَّا
وارْتَضَى الظلمَ سَرِيرَاً
وارتضى الغَدْرَ سَعِيرَاً
ورأى هذا مُشِيرَاً
أنَّهُ صَارَ غَبِيَّا
فتناسى الكونَ ذِكْرَا
وانزوى بالقَبْرِ عُمْرَا
طارحاً نَبْضَاً وفِكْرَاً
وطَوَى الأيامَ طَيَّا
كارهَ الدنيا طويلاً
والذى كان عليلاً
زادَ فى الزُّهْدِ وَبِيلاً
قاتلاً ما كان حَيَّا
وسرى فيه الشُّحُوبُ
وانبرى زحفُ الكُرُوبُ
وهو فى الهم يذوبُ
ذابلاً شَيْئَا فَشَيَّا
**
آه يا سمراءُ لو
حانَ لنفسى أنْ تَبُوحْ
ما بِسُكْنَى القبرِ من
نَفْسٍ تُغَشِّيهَا القُرُوحْ
واعتبارَ الماءِ بَلْ
حتى الدواءِ مِنَ القَبِيحْ
واعتبارِ الغَسْلِ شيئا
لا ينالُ سوى المَلِيحْ
واعتبارِ الكَوْنِ لا
شىءَ سوى هَبَّةِ رِيحْ
واعتبارِ العُمْرِ وَلَّى
وَغَدَا الباقى شَحِيحْ
وانتظارِ الموتِ عُمْرَاً
واشْتِيَاقِى للضَرِيحْ
**
آه يا سمراءُ من
ذُلِّ القتيلِ بِغَيرِ قَتْلِ
آهِ مِنْ نارٍ بِكُلَِ
مَرَارَةٍ فى العِرْقِ تَغْلِى
آهِ مِنْ صَرْخَةِ مَقْهُورٍ
على الأرضِ يُصَلِّى
آهِ مِنْ غُصَّةِ حَلْقٍ
آهِ مِنْ طَحْنَةِ عَقْلِ
آهِ مِنْ كَبْتِى نُوَاحِى
تحتَ مَدْعاةِ التَّحَلِّى
لستُ أدرى لِمَ لا
يُنْجِزُِ لفظى وَصْفَ فِعُلِى ؟
هل أرادَ اللهُ أنْ
يَبْقَى الكلامُ الفَصْلُ أنأى
لِيَظَلَّ الحِسُّ مَطْمُورَاً
بلا كَشْفٍ لِغِلِّ؟
ويموتَ الناسُ لَمْ
يُستشرفوا غَيْرَ الأَقَلِّ؟
رَبِّ لا تَجْعَلْ بِكُلِّ
الكَوْنِ مَنْ يَلْتَاعُ مِثْلِى
**
لاحَ يا سمراءُ بَدْرِى
دُونَمَا وَعْدٍ أتانِى
لَسْتُ أَدْرِى كيفَ سوَّىَ
خالقِى سِرَّ الزَّمَانِ ؟
لسْتُ أدرى كيف أرسانى
على هذا المكانِ ؟
لستُ أدرى كيف آوانى
وبالماءِ رَوَانِى؟
لستُ أدرى كيف بالإنعام
مِنْ مَوْتِى نَشَانِى
لستُ أدرى ، لستُ أدرى
كيفَ باللهِ احْتَوَانِى؟
لستُ أدرى غيرَ أنِّى
صِرْتُ مِشْكَاةَ زمانى
صرتُ من لَمْسَةِ بَدْرِى
مَالئاً أعْلَى مَكَانِ
وَغَدَا يملأُ فِكْرِى
صارَ شَهْدَاً فى لسانى
صارَ أنْفَاسِى وروَّى
كُلِّ ذّرِّاتِ كِيَانِى
وبِهِ أحْبَبْتُ نَفْسِى
وزَمَانِى ومَكَانِى
وبِهِ أحْبَبْتُ عُمْرِى
وتَذَوِّقُت المَعَانِى
وأَعُدُّ الآنَ عُمْرِى
بالدقائقِ والثَّوَانِى
كيف أوفى حق قلب
رد روحى وشفانى ؟!
**
د. محمد عبد المطلب جاد
أستاذ سيكولوجيا الإبداع – جامعة طنطا