ندوات الإعجاز العلمي : الندوة 01 / 30 : المقدمة الأولى ، لفضيلة الدكتور محمد راتب النابلسي
بسم الله الرحمن الرحيم
المذيع :
بسم الله الرحمن الرحيم ، والصلاة والسلام على رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم .
إخوة الإيمان والإسلام ، ندعوكم معنا في مثل هذه الحلقات للتفكر والتأمل في خلق السماوات والأرض ، نتلمس عظمة الخالق عز وجل ، لقد بدأ هذا الدين برجل واحد ، فأصبح أمة ، فكان لا بد من إعجاز وقدرة إلهية ، وقدرة على الإقناع .
أيها الإخوة ، من خلال هذه الحلقات التي تدور حول الإعجاز العلمي في الكتاب والسنة نتناول في كل لقاء آية من آيات الله عز وجل ، نرى بين أيدينا كتاباً مؤلفه معنا نحاوره ويحاورنا ، الكتاب تحت عنوان : الإعجاز العلمي في الكتاب والسنة ، أما المحاور فهو فضيلة الدكتور محمد راتب النابلسي ، أستاذ محاضر في كلية التربية بجامعة دمشق خطيب ومدرس ديني في جوامع دمشق ، أهلاً وسهلاً بك .
بداية فضيلة الدكتور ، نريد أن نعرّف بهذه المادة التي سنتناولها من خلال هذه اللقاءات .
الأستاذ :
بسم الله الرحمن الرحيم ، الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين .
الله عز وجل خلق هذا الكون ، وسخره للإنسان تسخير تعريف وتكريم ، ردّ فعل التعريف أن نؤمن ، وردّ فعل التكريم أن نشكر ، فالإنسان حينما يؤمن ، وحينما يشكر يحقق سر وجوده في الحياة ، بدليل أن الله عز وجل يقول :
(سورة النساء)
إنكم حينما تحققون علة وجودكم من أجل أن تعرفوا الله ، وتعبدوه ، وتسعدوا بعبادته في الدنيا والآخرة ، ذلك أن من أدق تعريفات العبادة أنها طاعة طوعية ، ممزوجة بمحبة قلبية ، أساسها معرفة يقينية ، تفضي إلى سعادة أبدية ، ففي هذا التعريف الدقيق جانب معرفي ، هو السبب ، وجانب سلوكي هو الأصل ، وجانب جمالي هو الثمرة ، فالله عز وجل خلقنا ليسعدنا ، على خلاف ما يتوهم بعض الجهلة ، بدليل قول الله تعالى :
(سورة هود)
المدرسة حينما تؤسس من أجل أن تخرج قادة للأمة ، الطالب حينما يقصر يعاقب ، فإذا توهم هذا الطالب المقصر أن هذه المؤسسة التربوية الضخمة أنشئت لتعذيب الطلاب فهو جاهل جهلاً فاضحاً ، فالله عز وجل خلقنا ليسعدنا سعادتنا اللامتناهية ، تحتاج إلى معرفة ، والمعرفة من لوازمها الطاعة .
إنك حينما توقن أن الذي أمر أمره يطولك ، وقدرته تطولك ، فلا بد من أن تطيعه ، الكون مظهر لأسماء الله الحسنى ، وتجسيد لهذه الأسماء ، والصفات العلا ، الله عز وجل لا تدركه الأبصار ، ولكن كل شيء في الكون ينطق بوجوده ووحدانيته وكماله .
والله عز وجل حينما خلق الإنسان جعله مكرماً ، قال تعالى :
(سورة الإسراء)
هذه الآية تبيّن تكريم الإنسان ، وفي آية أخرى تبيّن تكليفه :
(سورة الذاريات)
وفي آية ثالثة تبيّن أنه المخلوق الأول رتبة ، بدليل قوله تعالى :
(سورة الأحزاب)
فهو المخلوق الأول رتبة ، لأنه قبل حمل الأمانة ، والأمانة نفسه التي بين جنبيه ,
(سورة الشمس)
أي يفلح هذا الإنسان ، وينجح ، ويسعد إلى أبد الآبدين حينما يزكي نفسه ، أي يعرّفها بربها ، ويحملها على طاعته ، هذا هو الامتحان ، لكن الله جل جلاله ما كلفنا حمل الأمانة إلا بعد أن أعطانا مقوماتها .
والحقيقة أنّ هذا الموضوع هو تمهيد شديد الصلة بمحور هذه الحلقات القادمة إن شاء الله تعالى ، ما كلفنا حمل الأمانة إلا بعد أن أعطانا مقوماتها .
أول مقوم من مقوم حمل الأمانة : هذا الكون الذي ينطق بوجود الله ووحدانيته وكماله .
المذيع :
ما دمنا فضيلة الدكتور نتحدث عن طاعة المخلوق ، فهل التعرف إلى الله سبحانه وتعالى من خلال آياته الكونية والقرآنية تعطي دافعًا للمؤمن والمسلم على طاعة الله عز وجل ، واتباع سنة نبيه صلى الله عليه وسلم ؟
الأستاذ :
حينما نقول هذه المقولة الأساسية : أنت حينما تعرف الآمر ، وتعرف الأمر تتفانى في طاعة الآمر ، أما حينما لا تعرف الآمر ، وتعرف الأمر تتفنن في التفلت من هذا الأمر ، فحلقة اليوم محورها : " كيف نعرف الآمر " ، فالله عز وجل حينما كلفنا أن نعرفه ، وحينما كلفنا أن نطيعه من أجل أن نقطف ثمار هذه الطاعة سعادة وسلامة في الدنيا والآخرة ، كيف نعرفه ؟ هذا الكون مظهر لأسمائه الحسنى ،
وفي كل شيء له آية تدل على أنه واحد
إلا أن الإنسان ما لم يتخذ قراراً أوّلياً لطلب الحقيقة ، فلو كان في أكبر محطة فضاء في الأرض لا يؤمن بالله ، ولو كان في أضخم مجهر إلكتروني وهو يرى الخلية لا يؤمن بالله ، لكن يؤمن بالله إذا اتخذ قراراً أوّلياً بطلب الحقيقة ! الإنسان هو المخلوق المتميز عن بقية المخلوقات بقوة إدراكية ، فإن لم يطلب الحقيقة ، ولم يبحث عنها هبط من مستوى إنسانيته إلى مستوى آخر لا يليق به .
المذيع :
قد يقول البعض : إن الإعجاز لا بد منه للإقناع ، ولكن قد يذكر البعض أننا لسنا بحاجة لإعجاز ، بل هي فقط للعوام ، ولكن الخواص لهم إعجاز آخر ، وهم يطيعون من دون إعجاز ، ومن دون هذا الإقناع .
الأستاذ :
كلام طيب ، الإنسان حينما يعبد الله من دون أدلة قوية جداً يعبد الله بفطرته ، الفطرة السليمة تدعونا إلى أن نعبد الله ، بل إن الإنسان لا يجد نفسه إلا إذا عبد الله ، الإنسان لا يحقق توازنه ، ولا يستريح إلا إذا عبد الله ، لكن هذه العبادة التي لا تدعم بأدلة قوية جداً عبادة هشّة ، لا تقاوم ضغطاً شديداً ، ولا إغراءً شديداً ، فلعله في عصور سابقة الفتن نائمة ، والشهوات مستترة ، فيمكن أن نكتفي بعبادته فكرياً ، أما الآن الضلالات فلا تعد ولا تحصى ، والشبهات على الأديان لا تعد ولا تحصى ، والمصالح صارخة ، وكل شيء يدعو إلى المعصية ، في مثل هذا الجو الصعب جداً لا بد من أدلة قوية تقوي مناعتنا ومقاومتنا للضغوط والشهوات .
فالمؤمن الصادق لا يتحول عن منهجه ، لا تحت سياط الجلادين اللاذعة ، ولا أمام بريق سبائك الذهب اللامعة ، هو مؤمن متمسك بدينه وثوابته ومبادئه ، كما قال الله عز وجل :
(سورة الأحزاب)
أول مقوِّمٍ من مقوِّمات حمل الأمانة هذا الكون ، لكنه يحتاج إلى عقل وأداة معرفة ، ومن بديع خَلْقِ الله عز وجل أن هذا الكون صمم وفق نواميس ، أحدها السببية ، فما من شيء في الأرض إلا وله سبب ! من أجل أن يقودنا مبدأ السببية إلى مسبب الأسباب ، لو تصورنا أن هذا الكون نظامه بلا مبدأ السببية نجد الشيء بلا زراعة ، نجد الماء بلا حفر بئر ، لتوهمنا أن هذا الكون بلا خالق ، لأن الله صمم هذا الكون وفق نظام السببية ، فنظام السببية نفسه يقود إلى معرفة الله عز وجل ، فالعقل من أبرز مبادئه السببية والغائية وعدم التناقض ، فكل شيء له سبب ، وله غاية ، ولا يقبل العقل البشري أن يكون إنسان في دمشق وفي بيروت في وقت واحد ، نظام العقل البشري متوافق مع نظام الكون ، فكما أن الله عز وجل جعل هذا الكون مظهراً لأسمائه الحسنى وصفاته الفضلى جعل مبادئ العقل متوافقة مع نظام الكون ، فالمقوِّم الثاني هو العقل ، وتكاد تكون آيات القرآن الكريم التي تتحدث عن العقل تقترب من ألف آية !
وأسوق هذه القصة التي وردت في صحيح البخاري ، فعَنْ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ : (( بَعَثَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَرِيَّةً ، فَاسْتَعْمَلَ رَجُلًا مِنْ الْأَنْصَارِ ، وَأَمَرَهُمْ أَنْ يُطِيعُوهُ ، فَغَضِبَ ، فَقَالَ : أَلَيْسَ أَمَرَكُمْ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ تُطِيعُونِي ؟ قَالُوا : بَلَى ، قَالَ : فَاجْمَعُوا لِي حَطَبًا ، فَجَمَعُوا ، فَقَالَ : أَوْقِدُوا نَارًا ، فَأَوْقَدُوهَا ، فَقَالَ : ادْخُلُوهَا ، فَهَمُّوا ، وَجَعَلَ بَعْضُهُمْ يُمْسِكُ بَعْضًا ، وَيَقُولُونَ : فَرَرْنَا إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ النَّارِ ، فَمَا زَالُوا حَتَّى خَمَدَتِ النَّارُ ، فَسَكَنَ غَضَبُهُ ، فَبَلَغَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَقَالَ : لَوْ دَخَلُوهَا مَا خَرَجُوا مِنْهَا إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ الطَّاعَةُ فِي الْمَعْرُوفِ )) .
(البخاري)
في منهج الإسلام العظيم العقل لا يعطّل أبداً ! الآن : أعطانا كونا ينطق بعظمته ، ووحدانيته ، وبعلمه ، وبرحمته ، وبلطفه ، كل أسماء الله الحسنى مجسدة في الكون ، ولكن علينا أن نبحث عنها ، وإن شاء الله تكون الحلقات القادمة حول هذا المحور ، ثم إن الله سبحانه وتعالى أعطانا فطرة ، العقل مقياس علمي ، لكن الفطرة مقياس نفسي ، نكشف به أخطاءنا ، الإنسان حينما يخطئ ، وحينما يخرج عن جبلته ومبادئ فطرته ، وعن إنسانيته يتألم أشد الألم ، سمّي هذا كآبة شعوراً بالذنب أو بالنقص ، إنه ألمٌ نفسي ، هذه الفطرة ، والدليل على وجود الفطرة الآية الكريمة :
(سورة الشمس)
أي إنه ألهمها أنها حينما تفجر أنها تفجر ، والعياذ بالله لا يمكن أن تفهم الآية كما يفهمها بعض الجهلة ، أن الله خلق فيها الفجور ، لكن الآية تعني أن برمجة هذه النفس في مستوى رفيع جداً ، حيث لو أخطأت تتنبأ أنها أخطأت ، كيف أن بعض الآلات الحديثة جداً كيف يصيبها خلل يظهر على الشاشة موضعُ الخلل ، كذلك النفس الإنسانية حينما تفجر تعرف أنها فجرت ، وحينما تتقي تعرف أنها اتقت ، هذه الفطرة ميزان نفسي ، فأنا بالعقل أتعرّف إلى الله ، وبالفطرة أكشف خطئي .
إنسان لو كان بجزيرة نائية لم تصل إليه رسالة إطلاقاً ، لو أنه فعل شيئاً قبيحاً تنكره الأديان كلها لعرف أنه فعل قبيحاً ! بشكل ذاتي فطري ، فأول مقوِّم الكون ، والحديث عنه في الحلقات القادمة إن شاء الله ، وثاني مقوِّم العقل بمبادئه الثلاثة ، السببية ، والغائية ، وعدم التناقض ، والمقوم الثالث الفطرة السليمة ، الآن الإنسان من دون شهوة كتلة جامدة ، لولا أن الله أودع فينا الشهوات لما رأيت شيئاً على وجه الأرض ، الحركة تحتاج إلى دافع ، فالدافع للطعام والشراب يحتاج إلى أن تتعلم ، وتكسب وظيفة تعيش منها ، الدافع للطعام والشراب يدفعك لتكون تاجراً ، أو صناعياً ، أو طبيباً ، مهندساً معمارياً ، أو بائعاً ، فالحاجة الأولى في الإنسان هي الطعام والشراب ، هي حاجة لحفظ الفرد ، والحاجة الثانية هي الحاجة للطرف الآخر ، حاجة الجنس ، هذه حاجة لحفظ النوع ، والحاجة الثالثة لخلود الذكر ، وهي تأكيد الذات ، الإنسان يبدأ فيأكل ، ثم يتزوج ، ثم يحب أن يؤكد للناس أنه متفوق ، هذه الدوافع الثلاثة جاءت بشكل آخر في القرآن الكريم ، قال تعالى :
(سورة آل عمران)
فهذه الشهوات أودعها الله فينا لتكون قوة دافعة ، لكنها حيادية ، بمعنى أنك إن وظفتها وفق منهج الله كانت قوة دافعة نافعة ، أما إذا وظفتها في الشر كانت قوة مدمرة ، أرأيت إلى البترول السائل البنزين إذا وضع في مستودعات محكمة ، وسار في الأنابيب المحكمة ، وانفجر في الوقت المناسب ، وفي المكان المناسب ولّد حركة نافعة ، نقلتك إلى مكان جميل أنت وأهلك ، أما إذا وضع هذا السائل المتفجر على المركبة ، وأصابها عود ثقاب أحرق المركبة ومن فيها ، والمادة هيَ هِيَ ، فالشهوات حيادية ، وهي سلّم نرقى بها إلى أعلى عليين ، أو نهوي بها إلى أسفل سافلين ، أدق كلمة في الشهوات أنها حيادية ، المال يوظف في الخير والشر ، والمرأة توظف في الخير زوجة ، في الشر زنى ، وما من شهوة أودعها الله في الإنسان ـ وهذه حقيقة دقيقة ـ إلا وجعل لها قناة نظيفة تسري خلالها .
الشهوات قوى محركة ، أو قوى مدمرة ، لأن الإنسان مخير فكل خصائصه وحظوظه حيادية ، لو أن إنسانا سأل : هل المال نعمة ؟ ليس نعمة ! نقمة ؟ ليس نقمة ! المال قيمة موقوفة على طريقة توظيفه ، عن وظفته في الخير كان سبباً إلى أعلى مقامات الجنة ، وإن وظف في الشر كان سبباً لبلوغ أسفل دركات النار .
المال ، والمرأة ، والعلو في الأرض هذه كلها قيم حيادية ، لذلك يوجد ملمح لطيف في قوله تعالى :
(سورة الفجر)
جاء الردع :
ليس عطائي إكراماً ، ومنعي حرماناً ، عطائي ابتلاء ، وحرماني دواء ، فالشهوات يمكن أن نرقى بها ، ويمكن أن نهوي بها ، فصار الكون والعقل والفطرة والشهوة من مقومات التكليف ، بقي من المقوِّمات حرية الاختيار ، لولا أن الإنسان مخير لم تكن لعمله قيمة ، لو أن الله عز وجل أجبر عباده على الطاعة لبطل الثواب ، ولو أجبرهم على المعصية لبطل العقاب ، ولو تركهم هملاً لكان عجزاً في القدرة ، إن الله أمر عباده تخييراً ، ونهاهم تحذيراً ، وكلف يسيراً ، ولم يكلف عسيراً ، وأعطى على القليل كثيراً .
يروى أن رجلاً شارب خمر جيء به إلى سيدنا عمر ليقام عليه الحد ، فقال : " والله يا أمير المؤمنين ، إن الله قدر علي ذلك ، أجبره على أن يشرب الخمر ، فقال : أقيموا عليه الحد مرتين ، مرة لأنه شرب الخمر ، ومرة لأنه افترى على الله ، قال : ويحك يا هذا إن قضاء الله لم يخرجك من الاختيار إلى الاضطرار " .
وفي أيّ ثانية نعتقد أن الإنسان مجبر ومسير في كل شيء نكون قد ألغينا الثواب والعقاب ، والجنة والنار ، والتكليف والمسؤولية ، ولأوقعنا أنفسنا في عقيدة فاسدة تشف أن هناك مهزلة في الكون !
هل تصدق أن مدير مؤسسة يريد وظيفة فيجري مسابقة يتقدم إليها الآلاف ، وفي ذهنه واحدا سيعيّنه في النهاية ، هذه تمثيلية سمجة ، فالإنسان مخير :
(سورة الإنسان)
(سورة البقرة)
(سورة الأنعام)
هذه الآية أصل في أن الإنسان مخيّر ، لكن حينما نتوهم أن هذه الآية تعني أنه مسيّر فقد قال العلماء : الآيات المتشابهة مهما كثرت تُحمَل على الآيات المحكمة مهما قَلَّتْ ، فإذا قرأنا آية : يُضِلُّ مَنْ يَشَاءُ ، قال العلماء : هذا الإضلال الجزائي مبني على ضلال اختياري ، وما من مثل يوضح هذه الآية كطالبٍ لم يتقدم على الامتحان ، ولم يداوم ولا ساعة ، وجاءه إنذار أول ، وثانٍ ، وثالث ، ولم يستجب ، فصدر قرار بطرده من الجامعة ، هذا القرار تجسيد لرغبته بترك الدراسة ، فإذا قرأنا آية يُشَمّ منها رائحة الجبر فهو الإضلال الجزائي المبني على ضلال اختياري ، كقوله تعالى :
(سورة الصف)
الكون والعقل والفطرة والشهوة والاختيار مقوّمات التكليف ، بقي شيء واحد ، هو المنهج فضلاً عن أن العقل أداة معرفة الله ، وعن أن الفطرة تكشف لك خطأك ، وأن الشهوات قوى دافعة أو مدمرة ، أعطاك منهجًا ، افعل ولا تفعل ، هذا المنهج هو هذا الكتاب الذي أنزله الله على نبيه الكريم ، وكذلك الكتب السماوية التي نزلت على أنبياء الله الكرام .
المذيع :
اللهم علمنا ما ينفعنا ، وانفعنا بما علمتنا ، وزدنا علماً وكرماً ، يا أرحم الراحمين .
فضيلة الدكتور ، إن شاء الله نبدأ في الحلقات القادمة الإعجاز العلمي في الكتاب والسنة ، قال الله تعالى : الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَى جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذَا بَاطِلًا سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ .
(سورة آل عمران : الآية 191)
إذاً أيها الإخوة والأخوات ، إلى حلقة قادمة بإذن الله تعالى من هذا البرنامج الإعجاز العلمي في الكتاب والسنة ، أستودعكم الله ، والسلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته .