حوار مع الفاعل
المحاور: من أنت أيها الضيف العزيز؟
الفاعل : أنا يا سيدي الفاعل
المحاور: وما معنى الفاعل زدني تعريفا بك فقد اشتقت إليك فأبرد نار شوقي إليك؟
الفاعل : أنا الفاعل الذي فعل الفعل ، وقام به فكل فعل أنا فاعله وقائم به فإذا قلت انتصر الجيش كنت الجيش وإذا قلت نجح الطالب كنت الطالب وإذا قلت حضر الرئيس كنت الرئيس ، فأكون مع كل فعل كالأفعال السابقة وغيرها من الأفعال التي أفعلها وأقوم بها ،ولا يوجد فعل في الدنيا إلا وأنا فاعله يعرفني كل قارئ للجملة الفعلية لأني عمدة فيها ولا تقوم إلا بي وبأخي الفعل
المحاور: وما ترتيبك في الجملة الفعلية؟
الفاعل: أقف مفتخرا في الجملة العربية بعد الفعل ،ولا يمكن أن أسبق الفعل لأني أحترم نفسي ؛ لأن ترتيبي في الكلام بعده ، فالفعل قبلي في الوجود وأنا الفاعل له فمثلي مع الفعل كمثل الصغير مع الكبير فكما لا يتقدم الصغير على الكبير لا أتقدم أنا الفاعل على أخي الفعل لأنه سابق على في الوجود ولكل مقامه الذي لا يتعداه إلى غيره
المحاور: صف لي حالتك أرجوك لأعرفك وأميزك؟
الفاعل : أنا من فضل الله علي مرفوع دائما
المحاور: وما الذي يتزين به آخرك؟
الفاعل : تتعدد زينة آخري حيث إن رأسي تتزين بالكثير فإذا كنت مفردا أو جمع تكسير أو جمع مؤنث سالما لبست الضمة فوق رأسي مفتخرا مرفوع الرأس، وإذا كنت مثنى ارتديت ألفا ،وإذا كنت جمع مذكر سالما تزينت بالواو ،وكذلك إذا كنت اسما من الأسماء الخمسة ،
المحاور: وما الصور التي تظهر عليها في الكلام؟
الفاعل: لي صور كثيرة :فمن الممكن أن أكون اسما ظاهرا ،ومن الممكن أن أكون ضميرا بارزا أو مستترا ، يعرفني القاصي والداني ؛ لأني الفاعل الذي فعل الفعل وقام به
المحاور: زدني من فضلك اضطلاعا على صورك التي تظهر عليها في الجملة الفعلية كي أعرفك فقد ازددت إعجابا بك؟
الفاعل: إليك هذا البيان والتفصيل: إذا قالوا انتصرت مصر كنت أنا مصر،ذلك الاسم المفرد في عدده المبارك في نفسه وفي أهله ،وإذا قالوا اتحد العرب كنت العرب ذلك الاسم الذي يعد جمع تكسير وأدعو الله أن يبارك فيهم وأن يكثر منهم ويرزقهم الوحدة والاتحاد والنصر على الأعداء،وإذا قالوا تثقفت المصريات كنت المصريات أي جمع مؤنث سالما،وإذا قالوا انتصر الجيشان كنت ذلك المثنى المرفوع بالألف ،وإذا قالوا استيقظ الفلاحون كنت ذلك الجمع المرفوع بالواو ،وإذا قالوا حضر أبوك كنت أنا الأب المرفوع بالواو ويشاركني في هذه الواو أخواتي الأربعة الباقون ؛لأن عددنا خمسة حيث إن والدي لم يحدد النسل فنحن أبوك وأخوك وحموك وفوك وذو التي بمعنى صاحب.
المحاور: وهل هناك صور أخرى؟
الفاعل: نعم لأن الصور السابقة تكون لي إذا كنت اسما ظاهرا و من فضل الله علي أنني كما أكون اسما ظاهرا أكون ضميرا فإذا قالوا الرئيس حضر كنت الضمير المستتر في الفعل حضر ،وإذا قالوا المذيعان قرآ أو المذيعتان تثقفتا كنت ألف الاثنين المتصلة بالفعل ،وإذا قالوا المصريون أبدعوا في بلادهم كنت واو الجماعة التي في الفعل ،وإذا قالوا المصريات تثقفن كنت نون النسوة التي في الفعل
المحاور: حدثني يا سيدي عن مميزاتك لأن من مثلك بهذه المواصفات لا بد أن تكون لك خصوصيات؟
الفاعل : عندك حق لي ميزة ليست لغيري حيث إنني لا يمكن أن أحذف من الكلام ، فإذا لم أكن موجودا جعلوني ضميرا مستترا وإذا كنت موجودا فرح بي الجميع وقالوا هذا فاعل مرفوع
المحاور: وما العلاقة بينك وبين أخيك المفعول به؟
الفاعل: إنها علاقة حميمة حيث يحب بعضنا بعضا ونجتمع معا كثيرا في الجملة الفعلية وترتيبه بعدي لكنه قد يسبقني في جملة عنابة واهتماما له في المعنى؛ لأن المقدم دائما يقدره الناس ويعنون به ويعظمونه ، ولكنني لا أغضب إذا قدم المفعول به علي لأني كما أحب الخير لنفسي أحبه لغيري ،ولأنه إذا قدم علي يحترم نفسه ولا يتعدي على بأخذ حالتي الإعرابية وهي الرفع فأنا مرفوع تقدمت على المفعول أو تأخرت عنه ، فإذا قالوا قرأ النشرة المذيع كنت المذيع وتركت الفرصة لأخي المفعول به وهو النشرة للتقدم علي للعناية به والاهتمام بأمره؛ لأني كما قلت وسأظل أقول أنا الفاعل لا أحب نفسي في كل الأحوال إنما أحب الخير للجميع وأحب لغير ما أحبه لنفسي انطلاقا من قول رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه.
المحاور: ما الذي تود أن تقوله للقارئ؟
الفاعل : أقول:أرجو أن أكون قد أعطيتك أيها القارئ صورة عن نفسي حتى لا تتجاهلني وتمنحني من الإعراب ما ليس لي ،فأنا لا أحب أن آخذ حق غيري حتى لا أسأل عنه يوم القيامة ، ولا أحب أن يخطئ في أحد حتى لا يعاقبه الله بسببي ، يعرفني القاصي والداني ؛ لأني الفاعل الذي فعل الفعل وقام به ، وقد استدل العلماء بي على وجود الله لأنهم قالوا: هذا كون مخلوق فلابد أن يكون له من خالق أي فاعل وهو الله جل جلاله ،وأحب أن أكون مساهما في بناء مصر وتعميرها لأكون الباني والمعمر ،ولا أحب أن أكون المتظاهر أو المختلف مع الآخرين أو المسيء إليهم ؛لأني أعلم أننا مؤاخذون بما نتكلم به أو نفعله من تصرفات، فيا من تذكرني في جملة اتق الله في ولا تجعلني في موضع ذم من الآخرين أو تقصير معهم اجعلني المبشر الهادي المعلم القائد المستقيم الناصح الأمين الداعي للأمن والأمان.
المحاور: ما الذي يسرك ويسيئك؟
الفاعل : مثلي مثل بني آدم أضحك كما يضحكون وأبكي كما يبكون فإذا رفعوني ضحكت وسررت وسعدت واستبشرت بمستقبل لغتي العربية ، وإذا نصبوني أو جروني بكيت وحزنت ويئست وقلت لقد وضع في عرش لغتي مسمار وأرجو ألا يدخل جسمي .لكنك قد سألتني كثيرا فهل لي أنا أسألك أنا ؟
المحاور : تفضل
الفاعل : بعدما عرفت نفسي لك وتعرفت على هل لك أن تذكر أمثلة لي ليطمئن قلبي على فهمك لي؟
المحاور: نعم إذا قلنا يحب المصري أخاه فأنت المصري ،وإذا قلنا يقوم العمال بواجبهم كنت العمال ، وإذا قلنا تؤدي الممرضات خدمة جليلة لأبناء المجتمع كنت الممرضات ، وإذا قلنا يفكر الوزيران في مصلحة العباد والبلاد كنت أنت هذان الوزيران ، وإذا قلنا يحرص المصريون على بلدتهم مصر أم الدنيا كنت أنت هؤلاء المصريون ، وإذا قلنا قام أخوك بواجبه نحو وطنه كنت أنت هذا الأخ
الفاعل : كفى عليك هذا لقد أجدت وأفدت
المحاور: فهل من كلمة لإخوانك المصريين؟
الفاعل: نعم إنني أقول لهم: أيها المصريون كونوا عباد الله إخوانا ،لا يبغي بعضكم على بعض ،ولا يسب بعضكم بعضا وليحترم الصغير الكبير ،وليعطف الكبير على الصغير، وقدموا بلدكم ـالتي ذكرت في القرآن وزارها الأنبياءـ على أنفسكم ،وألبسوا أمكم مصر كل جميل ؛لأن الجميل لا يقدم إلا كل جميل ؛ولأن الجميل لا يكون له إلا كل جميل ، وفي النهاية لكم تحياتي وأشواقي وقبلاتي ودعواتي وأمنياتي بأن يحقق الله لكم الآمال ،وأن تنهض مصر من عثرتها؛ ليظهر فيها كل فاعل مرفوع الرأس مرفوع الإعراب مفتخرا بمصر والمصريين وفي الختام لكم مني السلام