خرجت أعمال السحر عن شكلها المعروف لتصل إلي جرائم الكترونية مثلها مثل قضايا النصب والاحتيال الالكتروني. ففي دبي، ضبطت الشرطةطالباً جامعياً من إحدى الجنسيات العربية يروج لبعض الأدوات التي تستخدم في السحر والعلاج منه. واستغل موقعا الكترونيا كويتيا، وبدأ يروج عبره لمنتجاته التي ادعى أنها تشفي من الأمراض، وتحل العقد، وتزوج الفتيات، وتفك الأسحار وغيرها...
ويروي العميد خليل إبراهيم المنصوري مدير الإدارة العامة للتحريات والمباحث الجنائية في شرطة دبي، أن خيوط القضية بدأت عندما ورد بلاغ من احد الأفراد من دولة الكويت، أفاد فيه عن وجود شخص يعيش في دبي، يعرض أسحاره عبر الانترنت. وعلى الفور قامت فرق مكافحة الجرائم الاقتصادية بالبحث والتحري عن هذا الشخص وإلقاء القبض عليه. وباستجوابه اعترف بأنه ليس إلا وسيطاً لأشخاص آخرين، يعمل على ترويج هذه الأدوات والتواصل مع الراغبين في شرائها عبر الانترنت، وذلك مقابل عمولة يحصل عليها. واعترف أيضا بأنه يعلم أن هذه المواد المعلن عنها وهمية، وليس لها القدرة عي فعل شيء، وهي عبارة عن خرز، وبعض عظام الحيوانات، وحبال، وغيرها من الأمور والأدوات كالبخور. وكان يعتمد في ترويجها على أنها تفتح أبواب الرزق، وتفك الأسحار، وتزوج الفتيات وغيرها.
النساء على رأس الضحايا
ويوضح المنصوري أن 80 % ممن يلجأون إلى السحرة هم من النساء، وغالبيتهن يلجأن إلي هذا الفعل من اجل استعادة الأزواج، أو لاعتقادهن أنهن مسحورات، وبالتالي فالسحرة يمثلون ملجأهن الوحيد. وغالبا ما يقعن ضحايا لهؤلاء بخسارة أموال طائلة، ومنهن من يخجلن من الإبلاغ حتى لا يفتضح أمرهن.
ويشير إلى أن السحرة يطورون أعمالهم ويستخدمون التقنية في التواصل مع ضحاياهم وعرض أعمالهم التي يزعمون أنها خارقة، مؤكداً أن العام الماضي شهد 11 قضية سحر ودجل، وهو العدد نفسه لقضايا العام 2010، مرجحا أن يكون العدد أكبر بكثير، لافتا إلى أن السحرة والدجالين يستغلون حاجة النساء وأيضا بعض الرجال.
ويلفت إلى احدى القضايا التي وقعت أحداثها أخيرا لشابة خليجية تبلغ من العمر 28 عاما، وقد تزوجها شخص له زوجة سابقة. وبعد مرور أشهر قليلة على الزواج لاحظت الزوجة الشابة أن زوجها لم يعد يتردد عليها، بل يمضي كل وقته وأيامه لدى زوجته الأولى، فلجأت إلى الصديقات والمعارف الذين أرشدوها إلى شخص إفريقي يعيش في دبي، وأوهموها بأنه ذائع الصيت ولديه قدرات عجيبة في تقريب الأزواج والمحبين، وغيرها من الأعمال السحرية التي ستجعل زوجها خاتما في أصبعها.
وأوضح المنصوري أن الزوجة قطعت الأميال لتقابل هذا الساحر، وبمجرد وصولها إليه سردت له قصتها، ودفعت المبلغ المطلوب بعد تعهده لها انه سيعيد إليها الزوج، ومقابل المال أعطاها بعض الأدوية، ووصف وصفته التي توهمت أنها ستكون سحرية. إلا أنها وبمجرد تناولها تلك الأدوية لم ترَ عيناها النوم، وانتابها نوع من الأرق الشديد، بل إنها بدأت في الهلوسة، وهاجمتها الوساوس. فعادت إليه تشكو حالها ومن تعذر النوم، إلا انه هدأ من روعها وأعطاها دواء جديداً مقابل مبلغ آخر. وكان أن ازدادت حالتها سوءا، ولم يعد الزوج. فعادت إليه من جديد وهددته بالإبلاغ عنه، وهنا انقلب الساحر وهددها بتحريك الجن ضدها، وأنه باستطاعته أذيتها بشكل كبير. وهنا اضطرت الشابة للجوء إلى الشرطة مستنجدة من الجن ومن الساحر الذي يهددها، والذي تم القبض عليه، وعادت الزوجة إلى بلدها بعد أن خسرت الزوج والمال والصحة أيضا نتيجة تعاطيها كميات كبيرة من المهدئات التي أضرت بصحتها.
من العقارات إلى السحر
ويتابع المنصوري الحديث عن مدّعي سحر آخر تعدى عمره الستين، وذاع صيته في منطقة الراشدية بدبي، وعرف عنه انه يعالج الأسحار، بل يصنعها أيضا، واجتذب إليه الكثيرين والكثيرات. إلا انه وبمجرد وصول معلومات عنه تم إعداد مكمن له من خلال إرسال عنصر شرطة نسائي برفقة ضابط ادعى انه زوجها، وأكدا للساحر أن تلك المرأة معمول لها سحر ويرغبان في فكه. وأعطاها الستيني زجاجة مغلقة فيها ماء، وادعى انه مقرؤ عليها بالقرآن، ثم غابت لفترة وعادت إليه فأعطاها بعض الطلاسم والأوراق المكتوبة بخطوط غير واضحة مقابل مبلغ مالي تم ترقيمه، وأثناء تسلمه لهذا المبلغ القي القبض عليه وأمامه بخور وسبح وغيرها من الزجاجات، واعترف انه يعمل في شركة عقارات، وانه يمارس هذا العمل من اجل المال، وأكد أن لديه الكثير من المريدين من النساء والرجال.
وشدد المنصوري على أن هؤلاء مدّعي السحر «كاذبون لا يعرفون أي شيء عن العلاج بالقرآن، بل أنهم يدعون المقدرة على فعل المعجزات، وهم لا يستطيعون إطعام قطة. ومن المؤسف حقا أن نجد متعلمات ومثقفات يلجأن الى هؤلاء دون أن يفكرن ولو للحظة أن القادر هو الله وليس العبد، خاصة أن التحقيقات مع هؤلاء تؤكد أنهم لا يحفظون أية قرآنية، وأنهم يستمرون في ممارسة أفعالهم لان هناك من يصدقونهم ويدفعون أي مبالغ مالية من اجل الوصول إلى غاياتهم».
وحذر من الانسياق وراء الادعاءات الكاذبة مطالبا أفراد المجتمع وخاصة النساء بالقراءة في كتاب الله ليتعلموا أن كل شيء هو بأمره فقط، ولا يستطيع أن يغير أي شخص ما هو مكتوب مهما فعل، ومهما دفع من مال. وإذ أكد أن شرطة دبي تلاحق هؤلاء، طالب الجمهور بالإبلاغ الفوري عن هؤلاء السحرة والدجالين بهدف الحد من ضحاياهم.