أبعث إليك برسالتي لأسألك: لماذا يتغير الكثيرون من الرجال ولاتظهر طباعهم السيئة إلا بعد الزواج؟. وما هو السبيل إلي الاستقرار إذا كان هؤلاء لا يبغونه ويريدون الخلاص من زوجاتهم بأي طريقة.
<="" div="" border="0">
ودعني أروي لك قصتي كاملة.. فأنا سيدة تعديت سن الخمسين.. ومن أسرة محافظة واسكن في حي راق بالقاهرة, ويشهد من حولي منذ طفولتي بأخلاقي وجمالي, وأدبي الجم, ولم يكن لأسرتي اختلاط بالآخرين, ولذلك كانت هي كل عالمي, ونادرا ما كنت أذهب إلي النادي الكبير الذي نشترك فيه إلا بصحبة والدي وأخوتي, وتعلمت في احدي المدارس الأجنبية ورآني أحد الشباب فأعجب بي, وتتبعني وعرف مكان سكني وطلب من أسرته أن تتقدم لطلب يدي... فوسط والده أحد اصدقائه وكان قريبا منا للحديث مع أسرتي وقالوا لنا إنه مهندس لديه مشروع كبير ويعمل لحسابه ويريد أن يرتبط بي, وإنه سوف يتكفل بكل طلبات الأثاث ولديه شقة فاخرة وخلافه, كما قيل أن مستواه الاجتماعي لا يقل عن مستوانا, وجلست معه في حضور أسرتنا ولم أعترض عليه ولم أجد فيه ظاهريا مايمنعني من الموافقة عليه وأوكلت الأمر لأسرتي التي باركت زواجنا.. وبالفعل اقمنا حفل زفاف كبيرا حضره كل معارفنا.
وبدأت حياتي الزوجية معه وأنا أحلم بالاستقرار, والانجاب مثل كل البنات وأمضينا ثلاثة أشهر احسست خلالها بسعادة غامرة, ولم يظهر ما يعكر صفو حياتنا, وحملت في ابنتي.. وبمرور الوقت لاحظت تغيرا واضحا علي زوجي, وتبين أنه ليس مهندسا كما ادعي لنا ولا توجد لديه مشروعات ولا غيره, وأن أسرته هي التي تصرف عليه, وكانت لديهم أراض زراعية باعوها قطعة وراء الأخري.. والأدهي والأمر انني اكتشفت إدمانه.. وعندما واجهته بما عرفته عنه انهال علي ضربا مبرحا, وأصبح ما كان يخفيه عني واضحا وظاهرا.. وتحولت حياتنا إلي جحيم.. ولم يأبه لتصرفاتي, ولم تفلح جهود أهلي في إصلاح ما حدث بيننا. وتنصلت أسرته من المسئولية عندما واجهناهم بالحقيقة المرة التي كانوا يخفونها عنا.. ورضيت بنصيبي من أجل ابنتي, ورجوته أن ينسي ما فات وأن يبدأ صفحة جديدة. وإنه إذا كان قد اخفي عني حقيقة عمله وادمانه, فإن كل شيء يمكن تداركه بالعقل والحكمة, ويبدو أنني كنت أؤذن في مالطة فليس من السهل ابدا ان تتغير الطباع وقد تدهورت أحواله إلي ما هو اسوأ فصار يبيت بعيدا عنا بالأيام.. ولا أعلم له مكانا.. وكلما حاولت الكلام معه يتهرب مني فإذا ضاق بما يقوله يضربني ويسبني بكلمات نابية.
ولما أصبحت حياتي معه مستحيلة, طلبت الطلاق وحصلت عليه, وتنازلت له عن كل شيء ونجوت بنفسي وابنتي, واستقللنا بحياتنا في شقة اشترتها لي أسرتي.. ومضت سنوات عديدة ركزت فيها كل جهدي لتربية ابنتي, وكنت اقضي معظم وقتي في زيارة دور الأيتام ومساعدة الأطفال وتلبية طلباتهم قدر استطاعتي..ولفت نظري طفل ذكي كان متفوقا لكن ظروفه الصعبة تحول دون اسـتكماله التعليم, فاهتممت به واعتبرته ابنا لي, وكبر هذا الطفل وأصبح يناديني بـ ماما وعرفت ابنتي بأمره, لكن صلتي به ظلت مقصورة علي مكان إقامته دون أن يعرف مكاني ولا أي شيء عني وكنت ومازلت أري أن ما أقدمه لهذا الفتي أبغي به وجه الله سبحانه وتعالي, فلقد حرم من حنان أبويه وكلما نظرت إليه أحسست بحزنه العميق, ولسان حاله يقول لي: ليتك تكونين أمي الحقيقية.
نعم ياسيدي فبالرغم من أن لي ابنة من صلبي وهي كل حياتي وكياني, وحبيبة عمري لكن هذا الفتي اعتبره ايضا بمثابة ابني.. لكنه لا يعرف عني شيئا ولا عن أسرتي تجنبا للقيل والقال.
وقد ساقتني الأقدار للزواج من طبيب شهير تعرفت عليه في محيط عائلتنا, بعد أن عرف بقصتي, وابدي رغبته في الارتباط بي, وأفهمني أنه متزوج ولديه أولاد لكن يفتقد إلي الراحة والسكينة في منزله, وأن زوجته لها ظروف صحية خاصة, وطلب عدم اعلان زواجنا إلا للمقربين مني فقط.. ووجدتني أفكر في عرضه ثم قبلته, واصبح يزورني بانتظام, ورضيت بعلاقتي به علي هذا النحو.. وللحق فقد كان يلبي كل متطلباتي, وسارت الأمور بيننا طبيعية لعدة سنوات.. ثم بدأت مواعيد زياراته تتباعد بحجة أنه مشغول دائما بعمله, وعلمت بعد ذلك ان له علاقات نسائية متعددة, وأنه تزوج من احدي المترددات علي عيادته.. وذات مرة استجمعت قواي وفاتحته في هذا الموضوع فإذا به ينهال علي ضربا وركلا حتي كدت أفقد الوعي, والغريب أنه برغم الضرب والاهانة أخذ حقه الشرعي الذي يجيئني من أجله بكل برود!
عند هذه اللحظة وجدتني قد وصلت معه إلي طريق مسدود.. وقد غاب بعدها لمدة تزيد علي شهر ثم جاءني ساخطا, وتلقيت وقتها مكالمة من الفتي الذي أتولي رعايته في دار الأيتام.. وكان يريدني أن أزوره, فوعدته وأنهيت معه المكالمة بقولي مع السلامة يا حبيبي فسمعها زوجي فإذا به يثور ثورة عارمة ويتهمني اتهامات باطلة.. ويسبني بأفظع الألفاظ.. ولم استطع ان ابوح له بسر هذا الفتي خوفا من بطشه بي, لكن الظنون وصلت به إلي هذا الحد الذي لم اكن أتخيله.. فأنا لست واحدة ممن عرفهن, وأعرف ربي وأرعاه.. ولكن هيهات له أن يفهم ذلك.
لقد غادر المنزل وهو كاره لي, ولم يعد إليه, ولا يرد علي مكالماتي.. ولا أجد فرصة لكي أقول له إنني لم اكن ولن اكون كما يتخيل, وأنني إذا كنت قد ارتبطت به بهذا الشكل فلأنني أحببته وأردت أن أعف نفسي فلا أنزلق إلي الضعف.
إنني اعيش حاليا أسيرة الأوهام والشكوك.. بعد أن أفقدني زوجي ثقتي في نفسي, فهل من سبيل لاستعادة وجودي وحياتي؟.. وهل تري أي بادرة أمل للخروج من الدائرة التي أعيش فيها الآن؟
{{ وأقول لكاتبة هذه الرسالة: عشت حياتك أسيرة الأوهام.. أوهام السعادة حيث تصورت أنك بزواجك من الطبيب الشهير حتي, ولو كان في السر سوف يكون مبعث راحتك واطمئنانك.. وأوهام الشقاء بأنك اذا أبلغتيه بأمر الفتي الذي تتولين رعايته منذ أن كان طفلا في دار الايتام, فسوف يتخلي عنك مع أن هذا التصرف لو أنك أقدمت عليه لكان الأفضل لك.. ولاطمئن اليك منذ البداية, ثم لماذا لاتقصين عليه قصة الطفل فيعرف الحقيقة, ويستريح من الشكوك التي تساوره بسبب كلمة حبيبي التي سمعها, وأنت تتحدثين في الهاتف وفسرها تفسيرا خاطئا.
ثم ألا تعلمين ياسيدتي أن الزواج السري لا يدوم, وأن عراه سوف تنفصم ذات يوم مهما طال الزمن.. لقد كان يتعين عليك إعلان ارتباطك به امام الجميع فتصبحين زوجة له في النور, بدلا من الحياة بالقطعة في أوقات محددة, حيث كان طبيعيا أن يبتعد عنك شيئا فشيئا بعد انشغاله بأخريات, ونيله الغرض الذي تزوجك من أجله, وقد يحاول الضغط عليك لكي تطلبي الطلاق, وتبريه من كل حقوقك لديه والافلات بجلدك من جحيمه.
وأنت الآن أمام خيار واحد هو أن تصارحيه بكل ما في نفسك من هواجس وما تشعرين به من آلام هو السبب فيها بدءا من أسلوب المعاملة غير اللائقة إلي الضرب, والعلاقات المشبوهة مع أخريات, وأن تشرحي له سر المكالمة التي أثارته ضدك.
والحقيقة أنني لم أفهم السبب الذي دفعك إلي أخفاء كفالتك لهذا الطفل اليتيم.., وكان عليك أن تكوني واضحة معه في ذلك, وأن تذكريه بحديث رسول الله صلي الله عليه وسلم عندما قال أنا وكافل اليتيم كهاتين في الجنة وأشار باصبعيه السبابة والوسطي.. وأعتقد أن شخصا مثل زوجك سوف يتأكد برجاحة عقله أنك لم تقعي في جرم, أو ترتكبي إثما بهذا العمل الانساني النبيل, فاذا اقتنع بما قلتيه له, سوف تبدآن صفحة جديدة بعد أن يصفح كل منكما عن الآخر ويغفر له خطيئته, وان أستمر في عناده وتشدده معك فليكن الانفصال بالمعروف.. هكذا يعلمنا ديننا الحنيف, وليغني الله كلا من سعته وعطائه.
فالزواج يعني المودة والرحمة, وأن يترفق كل من الطرفين بالآخر, كما يجب أن يكون قائما علي الحب وليس طلبا لنزوة عابرة, فالحب هو أسرع وسيلة تخلصنا من الوحدة والقلق كما يقول جين أوستن ويكفي أي زوجين أن ينعما به حيث لاتعادله ثروة, ولا تعوضه كنوز الدنيا.
واذا كان زوجك قد ارتبط بك من هذا المنطلق فان الزوبعة التي عصفت بحياتكما نتيجة نزواته العابرة مع من تعرف عليهن من المترددات علي عيادته, أو تفسيره الخاطئ لمكالمتك للفتي اليتيم الذي تكفلينه سرعان ما سوف تتلاشي, ويحل محلها حبه العميق لك.. اما اذا كان قد تزوجك لكي ينال غرضه منك باعتبار أن الزواج هو الطريق المشروع للوصول اليك, فليذهب إلي حال سبيله.
وهذا هو المحك الأساسي في علاقتك بزوجك وتبقي ثقتك بنفسك هي العامل الحاسم في تحديد الطريق السليم الذي ستواصلين به حياتك, فكوني قوية, واجعلي هدفك هو مرضاة الله, وسو[b]