حين كانت تتحرك داخل الماء لم يلتفت اليها الا لأنها كانت رشيقه في حركتها ولكن الرشاقه سرعان ما اختفت حين علقت بين حجرين اثنين,حاولت جاهدة أن تتخلص من مأزقها الا أن المحاولات باءت بالفشل فسحبت نفسها بقوة وكانت النتيجه مدهشه لهذا العالم المراقب حين وجد نفسه امام جزءين من اثنين من دودةهي في الاصل ضعيفه وهشه,احتار في تفسير مايشاهد هل هي رغبة دودة البلاناريا في الانتحار,أم هوحمق,أم محاولة فاشلة للتخلص من مأزق, أم ماذا؟؟؟؟؟
بقي مدهوشا لما رأى ومتابعا لكل جزء من الجزءين المنفصلين المتقطعين,واضطر العالم أن يقترب من صفحه ماء الساقيه العذبه وليتساءل هل ما رآه حقيقه واقعيه؟؟؟؟؟؟
لقد بدأ كل جزء من الجزءين باكمال ما ينقصه من جسم الدودة وسرعان ماتكاملت أمام عينه صورة الدودتين الكاملتين عادت كل منهما للسباحه في الماء والبحث عن رزقها!!!
أخذ واحدة منهما ووضعها في زجاجه كانت في جعبته وضع لها الماء وذهب ليعيد ماشاهدولكن هذه المرة في مختبره. قطعها مرة لقطعتين فأكملت كل واحدة منهما ما ينقصها بنفسها,ثم قطعهما الى أربع قطع فأصبحت كل واحدة تكمل ما ينقصها,ثم استمر في تقطيعها الى أن وصل الى سته عشر جزءا ولشدت ماكانت دهشته حين وجد كل جزء قادر على ان يكمل ماينقصه حتى يصبح دودة كامله....
بت ليلتي بعد اطلاعي على هذه الواقعه في أحد المصادر العلميه واستيقظت وأنا أقول في نفسي مادام الله تبارك وتعالى قد منح لهذه الدودة البسيطة هذه القدرة فلما كنانحن البشر بحاجه حتى نتكاثر الى ام أوأب ورحلة تمتد الى تسعة أشهر حتى نخرج الى هذه الدنيا ثم نبقى ضعافا سنين طويله نكلف آباءنا وأمهاتنا جهدا هائلا حتى يعودنا لمواجهة الحياة,وقد يحالفهم النجاح في جوانب وقد يخفقوافي جوانب أخرى,ثم تأتي اختبارات الحياة لتكشف عن مقدار هذا النجاح......
استيقظت ولاتزال هذه المعاني تدورفي خلدي وخرجت بعما توضأت لصلاة الفجر لأجد ابنتي تستعد لذهاب الى مدرستها فاقتربت منها وهمست في أذنها قائلا:"لقد قررت أن أكتب قصة قصيرة"فقالت:(يابابا أنت لا تكتب قصصا ولكنك تكتب كتبا) قلت:نعم هذا صحيح ولكني اليوم فقط قررت كتابة هذه القصة.قالت: مااسمها قلت : "قمر أمام المرأة" ضحكت على استحياء وعرفت انني اقصدها فقد كانت هي التي تقف أمام المرأة لتكمل استعدادها لذهاب الى المدرسة, تابعت حديثي قائلا:"أحلى قمر رأيته يقف أمام مرأة,وأنا أسعد الناس في هذا الصباح حين أرى قمري يزداد جمالا ويتثبت من أنه قدأكمل جماله أمام مرأته. احمر وجهها خجلا فأطفأته قبلة مني على خدها ومسحة على شعرها ودعوة بالتوفيق عبرت من أذنها الى عقلها,عبارة حب استقرت في قلبها فأزالت حمرة خدها..
سمعت أمها الحوار وقالت:ما الذي يدعوك للغزل بها منذالصباح الباكر؟؟؟؟
قلت:لوكنت مكانك لقلت وماالذي لايدعوك للغزل بها؟؟هل رأيت يوما فلاحا يسقب أرضه؟قالت:نعم.
قلت:لوأن أرضا سمح للماء بالوصول اليها وغمرها الماء هلتبقى الأرض بحاجه للماء طوال الوقت؟.
قالت:بالطبع لا. فاذا شبعت الأرض مر الماء فوقها وتركها الى غيرها من الأجزاء العطشى. قلت وكأن الأرض العطشى هي التي تناديه وربما تستجديه أن يعطيهابعضا منه..!!!!
قالت:نعم بلاشك,ولكن ما علاقة ذلك بابنتنا ؟ قلت:نحن جميعا عطشى للكلمة الطيبه تعرفين لماذا؟ قالت: لا قلت:لأن الله تبارك وتعالى خلقنا ولدينا جملة من الحاجات العضوية كالطعام والشراب والنوم والراحة اذا لم نشبع نموت عاجلا أم آجلا والفرق بين كل حاجه وأخرى فقط في قدرتنا على احتمال الحرمان من اشباعها فنحن بلا ماءلانستطيع أن نصمد الا أيام قليلة,وربما صمدنا لمدة أطول حين نحرم من اشباع الحاجه للطعام والامر نفسه يحدث لو أنناحرمنامن النوم. وفي الطرف المقابل منحنا جملة من الحاجات النفسية كالحاجة الى الحب والتقدير والأمن النفسي والنجاح والانتماء,وهي كسابقاتها الحاجات العضوية نحتاج لمن يشبعها عندنا تماما كالأرض العطشى التي تحتاج للماء غير الصالح الامستقبلا.فان كان آسنا ظهرت الديدان في الأرض وان كان مالحا ماتت النباتات الموجودة في الأرض أذبلت أواحترقت,نحن نحتاج الى ماء من نوع أخر لاشباع حاجاتنا النفسية,وخيرلي كأب أن أشبع حاجة ابنتي للتقدير والحب بدل ان تبحث عمن يسقي حاجاتها من خلال كلام معسول يقوله شاب قديكون آسناأومالح يذكي في نفسها ديدان مؤذيه أخلاقيا أويحرق مالديها من نبتات خيرأويحرفها عن جادة الصواب.أليس الاولى والاجدى لي ولهاأن تخرج من بيتهاوقد أشبعت لديهاالحاجه لحب والحاجه للتقدير..
ألن يبعث ذلك في نفسها احساسا بالطمأنينه وهي تدخل فصلها لتسمح لكلام زميلاتها بالمرور على أذنيها دون أن تسمح له بالدخول تماما كالأرض التي شبعت ماء فتركته يمر فوق سطحها دون أن تسمح له بالعبور الى جوفها؟؟؟؟؟؟
ألن تبتسم مستهجنه ما تناقله زميلاتها من اعجاب بما تسمعه منبعضهن عما قاله الشاب فلان لفلانه بالهاتف أوهي تسير في طريقه للمدرسة؟؟؟؟؟؟؟؟
انتهى الحديث وذهب كل منا الى مبتغاه في صبيحة ذلك اليوم. وعادت الي ذاكرتي قصة الدودة الصغيرة فأدركت أن خالقا يستطيع جعل بعض مخلوقاته تتكاثر بطريقة الانقسام قادرأن يجعلنا نتكاثر بالطريقة ذاتها,!!!!عندها أدركت أن وجودألأب والأم والأسرة ليس فقط ليستمر البشر في وجودهم على هذه الأرض بل لان الابوين هما المصدر الاساسي لاشباع الحاجات النفسية لابناءهم بماء عذب والا فان المصدر الماء المالح او آسن الملوث كثيرة في طرقات الحياة,مع فارق كبير بين هذه النواع من المياه.
دودة البلاناريا لم تكن بحاجة لاب وام تولد منهما ولا لاسرة تربيها وتشبع حاجات نفسية لديها هي أساسا لا تملكه.
لقد منحت القدرة على الانقسام والتكاثر بطريقة سهلة ولكنها لم تمنح القدرة كي تكون """خليفة لله في الأرض"""
توقيع
فيلسوف الحياة